لا تقلق من تدابير البشر، فأقصى ما يستطيعون تنفيذه هو إرادة الله💛
لما فتحت الانستغرام قابلتني دي الجملة حسيتها طبطبت علي فحبيت اكتبهالكم يمكن تطبطب عليكم مثلي ⚜
_________________________________
كان ضوء الشموع الخافت يرقص على جدران غرفة جين بينما كانت تجلس على حافة السرير، حقيبة سفر صغيرة مفتوحة أمامها. أصابعها الرقيقة تفرز الملابس بعناية، تختار الأكثر بساطة والأقل لفتًا للانتباه.
كل حركة كانت مدروسة، كل قطعة ملابس تم اختيارها لهدف محدد.
وضعت كل شيء جانبًا، ثم جلست بصمت.
وضعت راحة يدها على بطنها الصغير المنتفخ قليلا، شعور دافئ غمر صدرها وهي تهمس بصوت يكاد يُسمع:
“أخيرًا، لدينا فرصة.”
صمتت للحظة، تحركت يدها لتربت بلطف على أسفل بطنها، ثم أغمضت عينيها وهمست بأسى:
“أنا آسفة، صغيري… آسفة لأنك ستبدأ حياتك بهذه الطريقة.
وحدنا، بلا أب، بلا اسم عائلة يحميك، بلا قصر أو خدم أو لقب.”
شهقت بصمت وكأنها تخنق دمعة كادت أن تنفلت:
“لكني أعدك… سأفعل كل ما بوسعي لأمنحك حياة أفضل. حرّة، بسيطة، لكنها كريمة.”
تنهدت ببطء، ووقفت على قدميها.
نظرت إلى نفسها في المرآة الكبيرة، كانت تبدو شاحبة، ضعيفة، كأنها شبح لفتاة كانت تدعى جين.
لكن في عينيها، كانت هناك شرارة… شرارة امرأة قررت أن لا تُسحق مجددًا.
عند الظهيرة، فوجئ الخدم برؤية جين تخرج من غرفتها لأول مرة منذ أسبوع.
كانت ترتدي فستانًا بسيطًا من القطن الأزرق، وشعرها مربوط إلى الخلف في ضفيرة غير مثالية.
عيناها كانتا محاطتين بهالات سوداء، كانت تبتلع كأسًا من الشاي الساخن في الصالة الرئيسية بثبات مثير للريبة.
“سيدتي…” تلعثمت الخادمة الرئيسية، “هل… هل تشعرين بتحسن؟”
رفعت جين عينيها الزرقاوتين، نظرة خالية من أي تعبير. “نعم. فقط أردت تغييرًا في الجو.”
جلست وحدها على الطاولة الطويلة.
قُدِّم لها الطعام كالمعتاد، لكنها هذه المرة تناولته بهدوء، قضمة بعد قضمة.
أكلت جيدًا، وكأنها تحتاج لتخزين القوة.
وفي أعماقها، كانت تعلم أن هذه الليلة ستكون فارقة.
بعد الوجبة، عادت إلى جناحها.
طلبت من خادمتها بصوت هادئ لكنها حازم:
“لا أريد لأحد أن يدخل غرفتي الليلة. مهما كان السبب. إن سأل أحد، أخبريهم أنني متعبة، ولا أريد أن أُزعج.
وإذا لم أستيقظ غدًا باكرًا، فاتركيني حتى منتصف النهار، مفهوم؟”
الخادمة، التي كانت معتادة على صمت سيدتها، فوجئت بنبرتها القوية.
أومأت بتردد: “كما تأمرين، سيدتي.”
ثم أضافت، وعيناها مليئتان بالقلق: “هل أنتِ بخير؟”
اكتفت جين بابتسامة شاحبة، قبل أن تقول: “سأكون. فقط… امنحيني ليلة هادئة.”
***
حلّ الليل أخيرًا.
وحين دقت ساعة القصر معلنة منتصف الليل، كانت جين قد أنهت استعداداتها.
قصّت خصلات من شعرها، وربطت الباقي بإحكام تحت القبعة.
