كان ضوء الصباح الذهبي ينساب عبر أوراق الأشجار، ملوحاً بظلال رقصت على العشب الأخضر.
جين جلست على كرسي الحديقة، ساقها المصابة ممتدة أمامها بعناية، بينما يداها تحملان فنجان شاي دافئ. عيناها الزرقاوتان، اللتان تشبهان زرقة البحر في يوم صافٍ، كانتا تحدقان في الأفق البعيد بلا تركيز.
شعرها الأصفر الذهبي، الذي كان عادةً منسدلاً بفخامة على كتفيها، كان اليوم مربوطاً بعقدة بسيطة، وكأنه فقد بريقه المعتاد.
الفستان الأبيض الخفيف الذي ارتدته كان يرفرف قليلاً مع النسيم العليل، مظهراً بعض آثار الجروح الخفيفة على ساقيها من محاولة الهروب الفاشلة.
رفعت الفنجان إلى شفتيها، لكنها لم تشرب. فقط استنشقت رائحة الشاي العطرة، وكأنها تحاول أن تهدئ من روعها.
كل خطوة كانت مؤلمة، لكن الألم الجسدي لم يكن شيئاً مقارنةً بالاضطراب الذي تشعر به في صدرها.
في الطابق العلوي، خلف النافذة الكبيرة لمكتبه، وقف الدوق أوتيس متكئاً على حافة الشرفة، عيناه الرماديتان مثبتتان على جين في الحديقة.
كان يراقبها منذ دقائق، وكأنه يحاول أن يفك شفرة لغز لا يستطيع حله.
يداه كانتا متشابكتين خلف ظهره، وعضلات فكيه مشدودة من التفكير.
تذكر كيف كان يشعر وهي في ذراعيه عند رقصهما ، خفيفة كالريشة، دافئة كضوء الشموع.
تذكر كيف احمرت وجنتاها عندما اقترب منها، وكيف بدت عيناها الزرقاء وكأنها بحر هائج يحاول ابتلاعه.
ثم تذكر الهروب.
تذكر كيف وجدها في الغابة، مرتعبة، وجسدها يرتجف من الخوف.
تذكر كيف حملها، وكيف شعر بقلبها ينبض بسرعة جنونية قرب صدره.
لكن أكثر ما أزعجه كان كلماتها:
*”الألم والهروب أهون من العيش معك!”*
ضغط على حافة الشرفة بقوة، حتى أن عروقه بدت بارزة على ساعديه.
لكن جزءاً منه رفض الاستسلام لهذا الشعور.
‘من تكون حتى تؤثر بي هكذا؟ إنها مجرد امرأة كل ما تفعله هو اغواء الرجال ، مجرد دوقة بالاسم.’
لكن الصورة التي لم تغادر ذهنه كانت عيناها الزرقاء وهي تنظر إليه في حديقة القصر الامبراطوري ، مليئة بألم لم يستطع إنكاره.
***
“أوتيس!”
صوت إيريس المفعم بالحيوية قطعه عن أفكاره.
كانت واقفة في حديقة قصرها، ترتدي فستاناً أخضر فاتحاً يلائم لون عينيها، وشعرها البني الطويل يتطاير قليلاً مع النسيم.
ابتسم لها، لكن ابتسامته لم تصل إلى عينيه. “إيريس.”
ركضت نحوه بحماس، ثم قفزت في أحضانه بحنان . “أخيراً زرتني! كنتُ أشعر بالوحشة.”
احتضنها لفترة قصيرة، ثم تراجع. “كنت مشغولاً.”
أمسكت بيده وسحبته إلى الحديقة. “تعال، لقد أعددت شايك المفضل.”
جلسا معاً تحت شجرة الظل، حيث كانت طاولة صغيرة مغطاة بفنجانين من الشاي الساخن وبعض الكعك الطازج.
“كيف حال جين؟” سألت إيريس فجأة، بينما تملأ فنجانه.
تجمدت أصابعه حول الفنجان. “بخير.”
