4
〈الفصل 4〉
1. الشيطان يريد قصة والسيدة تريد انتقامًا.
ايانا في تلك اللحظة لم تصدق أذنيها.
تابع ديابل حديثه و كأنه يحاول تبديد شكها:
“إذا كان الكتاب مملًا يمكنك ببساطة أن تغلقيه وتختاري كتابًا اخر…”
كان ديابل لا يزال يبتسم.
“لكنكِ يا ايانا… كتاب شعرت أنه ليس من العدل أن يُغلق هكذا”
“…..”
“لذا قررت أن أمنحك فرصة”
“….. إذن”
انخفض صوت ايانا بنبرة هادئة.
“كنت بجانبي فقط… لأنك كنت تستمتع بمشاهدتي؟”
“هذا صحيح”
عند تلك الاجابة انهار عقل ايانا بالكامل.
صفعة-!
دوّى صوت الصفعة الحاد في المكان.
انثنت رقبة ديابل جهة اليسار.
كان صوت أنفاس ايانا المتقطعة يُسمع بوضوح وهي تلهث من شدة الغضب، راحتها البيضاء الجميلة كانت تؤلمها.
خد ديابل احمر قليلًا لكنه لم يكن بشدة احمرار يد ايانا.
نظر إليها وهو يبتسم بسخرية طفيفة.
“هل أدير لك الخد الآخر أيضًا؟”
وقبل حتى أن يُكمل كلامه صفعت ايانا خد ديابل مرة أخرى.
كان وجه ايانا قد تحطم من الغضب واليأس.
حتى أمام إيريز لم تذرف تلك الدموع التي تجمعت في عينيها الان!
بطريقة ما كان ديابل بمثابة المنقذ لايانا.
هو من انتشلها من الموت هو من منحها أمنية كانت مستحيلة.
كان ديابل هو من أعاد لها الحياة اليومية التي لم يمت فيها أحد.
لكن بدلاً من الامتنان كانت مشاعر الخيانة أقوى.
ثلاثة عشر عامًا أمضتها معه.
ثلاثة عشر عامًا خدعها فيها دون أن تشك بشيء وهذا ما أشعل غضبها.
كان الألم لا يُطاق.
كأن العالم الذي آمنت به انهار فوق رأسها.
لأجل ديابل تجرعت مرارة ليلة زفافها كالجحيم.
أنجبت طفلًا لم ترده و وضعت حياتها على المحك فقط لأجله!
لكن كل ذلك… كان مجرد تسلية بالنسبة له.
شعرت وكأن قلبها لم يمزق فحسب بل احترق حتى صار رمادًا.
ربما لو قتلوها ال روسيل لكان أهون عليها.
“أيها اللعين.. ايها اللعين! انا.. هل تدرك كم أنا….”
أحببتك.
لم تستطع أن تُخرج الكلمات الأخيرة من فمها.
فصفعته مرة أخرى.
راحة يدها كانت تؤلمها لكن الغضب لم يهدأ على الإطلاق.
“كنتَ ترى معاناتي بعينيك!
حين دخلت إلى غرفة ذلك المغتصب
و حين خاطرت بحياتي لألد طفلًا!
حين بكيت لحنيني لعائلتي!
كل ذلك كان مجرد قصة مسلية بالنسبة لك؟
هل استمتعت برؤيتي أبكي؟
هيا قلها بلسانك القذر هذا!”
وأثناء ضربها له بجنون
رفع ديابل ذراعه وأمسك برسغ ايانا بلطف.
أمسكها بأقل قدر من القوة كأنه يخشى أن يكسرها.
ظهرت خدوش على وجه ديابل.
ربما خربشته أظافرها فقد سال الدم من خده
أمسك بيدها اليمنى بكلتا يديه بحذر وقال:
“لقد تضررت يدكِ”
“……!”
تلون وجهها بالغضب والانفعال.
حاولت أن تسحب يدها بقوة لكن ديابل لم يُفلتها.
“إذا كنتِ سترتاحين بضربي على وجهي فاضربيني كما تشائين، لكن من الأفضل أن تستخدمي شيئًا اخر غير يدكِ”
“لماذا؟ أترى أن هذا لم يعد ممتعًا؟”
قالت ايانا بصوتٍ حاد.
كان وجهها مبللًا تمامًا بالدموع لكنها لم تكن تشعر بذلك.
عندها فقط حرر ديابل يدها ببطء.
كانت ايانا تلهث بأنفاس متسارعة.
