بدهشة وتأخر في الرد، تساءل إردان:

 “ماذا؟”

 

“أشعر أنك لن تتزوج أبداً ما لم أتدخل” 

 

“…”

 

“أريد أن أرى زوجة أخي قبل أن أرحل…” 

 

“…”

 

“بإمكانك فعل ذلك، أليس كذلك؟ يُقال إن أمنيات الموتى تتحقق، لذا لابد أن تكون أمنية شخص حي لكنه على وشك الموت سهلة التحقيق، أليس كذلك؟”

 

“بريسيلا…”

 نادى إردان على بريسيلا، وكأنه يحاول ثنيها عن الأمر مرة أخرى.

 

“ليس بالأمر المعقد. 

إنه مجرد زواج” 

 

“توقفي عن قول أمور لا منطق لها”

 

“الزواج لا يعني لك شيئاً في كل الأحوال. 

لن تكون أي امرأة ذات قيمة لك إن لم تكن هي” 

[True] 

 

لم يجد إردان ما ينفي به هذا الكلام، فجزء منه كان صحيحاً. 

 

خفض بصره بتعبير يوحي بالاستسلام، وقال بهدوء:

 “حسنًا. 

فهمتُ ذلك”

 

وفي لحظة صمت مشوبة بالذهول، رأى الجميع في الغرفة عيونهم تتسع من المفاجأة لسماع رد إردان. 

 

كان من المتوقع أن تطلب بريسيلا مطالب غير معقولة في لحظات وداعها، لكن لم يكن أحد يظن أنه سيوافق على طلبها.

 

هل كان ذلك بدافع تحقيق أمنيتها الأخيرة؟ أم لأنه،

 كما قالت، لم يعد يهمه من سيتزوج إن لم تكن هي العروس؟

 

“نظرًا لأن الأمر يتعلق باستقبال سيدة الإقطاعية، فسوف يستغرق بعض الوقت. 

 

سأعمل على تقليص الخيارات إلى السيدات من عائلات التابعين بأسرع ما يمكن”

 

توهجت وجوه بعض التابعين في غرفة بريسيلا، وهم يأملون في أن تتحقق فرصة لبناتهم.

 

“لا حاجة لذلك” 

 

لكنهم لم يحصلوا على الفرصة.

 

“لقد اخترت بالفعل شخصًا ليكون

زوجة أخي” 

 

توجهت نظرات بريسيلا إلى جهة محددة، وتبعتها نظرات الجميع في تلك الاتجاه.

 

“ليريبيل، أرجوك تزوجي أخي. 

هذه آخر أمنية أطلبها منكِ ”

 

فوجئت بالاهتمام المفاجئ من الجميع في الغرفة وفتحت فمي بدهشة.

 

 إذاً، كان هذا الشاب يعرف اسمي طوال الوقت.

 

***

 

“أعتذر لإقحامكِ في رغبات أخني بريسيلا” 

 

بعد التصريح المفاجئ لبريسيلا، قادني إردان إلى الصالون. 

 

كنت في حالة من الذهول حتى تلك اللحظة، ولكنني استعدت وعيي أخيراً.

 

“لا، لا بأس” 

 

أعطى إردان ابتسامة مريرة على ردي.

 

“…”

 

نظرت إلى الرجل الوسيم ذو الشعر الفضي اللامع والعينين البنفسجيتين المميزتين. 

 

خلال السنوات الأربع الماضية، لم نتبادل سوى التحيات، ولم يكن بيننا أكثر من ذلك.

 

“أعتذر عن طلب هذا منكِ، بارونة ليريبيل، لكن هل يمكنكِ تنفيذ آخر أمنية لبريسيلا؟”

 

على الرغم من أن إردان تذكر أخيرًا اسمي وأني بارونة، إلا أن ذلك تأخر ثلاث سنوات منذ وصولي هنا.

 

“نعم، سأفعل” 

 

فوجئ إردان بردي، حيث بدا أنه لم يتوقع موافقتي السريعة وغير المترددة.

 

حولت نظري بعيدًا عن إردان، وخفضت عيني بهدوء.

 

 لماذا تركت بريسيلا وصيتها لي؟ لقد كانت تحب أخاها بشكل عميق لدرجة أنها لم تسمح لأي امرأة بالاقتراب منه. 

 

لا بد أن هناك سببًا يبرر ثقة بريسيلا فيّ لتسليم أخيها إليّ. 

 

ومع ذلك، لم أستطع تجاهل آخر طلب لبريسيلا.

 

نظرت بسرعة حول الصالون. 

 

منذ أن سكنت هذا الجسد، عشت في هذه الإقطاعية، في منزل الماركيز. 

 

قد يبدو من غير الواقعي القول إنني لم أخف من بدء حياة جديدة في مكان آخر، حيث لا يزال هذا العالم غريبًا بالنسبة لي. 

 

لذا كان من الطبيعي أن أشعر ببعض الارتياح للاستمرار في العيش هنا بطريقة ما.

 

لا أعتقد أن شيئًا سيتغير بمجرد زواجنا. 

 

إردان لم يكن يحبني، وكنت أشعر بالمثل.

 

 لذا، لن يتغير شيء بيننا لمجرد أننا تزوجنا.