نظرت إليه بإصرار. “أوتيس، ماذا حدث بينكما؟ أنت تبدو… مختلفاً.”
رفع عينيه إليها، وكأنه يحاول أن يجد إجابة. “لا شيء. ” ، ثم نهض فجأة. “لنتمش قليلاً.”
سارا معاً في أرجاء الحديقة، الصمت يخيم بينهما. إيريس كانت ترمقه بين الحين والآخر، وكأنها تنتظر أن ينفجر.
فجأة، توقفت. “أوتيس، ما الذي يزعجك حقاً؟”
لم يجب. فقط وقف هناك، عيناه مثبتتان على الأفق.
ثم، دون سابق إنذار، أدارها نحوه واحتضنها بقوة.
“أوتيس؟!”
“فقط… اصمتي لدقيقة.” همس بصوت مكسور.
احتضنته في صمت، بينما كان قلبه ينبض بسرعة غير معتادة.
بعد لحظات، تراجع. “آسف، أنا فقط… متعب.”
***
عندما عاد الدوق أوتيس إلى القصر، كانت الشمس قد بدأت تغرب، تاركةً خلفها ظلالاً أرجوانية تمتد عبر الجدران الحجرية.
دخل من الباب الرئيسي بخطوات ثقيلة، وكأن كل خطوة تزيد من ثقل الأفكار التي تحوم في رأسه.
في القاعة الكبيرة، رأى الخادمة تُرتب طاولة العشاء للدوق بمفرده، كالعادة.
توقف للحظة، ثم اقترب منها.
“أعدي العشاء لشخصين.” قال بصوته الجاد المعتاد. “سآكل مع الدوقة في غرفتها الليلة.”
رفعت الخادمة حاجبيها بدهشة، لكنها انحنت بسرعة. “حاضراً، سيدي.”
جين كانت تجلس في حوض الاستحمام الرخامي، الماء الدافئ يلف جسدها المتعب. شعرها الأصفر الطويل كان منسدلاً على حافة الحوض، بينما عيناها الزرقاوتان مغمضتان، تحاولان أن تنسى كل ما حدث.
بعد دقائق، خرجت من الماء، لفتت نفسها بمنشفة حريرية كبيرة، ثم بدأت تجفف شعرها ببطء أمام المرآة الضبابية.
عندما سمعت صوت الخادمة تدخل الغرفة لتجهز العشاء، لم تعلق.
فقط ارتدت ثوب نومها الأبيض الخفيف، الذي كان يبرز شحوب بشرتها الناعمة.
وعند انتهائها فوجئت بكمية الطعام الكبيرة على الطاولة.
‘لماذا هذه الكمية؟ هل يظنون أني سآكل كل هذا لوحدي؟’
همت نحو الطاولة، لكنها لم تلمس الطعام. بدلاً من ذلك، أخذت مشطاً وبدأت تمشط شعرها الرطب أمام النافذة المفتوحة، حيث كان نسيم الليل البارد يعانق وجهها.
فجأة، سمعت الباب يفتح بقوة. التفتت بسرعة لترى الدوق أوتيس يدخل الغرفة، عيناه الرماديتان تحدقان فيها بتركيز غريب.
“ماذا… ماذا تفعل هنا؟” سألت وهي تقفز من مكانها، المنشفة تنساب من كتفيها.
“إنها غرفتي أيضاً، أليس كذلك؟” رد وهو يغلق الباب خلفه.
نظرت إليه بحذر، ثم أدارت ظهرها لتكمل تجفيف شعرها. “لقد قلت للخادمة أني لا أريد العشاء.”
“لكنني أريده.” قال وهو يقترب منها. “وسآكله معكِ الليلة.”
أحست بوجوده يقترب أكثر، حتى أنها استطاعت أن تشم رائحة خشب الصندل والعطر الذكوري الذي يفوح منه.
قلبها بدأ ينبض بسرعة، لكنها حاولت إخفاء ذلك.
“ولماذا الآن فجأة؟” سألت بصوت هادئ.
