“هل هذا ممكن؟”

 

“بالطبع.”

 

هذا المعبد يتباهى بالأداء حقاً.

 

ابتسم الكاهن ومد يده نحو ‘ضوء الإرشاد’ التي تحمله الحاكمة.

 

ما إن لمسه برفق بإصبعه، حتى بدأ الضوء ينبعث من الكرة.

 

تدفق ضوء خافت من يديّ الحاكمة.

 

“يا إلهي، ضوء حساس للمس……”

 

“ماذا تقصدين يا مديرة؟”

 

“لا أقصد شيء.”

 

نظر إليّ دامون بحيرة.

 

لن تفهم حتى لو شرحته لك.

 

“أليس جميلاً؟”

 

“بلى، إنه كذلك.”

 

سيكون من الجيد أن يكون هناك شيء كهذا بجانب سريري ليساعدني على النوم……

 

“غالباً ما يستخدم المؤمنون الأشياء التي تحتوي على الضوء كتمائم. يعتمدون عليها عند ذهابهم إلى البحر.”

 

“هل يمكنني صنع ضوء الإرشاد بنفسي؟”

 

“إلا إذا كنتِ بطلة مباركة من قِبل الحاكمة، فالأمر مستحيل. بدلاً من ذلك، نستخدم نسخاً طبق الأصل مصنوعة بضوء الأرواح كتمائم. لكن……”

 

“لكن؟”

 

قادنا الكاهن إلى مكان ما دون أن يُجيب.

 

رأيت مذبح صغير خلف تمثال الحاكمة.

 

يوجد عليه إكسسوارات.

 

“إذا تبرعتِ بمبلغ بسيط للمعبد، يمكنكِ الحصول على تميمة خاصة.”

 

“آه……”

 

كنتُ أتساءل عن سبب جودة الخدمة الجيدة، واتضح أن السبب هو أنهم يبيعون البضائع.

 

“أو يُمكنكِ الإلتحاق بدورة تدريبية وصنع واحدة بنفسكِ.”

 

حتى تشجيعي على التسجيل في دورة اصنعيها بنفسكِ؟

 

إنها ليست مزحة حقاً.

 

أعتقد أن هذا المستوى العادي من الشر ضروري ليكون أساسياً في هذا النوع من الروايات.

 

ابتسمتُ بسخرية ونظرتُ إلى التميمة.

 

رأيت نمط موجة منقوش على اللؤلؤة المستديرة.

 

في منتصفها جوهرة زرقاء، والتي بدت وكأنها ينبعث منها ضوء.

 

“هل ترغبين في أخذ واحدة؟”

 

سأل الكاهن، وهو يُشير إلى التميمة.

 

“لا……”

 

لن أشتريها.

 

「وجدتِ 600 نقداً ‘في التميمة المعروفة باسم تميمة البحارة’.」

 

لا بأس، سأشتريها.

 

“كم ثمنها؟”

 

بما أنها دليل بقيمة 600 نقداً، فسأشتريها.

 

“لن نقبل أي تبرعات مقابل هذا.”

 

عندما رأى الكاهن التغير السريع في موقفي، ابتسم وهز رأسه.

 

“من فضلكِ خذيها كتذكار. إذا واجهتِ عاصفة أو غرقت سفينتكِ، فما عليكِ سوى رمي هذه التميمة في البحر.”

 

“أرميها في البحر……”

 

“نعم، إنه نوع من الخرافات التي تناقلها البحارة منذ زمن طويل.”

 

التقط أكبر وأجمل تميمة وأعطاني إياها قائلاً.

 

“فلتكن بركات الحاكمة معكِ.”

 

“شكراً لك.”

 

إهداء شيء كهذا مجاناً. مع أن المعبد ربما قد يتضرر من الرأسمالية، إلا أن رأسماليتهم ليست سيئة مثلي.

 

“هل أنت أيضاً ترغب في الحصول على واحدة؟”

 

“……”

 

عرض الكاهن بلطف، لكن دامون عبس حتى قبل أن يُنهي كلامه.

 

“لا، شكراً لك.”

 

حتى أنه تراجع خطوة ورفض بحزم.