“أتساءلين لماذا لم أعرض عليكِ الأمر من قبل؟”
لم تجبه ايانا.
بل اكتفت بالتحديق فيه بنظرات حادة.
فقال بصوت هادئ:
“لأني كنت أؤمن أنكِ يا انستي قادرة على الانتقام دون الحاجة إلى مساعدتي”
ثم ابتسم ابتسامة خفيفة.
“إذا تدخل المخرج فلن يكون هناك أي متعة”
في النهاية هذا الرجل ساعدها وخدعها…
لأنه كان “يستمتع” بذلك
الدموع لم تجد طريقًا للتوقف.
حنجرتها التهبت وكأنها ستذوب.
“كنتُ أحبك”
خرجت الكلمات بصوتها وكأنها تتحدث بلا حول كمن يستسلم.
رمش ديابل بعينيه فقط.
“و الان؟”
“أريد قتلك”
قبضتها المشدودة كانت ترتجف.
فمد ديابل يده بهدوء ومسح دموع ايانا.
“هذا لا يمكن لان علي أن أتابع قصتكِ حتى النهاية يا آنستي”
كانت يده على خدها دافئة… دافئة بشكل مؤلم.
ولو كانت باردة كقطعة معدن لربما لم يُحرقها هذا الشعور بالخذلان.
“أنا دومًا إلى جانبكِ يا انسة ايانا”
“كيف يمكنني أن أثق بشخص خدعني؟”
لكن ديابل لم يتأثر بكلامها ورد بهدوء:
“أرغب برؤية نهاية مثيرة ولهذا سأبذل كل ما بوسعي لمساعدتك”
ثم ابتسم ديابل ببساطة
كأنه بالفعل مستعد ليُكرس نفسه من أجلها.
ايانا لم تقل شيئًا.
وبدلًا من الرد صفعت يد ديابل التي كانت تمسك خدها بعنف.
“اغرب من أمام عيني حالًا”
في تلك اللحظة أصبحت نظراتها عميقة.
ومن داخلها كانت تنبعث برودة حادة كأنها تقطع الجلد.
“غادر هذا القصر ولا تجرؤ على الظهور مجددًا”
عندها التفت ديابل ببطء ونظر إلى ايانا.
ثم مال برأسه قليلاً إلى الجانب.
“انستي يبدو أنك تسيئين الفهم”
نبرة ديابل كانت خفيفة وكأنه يخبرها بأمر بسيط.
لكنه قالها وكأنه يشرح حقيقة لا يمكن تجاهلها:
“سيد هذا القصر ليس أنتِ يا انسة ايانا بل والدك”
حتى الأمس كانت ايانا الحاكمة الفعلية لعائلة باشيتو
لكن الان لم تعد سوى ابنة لعائلة نبيلة.
ولم تعد تملك السلطة لطرد ديابل.
ومع ذلك لم تتزعزع ايانا كل ما فعلته هو رفع يدها ببطء وعيناها لا تزالان مليئتين بالكراهية.
وبدون تردد مزّقت الجزء العلوي من فستانها عند الصدر.
تحول الحرير الرقيق إلى خرقة في لحظة.
وانكشف جسدها الأبيض كالعاج.
ديابل بدت عليه علامات الدهشة لوهلة.
ثم قالت ايانا بصوت خالٍ من الانفعال:
“لو قلت إن ابنتك كانت على وشك أن تُغتصب لن يبقى والدي مكتوف اليدين أليس كذلك؟
حتى لو لم أعد سيدة القصر لدي الكثير من الطرق لطردك”
حدق ديابل في ايانا بذهول لبعض الوقت ثم بدأ يقترب منها ببطء.
ورغم أنها أصبحت شبه عارية لم تشعر ايانا بالخجل.
حتى حين وقف ديابل أمامها مباشرة لم تهتز.
بعد لحظات وضع معطفٌ فوق كتفي ايانا.
كان معطف ديابل.
نظر إليها بهدوء وقال:
“سأتراجع الان فحتى لو كانت مزحة لا أحب سماع كلام كهذا”
رسم ديابل ابتسامة مصطنعة ثم انحنى ومر بجانب ايانا مغادرًا.
سُمع صوت مقبض الباب يدور.
قال ديابل بصوت منخفض وهو ينظر إلى الأمام:
“لن أترككِ أبدًا يا آنسة مهما حدث”
“……”
أغلق الباب.
ساد الصمت الغرفة.