توقف خلفها مباشرة، ثم أخذ المنشفة من يدها بلطف، وبدأ يجفف شعرها بنفسه. “ربما أردت أن أتأكد من أنكِ تأكلين جيداً.”
صمتت، لم تعرف كيف ترد على ذلك. ‘ما الذي يخطط له الان ‘
شعرها الرطب كان يتساقط على كتفيها، بينما يداه الكبيرتان تعملان بحرص مدهش.
جلسا معاً على طاولة العشاء الصغيرة، الصمت يخيم عليهما. جين كانت تلتقط الطعام ببطء، بينما هو كان يراقبها بتلك العيون التي لا تظهر أي مشاعر.
من التوتر كانت جين تقوم بملأ كأسها بالنبيذ الأحمر أكثر من مرة.
” توقفي عن شرب المزيد سوف تثملين ” قال عندما حاولت أن تملأ الكأس للمرة الثالثة.
“لا” قالت ببساطة. “إنه سيساعدكني على الاسترخاء.”
بدأت تشرب بسرعة، وكأنها تحاول أن تغرق شيئاً ما بداخلها. بعد عدة كؤوس، أحست بالدوار يلفها، والغرفة تدور حولها.
فجأة، ضحكت. ضحكة خفيفة، عفوية، كالطفلة الصغيرة.
“أنتِ سكرانة.” قال وهو يرفع حاجبه.
“وأنا أحب ذلك!” ردت وهي ترفع كأسها في الهواء. “أخيراً أشعر أنني حرة!”
نظر إليها، ثم فجأة… ابتسم.
جين توقفت عن الضحك فوراً. عيناها اتسعتا وهي تنظر إليه.
“أنت… ابتسمت.” همست.
“لا أعتقد ذلك.” قال وهو يحاول أن يعيد وجهه الجاد.
لكنها اقتربت منه فجأة، وضعت يدها الصغيرة على خده. “نعم، لقد ابتسمت! وغمازتك… إنها جميلة جداً!”
قبل أن يتمكن من الرد، وضعت إصبعها الصغير على غمازته الخفيفة، ثم فجأة…
قبلته.
كانت قبلة خفيفة، سريعة، ناعمة كالفراشة. لكنها جعلت كل شيء يتوقف.
ابتعدت فوراً، عيناها ممتلئتان بالصدمة. “أنا… أنا آسفة.”
لكن أوتيس لم يقل شيئاً. فقط نظر إليها، ثم فجأة، أمسك بوجهها بين يديه، وقبلها بقوة.
كانت القبلة كالنار، تلتهم كل ما بينهما من حواجز.
جين شعرت بيديه الكبيرتين تنزلقان إلى ظهرها، تضغطانها أقرب إليه.
هي بدورها، لفّت ذراعيها حول عنقه، أصابعها تتشابك في شعره الأسود.
بين القبلات، همس بكلمات جعلت جسدها يرتعش:
“أنتِ… من بدأ هذا.”
ثم حملها بسهولة، ووضعها على السرير الكبير. نظر إليها، عيناه تسبحان في عينيها الزرقاوتين، ثم بدأ يغطي وجهها، رقبتها، كتفيها، بقبلات أحر من الجمر.
جين لم تقاوم.
فقط أغلقت عينيها، واستسلمت للإحساس الذي طالما خافت منه.
***
استيقظت جين مع أول خيوط الشمس التي تسللت عبر الستائر، رأسها كان ينبض بألمٍ ثقيل كأنه يعلن عن ثمالة الليلة السابقة.
همست بأنين خفيف، محاولةً أن تتذكر ما حدث.
ثم فجأة…
*ذكريات القبلات. الأيدي التي تلامس جسدها. حرارة أنفاسه على بشرتها.*
“لا…” همست وهي تغلق عينيها بقوة، “هذا مجرد حلم.”
حاولت أن تجلس، لكن ذراعاً ثقيلاً أحاط بخصرها وسحبها للخلف.
