كانت كلمات كبير الخدم أقرب إلى سوء فهم، ومع ذلك لم يكن من الضروري أن أشرح له كل شيء.
ففي نهاية المطاف، كان من الصواب أن أتحلى بمزيد من الحذر، خصوصًا بعدما تسببت سابقًا في إزعاج محسني، كاسروسيان، حين لم أتمالك انفعالاتي.
اليوم، وصلني خبر مفجع بأن إيلوديا وإردان يخططان سرًا لإعلان خطوبتهما، بعد أن أُنهت إجراءات طلاقها من تيسكان.
ذلك الخبر هبط بروحي إلى الحضيض، وغمر مزاجي بسواد قاتم.
خطوبة؟ بعد أن أعلنا وفاتي وكأنني لم أكن يومًا؟ يا لسخرية القدر…
خطوبة؟ لا أتمناها سوى خرابًا يُسقط فوق رؤوسهم.
—
بينما كنت ألعن إيلوديا وإردان في سرّي، ظهر الكونت هيربرت فجأة، تمامًا كما ظننت أن الاجتماع أوشك على الانتهاء.
“الاجتماع لا يزال مستمرًا…”
“أعلم.”
الكونت هيربرت، الذي لا يستخدم فمه إلا لتفريغ القذارة، تجاهل الفارس الذي حاول منعه، وثبت بصره نحوي مباشرة.
ابتسم ابتسامة خبيثة وقال: “خادم وسيم، أليس كذلك؟”
ثم أضاف بسخرية مُقززة:
“عجز عن إيجاد امرأة تليق به، فقرر الاكتفاء برجل؟ مضحك جدًا.
حتى لو كان وسيماً، فإن التعلق برجل أسمر البشرة إلى هذا الحد يبعث على السخرية.”
وأدار ظهره وهو يتمتم، بصوتٍ مرتفع بما يكفي لأسمعه:
“أن تكون مهووسًا برجل أسمر، أو تفرش الأرض لمن هم من جنسك طمعًا في سلطة زائفة، أمرٌ قذر يُثير اشمئزازي.”
كان ينطق كلامه بعناية، لم يذكر اسمًا، ولم يقترب مني، لكنه وجّه كلماته نحوي مباشرة، كأنه يحاول استدراجي إلى فخّ الغضب، ليستغل لحظة انفعالي كذريعة لمعاقبتي.
“هذه الأمور ما كانت لتظهر لولا فوضى الإمبراطورية.
وجه حسن؟ وماذا ينفع إن كان متشبثًا بأحمق عديم القيمة؟ المخلوقات المقززة دائمًا ما تلتصق ببعضها.”
—
نظرت إلى الفراغ أمامي، مرددًا لنفسي: “لم أسمع شيئًا… لا تسمع، لا تتكلم، لا تثر الفوضى.”
وفجأة سمعت صوت كبير الخدم، منخفضًا بحيث لا يسمعه هيربرت، الذي ابتعد قليلاً.
“نعم، قال كلامًا كهذا أيضًا في ذلك الوقت.”
“فهمت.”
حتى أثناء هذا الحديث القصير، لم يتوقف الكونت هيربرت عن بث سمومه.
“يكفي أن الرجال يسلكون هذا المسلك المُشين، والآن هناك قرار تعيين مجحف يبقيه قريبًا من البلاط.
أن تُرتكب مثل هذه الأفعال القذرة داخل القصر الإمبراطوري العريق، أمرٌ يدعو للاشمئزاز.”
يا له من لسان لا يكلّ.
كان من المثير للفضول كيف علم أنني نلت هذا المنصب بفضل علاقات معينة، واستخدم تلك المعلومة لتغذية خيالاته القذرة.
قال كبير الخدم، وكأنه يهمس لنفسه: “فهمت… فهمت.”
ثم ناداني فجأة: “اللورد ريو.”
تأخرت في الرد، إذ نسيت للحظة أنني أستخدم الاسم المستعار “ريو”.
“لقد أخطأت سابقًا… أعتذر.”
اعتذر كبير الخدم فجأة دون أن يوبّخني على صمتي.
“حين فكرت بالأمر، أدركت أنه من غير المنطقي أن أطلب منك إغلاق فمك وأذنيك عمّا يدور داخل القصر، ثم ألومك على شيء حدث في القصر ذاته.”
ماذا؟
حتى عندما أدركت أنه يخاطبني، بقيت صامتًا، لم أستوعب تمامًا ما الذي يحاول قوله.
“ربما سأنسى هذا وأوبّخك مجددًا مستقبلاً، لكن على الأقل، سأحاول أن أتذكّر اليوم ألا أفعل.”
“…”
“يبدو أن الاجتماع أوشك على الانتهاء.
سأتوجه لمرافقة جلالة الإمبراطور.”
قال ذلك بهدوء، ثم فتح باب غرفة الاجتماعات ودخل.
—
أدرت نظري من الباب المُغلق نحو الكونت هيربرت الذي لا يزال ينفث كلماته النابية.
هل كانت تلك إشارة؟ هل أمرني كبير الخدم ضمنيًا بإسكاته قبل خروج كاسروسيان، دون أن أُعاقب؟
بينما أحاول فهم نواياه، شعرت بدفعة خفيفة على كتفي.
التفتُّ لأجد الفارس الواقف بجانبي يبتسم ويومئ بذقنه نحو الكونت.
فهمت من الإشارة: “نعم، سمعت جيدًا.
تفضل.”
“قلة تربية؟ أم أن السبب في الدم الفاسد؟ لو كان نسله شرعيًا، لما تصرّف بهذه القذارة.”
—
تقدّمت خطوة نحو الكونت، الذي لا يزال يتفوه بما لا يُقال.
بالرغم مما حدث قبل أسبوعين، لم يحاول أحد منعي.
“هل لديك ما تقوله لي؟” وقفت على بعد ثلاث خطوات منه.
تظاهر بالبراءة، كأن شيئًا لم يحدث، لكن بريق عينيه المطمورتين تحت طبقات الشحم كشف عن سروره بوقوعي في فخه.
نظرت إليه ببطء وقلت:
“أيها الـ(بيب—بيب—)… أتريد (بيب بيب—)؟”
ثم انطلقت بسيل من الشتائم، وقحة، نابية، فاحشة… لا تُقال في حضرة أحد.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 58"