لم أجد ما أقوله.
في الوضع الحالي، المكان الوحيد الذي من المُرجّح أن تذهب إليه إليزا هي جزيرة القرابين.
‘رغم أنني لا أعرف كيف ستصل إلى هناك.’
لا أعلم كيف ستتمكن من التوجه إلى جزيرة يستحيل الوصول إليها بسفينة عادية، دون مساعدة المعبد، وبمفردها.
لكن إذا كان عليّ اختيار مكان واحد للبحث عنها الآن، فستكون جزيرة القرابين هي الأكثر ترجيحاً.
إن هدف إليزا هو إنهاء هذه الحرب الطويلة، حتى لو تطلّب ذلك التضحية بنفسها.
“سيد كارل، المحققة على حق. يجب أن تهدأ أولاً.”
“لا يا رئيس الكهنة. كل هذا حدث بسبب إهمالي للأمر.”
أخفض كارل رأسه بحزن شديد.
“ظننتُ أنه لا بأس إذا كرهتني. فكرتُ أن خطيباً تافهاً مثلي منعها من فرصة أن تُكرَّم كبطلة قد يبدو بغيضاً بالنسبة لها لدرجة أنها لن تطيق رؤيتي. لذلك ترددتُ وأضعتُ الوقت.”
تحطم صوته البارد والصلب وأصبح مرتجف ومتقطع.
“بغباء، صدقتُ أنها ستغيب لفترة قصيرة فقط. انتظرتُ، مؤمناً بكلماتها الأخيرة أنها ستعود. كنتُ أتمنى أن تبقى بجانبي حتى لو كرهتني……”
بدا من كلماته الأخيرة وكأنه سيبكي.
ترددت كلمات كارل في ذهني كأنها صدى صوت.
「لقد جمعتِ هذه الشهادة ‘إليزا تركت وعداً بأنها ستعود ثم اختفت’، وحصلتِ على 700 نقداً.」
「تم إكمال المعبد الشمالي الغربي!
نبوءة الحاكمة التي صدرت بعد مئة عام اختارت إليزا كبطلة.
بطل يُقدَّم كقربان لإغلاق عرين الوحوش.
قبلت إليزا هذه المهمة بهدوء، وتركت كلمة ‘سأعود’ ثم اختفت.
كارل، الذي لم يكن يعرف الحقيقة، كان ينتظر عودتها مؤمناً بذلك.
– زادت الخبرة الوظيفية.」
في تلك اللحظة، ظهرت رسالة النظام لتعلن عن جمع الشهادات وإكمال المهمة.
‘انتظر، مؤمناً بوعدها بالعودة.’
انتظر؟ كارل كان ينتظر إليزا؟
بينما كنتُ على وشك استيعاب شيء ما، وخزني دامون الواقف بجانبي برفق.
“ماذا……؟”
ثم سلمني رسالة مجعدة.
“احتفظتُ بها عندما كنا نُفتش غرفة الإستقبال.”
عندما نظرتُ عن كثب، إنها الرسالة التي أخرجها دامون من تحت أثاث غرفة الإستقبال.
『الحديقة حيث جلسنا وتحدثنا أحياناً، الشاطيء حيث كنا نسير معاً، والأمواج التي تشبه عينيك الزرقاوين……
هناك آثار لك في كل مكان.
لقد قلت إنك يجب أن تحمي العالم، لكن عالمي مليء بك بالفعل.』
بينما كنتُ أقرأ الحروف المكتوبة في الرسالة بذهول، لاحظتُ فجأة شيئاً غريباً.
‘الأمواج التي تشبه عينيك الزرقاوين……’
رفعتُ رأسي ونظرتُ إلى كارل بعناية.
رأيتُ عينيه الذهبيتان الصافيتان اللامعتان.
‘لون عينيّ كارل ليس أزرق. إذن، من كتب هذه الرسالة ولمن؟’
عندما اكتشفتُ التناقض، بدأت الأدلة التي رأيتها تتجمّع في ذهني من جديد.
رسالة لم تُرسَل، مكتوبة بحنين.
「’النافذة حيث أمكنها رؤية الأمواج التي تُذكرها بحبيبها’
‘الأريكة حيث جلست بشرود ذهن’
‘الساعة التي تتحرك ببطء مؤلم’
‘القلم الذي استخدمته لكتابة رسائل مليئة بالشوق’」
رسائل النظام التي أعطتني لمحة عن آثار شخص كان ينتظر.
ربما الشخص الذي ترك كل تلك الآثار……
الشخص الذي كان يجلس في غرفة الإستقبال، ينتظر شخصاً لم يعد……
“لقد كان أنت يا سيد كارل.”
رفع كارل رأسه ونظر إليّ.
“أثناء تفتيش قصرك، وجدتُ العديد من الأدلة التي تشير إلى أن شخصاً ما كان ينتظر.”
“……”
“ظننتُ أن تلك كانت آثار السيدة إليزا وهي تنتظرك بشدة، لكنني كنتُ مخطئة.”
“……”
“كنت أنت من ينتظر السيدة إليزا. جالساً في غرفة الإستقبال، تكتب رسائل مليئة بالحنين.”
اقتربتُ من كارل وأريتُه الرسالة.
“وجدتُها في غرفة الإستقبال. أنت من كتبتها، أليس كذلك؟ للسيدة إليزا.”
أخفض كارل عينيه ولم يقل شيئاً. ربما كان ذلك تأكيداً.