 

 لن تكون هناك علاقة زوجية طبيعية. ربما ستبرز مسألة الوريث، ولكن من المحتمل أن يعتمد إردان على طفل من أحد الأقارب.

 

 ستكون مهمتي العناية بذلك الطفل، تمامًا كما فعلت مع بريسيلا.

 

“هل أنتِ متأكدة من هذا؟”

 

“نعم” 

 

بفضل تأملي العميق في الأمر، تمكنت من الإجابة بثقة ودون تردد حتى عندما سألني إردان مرة أخرى.

 

“…”

 

رغم ذلك، استمر إردان في مداعبة ذقنه بوجه جاد، وكأنه لم يكن راضيًا عن ردي. 

 

هل كان يعتزم استخدام رفضي كذريعة للتنصل من طلب بريسيلا؟

 

“لكن هذا لا يعني بالضرورة أنني أرغب في الزواج منك، سيد إردان”

 

 أضفت هذا، معتقدة أن صرامتي قد تكون سببت سوء فهم.

 

“آه، أعتذر”

 

 رفع إردان يده عن ذقنه بتعبير اعتذاري.

 

 “إذا بدا أنني متردد بشأن الزواج من بارونة ليريبيل، فأعتذر” 

 

“لا، لا بأس. 

 

الوضع ليس مريحاً بالنسبة لي أيضاً” 

 

تردد إردان للحظة بعد سماع ردي.

 

“بصراحة، لا أمانع الزواج منكِ”

 قال بعد أن استعاد هدوءه.

 

أومأت برأسي، هذا منطقي.

 كما قالت بريسيلا، لن يكون هناك فرق من تكون الزوجة طالما أنها ليست البطلة الرئيسية.

 

“كنت فقط قلقاً من أن يكون ذلك غير مناسب لكِ” 

 

“فهمت” 

 

“نعم.

 وبما أنكِ بارونة، فإن زواجكِ مني سيؤدي إلى دمج عائلتكِ ضمن الإقطاعية. 

 

اعتقدت أن هذا قد يسبب بعض التعقيدات” 

 

أطلقت “آه”

 صغيرة وأومأت برأسي. 

 

لو كنت ليريبيل الحقيقية، لكان هذا مصدر قلق. 

 

“لا بأس” 

 

ابتسم إردان بلطف عند سماع ردي.

 

“لقد كنت مخلصة لبريسيلا طوال الوقت، واستمررتِ في ذلك حتى النهاية. 

 

كأخ لبريسيلا، أنا ممتن جداً”

 

“لا داعي لقول ذلك” 

 

“ومع ذلك، قد يكون من غير الملائم إثارة قضايا معقدة” 

 

“لا بأس…”

 

“قد تندمين على اتخاذ قرار سريع في مواجهة وفاة بريسيلا” 

 

“لا، الأمر جيد فعلاً…”

 

“لذا دعينا نتظاهر بالزواج أمام بريسيلا، ثم نتعامل مع الأمور بهدوء بعد وفاتها” 

 

تراجعت عن تعبير الاستغراب.

 

 هل هذا الرجل فعلاً لا يريد التورط معي؟ يبدو أنه لا يرغب في الزواج مني بأي شكل، حتى لو كلفه ذلك حياته. 

 

هل كان يخطط للزواج مني بنية أخرى منذ البداية؟

 

“سيد إردان، يبدو أنك لا تعرف السيدة بريسيلا جيداً بعد” 

 

عند كلماتي المليئة بالاستياء، رفع إردان حاجبه.

 

“السيدة بريسيلا كانت شديدة العناد” 

 

“عنيدة؟”

 

“نعم.

 قد تكون مستعدة لتمديد حياتها بأي وسيلة ممكنة لتحقيق هدفها بالكامل”

 نظرت إلى إردان الذي بدا مرتبكًا وتذكرت تجاربي مع بريسيلا.

 

كان لدي شعور بأن إردان وأنا سنتزوج في النهاية كما تمنت بريسيلا قبل وفاتها، ولكننا قد ننفصل بعد وفاتها.

 

***

 

كما توقعت، كانت بريسيلا حازمة للغاية.

 

“احضروا أوراق تسجيل الزواج” 

 

“استدعوا أخي. 

ليريبيل، ابقي هنا أمامي، مدام ماكوينري، اذهبي واحضريها!”

 

“هنا، وقّعي على الوثائق أمامي.

 هل جلبتِ الختم؟”

 

“استخدمنا السحر لنقلنا إلى العاصمة. 

 

بهذه الطريقة، يمكننا إبلاغ العائلة الإمبراطورية في غضون يوم” 

 

كان إردان، الذي كان مخلصًا لأخته المريضة، يتبع تعليمات بريسيلا بدقة.

 

 أحيانًا، كان يلتفت إليّ وكأنه يقول، 

“ألم تدركي أنها ستكون على هذا النحو، أليس كذلك؟”

 

قلت لكِ.

 

وهكذا، تم تقديم أوراق زواجنا إلى العائلة الإمبراطورية، وبفضل إصرار بريسيلا، تمت الموافقة على زواجنا في غضون يوم.

 

“…”

 

“…”

 

أمام بريسيلا، التي كانت مبتسمة بارتياح عند استلام مستندات الموافقة من العائلة الإمبراطورية، تبادلنا، إردان وأنا، النظرات بصمت، بعد أن أصبحنا زوجين بشكل عاجل.