بعد لحظة، سمعتُ صوت خافت وعميق من الداخل.
“يا إلهي……”
كدتُ أصرخ وأوقظ كل الجيران.
كان دامون جالساً على الأريكة ينظر إليّ.
لماذا هو هنا؟!
“لم تنم بعد؟”
“لأنكِ لم تكوني قد عدتِ بعد يا مديرة.”
ما العلاقة بين الإثنين؟
عبستُ تلقائياً وشعرتُ بالدهشة.
[ستخرجين للتحقيق مجدداً؟ خذيني معكِ.]
[لا، ابقى في المكتب.]
[لماذا؟]
[قد تقابل شخصاً خطيراً. وأنت خرجت بالأمس بالفعل، أليس كذلك؟]
[…… تقصدين أن أتصرف بأدب أكثر.]
كان دامون يصر اليوم أيضاً على مرافقتي.
لكن بما أنني علمتُ أن كاشا متورط، لم أستطع أخذ دامون معي بتهور.
لذلك أصررتُ على رفضي وأخبرته أن يرتاح في المكتب……
“ماذا كنت تفعل حتى الآن دون نوم؟ لا تقل إنك خرجت!”
“……”
نظر إليّ دامون بهدوء.
كالمعتاد، لا يمكنني قراءة ما يفكر فيه من عينيه.
“لا، لم أخرج.”
“إذن؟ ماذا فعلت؟”
“…… نظفت.”
“تنظيف؟ حتى هذه الساعة؟”
نظرتُ حولي في المكتب بسرعة.
هل أصبح أنظف؟ بصراحة، لا أعرف.
كان المكتب على هذه الحال دائماً منذ أن جاء دامون.
لكنّه يبدو أكثر لمعاناً من المعتاد، أليس كذلك؟
“على أي حال، سواء كنت تنظف أو تفعل شيئاً آخر…… لماذا لم تذهب للنوم بعد أن انتهيت؟ أم أنك انتظرت لتراني؟”
“……”
مهلاً…… هل هذه طريقته في قول أنه نظف حتى ساعة متأخرة ولا يريد أن أوسخه مجدداً؟
نظرتُ إلى دامون بعينين قلقتين.
“لا أعرف.”
أجاب دون أن يتجنب نظراتي.
“شعرتُ فقط أنني بحاجة إلى رؤية وجهكِ.”
“لماذا؟”
“لا أعرف.”
من فضلك، اكتشف ذلك. لا أحد يعرف غيرك!
“……”
يبدو أنه انتهى من الكلام، فأغلق فمه مجدداً.
لا يبدو أنه ينوي النوم.
“تنهد……”
تنهدتُ وجلستُ على الأريكة المقابلة.
“يبدو أن لديكِ الكثير من العمل.”
“نعم، لا يزال هناك الكثير.”
شعرتُ بالدوار عندما فكرتُ في رد كاشا، وما يجب أن أقوله إذا التقيته.
“سيكون عليّ الخروج مجدداً قريباً. لن أستطيع أخذك معي هذه المرة أيضاً، لذلك اعتني بالمكتب جيداً.”
“……”
بعد صمت قصير، نظر إليّ مجدداً.
“هل ستعودين؟”
“بالطبع، إنه منزلي!”
ما هذا الهراء الذي يقوله؟
حتى لو لم تعد أنت، يجب أن أعود أنا!
ضيقتُ عينيّ وحدقتُ به، لكنه لم يبدي أي رد فعل.
بل بدا وجهه، الذي كان متصلباً، وكأنه استرخى.
ثم لاحظتُ كومة من الكتب أمامه.
‘…… كتب.’
لم يكن كتاباً أو اثنين، بل عدة كتب مكدسة.
في العادة، كنتُ سأمرر الأمر دون تفكير، ولكن……
‘كان كارل يقرأ الشعر، ويكتب الرسائل أثناء انتظاره إليزا في غرفة الإستقبال.’
لسبب ما، تذكرتُ مظهر كارل المثير للشفقة.
هل فعل دامون الشيء نفسه؟
نظف بمفرده، قرأ الكتب، وغفا أحياناً……
“هل كنت تنتظرني؟”
“……”
كنتُ أنوي التفكير في الأمر فقط، لكن الكلمات خرجت من فمي.
انعكس وجهي في عينيه اللامعتين تحت ضوء القمر.
“نعم.”
تردد صدى صوت جوابه القصير في المكتب.
واجهتُ نظراته المثبتة عليّ، ثم نظرتُ حولي فجأة.
المصباح المُضاء مسبقاً، الغرفة النظيفة مقارنةً بحالها عندما خرجتُ، الأريكة الدافئة……
‘لم يحدث هذا من قبل.’
لم ينتظرني أحد في المنزل.
عشتُ طوال هذا الوقت دون عائلة أو أقارب.
خلال الشهرين الماضيين، اعتقدتُ أننا اعتدنا على بعضنا البعض……
في هذا الموقف الجديد، بدأ شعور لم أختبره من قبل يتسلل ببطء.
شعرتُ للحظة كما لو أنني أفهم مشاعر كارل عندما عاد من ساحة المعركة ورأى إليزا تنتظره.
شعور غريب، مثير للدغدغة، و……
“لا، لا تنتظرني.”
قبل أن تستمر أفكاري، هززتُ رأسي بسرعة لأتخلص منهم.
ما هذا الشعور العاطفي في الفجر؟
استعيدي وعيكِ.
دامون سيغادر قريباً، وأنا سأعيش بشكل أفضل بمفردي.
“لا تنتظرني في المستقبل. ادخل ونم فقط.”
“……”
خرجت مني كلمات قد تبدو قاسية بعض الشيء.