 

كانت هذه أول مرة أرى فيها شخصاً يُعبّر عن كرهه لشيء مجاني.

 

‘كان عليه أن يأخذ واحدة أخرى ويعطيني إياها.’

 

نقرتُ على لساني وأنا أنظر إلى التميمة التي تتوهج بخفوت على راحة يدي.

 

مع أنني لستُ من مُحبي البحر، إلا أن امتلاك شيئاً ما أفضل من لا شيء، أليس كذلك؟

 

“أنا لا أؤمن حقاً بالتمائم أو أي شيء من هذا القبيل.”

 

هز دامون كتفيه.

 

همم، هل هذا صحيح؟

 

أرجعتُ شعري للخلف، واعتدلت في وقوفي بثقة.

 

“هذا صحيح. لست بحاجة لشيء كهذا.”

 

التفت نحوي وضيق عينيه.

 

“لأنني سأحميك.”

 

خرج صوتي هادئاً.

 

لقد تشبثتُ به جيداً اليوم!

 

شعرتُ بالفخر سراً وأنا أنتظر ردة فعل دامون.

 

“……”

 

دامون، الذي كان ينظر إليّ بصمت، أدار رأسه فجأة.

 

بعد قليل، سمعت صوت ضحكة خفيفة.

 

كصوت هواء يتسرب من بالون.

 

“أنت……”

 

هل ضحك عليّ للتو؟ هل كنتُ مضحكة؟

 

لكن عندما نظر إليّ مجددًا، لم يُظهر تعبير وجهه سوى لا مبالاته المعتادة.

 

“أجل، سأثق بكِ.”

 

أجاب دامون بصوت خالي من أي مشاعر.

 

لم يبدو عليه الإكتراث بنظراتي المتشككة.

 

ما الأمر؟ هل أخطأتُ السمع حقاً؟

 

“إذن يجب عليّ البقاء بجانبكِ.”

 

“هاه؟”

 

“حتى تنقذيني في لحظة الخطر.”

 

“آه……”

 

“لأكون صادقاً، لقد كنتُ قلقاً، لذلك هذا يريحني.”

 

قال دامون بصوت هاديء لم يُظهر أي لمحة من القلق.

 

شعرت أنني كنت قريبة جداً من النجاح ولكن فشلت.

 

ربما لم يكن عليّ التباهي……

 

“إذا انتهيتما، هل أرشدكما إلى الكنيسة الداخلية؟”

 

الكاهن، الذي كان يُراقبني أنا ودامون نهمس، سأل بحذر.

 

“أجل، من فضلك.”

 

عندما سمع الكاهن إجابتي، ابتسم بلطف وقاد الطريق.

 

مع أنه ابتسم ابتسامة ودودة…… لكنني لن أنسى.

 

إنه تاجر يحاول بيع بضائع المعبد للناس ودورات تدريبية.

 

“يا مديرة، لماذا تُمسكين بجيوبكِ بقوة؟”

 

“لا داعي لأن تعرف.”

 

إن هذا ضروري عند زيارة منطقة سياحية حيث من المرجح أن يتم سرقة المحفظة.

 

ألا يوجد شيء يُباع في الكنيسة أيضاً؟

 

أنا بحاجة إلى تقوية قلبي حتى لا أنخدع بأساليبهم التسويقية.

 

“هذا هو المكان. لا يمكننا الدخول الآن لأن هناك قداساً قائماً.”

 

توقف الكاهن أمام المبنى.

 

「وجدتِ 200 نقداً على ‘المقعد التي كانت تجلس عليه عادةً’.

 

وجدتِ 200 نقداً أمام ‘باب الكنيسة التي كانت تدخل منها للتوبة عن خطاياها’.」

 

كانت إليزا معروفة بصلاتها المتكررة لكارل، وهناك آثار لها في كل مكان في الأدلة التي تثبت ذلك.

 

“بما أنه معبد صغير، تُقام جميع العبادات، الطقوس، والإحتفالات في هذه الكنيسة. كما تُقام مراسم منح لقب بالادين هنا.”