أخفت حملها بحزام جلدي خفيف تحت الملابس.
وربطت حقيبة صغيرة حول كتفها، تحتوي على
بعض النقود، بعض المجوهرات ، وخريطة قديمة حصلت عليها من أحد كتب القصر.
وأخيرًا… خبأت خنجرًا صغيرًا داخل حذائها الطويل.
أطفأت كل الشموع في جناحها، فتحت النافذة بهدوء، ثم خرجت من الباب الخلفي للغرفة وهي تتسلل في الظلام كظلٍّ بلا صوت.
كانت تعرف كل زاوية في القصر، وكل ممر مهجور، وكل بوابة لا تخضع للحراسة ليلاً.
مرت خلف المطبخ، عبر دهليزٍ يؤدي إلى الحديقة الشرقية، ثم تسللت عبر الباب الصغير الذي كانت الخادمات يدخلن منه في الصباح لجلب الحطب.
عند البوابة الخشبية الصغيرة خلف الأسطبلات، وقفت للحظة… تنفست بعمق، ثم فتحتها.
أمامها، امتد الطريق المظلم نحو البلدة.
***
وصلت إلى المدينة بعد ساعة من المشي الحذر.
الطرقات شبه خالية، إلا من بعض النائمين على الأرصفة والكلاب الضالة.
أخفت وجهها جيدًا، وتمتمت بصوت خشن كلما مرّ بها أحد.
توجهت إلى الساحة الخلفية لسوق العربات، حيث ينتظر السائقون الزبائن المتأخرين أو المسافرين العاجلين.
رأت عربة متواضعة يجهزها سائق ضخم بملامح خشنة.
تقدّمت منه، وخفضت صوتها:
“أحتاج إلى توصيلة خارج المدينة… إلى أقرب قرية على الطريق الشمالي.”
نظر إليها بتفحص، ثم سأل بخشونة: “وما شأنك بهذا الطريق في هذا الوقت؟”
أخرجت بعض النقود، وأظهرت له قطعة قماش عليها ختم نبيل، كانت قد أخذتها من إحدى صناديق القصر.
همس: “نبيل؟”
قالت بثقة مصطنعة: “أمر مستعجل من أحد الدوقيات، لا وقت للأسئلة.”
هزّ الرجل كتفيه: “كما تريد.”
ثم فتح لها باب العربة، وأمر حصانه بالتحرك.
***
كانت العربة تتحرك ببطء عبر الطرق الريفية، وجين تجلس بداخلها، جسدها يرتجف مع كل مطب، يدها تمسك بالحقيبة، والأخرى تحيط ببطنها.
من وقت لآخر، تضع يدها عليه، وتغمض عينيها وكأنها تطمئن وجوده معها:
“نحن بخير… الآن بدأ كل شيء.”
كانت السماء تمطر بخفة، وقطرات الماء ترتطم بسقف العربة كأنها تهمس لها:
“لقد نجحتِ… على الأقل، في أول خطوة.”
كانت الرحلة إلى المجهول قد بدأت، وجين لم تكن تعلم ما ينتظرها في الأيام القادمة…
لكنها كانت متأكدة من شيء واحد:
لن تعود أبدًا.
***
كانت شمس الصباح الأولى تلمع عبر نوافذ العربة الخشبية عندما استيقظت جين من غفوتها المتقطعة.
الحصان كان ينهب ببطء، والسائق يهمهم بأغنية شعبية بين الحين والآخر. رفعت جين ستارة صغيرة من النافذة، فرأت بيوتًا متواضعة مبنية من الحجر والطين، وأطفالًا يلعبون في الوحل، ونساء يحملن سلال الخبز الطازج.
لقد وصلت أخيرًا.
وقفت العربة عند مدخل القرية، حيث نزلت جين بحذر، دفعت للسائق مبلغًا إضافيًا لسكوته عن أمرها.
التقطت أنفاسها، ثم توجهت إلى أول نزل تراه مبنى من طابقين، لونه بني محروق، يعلوه لافتة صدئة مكتوب عليها “نزل القمر الفضّي”.