حتى بعد سماعي، حافظ دامون على تعبير وجهه الهاديء.
“لكنكِ قلتِ إنكِ ستعودين.”
“نعم.”
كيف أترك منزلي الذي حصلتُ عليه بصعوبة؟
“إذن، لا خيار لدي.”
نهض من مكانه وهو يتحدث.
سقط ضوء القمر على رموشه الطويلة.
“بما أنكِ قلتِ إنكِ ستعودين، سأظل أنتظر.”
“ماذا……”
شعرتُ بالإرتباك والتشوش. غمرني شعور لا أستطيع تحديده.
“لم أكن أدرك ذلك…… لكن هذا ما حدث.”
همس لي بهدوء، وضيق عينيه قليلاً.
وكأنه يبتسم.
“تصبحين على خير يا مديرة.”
قبل أن يستدير نحو الدرج، توقف للحظة.
ثم التفت إليّ وأضاف.
“هذه المرة، نامي في مكان مريح.”
**********
بعد فجر مليء بالأحداث، أشرق الصباح أخيراً.
جلستُ أمام طاولة الطعام بتعب بسبب قلة النوم.
في الحقيقة، قبل النوم، فكرتُ أكثر من عشر مرات.
هل أُنفق 2000 نقداً المُتبقي لفتح الفصول التالية من <كيف تصبح زوج البطلة> أم لا؟
لكنني قررتُ في النهاية الإحتفاظ بالمال.
‘سأحتفظ به لتعزيز القدرات. لا أعرف متى قد تأتي لحظة خطيرة.’
في أسوأ الحالات، قد أُضطر للذهاب إلى جزيرة القرابين بنفسي للبحث عن إليزا.
بالطبع، أتمنى ألا يحدث شيء كهذا……
لكن لدي شعور بأن هذه المهمة لن تنتهي بسهولة.
“لقد استيقظتِ مبكراً.”
حيّاني دامون وهو يحضر لي طبق حساء ساخن.
على عكس الطبق الذي يتصاعد منه البخار الدافيء، وجهه خالي من المشاعر.
تعبير وجهه المعتاد.
تذكرتُ أنني رأيتُ دامون يبتسم نوعاً ما بالأمس……
لكن رؤيته بتعبير وجهه الجامد مجدداً جعلني أشعر أنه كان حلماً.
“تناولي فطوركِ.”
“إنه وقت الغداء الآن.”
“الوقت مفهوم نسبي. لقد قررتُ أن أتفهم إحساسكِ الفريد بالوقت.”
ماذا يعني هذا؟ هل يسخر مني مجدداً؟
بينما كنتُ أحدق به بانزعاج……
طق طق.
سمعتُ صوت طرق.
استدرتُ بدهشة.
لكن لم تكن هناك أي حركة عند الباب.
“ماذا؟”
بينما كنتُ أحك رقبتي وأنظر حولي……
طق طق.
سمعتُ صوت الطرق مجدداً.
هذه المرة، حددتُ مصدر الصوت بدقة.
ما رأيته هناك يكون……
“…… طائر؟”
طائر ينقر النافذة بمنقاره الأسود.
نقر نقر نقر نقر.
نقر نقر نقر نقر نقر نقر.
بل أصبح الإيقاع أسرع تدريجياً.
كأنه يقول، لماذا لا تفتحين النافذة رغم أنكِ رأيتيني؟
ما هذا؟ ما خطب هذا الطائر المُتعجل؟
شعرتُ أن الزجاج سينكسر قريباً، فتركتُ الطعام وهرعتُ إلى النافذة.
المكتب بحاجة إلى إصلاحات كثيرة بالفعل، وكسر الزجاج سيجعل الأمور أسوأ.
بمجرد أن فتحتُ النافذة، أدخل الطائر رأسه بسرعة.
“……”
يبدو أنه لا يخاف من البشر، لأنه حدق بي مباشرة.
لم أتجنب نظراته، فبدأت مسابقة تحديق غير مقصودة.
“ماذا تفعلين؟”
سأل دامون بدهشة، وهو يواجه مشهد مواجهة بين إنسان وطائر.
“أنا مشغولة بعض الشيء الآن.”
“هل تعرفين هذا الطائر؟”
كيف يمكن ذلك؟
عندما استدرتُ نحو دامون دون قصد بسبب السؤال السخيف.
“بففت.”
أصدر الطائر صوتاً يشبه الضحك.
ما هذا؟ هل يسخر مني لأنني خسرتُ مسابقة التحديق؟
“إذا لم يكن طائراً تعرفينه، فلماذا كنتِ تحدقين به هكذا؟”
“لأنه بدأ المواجهة أولاً.”
“…… آه، حسناً.”
بعد سماع ردي، استدار دامون كأنه سمع شيئاً لا يُصدق.
ألم تكن أنت من سأل إن كنتُ أعرف الطائر، والآن تعتقد أنني غريبة لأنني قلتُ إنه تحداني؟
بينما كان هذا يحدث، استمر الطائر في التحديق بي.
كأن لديه شيئاً يريد قوله.
“يبدو أن لهذا الطائر أمر معي.”
“هل سرقتِ تفاحة منه؟”
هل يبدو الأمر كذلك؟
“انتظر، أعرف ما هذا.”
فجأة، خطرت في بالي فكرة مألوفة.
‘إرسال الأخبار عبر الطائر المرسول…… إعداد شائع جداً في الروايات الخيالية.’
هل يمكن أن يكون هذا الطائر الوقح هو مرسول أرسله شخص ما؟
إذا كان الأمر كذلك، ربما هناك رسالة مربوطة في ساقه؟
عندما انحنيتُ للتحقق من ساق الطائر……
التعليقات لهذا الفصل " 33"