“الأمر مبكرٌ جداً…” همس أوتيس بصوتٍ ناعسٍ غارقٍ في النوم، دافعاً وجهه في شعرها الأصفر المبعثر على الوسادة.
جمدت جين في مكانها، عيناها الزرقاوان تتسعان من الصدمة.
*إنه هنا. في سريرها. وهذا يعني أن…*
نظرت تحت الغطاء، لتكتشف أنها عارية تماماً. أمسكت بالحرير الأبيض بقوة، محاولةً أن تغطي نفسها، بينما وجنتاها تحمران كالورد.
أوتيس فتح عينيه ببطء، ليرى تعبير الذعر والارتباك على وجهها.
ابتسم ابتسامةً ذئبيةً وهو يرى كيف تختبئ خلف الغطاء.
“من كان يعتقد أن الفتاة الجريئة التي رأيتها الليلة، يمكن أن تتحول إلى هكذا فأرٍ خجولٍ في الصباح؟” قال بصوتٍ مازحٍ بينما يجلس على حافة السرير.
“لقد كنتُ ثملة!” قالت بسرعة، عيناها تتجنبان نظراته، “ما حدث كان… خطأ. يجب أن ننساه.”
ابتسامته تلاشت فوراً. وقف فجأة، وجهه يعود إلى برودته المعتادة.
“بالطبع.” قال بصوتٍ جافٍ وهو يلتقط قميصه من الأرض، “لن أزعجكِ مجدداً.”
ثم خرج من الغرفة دون أن يلتفت، مغلقاً الباب بقوةٍ جعلت جين تقفز في مكانها.
بمجرد أن تأكدت من أنه ابتعد، انهارت على الوسادة، وجهها المحمر يختفي بين طياتها.
“يا إلهي… ماذا فعلت؟” همست بصوتٍ مكسور.
لكن جسدها كان يذكرها بكل التفاصيل.
الألم الخفيف في خصرها، العلامات التي تركتها يداه على جلدها… كل شيء كان حقيقياً.
بعد دقائق، طرق الباب بخفة. “سيدتي… هل يمكنني الدخول؟”
جين حاولت أن تتجمع، “ادخلي.”
فتحت الخادمة الباب، وجهها يحاول إخفاء ابتسامةٍ واضحة. “سيدتي… لقد أحضرت الماء الدافئ للاستحمام.”
عرفت جين من نظرة الخادمة أنها تعلم ما حدث. حاولت النهوض، لكن ألم خصرها جعلها تتأوه.
في الحمام، بينما كانت جين تغسل جسدها، الخادمة والذي كان اسمها ماريا بدأت تثرثر بسعادة. “الخدم كلهم يتحدثون عن كيف أن الدوق لم يغادر غرفتكِ حتى الفجر! يا سيدتي، أخيراً…”
“ماريا!” قاطعتها جين بحدة، “هذا لن يتكرر.”
لكن الخادمة فقط أومأت، وكأنها لا تصدقها.
بعد الاستحمام، بينما كانت ماريا تساعدها في ارتداء فستان أزرق فاتح، نظرت جين إلى نفسها في المرآة.
كانت تشعر وكأن شيئاً ما انكسر داخلها، أو ربما… اكتمل.
___________________________________
هاي اصدقاء معكم luna_aj7 قبل لا تكتبو ارائكم حبيت اعلمكم شي ، يمكن بعضكم راح يشوف الاحداث متسلسلة عاديا والبعض الاخر يشوفها متسرعة وانا اتفهم وهاذ راجع لانو الرواية هاته هي اول رواية اكتبها اختبر فيها نفسي في الكتابة لذالك اريد جعلها قصيرة اي لا تحتوي على فصول كثيرة مثل باقي الروايات من نفس التصنيف يعني عم فكر تكون فصولها بين 25 فصل او 30 فصل لا اكثر لحد الان في 20 فصل مكتمل التعديل والكتابة لذالك ارجو ان تتفهمو الامر وشكرا 😍💫
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 9"