وبعد وقت طويل خطت ايانا أول خطوة.
رمت بنفسها على السرير.
شعرت وكأنها مجرد قشرة فارغة.
كأن كل شيء أصبح بلا معنى.
ثلاثة عشر عامًا من الألم
كل تلك المعاناة بدت الان صغيرة تافهة.
أرادت أن تنسى كل شيء.
كانت ترغب في السقوط في سبات الشتاء الأبدي
لكن لم يكن هناك وقت للراحة.
ظهرت أمامها وجوه عائلتها.
أختها وأخوها وأخيها الصغير ووالدها جميعهم يبتسمون.
لم يكن لديها وقت لتغرق في اليأس.
فبعد شهر كان من المتوقع أن تهاجمهم عائلة روسيل.
شهر واحد… كيف يمكنها صد الهجوم؟
تذكرت كلام ديابل قبل قليل.
لم تعد السيدة.
لم يكن لديها السلطة لإعلان الحرب على عائلة روسيل
ولا القوة لزيادة حرس القصر.
كانت مجرد نبيلة عادية.
وبذلك لم تستطع أن تفعل شيئًا.
‘لو أخبرت والدي أن عائلة روسيل ستهاجمنا؟…
لو أخبرته أنني عدت من المستقبل؟…’
تنهدت ايانا بهدوء.
لم يكن هناك أمل أن يصدقها.
بل على العكس كان من المحتمل أن يعتبرها مجنونة.
‘علي أن أوقف الأمر بأي طريقة’
وهي تفكر بذلك نهضت ايانا.
سقط معطفها الذي كانت ترتديه بصمت.
برغبة في التخلص من كل شيء رمت المعطف على الأرض
والفستان الذي مزقته في نوبة غضب كان يتناثر على الأرض.
‘أولًا يجب أن أغير ملابسي’
اقتربت من خزانة الملابس.
وبينما كانت تبحث عن ملابس جديدة،
لمحت عريها في المرآة.
“ما هذا؟”
انعكست صورة جسد ايانا الجميل عارياً في المرآة كاملة.
بشرة ناعمة بلا أي قطعة قماش
جسدها الذي تم الاعتناء به كالحليب والعسل،
بدا كدمية خزفية صغيرة.
كان على جسدها الأبيض بقعة سوداء تشبه لطخة.
كانت على جانب صدرها الأيسر.
عند التمعن بدا وكأنها وشم أو علامة حرق.
وكأنها دائرة سحرية من نوع ما.
حين كانت مرتبكة بسبب هذه العلامة التي لا تتذكر مصدرها خطرت في بالها فجأة ذكرى ديابل.
“مستحيل …”
لمست العلامة الغريبة ببطء.
تذكرت الألم الشديد الذي انتشر في جسدها عندما قبّل ديابل ظهر يدها.
****
2. دعوة ال روسيل.
كان في الحمّام عبير زهور خفيف يعبق في الأجواء.
كانت بعض الخادمات مشغولات بتحضير الحمام.
وكانت بتلات زهرة البنفسج المجففة تطفو فوق الماء الساخن داخل الحوض.
كانت ايانا تنظر إلى هذا المشهد بينما تُصفف إحدى الخادمات شعرها.
لم تكن في مزاج للاستحمام
لكن بما أنهم أعدوه بالفعل لم يكن من السهل أن ترفض.
ليس وقت الترف والراحة الآن…
مر يومان تقريبًا منذ عودتها إلى الماضي.
وخلال تلك الفترة حاولت التفكير في حل لكن لم يخطر ببالها أي خطة جيدة.
لم تلتقي بديابل في ذلك الوقت.
ولم يحاول ديابل الظهور أمامها أيضًا.
‘رؤيته تثير غضبي… وعدم رؤيته تثير غضبي أيضًا’
كانت على وجه ايانا نظرة ضيق.
الخادمة التي كانت تمشط شعرها قالت:
“انستي اليس الحارس الجديد وسيمًا جدًا؟”
كانت جين خادمة تصغر ايانا بعامين.
كانت جيدة في عملها وطيبة الطباع لكنها تتكلم كثيرًا… أكثر من اللازم أحيانًا.
“تقصدين ديابل؟”
“نعم على عكس الحراس الآخرين إنه لطيف جدًا”
هكذا كانت شخصيته بالفعل.
كلها مجاملة وتمثيل.
ردّت آيانا ببرود واضح.
