6
〈الفصل 6〉
2. دعوة ال روسيل.
تحركت شفتا ايانا قليلًا وفي اللحظة التي كانت ستجيب فيها سمعت من خارج الباب صوت أحدهم.
“ايانا؟”
كانت سيسيليا عند سماع ذلك الصوت ارتجفت ايانا كمن استيقظ من نومه.
“نعم أختي؟”
“اجل، هل يمكنني الدخول؟”
عند تلك الكلمات ارتسمت على وجه ايانا ملامح الارتباك.
شعرت وكأن قلبها سقط فجأة كما لو أنها ضبطت وهي في لقاء سري.
رمقت ديابل بنظرة خاطفة تمنت لو أنه مثل الشيطان يتلاشى ويختفي لكنه ما زال في الغرفة.
ترددت قليلًا ثم نهضت من مكانها لم يكن هناك ما يدعو للشعور بالذنب على الإطلاق في هذا المكان كان عليها أن تتصرف بثقة.
“تفضلي بالدخول يا أختي”
سرعان ما فُتح الباب ودخلت سيسيليا إلى الداخل بدا وكأنها ارتجفت قليلًا عند رؤية ديابل الوجه الذي كان دائمًا وديعًا بدت عليه بعض الصلابة وعند رؤية ذلك
قالت ايانا لديابل:
“يمكنك أن تخرج الآن”
“نعم فهمت”
انحنى ديابل بأدب ثم غادر الغرفة وبخروجه اختفى على الفور ذلك الجو الغريب الذي كان يخيّم قبل لحظات. عندها فقط أطلقت ايانا زفرة ارتياح.
“أليس هذا الحارس الذي جاء منذ فترة قريبة؟ لأي سبب استدعيتِه؟”
“آه فقط كنا نتبادل بعض الأحاديث…”
وعندما غيّرت الموضوع هكذا تنهدت سيسيليا بهدوء. لسبب ما شعرت بإحساس مألوف.
“أتفهم حماسك لكنكِ الآن امرأة مخطوبة لذا عليك أن تتصرفي بحذر أكبر”
صحيح لقد سمعتُ هذه الكلمات من قبل كان ذلك قبل 13 عامًا حين كانت ايانا كثيرًا ما تستدعي ديابل إلى غرفتها فتتلقى من شقيقتها نصيحة مماثلة.
انذاك كان وجود ديابل إلى جانبها بدافع الإعجاب فحسب
كان ديابل شابًا وسيما وموهوبًا أيضًا.
كانت ايانا تصطحب ديابل معها مستمتعة بإحساس يشبه شعور بطلات الروايات الرومانسية.
حتى في ذلك الحين كانت سيسيليا قلقة على ايانا محذّرة إياها ألا تقترب منه كثيرًا مهما كان مجرد موظف.
“حسنًا سأكون حذرة يا أختي”
انحنت ايانا برأسها كما لو كانت نادمة ابتسمت سيسيليا بعد ذلك ابتسامة متساهلة وجلست في المقعد الفارغ.
“بالمناسبة هل أعددتِ الفستان؟”
فستان؟ حين رمشت ايانا بعينيها وهي تحدّق في سيسيليا قالت سيسيليا وكأنها فوجئت قليلًا
“ايانا… لا تخبريني أنكِ نسيتِ؟ غدًا موعد الحفلة”
“أكان كذلك…؟”
لم تستطع تذكر الأمر جيدًا و على أية حال فقد كان قد مضى يومان فقط منذ ان عادت قبل 13 عامًا.
“لقد نسيت الأمر”
“ما بكِ هذه المرة؟ أن تنسي أمر الحفلة… إن سهرتِ لوقت متأخر ستتضرر بشرتك فاذهبي للنوم بسرعة”
أمام هذا اللوم اللطيف ابتسمت ايانا بخجل حفلة… عندما كانت صغيرة كانت تتحسر على الأيام التي لا توجد فيها حفلة.
أما الان فلم يعد بوسعها إضاعة الوقت في شرب الشاي وأكل الحلوى وتبادل الأحاديث الفارغة.
“لقد دُعيتِ لحفلة الانسة فليتا وأصبحتِ لا تعرفين ما تفعلين من شدة الفرح أمر غريب حقًا”
عند اسم فليتا توقفت ايانا للحظة.