‘طوال ذلك الوقت، ظننتُ أن هذه الرواية تدور حول إليزا وهي تنتظر كارل……’
لكن الحقيقة كانت عكس ذلك.
كان كارل يشتاق إلى إليزا التي رحلت دون أن يتمكن من إيقافها، وانتظر عودتها.
كما فعلت إليزا من قبل. جلس وحيداً في غرفة الإستقبال.
نادماً على أنه لم يكن خطيباً جيداً.
دون أن يعرف كلّ منهما مشاعر بعضهما البعض.
‘يجب أن أخبره.’
لماذا اتخذت إليزا هذا القرار.
وما الذي يجب على كارل فعله.
「لقد اشتريتِ تعزيز مهارة ‘الإقناع’ بـ3000 نقداً.
ارتفع مستوى هذه المهارة.」
فتحتُ متجر تعزيز القدرات وقمتُ بتعزيز مهارة الإقناع بالمال.
‘يجب أن أمنع كارل من الذهاب إلى جزيرة القرابين بحثاً عن إليزا.’
في هذه الأثناء، ستستمر الأضرار التي ستُسببها الوحوش، وسيضطر كارل إلى الخروج في مهمة أخرى قريباً.
يجب أن يؤدي كارل واجبه.
كما اختارت إليزا أن تؤدي واجبها كبطلة واختفت.
وينطبق الشيء نفسه عليّ.
أنا الشخص الذي يجب أن يجد إليزا ويعيدها إلى مكانها.
لذلك، يجب ألا أجعل انتظار كارل يذهب سدى.
“أليس الأمر غريباً؟ حسب تحقيقاتي، السيدة إليزا ليست من النوع الذي يضحي بنفسه بتهور.”
في الصمت الثقيل، سُمع صوت الأمواج تصطدم من بعيد.
“حتى لو كان ذلك من أجل خطيبها، الذهاب بمفردها إلى جزيرة القرابين ليس قراراً سهلاً. ألا تتساءل عن السبب الذي جعلها تقرر أن تصبح قرباناً على الفور؟”
“لماذا……”
تسرب صوت منخفض من بين شفتيّ كارل.
“لماذا؟ لماذا فعلت إليزا…… هذا من أجل شخص مثلي……”
ارتجف صوته بنبرة حزينة.
‘يكفي أنه يستمع إليّ، هذا بحد ذاته أمر جيد.’
إذا تمكنتُ من جذب اهتمامه ولو قليلاً، سيكون الإقناع أسهل.
“إنه بسببك يا سيد كارل.”
“……”
“لأنك عشت حياة تضحي فيها من أجل الجميع. تحملت مصيراً مؤلماً بكل رضا وخرجت للقتال في البحر. لذلك استطاعت السيدة إليزا أن تتبع خطاك.”
رأيتُ عينيه الدامعتين تهتزان.
اقتربتُ خطوة نحو كارل.
“لأنها تحترم وتحب الرجل الذي يقاتل من أجل الجميع.”
تصلّبت شفتا كارل.
استقرت عيناه المضطربتان بهدوء نحو الأسفل.
لمس كارل الرسالة المجعدة والممزقة التي سلمتها له بأصابعه بحذر.
“السيدة إليزا معجبة بالجانب البطولي فيك، الذي يختلف عنها تماماً.”
“……”
“ولكي تقف بفخر بجانبك، خرجت السيدة إليزا إلى البحر بمحض إرادتها.”
لم يُجب كارل أو يتفاعل، لكنني شعرتُ أنه يركز على كلامي.
“…… لم يكن عليها أن تفعل ذلك.”
قال كارل بهدوء، مثقلاً بالدموع التي لم تُذرف.
“لم يكن عليها أن تفعل شيئاً كهذا. كان يكفي أن تبقى بجانبي. هذا كل ما أريده……”
“ستعود.”
أكّدتُ بنبرة قوية، وفردتُ الرسالة المجعدة فوق يده بحذر.
“إنها ليست ضعيفة إلى هذا الحد، أليس كذلك؟ رغبتها في أن تصبح بطلة حتى تبقى بجانبك.”
“……”
“ستعود بالتأكيد كما وعدت.”
بدأت الرسالة، التي استعادت شكلها قليلاً، ترتجف مع يد كارل.
عض كارل شفتيه بقوة دون أن يتكلم.
“والسيدة إليزا لن ترغب في أن تترك من يحتاجون إلى مساعدتك وتذهب للبحث عنها فقط.”
“……”
“لذلك، سيد كارل، استمر في كونك الشخص الذي تحبه السيدة إليزا، وكما تمنت.”
“……”
“بينما تحمي الإمبراطورية، سأجد السيدة إليزا بالتأكيد.”
تقطر.
تساقطت دموعه على الرسالة.
كانت دموع الحزن والشوق يُبلّلان وجه كارل.
“ثق بوعدها بأنها ستعود.”
لإقناعه بشكل أكثر تأكيداً، أكّدتُ مرة أخرى بحزم.
لأنه يجب أن أمنعه من الغرق في اليأس بسبب هذا الأمر.
“……”
لم يُجب كارل، واستمر في ذرف الدموع بصمت.
بدت مشاعره المتدفقة خارجة عن السيطرة.
بينما كنتُ أتساءل إذا كان بخير……
“من فضلك، استخدم هذا المنديل.”
التعليقات لهذا الفصل " 31"