دخلت بخطوات ثقيلة، محاكية مشية الرجال، وضغطت على حزام الجلد الذي يخفي انتفاخ بطنها. “غرفة لليلة… أو ربما أكثر.” قالت بصوت خشن، مقلدة لهجة ريفية سمعتها من خدم القصر.
صاحب النزل، رجل عجوز بعين واحدة، نظر إليها بتفحص: “عشر قطع نحاسية لليلة، مع وجبة دافئة.”
دفعت الثمن دون تردد، وأخذت المفتاح إلى غرفتها الصغيرة في الطابق العلوي.
كانت الغرفة ضيقة، لكنها نظيفة، فيها سرير من القش وبطانية صوفية، وشمعة نصف محترقة على طاولة خشنة.
أغلقت الباب وراءها، وأسقطت نفسها على السرير، لأول مرة منذ أسابيع، شعرت بأنها آمنة… ولو قليلًا.
بعد ساعات من النوم المتقطع، استيقظت جين مع أخر أشعة الشمس التي تتسلل عبر النافذة. كان عليها أن تتعرف على المكان الذي ستعيش فيه، ولو لبعض الوقت.
نزلت إلى الشارع الرئيسي، متنكرة في زيّها الجديد، قبّعتها العريضة تخفي نصف وجهها. كانت القرية بسيطة: بضع دكاكين لبيع الأطعمة، حداد، ومخبز تتصاعد منه رائحة الخبز الساخن. كانت جائعة، لكن الجوع كان غريبًا. جوع مشتهٍ، متقلب.
اشترت كعكة بالقرفة من مخبز صغير، وجلست تأكلها على حافة نافورة قديمة في منتصف الساحة.
ثم بعدها شعرت بلمسة خفيفة على حقيبتها.
التفتت بسرعة، فرأت طفلًا صغيرًا، لا يتجاوز العاشرة، يهرب بحقيبتها الصغيرة التي تحتوي على نقودها ومجوهراتها. “قف!” صرخت دون تفكير، ثم تذكرت تنكرها، فعدلت صوتها إلى طبقة غليظة: “أعطني حقيبتي، أيها اللص!”
ركضت خلفه، والطفل يلوح لها بلسان ساخر قبل أن يختفي في زقاق ضيق.
تبعته بغضب، لكنها فوجئت عند المنعطف بثلاثة رجال يقفون كالظلال.
الطفل وقف خلفهم مبتسمًا، وهو يفتح حقيبتها ببراعة.
“ما لك أيها الغريب؟ تبحث عن مشكلة؟” قال أحدهم، وهو يلفظ سيجارة من فمه.
جين حاولت أن تظهر شجاعة: “أريد نقودي فقط، ثم سأرحل.”
ضحك الرجال، وتقدّم أحدهم، وهو يلوّح بسكين صدئ: “أعتقد أننا سنأخذ نقودك… وربما ملابسك أيضًا.”
بدأوا يقتربون، وجين تتراجع ببطء، يدها تتحسس الخنجر في حذائها.
حاولت الحفاظ على صوتها خشنًا وهي تقول:
“لا تقتربوا.”
ضحك آخر: “ما هذا؟ فتى صغير يحمل خنجرًا؟ هل نحن في مسرحية؟”
فجأة، انقض أحدهم عليها، سحبها من قميصها وألقاها على الأرض.
“دعونا نرَ ما يخفيه تحت هذا المعطف…”
لكن قبل أن يكمل، سُمعت صفعة قوية، ثم ارتطم الجسد بالأرض.
وقف رجل غريب طويل، عريض الكتفين، يرتدي سترة بنية، وعيناه تتوهجان بغضب.
هاجم الرجل الثاني، لكن الغريب تفادى الطعنة، وأمسك بذراعه ثم كركبه بقوة على الأرض. الثالث حاول الهرب، لكن الغريب ركض خلفه وأمسكه من قميصه. “النقود. الآن.”
أعاد الطفل الحقيبة بيد مرتعشة، والغريب أخذها وسلمها لجين. “هذا مكان خطير للغرباء… خاصة الضعفاء مثلك.” قالها بنبرة لا تخلو من سخرية.
