قال لورانز وهو يعدّل عقدة ربطة عنقه. في المرآة الكاملة المائلة، بدا طويلاً بشكلٍ غير طبيعي.
“تخلّص من ذلك.”
بسبب لهجته العسكرية الحازمة، خشيه الخدم في البداية. لكن سرعان ما اتّضح أن الرجل دافئ المشاعر على الرغم من طريقته في الحديث. كان لورانز سيدًا مميّزًا يعرف كيف يشارك في حمل الأعباء الثقيلة.
قال الخادم الذي كان يرتّب الملابس بخضوع.
“آه، سيدي. هذه قفّازات حفلة الرقص.”
ظنّ أن لورانز أخطأ واعتقد أنها منديلٌ ورقيٌّ مكوّم.
“أعرف.”
ردّ لورانز بهدوء، مما جعل الخادم يضيّق عينيه بريبة. عندما فحص القفّازات بدقة، لاحظ الأحرف الأولى. كانت أحرفًا لا تتوافق مع ‘لورانز برينغر’.
“أوه، يبدو أن القفّازات قد تبدّلت.”
“……”
كان من الأسهل فقدان قفّازات الحفلات الراقصة على استبدالها بفقازات شخصٍ آخر.
ذلك لأنه من الآداب الأساسية ارتداء قفّازات الحفلات الراقصة في قاعة الرقص، سواء كنتَ ترقص أم لا. بالطبع، يمكنكَ خلعها خارجًا لتهدئة حرارتكَ قليلاً.
كان تصميم قفّازات الحفلات الراقصة للرجال متشابهةً جدًا، ومن الصعب تحديد المالك من خلال الأحرف الأولى فقط.
على الأرجح، الشخص الذي أخذ قفازات لورانز إلى المنزل قد تخلّص منها ببساطة. كانت جديدة، حُضِّرت خصيصًا لحفلة الرقص هذه.
“حسنًا.”
وضع الخادم القفّازات في كيسٍ مع بعض الأسف. ثم عاد وفتح خزانة الملابس.
“هاه؟”
لكنها كانت هناك، كانت القفازات الجديدة لسيّده معلَّقةً بوضوحٍ على الباب. بالتأكيد كانت تلك القفازات الجديدة التي حُضِّرت خصيصًا …
“ما الأمر؟”
“لـ لا شيء.”
“سأتولّى الباقي، يمكنكَ الذهاب الآن.”
لم يلاحظ الخادم حتى أن صوت لورانز أصبح حادًّا بشكلٍ غريب، وخرج من الغرفة على عجل.
“……”
فتح باب خزانة الملابس التي فتحها الخادم للتوّ على مصراعيه. نظر إلى قفّازات الحفلة الراقصة المعلّقة بأناقة، وابتسم ابتسامةً خفيّة.
الليلة الماضية، كذب لورانز على إيري إرنست.
كان يستمتع بالنسيم وحده في حديقة الكوبيّة. ورأى بالطبع شخصًا أخرقًا أسقط قفّازيه. لكن الأمر عن مختلفًا عن المرّة السابقة، إذ مرّ بهما مرور الكرام.
بينما كان يستعدّ للعودة إلى قاعة الرقص، رأى إيري إرنست تقترب منه.
ارتجف لورانز لا إراديًا. وعندما مرّت به إيري، المنشغلة تمامًا بنفسها دون أن تراه، شعر بخيبة أملٍ غريبة.
بعد ذلك، وجد الأمر عبثيًّا للغاية. بينما كان الآخرون يتودّدون إليه حتى من بعيد، لم تتمكّن تلك الفتاة غير المبالية من رؤيته حتى عندما كان أمام أنفها.
تبع لورانز إيري، ويداه في جيوبه، يذرع خلفها. كان يتسائل متى ستكتشف وجوده.
لم تتوقّف إيري إلّا عند نهاية التلّ المُنحدر بلطف.
أخيرًا؟ لا. انحنت والتقطت شيئًا. أدرك لورانز بسهولةٍ أنه كان قفّاز الحفلة الراقصة للرجل الذي مرّ به من قبل.
حديقةٌ هادئة، قفّازٌ ضائع.
شعر لورانز بشعورٍ قويٍّ بالديجا فو. كانت كلمة ‘قدر’ تتردّد في زاويةٍ من قلبه.
ستسلِّم تلك الفتاة الطيبة البريئة القفّاز إلى الخدم. وعندما يعلم السيد الذي استعاد قفّازه أن إيري إرنست هي مَن وجدته، سيحاول مكافئتها.
‘إنه القدر!’
ربما حتى قد يقول تلك العبارة المنمّقة.
لكن لم يكن بإمكانه ترك ذلك يحدث. شعر باشمئزازٍ لا يمكن تفسيره وقبض على كفيه.