“فليتا… هل تقصدين فليتا روسيل؟”
“نعم أقصد الانسة فليتا من عائلة روسيل لا تقولين إنك نسيتِ اسمها؟”
لا. لا يمكن أن تنسى كانت ايانا تتذكر ذلك الاسم القذر من عائلة روسيل بوضوح.
فليتا روسيل… لم يكن هناك أحد في النادي الاجتماعي لا يعرفها عائلة قوية مظهر جميل وسحر يجذب الناس.
لم تكن هناك امرأة لا تعجب بها حتى ايانا كذلك كانت ترغب بشدة في أن تُدعى إلى حفلة فليتا لدرجة أنها كادت تُصاب بالحمى من شدة الفرح وبعد أن حصلت على الدعوة بالصدفة كانت سعيدة جدًا لدرجة أنها لم تنم بشكل جيد لأيام.
حين تفكّرت في الأمر الآن شعرت بالقشعريرة.
فكرت في الشر الشديد الذي حملوه ال روسيل عندما دعوا ايانا إلى الحفلة ثم شنوا الهجوم بعد شهر.
لا تعرف فليتا إلى أي حد كانت على علم بما حدث في الهجوم.
لكن إذا كانت تعرف فهذا يعني…
“إذا كنتِ متعبة يمكنكِ أخذ راحة غدًا…”
بعد أن قالت ذلك راقبت سيسيليا وجه ايانا.
ابتسمت ايانا بخفة.
“ماذا تقولين يا أختي؟ بالطبع سأذهب إنها حفلة الانسة فليتا!”
رأت سيسيليا شقيقتها عادت مرحة فابتسمت بخفة.
“حسنًا… امل أن تشعري بتحسن بعد حضور الحفلة”
تألقت عينا ايانا بابتسامة وارتسمت على شفتيها ابتسامة خفيفة.
لو أن سيسيليا نظرت عن كثب لكانت رأت أن زوايا فم ايانا ترتفع لكن عينيها لم تبتسما.
“نعم… أنا متحمسة جدًا لمقابلة ال روسيل”
***
كانت العربة تهتز ببطء وهي متجهة نحو قلعة ال روسيل.
كانت ايانا ملفوفة بفستان أزرق.
القماش الأزرق الداكن كان يتناغم مع لون عينيها
أما الخصر الضيق فأبرز منحنيات جسدها بشكل أنيق أكثر.
الإكسسوارات التي اختارتها سيسيليا بعناية
وتسريحة الشعر التي ساعدت الخادمات في تثبيتها
كلها تكاملت بشكل رائع.
لقد بذلت جهودًا إضافية لأنها ذاهبة إلى حفلة فليتا.
وشهرة فليتا كانت معروفة حتى بين الخادمات.
على الرغم من أن هذه الحفلة مرغوبة من الجميع كانت ايانا بلا تعابير.
نظرت من نافذة العربة بينما خاطبها ديابل بصوت هادئ
“لم اتوقع ذلك”
أمالت ايانا رأسها ببطء وكان ديابل أيضًا قد ارتدى أفضل ملابسه كما فعلت ايانا.
لقد تم تصفيف شعره الأسود بعطر وارتدى ملابس الحفلة بدل درعه المعتاد.
كل هذا أضفى عليه حضورًا أنيقًا يفوق شخصيته كمبارز.
رغم وجود شاب جميل وفتاة نبيلة في العربة لم يكن الجو رقيقًا أو لطيفًا.
حتى لحظات قليلة مضت كانت العربة مليئة بالصمت.
ثم ردت ايانا بصوت بارد
“لم أتوقع ذلك؟”
“أعني… قرارك بأخذي إلى الحفلة”
خارج النافذة كان المشهد يمر ببطء.
يمكن رؤية البحيرة.
كان الطقس مناسبًا أكثر لنزهة خارجية من مجرد حفلة.
أجابت إيانا بوجه بلا تعابير:
“إنه مكان خطير لذلك لا خيار سوى اصطحاب مرافق”
في البداية كانت تنوي عدم حضور الحفلة بدافع النفور الغريزي.
هؤلاء هم من قتلوا عائلتها.
حتى قبل أيام قليلة كانت محبوسة في سجن قلعة روسيل.
الآن تسافر في عربة فاخرة بدل عربة نقل السجناء المهترئة تشعر وكأنها تخطو إلى معقل العدو لكنها قررت التفكير بعقلانية.
في حياتها السابقة لم يحدث شيء عندما حضرت حفلة فليتا.