 

“ما هو لقب بالادين؟”

 

“إنه اللقب الوحيد في الإمبراطورية الذي يمنحه المعبد، وليس الإمبراطور. إنه ليس لقباً حقيقياً، بل أشبه بميدالية أو تكريم……”

 

لمعت عينا الكاهن وهو يفرك ذقنه.

 

“من الجيد امتلاكه، فهناك فوائد كثيرة.”

 

أعتقد أنهم يجنون المال من منحه.

 

لا بد أنه يحجم عن قول ذلك صراحة لتجنب الظهور بمظهر مادي للغاية.

 

استطعت أن أستنتج ذلك بمجرد النظر إلى تلك العينان الرأسماليتان.

 

“مع أنه يُسمى بالادين، إلا أنه في الواقع أقرب إلى قديس. إن المقصود منه تكريم من عملوا من أجل الإمبراطورية والمعبد. وقد نال هذا اللقب العديد من الأبطال.”

 

“فهمت.”

 

“في السنوات الأخيرة، نال هذا اللقب السيد كارل، لأنه يحمي البحر الغربي للإمبراطورية.”

 

حسنًا، إن كارل بالفعل شخص يستحق أن يكون قديس.

 

‘هل يُعقل أن كارل حصل على لقب بالادين ونبوءة البطل في آن واحد؟’

 

نبوءة البطل التي كُشفت حديثاً.

 

مما رأيته حتى الآن، أليس كارل الشخص المناسب لمنصب هذا ‘البطل’؟

 

ربما لم يكن أمامه خيار سوى فسخ خطوبته مع إليزا، لأنه، كبطل، ليس أمامه خيار سوى قضاء حياته في القتال.

 

‘لكن……’

 

من الغريب أن كارل، الذي حارب في البحر منذ البداية، سيتغير فجأة لمجرد حصوله على لقب البطل.

 

كان من المفترض الإحتفال بميلاد بطل جديد، ولكن لم يُعلن عن الأمر، وهذا غريب.

 

…… كما هو متوقع، أنا بحاجة إلى معلومات دقيقة عن النبوءة.

 

دينغ. دينغ.

 

في تلك اللحظة، رن جرس انتهاء الخدمة.

 

“آه، يبدو أن الأمر قد انتهى الآن. هل نذهب لمقابلة رئيس الكهنة؟”

 

قال الكاهن بابتسامة.

 

‘أجل، يمكنني معرفة محتوى النبوءة باستخدام نظام جمع الشهادات المُستخدم حديثاً.’

 

يجب أن أتحدث إلى رئيس الكهنة وأجمع أكبر قدر ممكن من المال.

 

أومأتُ ودخلتُ الكنيسة.

 

**********

 

“مرحباً.”

 

بعد أن وجّهنا الكاهن إلى الجزء الداخلي من المعبد، رحّب بنا رجل مسن ذو شعر أبيض بابتسامة لطيفة.

 

“أنا ميريدان. أشغل منصب رئيس الكهنة المشرف على معبد الشمال الغربي.”

 

“يشرفني أن أقابل شخصاً مثلك.”

 

“لا، لقد عشتُ حياة طويلة من الإيمان، ونتيجة لذلك، أصبحتُ أشغل هذا المنصب.”

 

أرشدنا رئيس الكهنة إلى طاولة الضيوف.

 

“لقد قرأتُ بعناية طلب الزيارة الذي أرسلتيه. نحن معبد صغير في منطقة نائية، لذلك مر وقت طويل منذ أن تلقينا أي طلبات زيارة سوى طلب العبادة.”

 

“أعتذر عن الطلب المفاجيء، لا بد أنك قد تفاجأت. لكنني أود أن أشكرك على ترحيبكم الحار بنا.”

 

“كل هذا بإرادة الحاكمة. ولكن……”

 

توقف رئيس الكهنة عن الكلام فجأة.

 

“هل صحيح أن الآنسة إليزا اختفت؟ ذُكر ذلك في الطلب……” 

 

“نعم، هذا صحيح. أتيت للبحث عن أدلة تُشير إلى مكان الآنسة إليزا.”

 

“……”

 

أظلم وجه رئيس الكهنة بشدة.

 

“كم مر من الوقت منذ اختفاء الآنسة إليزا؟”