لذلك، قرّر لورانز سرقة ‘القدر’.
كان قلبه ينبض بقوّة، ربما لأنه كان يعلم أنه يخدع فتاةً بريئة. خلع قفّازه بسرعةٍ وأخفاه في الجيب الداخلي لمعطفه، ثم، بصوتٍ ناعم، جعل إيري تستدير إليه.
“إنها لي.”
***
في فترة ما بعد الظهر، كان من المقرّر زيارة قصر إيلوز.
لم يكن ذلك مرتبطًا بموعدٍ مع فيليكس – بل إنه لم يخبره حتى بأنه سيزور القصر – لكنه بطريقةٍ ما، عرف كما لو كان سحرًا، وأرسل له خريطةً لمقهًى جديد. كان المقصود أن يأتي إليه بعد انتهاء عمله.
في ذلك اليوم، حضر لورانز اجتماع وزارة الدفاع الدوري كمُراقِب. لفت انتباه عقيدٍ ذي طموحٍ سياسيٍّ كبير.
ذلك العقيد، الذي كان يُعرَف بـ ‘الكلب المجنون’ في أيامه كطالبٍ في الأكاديمية العسكرية، ساعد في إرسال لورانز إلى منطقةٍ خطرةٍ عندما اندلعت حرب غينيس – ليفروت.
كان ذلك بمثابة اختبار. مقامرةٌ حيث قد يخسر حياته.
“إذا كنتُ سأموت، فسأموت.”
كانت هذه هي عقلية لورانز في ذلك الوقت. ليس بيأس، بل باستسلام. كان أكثر تشاؤمًا آنذاك ممّا هو عليه الآن، وكان كرهه لذاته أشدّ بكثير.
خاطر بحياته في المعركة. كان من بين الدفعة الوحيدة تقريبًا من زملائه في الأكاديمية العسكرية الذين نجوا. كان هو أيضًا مَن قرأ كلمة النعي نيابةً عنهم في الجنازة الجماعية.
لم ينجُ لورانز فحسب، بل حقّق إنجازاتٍ عظيمة. العقيد الذي اختبره ترقّى بالطبع رتبةً واحدة.
عندها بدأ الأدميرال ريدلي، الذي كان يخدمه، هو أيضًا في ملاحظة لورانز برينغر. كانت مشاركته في هذا الاجتماع بناءً على تعيينٍ وأمرٍ مُباشِرٍ من الأدميرال.
على الرغم من كونه اجتماعًا دوريًا عاديًّا، إلّا أنه بدا أن هناك بنودًا سريّةً للغاية ممزوجةً فيه. بعد كفاحٍ دام ثلاث ساعات، مُنِح لورانز استراحةً قصيرة.
عندما فُتِح باب قاعة الاجتماعات المليء بدخان السجائر، شعر وكأن الهواء الذي يتنفّسه عادةً كان حلوًا إلى درجة أنه بدا غريبًا. أخذ لورانتس نفسًا عميقًا من الهواء النقي نسبيًا وتماسك.
“كيف هو؟ هل يستحق الاستماع؟”
كان الأدميرال ريدلي تجسيدًا للذكورة والقوة. كان جسده ضخمًا مثل دب، مع كتفين عريضتين وقويّتين. لم ينسَ لورانز الإحساس بالوخز في يده عندما صافحه لأوّل مرّة.
“بالكاد أستطيع المتابعة. هذا المنصب بعيدٌ عن متناولي.”
“هل تعترض على حكمي بتلك الوقاحة الآن؟”
“أنتَ تبالغ في تقديري، سيدي الأدميرال.”
“عيناي لا تُخطِئان.”
غسل لورانز وجهه بالماء البارد وبلّل رقبته قبل العودة إلى قاعة الاجتماعات.
كان البند الأهم هو الحرب الثانية بين غينيس – ليفروت. كانت التحرّكات الحالية لليفروت مُقلِقة. تم رصد مؤشّراتٍ على أنهم كانوا يشكّلون تحالفًا عسكريًا كبيرًا تحت السطح.
ردًّا على ذلك، طلبت غينيس المساعدة مرّةً أخرى من بريتيا. بريتيا، القوّة المُهيمنة على القارّة والمركز فوق الوطني، لن ترفض أبدًا مثل هذا الطلب للمساعدة. كان ذلك واجبًا ومسؤوليةً كدولةٍ متقدّمةٍ وقويّة.
استمر الاجتماع الثقيل والحادّ والمملّ حتمًا لمدّة ثلاث ساعات أخرى. لذا، عندما وصل لورانز إلى المقهى، كانت الساعة السابعة مساءً.
كان الأمر الجيد أنه كان لا يزال مضاءً بالخارج. لو غربت الشمس، لربما ترك لورانز فيليكس ينتظر وعاد إلى الفندق.