ربما شعرت بالقلق من أن تُؤسر أو تُقتل لكنه كان مجرد خوف لا أكثر.
“لا يمكنني تفويت فرصة ثمينة كهذه! دعوتي إلى قلب منزل العدو”
“هل لديك خطة ما؟”
كان فم ديابل مشدودًا بلا تعبير.
هل كان قلقًا بشأنها أم يخشى أن يشهد قصة مملة؟
أمالت ايانا رأسها بلطف نحو اليسار.
“ماذا لو أمرتك باغتيال شخص ما؟”
“سأتبع أوامرك”
لكن ارتفعت إحدى زوايا فم ديابل قليلًا كأنما يسأل “حقًا؟”
“كنت أمزح لا أفكر في فعل شيء غبي كهذا”
كم هي صغيرة فرصة ايانا في أن تقتل أنسغار رب عائلة روسيل بحظ دون أن يكتشف أحدهم و من ثم تهرب قبل أن ينكشف القاتل؟
وفوق ذلك حتى لو مات أنسغار فهناك أولاده.
حتى في حياتها الماضية بعد موت أنسغار لم ينتهِ الانتقام أبدًا.
تولى الابن الثاني إيريز روسيل المنصب فقط لم يتغير شيء.
قتل أنسغار لم يكن كافيًا للشعور بالأمان.
إذا كان هناك شيء يجب فعله فلا بد أن يتم على أكمل وجه.
إذا كنتِ ستقتلين احدًا فلا تتركي أثرًا لهى خلفكِ.
أي تصرف ضعيف الاو لن يؤدي إلا إلى كارثة أكبر لاحقًا.
إيانا هي الدليل الحي.
هل كان بيت روسيل يتصور أن فتاة بريئة وجاهلة ستستعد للانتقام طوال ثلاثة عشر عامًا؟
“وماذا تنوين أن تفعلي هناك؟”
كانت عيناه كعين جمهور ينتظر معرفة ما سيحدث في المشهد التالي.
لكن إيانا لم ترغب في إرضاء ديابل كثيرًا فقالت بلا مبالاة
“أحتاج إلى شيء لإقناع والدي”
“إقناع؟”
“لطالما كنت أتساءل… لماذا استهدفنا ال روسيل؟”
على الرغم من أنها قاتلتهم لمدة ثلاثة عشر عامًا لم تتمكن ايانا من معرفة السبب الحقيقي.
كانت تريد أن تعرف لماذا وقعت هذه المأساة الفظيعة.
“أنسغار اختلق سببًا سخيفًا ليبيد عائلتنا”
“نعم… قيل ان السيد فيلهيلم زعم أن الملك الحالي مغتصب للعرش وان فيلهيلم كان يخطط لقتله”
الملك الحالي كان يُدعى كاشمير جالبرز
ولأنه الابن الثاني ولم يكن له حق في العرش اصلاً لكن وصل إلى المنصب بعد الموت المفاجئ لاخيه الأكبر والملك السابق.
وبما أن الوفاة بدت مصطنعة لكل من رأى الأمر شكّك البعض في الملك الحالي كالمذنب وبعد أن قُطعت أعناق بعض الأشخاص خمدت الشكوك.
“أبي خائن؟ هذا هراء لا يُصدق”
صرت ايانا على أسنانها بغضب وتحوّل وجهها المزين بمساحيق التجميل إلى تعبير قاسي ومشحون بالغضب.
الخيانة؟ هذا هراء لكن لم يكن هناك ما يثبت ذلك
السيد فيلهيلم الطرف المعني قد سُمّم وغالبية أفراد الأسرة أيضًا قُتِلوا.
حتى لو كانوا على قيد الحياة لما كان أحد ليقبل شهادتهم. وعلاوة على ذلك بما أن الجميع قد مات لم يعد هناك وسيلة أو حاجة للإدلاء بالشهادة ما ادعاه أنسغار أصبح الحقيقة.
“الخيانة لم تكن سوى ذريعة سخيفة لكن لا بد من وجود سبب ما لفعل انسغار هذا”
“همم… ما رأيكِ يا انسة ايانا ما السبب؟”
سأل ديابل ببرود كما لو كان يحل لغزًا شيقًا.
“أنسغار كان رجلاً من أنصار الملك السابق وعندما تولى الملك الحالي السلطة ضعفت مكانة عائلة روسيل فأراد أن يعالج هذا الوضع”
تابعت ايانا حديثها بصوت هادئ بلا أي انفعال.