لكن جين لم تلاحظ، واستمرت في الثرثرة بسعادة:
“الخادمات الأخريات في حالة هستيرية!
صاروا يضعون مساحيق التجميل بعناية أكثر من المعتاد”
ايانا شعرت بالشفقة عليهم.
فديابل الذي يرونه ليس سوى قناع.
بينما كانت غارقة في تلك الأفكار ضحكت ايانا بسخرية من نفسها، فكيف لها أن تسخر من الآخرين،
وهي نفسها كانت ضحية ذلك القناع؟
“جين هل أنتِ أيضًا كذلك؟”
احمر وجه جين على الفور.
وبنظرة سريعة لاحظت ايانا وجهها بدا أكثر بياضًا من المعتاد يبدو أنها وضعت طبقة إضافية من البودرة.
“لا ماذا تقولين يا آنستي؟ لا يمكنني حتى أن أتخيل شيئًا كهذا!”
عندما نظرت إلى جين بهذا الشكل شعرت وكأنها تنظر إلى نفسها في الماضي.
كان طعم ذلك مرًا في فمها.
فتحت ايانا فمها أخيرًا وقالت:
“الناس لا يكونون كما يظهرون دائمًا
لا تثقي في الناس بسهولة يا جين
الثقة العمياء قد تدمّرك”
تمامًا كما دمرتني أنا.
لكنها لم تقل تلك الجملة بصوت عالٍ.
جين نظرت إليها بنظرة غريبة
ثم أومأت برأسها بهدوء.
قالت لها إحدى الخادمات:
“آنستي ماء الاستحمام أصبح جاهزًا”
فنهضت ايانا من مكانها.
“سأستحم وحدي اخرجن جميعًا”
“حتى اليوم أيضًا؟”
“نعم من الآن فصاعدًا سوف استحم وحدي”
خرجت الخادمات من الحمام
رغم أنهن بدَون في حيرة.
وبعد أن أصبحت وحدها
بدأت ايانا تخلع ملابسها ببطء.
لا تزال تلك البقعة على صدرها موجودة كما هي.
فكرت كثيرًا في ما يمكن أن تكون لكنها لم تجد إجابة.
لم تملك سوى افتراض غامض:
ربما له علاقة بديابل.
تنهدت ايانا تنهيدة قصيرة.
‘علي أن أعرف ما هذه العلامة…
وهذا يعني أنني مضطرة لمقابلة ديابل في النهاية’
دخلت الماء الساخن ببطء.
ومع دفء الماء شعرت عضلاتها بالتراخي قليلاً
وكأن بعض التوتر بدأ يتلاشى.
لكن لم يكن بوسعها الاسترخاء كليًا.
بدأت ايانا تسترجع ببطء تلك الليلة الكارثية قبل ثلاثة عشر عامًا.
كان الوقت وقتَ العشاء
ذلك اليوم لم يكن مميزًا على الإطلاق.
لم يكن عيد ميلاد أحد
ولا يوم عيد بل مجرد يوم عادي تمامًا.
اجتمعت العائلة كلها على مائدة العشاء.
تذكرت كيف كان لويد يتألم ويئن بسبب الإفراط في الشرب في الليلة السابقة.
لم يستطع تناول الطعام بل كان يكتفي بشرب الماء.
وأثناء العشاء فجأة، بدأ فيلهلم يسعل بقوة.
غطى فمه بيده واستمر في السعال،
لكن السعال لم يتوقف.
كحّة كحّة كحّة…
وبينما كانت أصوات السعال تتكرر رأت لحيته البيضاء تبدأ بالاحمرار تدريجياً.
عندها فقط أدركت ايانا أن شيئًا ما كان خاطئًا.
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع

📢 المنتدى العام عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.

🎨 إمبراطورية المانجا عـام
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات. هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...

📖 نادي الروايات عـام
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات. هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
Chapters
Comments
- 7 - دعوة ال روسيل. 2025-08-15
- 6 - دعوة ال روسيل. 2025-08-15
- 5 - دعوة ال روسيل. 2025-08-07
- 4 - دعوة ال روسيل. 2025-08-06
- 3 - الشيطان يريد قصة والسيدة تريد انتقامًا 2025-08-01
- 2 - الشيطان يريد قصة والسيدة تريد انتقامًا. 2025-07-31
- 1 - الشيطان يريد قصة، والسيدة تريد انتقامًا. 2025-07-28
التعليقات لهذا الفصل " 4"