لم يهتمّ فيليكس أبدًا باجتماعات وزارة الدفاع. لقد ذهب إلى الحرب بشجاعة الشباب، لكنه سئم الحرب تمامًا.
على عكس لورانز، الذي كان غارقًا في ‘الحرب’ طوال الاجتماع، كان فيليكس نشيطًا. قضى النهار في مشاهدة الأوبرا مع أخواته والتجوّل بين الحرف اليدوية في السوق التقليدية.
كان فيليكس أقرب إلى أخواته منه إلى إخوته، الذين كانوا يعتبرونه مُنافِسًا. بعد قضاء وقتٍ ممتعٍ مع الأشخاص الذين يحبّهم، كان من الطبيعي أن يفيض بالطاقة الإيجابية، حتى لو كان مُتعبًا جسديًا.
ممتلئًا بطاقةٍ نابضةٍ بالحياة، تناول لورانز الحلوى التي طلبها فيليكس تلقائيًا. قطعٌ غنيّةٌ بالسعرات الحرارية. طعامٌ لا يفكّر فيه عادةً، لكن حشر كلّ ما يستطيع في فمه جعله يشعر بحيويةٍ أكبر.
عندما استعاد لورانز بعضًا من حيويته، بدأ فيليكس الحديث وهو يفرك ركبته.
“لديّ أخبارٌ جيدةٌ وأخبار سيئة.”
“تقصد أخبارٌ سيئةٌ وأخبار أسوأ.”
ضحك لورانز ساخرًا. لقد عرف فيليكس. كان يميل إلى التفاؤل المُفرِط، وهذا النوع من الأمور فاجأ لورانز أكثر من مرة.
هزّ فيليكس كتفيه. أخذ قطعة ماكرون ووضعها في فمه ومضغها.
“أي واحدةٍ تريد سماعها أولاً؟”
“الأسوأ.”
كانت تعابير وجه فيليكس تقول ‘كنتُ أعرف أنكَ ستقول ذلك’. شطف فمه بشايٍ أسود مُرّ ثم شرح.
“لن تتمكّن الآنسة إيري إرنست من وراثة لقب الكونت.”
“…… وما هو أهون الشرّين؟”
“أن المرأة التي سترث لقب كونت إرنست جميلةٌ جدًا أيضًا.”
“……”
“لهذا السبب طلبتُ منكَ قراءة مجلة <رومانسية> بانتظام، أليس كذلك؟”
مجلة <رومانسية> الرخيصة من الدرجة الثالثة، مثل الساعة المتوقّفة التي تكون صحيحةً مرّتين في اليوم، كانت أحيانًا أوّل مَن يُبلغ عن حقائق صادمة.
في عدد الأمس، كتبت <رومانسية> التالي:
ظهرت امرأةٌ تدّعي أنها زوجة وريث عائلة إرنست! هذه المرأة، التي تدّعي أنها تزوّجت من بنزو إرنست، الابن الأكبر للكونت إرنست، قدّمت شهادة زواجٍ كدليل. تم تقديمها إلى المحكمة للتحقّق من صحتها …
وفي اليوم التالي، الساعة السادسة مساءً بالضبط، قبل ساعةٍ واحدةٍ من الآن، أعلنت المحكمة عن صحّة المستندات.
أمسك لورانز بفكّه كما لو كان يريد أن يكسره.
“ما هي الحقيقة؟”
“أنها وثيقةٌ قانونية. بحلول صباح الغد، ستكون جميع الصحف تناقش هذا الموضوع.”
تنبّأ فيليكس بالمستقبل بنبرةٍ هادئة.
مدّ لورانز يده. سقطت عليها مجلّةٌ ملفوفةٌ بشكلٍ دائري. كانت <رومانسية>.
كما قالت لويزا إنه كان بينها وبين بنزو إرنست ابنةٌ بالغة، واسمها ميلاني. “إنها طفلةٌ مسكينةٌ حقًا. (تم حذفه) أريد أن أعطيها الحبٌ الذي حُرِمَت منه، وأستعيد حقوقها المشروعة.”
حتى طفلٌ في الخامسة من العمر كان ليفهم المغزى من كلمات لويزا.
أعيدوا لي ممتلكاتي، أيّها الأوغاد.
⋄────∘ ° ❃ ° ∘────⋄
ترجمة: مها
انستا: le.yona.1
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
عالم الأنمي
عـام
منتدى يجمع عشاق الأنمي من كل مكان!
شاركنا انطباعاتك، ناقش الحلقات والمواسم الجديدة، تابع آخر الأخبار، وشارك اقتراحاتك لأفضل الأنميات التي تستحق المشاهدة.
سواء كنت من محبي الشونين، الرومانسية فهذا القسم هو موطنك!
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 37"