خلف نظارته ذات الإطار الفضي، ضاقت عيون الرجل العجوز ذات اللون اليشم.

أمِلتُ رأسي.

“اقتراح؟”

“صديق قديم عزيز للراحل دانا-ساما، الكونت ماكلوج، أعرب عن أسفه لعدم تمكنه من مساعدتكِ سابقًا. يقول إنه يود منكِ أن تأتي إليه إذا حدث أي مكروه. هل تتذكرين اسم مارغريف هايردال؟”

“المارغريف هايردال…”

لقد فوجئت بالأخبار المفاجئة، ففتحت عيني وفكرت.

أتذكر أنني رأيتُ اسمة  في قائمة الحضور في جنازة والدي. كنتُ حينها متزوجة من عائلة الكونت ستريليتزي، لذا لم يُسمح لي بتحيته.

واصل سيمون المحادثة.

“يقول إنه إذا كان بإمكانه أن يكون مكانًا لكِ لتُريحي أجنحتكِ، حتى ولو مؤقتًا، حتى تقرري المكان الذي تريدين الاستقرار فيه حقًا، فسيكون أكثر من سعيد بوجودكِ فيه.”

“لكن… سيكون من المفاجئ جدًا أن نفرض عليه.”

“من فضلكِ لا تقلقي بشأن ذلك.”

ابتسم الرجل العجوز لترددي.

“يوجد العديد من الأطفال في قصر المارغريف هايردال. لقد تبنى جميع أطفال مرؤوسيه الذين فقدوا آباءهم في غزو الحدود قبل سبع سنوات… وهو يبحث أيضًا عن مُعلّمة لهم بعد أن بلغوا السن القانونية.”

“لذا، سيتم الاعتناء بي كمعلمة أنثى.”

في هذه الحالة، لا داعي للقلق. يبدو أن سيمون قد فكّر مليًا في الأمر ورتّب لي القصة. شكرته.

“شكرًا لك. سيكون البقاء مع سيرادو-نيساما عبئًا ثقيلًا، وشعرتُ بالذنب لأن زوجي لم يُجهز لي منزلًا… الآن أستطيع الانتقال إلى حياة جديدة.”

“نعم. أتمنى لك كل التوفيق في بدايتك الجديدة.”

أكد سيمون قراري بقوة.

・・・

لقد قمت بترتيب أموري الشخصية في غضون أسبوع وأقمت عشاء وداع متواضعًا مع الأشخاص الذين أصبحت قريبًا منهم.

في اليوم الذي كنت سأغادر فيه إلى هايردال، ودعت سيمون مؤقتًا في المحطة.

“أرجو أن تتركِ لي جميع الإجراءات هنا. حالما ينتهي كل شيء، سأذهب إلى هيردال لأبلغكم.”

وبينما كانت الريح تهب على شعره الفضي، انحنى سيمون لي بأدب، فرددت عليه هذه البادرة بلطف سيدة.

ضاقت عيون سيمون اليشمية، التي كانت قد تقدمت في السن بشكل جميل، بلطف.

“اعتنِ بنفسك، أوجو-ساما.”

“لقد سببتُ لكَ المتاعبَ حتى النهاية… شكرًا جزيلًا لك.”

حاولت منع دموعي التي كادت أن تنهمر، وصعدت إلى القطار وأنا مبتسم.

ظللت ألوح إلى سيمون، الذي كان يرتدي معطفًا أسود طويلًا، حتى لم أعد أستطيع رؤيته.

يومين كاملين من تغيير القطارات شمال العاصمة الملكية.

يستغرق الوصول إلى أراضي مارغريف هايردال أسبوعًا بالحافلة.

“مارغريف هايردال أتساءل ما هو نوع الشخص الذي هو عليه.”

رغم ذهابي إلى أرض مجهولة تمامًا، إلا أن قلبي كان متحمسًا