لكن فجأة، صرخ أحد اللصوص من بعيد “انتظروني! سآتي بالآخرين!”
أمسك الغريب بذراع جين بقوة: “لا وقت للحديث، يجب أن نذهب الآن!”
سحبها عبر الزقاق الضيق، ثم إلى ممرات متعرجة بين البيوت، حتى وصلوا إلى مبنى مهجور عند أطراف القرية.
دفع الباب الخشبي المتحلل، ثم أغلقها خلفهما. “هنا… لن يجدونا.”
جين كانت تلهث، يدها على بطنها، تشعر بأن قلبها يكاد يخرج من صدرها.
نظرت حولها: المكان مظلم، لكن هناك شمعة مضاءة على طاولة، وبعض المؤن في الزاوية. “من أنت؟ ولماذا ساعدتني؟”
أرادت الانطلاق نحو الباب، لكنه تحرك بسرعة، فسدّ طريقها بجسده الطويل. “ما الذي تفعله امرأة حامل هنا… متنكرة كرجل؟”
كاد قلبها يتوقف. كيف عرف؟
“أنا لست—” حاولت الاحتجاج، لكنه قطع كلامها بإشارة من يده، بينما كانت عيناه تلمعان بذكاء مزعج.
“لا تكذبي. أنتِ تحملين حزامًا ضيقًا جدًا على خصرك رغم أن معطفك فضفاض. مشيتك متوترة، وكأنك تخشين أن يسقط شيء منك. والأهم…” أشار إلى حذائها، “أنتِ تضغطين على قدميك كأنهما يؤلمانك… لأنكِ لست معتادة على أحذية الرجال.”
جين شعرت بجفاف في حلقها. من هو هذا الرجل الذي يلاحظ كل شيء؟
“هذا لا يعنيك!” انفجرت، وهي تتراجع إلى الخلف حتى اصطدمت بالطاولة الخشبية. “أنقذتني، وشكرًا لك، لكن هذا كل شيء. دعني أذهب.”
لكنّه لم يغضب. فقط رفع ذقنه وأشار إلى بطنها بإيماءة خفيفة.
“لقد أنقذت حياتكما… لا أقل ولا أكثر. أعتقد أنك مدينة لي ببعض الامتنان، أليس كذلك؟”
تنفست جين بعمق، ثم قالت: “أنا ممتنة… حقًا. وشكرًا مجددًا. لكن يجب أن أذهب.”
مرّر يده بين خصلات شعره السوداء، بطريقة عفوية جعلت خصلاته تنسدل قليلاً على جبينه. الضوء الخافت زاد من وسامته، وجعل وجهه يبدو أكثر هدوءًا وغموضًا.
رمقته جين بنظرة خفية، مذهولة للحظة من وسامته الفوضوية… لكن سرعان ما استعادت رباطة جأشها.
قال لها بهدوء وهو يفتح الباب: “ضعي حقيبتك داخل معطفك أو خفيها جيدًا. هذه القرية ليست آمنة للغرباء… خاصة الغرباء الطيبين.”
نظرت إليه، ثم إلى حقيبتها، وهزّت رأسها بصمت.
“شكرًا لنصيحتك… ولما فعلته من أجلي.”
ابتسم لها ابتسامة دافئة، فيها مزيج من السخرية واللطف، ثم يومئ لها برأسه بصمت كما لو كان يقول: “اعتني بنفسك.”
عادت إلى النزل بخطوات سريعة، وهي تتفحص الشارع خلفها بين الحين والآخر. هل يتبعها أحد؟
صعدت إلى غرفتها، وأغلقت الباب بقوة، ثم انزلقت على الأرض وهي ترتجف.
اليوم كاد أن يكشف سرها… وتقتل .
وضعت يدها على بطنها، حيث كان طفلها
” الوضع أصبح خطيرًا.” همست.
غلبها الإرهاق ، فنامت على الأرض نفسها، بينما كانت الشمس تغرب خارج النافذة، مطليةً الغرفة بلون الدم.
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 19"