“إذا تم القبض على الخونة ومعاقبتهم فسيترك ذلك انطباعًا ايجابي لدى الملك الحالي وسيحصلون على ثروتهم لذا كانت حربًا مفيدة من كل النواحي وبالإضافة إلى ذلك تمكنوا من إخفاء نواياهم الحقيقية”
“إذن لماذا وقع اختيارهم على عائلة ريهاف لتكون الفريسة؟”
“لأن والدي كان مستشار الملك السابق لذا كان من السهل اتهامنا بالخيانة كما أنه لم يتزوج احد من اخوتي بعد فلن تكون هناك أي تبعات لاحقة”
الزواج بين النبلاء كان نوعًا من المشاريع والتحالفات.
و من هذه الناحية كانت عائلة ريهاف بلا أي حلفاء.
“هذا مجرد تخمين”
بعد قول ذلك نظرت ايانا إلى ديابل فقال ديابل
“أو ربما لسبب أكثر عاطفية”
“سبب عاطفي؟”
“ربما كان بسبب مشاعر شخصية… مثل الآنسة”
يتصرف البشر غالبًا بدافع المنفعة لكن هناك حالات لا يكون فيها الأمر كذلك.
كانت ايانا في حياتها السابقة كذلك وكان ديابل ايضًا كذلك.
ديابل تبع ايانا رغم أنها لم تملك شيئًا لم يكن لها شرف ولا ثروة يمكن أن تمنحها له لكن عند رؤية ديابل الذي اعتبر نفسه فارسًا مخلصًا ظنت ايانا أنه لا يرحل بسبب قناعته.
لا أو بالأحرى أرادت أن تصدق ذلك لأنه كان من الأسهل والأوضح أن تتجاهل الدافع الأحمق وراء أفعاله بدلاً من الاعتراف بالحقيقة.
الحب
ظنت ايانا أن ديابل يحبها وبذلك توضحت كل الأمور.
وإن لم يكن حبًا فماذا إذن؟ ما الذي يجعله يتبعها بعناد؟
ومع ذلك تجاهلته.
حتى وهي تحبه ظلّت تتجاهله.
لا يمكن أن يكون حبًا.
ولا يجب أن يكون حبًا.
لأن قلبًا مشتعلاً بالانتقام سيتضاءل إن واجه الحب هذا واضح.
لذلك لم تسأل من قبل لماذا يساعدها.
لو قال يومًا إنه يحبها لم تكن لتعرف ايانا كيف ترد.
لكن الآن باتت تعرف السبب الذي جعل ديابل يقسم بالولاء المطلق والسبب الذي جعله يتبعها مخاطرًا بحياته.
ضحكت إيانا بلا وعي.
كانت هذه ضحكة ساخره موجهة نحو نفسها.
لقد اعتقدت يومًا أن هذا الرجل يحبها؟ لقد جلست حتى الفجر تفكر ماذا لو أحبها.
كانت مندهشة من هدوء شعورها الغريب.
مثل صب الماء في إناء مكسور لم تتجمع المشاعر داخلها بل تدفقت بلا توقف.
“او ربما يكون السبب وجود مشاعر شخصية”
قال ذلك وهي ايانا تحدق إلى الأسفل بصمت بدا وكأن رموشها الذهبية تتلألأ تحت ضوء الشمس أو ربما كانت دموعًا تلمع في عينيها.
“نعم ربما قتل أنسغار عائلتنا لمجرد أنه وجد الأمر ممتعًا تمامًا كما تبعتني أنا لمجرد أنك استمتعت بذلك”
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع

📢 المنتدى العام عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.

🎨 إمبراطورية المانجا عـام
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات. هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...

📖 نادي الروايات عـام
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات. هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
Chapters
Comments
- 7 - دعوة ال روسيل. 2025-08-15
- 6 - دعوة ال روسيل. 2025-08-15
- 5 - دعوة ال روسيل. 2025-08-07
- 4 - دعوة ال روسيل. 2025-08-06
- 3 - الشيطان يريد قصة والسيدة تريد انتقامًا 2025-08-01
- 2 - الشيطان يريد قصة والسيدة تريد انتقامًا. 2025-07-31
- 1 - الشيطان يريد قصة، والسيدة تريد انتقامًا. 2025-07-28
التعليقات لهذا الفصل " 6"