أجابها مبتسمًا، وقد راق له ذلك القلق البريء المرتسم على ملامحها: “عمّ تسألين؟”
قالت وهي تغالب رجفة القلق في صوتها: “أخشى أن تقع في مأزق بسببها”
لم تكن تدرك تفاصيل ما فعله إيردان مع ليريبيل، لكنها سمعت عن مخططٍ للتخلّص منها عبر مجموعة من قطاع الطرق.
وحين وصلت إليها المعلومة بالمصادفة، راودها سؤال: هل كان من الضروري الذهاب إلى هذا الحد؟ ليريبيل كانت شريرة، نعم، لكنها ما تزال إنسانة.
غير أن معرفة إيلوديا بأن ما يجري ما هو إلا انعكاس لشرّ ليريبيل ذاته، جعلها تخشى أن يكون الثمن الذي سيدفعه إيردان باهظًا.
فردّ عليها، وهو يربّت على وجنتها برفق: “لا تشغلي بالك”
كان يدرك تمامًا أن ليريبيل رتّبت الأحداث بحيث يُصبح هو أول من تقع عليه الشبهة إن أصابها مكروه.
لهذا لم يتمكن من التحرّك في وقتٍ سابق.
ومع ذلك، لم يكن في ملامحه ما يوحي بالقلق، وهو يقول بثقة: “أرسلتها إلى إقليم بيتْرول، كي أُخفي أنني من دبّر الأمر”
قالها بثبات لا يخفى على عين.
اتسعت عينا إيلوديا بدهشة: “بيتْرول؟ ألم تكن قد منحتها إقليم ليتريول؟”
أجابها بابتسامة ذات مغزى: “لقد بدّلت الاسم مؤقتًا فقط.
لم أكن يومًا أنوي منحها ليتريول بحق”
سألته باستغراب وقد بدا الذهول في قسمات وجهها: “أتبدّل أسماء الأقاليم بهذه البساطة؟”
أجاب باقتضاب: “بمساعدة الإمبراطور، لا يُعدّ الأمر مستحيلًا”
شهقت بصمت، فتابع إيردان وهو يحدّق فيها بنظرة الواثق: “أخبرتك من قبل أنني سأقابل الإمبراطور وأُنهي المسألة”
عادت إلى ذهنها صورته وهو يغادر لملاقاة الإمبراطور، فابتسم وقال: “تلك المرأة ستموت بهدوء… في أرضٍ لا شهود فيها”
وحين التقط ارتجافة في ملامحها، أردف بنبرة مطمئنة: “صحيح… اختفاؤها مباشرة بعد مغادرتها القصر قد يثير الشبهات حولي، خصوصًا بعد ما كان بيننا من عداءٍ معلن”
سألته بتوجّس: “وما الذي تنوي فعله؟”
ابتسم بثقة وقال: “نفترض أنني باشرت البحث عنها بكل جدّية؟”
ردّت بعد لحظة تفكير: “حتى لو فعلت…
سيظن البعض أنك تتظاهر لتُبعد التهمة عنك”
ضحك بخفة، ثم قال: “لكن… إن عُثر على أغراضها لاحقًا، وأظهرت التحقيقات أنها قُتلت على يد لصوصٍ مجهولين؟”
تردّدت، ثم تمتمت: “ربما تبقى الشكوك… ولكن…”
قاطعها برفق: “لقد منحتها تعويضًا رسميًا، وبحثت عنها بنفسي، وكنت السبب في كشف مصيرها.
حتى لو ارتاب البعض، لن يجرؤ أحد على التفوّه بشيء”
فهمت قصده، وهزّت رأسها بصمتٍ مطيع.
ثم همست بتردد: “لكن… ألا ترى أنك تجاوزت الحد؟”
ارتسمت على شفتيه ابتسامة ساخرة وقال: “تجاوزت؟”
ثم رقّ مظهره، وهمس وهو يقرص خدها بلطف: “لقد اتفقت مع الإمبراطور على كل شيء.
لن يخرج شيء إلى العلن”
صمتت برهة، فتابع بنبرة أكثر حزمًا: “أتظنين أن أولئك الذين أرسلتهم إليها سيمنحونها فرصةً للنجاة؟ حتى إن أفلتت، فلن تغادر بيتْرول أبدًا.
ستموت هناك، مهما حدث”
عندها فقط، لاح الطمأنينة في ملامح إيلوديا النائمة.
راقب وجهها المستكين، وهمس في سره: نعم، حتى لو كان لها معين، فلن يبلغها هنا.
لم يكن بوسعه التحرّك في الماضي بسبب ألاعيب ليريبيل، لكنه لم يكن عاجزًا كما ظنّت.
راح يتأمّل وهوى في تفكيرٍ عميق: كيف تورّطت تلك المرأة في صِلاتٍ بمنظمة من العالم السفلي؟
تذكّر مساعيه السابقة للتواصل مع منظمة قديمة كان يعرفها، ليتخلّص من ليريبيل دون أن يرتبط اسمه بالأمر.
لكنه قوبل بالرفض، مهما بلغ ما عرض من ذهب.
وفي واقعةٍ أسبق، حين اختفى البارون دينيس فجأة، بعث بأحد رجاله للتسلّل إلى غرفة ليريبيل.
لم يصدق أن دينيس، الذي كان يطيعه طاعة عمياء، فشل في قتل فتاة وهرب.
راوده الظن بأنها استعانت بحارس شخصي.
لكنّ المبعوث الذي أرسله… لم يعد هو الآخر.
إن كانت ليريبيل قد خلّصت نفسها من دينيس بمعونة ذلك الحارس…
فمن يكون هذا الحارس الغامض؟ وكيف لم يُكشف أمره حتى الآن؟ لا بد أن هناك من يتولّى حمايتها في الخفاء.
فكان القرار: إرسالها إلى بيتْرول عبر بوابة النقل، ليقطع كل صلةٍ بمن يحيطها بالحماية.
“أجل، هذه نهايتها” قالها وهو يمرّر أصابعه في خصلات شعر إيلوديا النائمة.
—
“…!”
أول ما فعلته بعد أن استعدت وعيي إثر نوبةٍ من الغضب انفجرت بها في الهواء، كان تمزيق الرسالة الإمبراطورية إلى أشلاء وأنا أصرخ:
“فلتذهبوا جميعًا إلى الجحيم!”
لا يمكن تغيير اسم إقليم إلا بأمرٍ صادر عن الإمبراطور نفسه.
إذًا… كان يعلم.
بل ويُبارك ما فعل إيردان!
“وما بعد؟ أرسلتموني للموت وتنتظرون مني الشكر؟”
ضحكت بسخرية مرتجفة.
“تهنئة؟ على موتي؟ أهذا ما تظنونه بي؟”
طويت الأوراق الممزقة تحت قدميّ، وأنا أعضّ على أسناني بقهر.
لا شك أن الإمبراطور ادّعى الوقوف إلى جانبي فقط ليكسب ثقتي، ويشوّش على مشاعري.
وكما هي العادة في هذه الرواية… لا إمبراطور يستحق الاحترام.
“ما أول شيء يجب أن أفعله الآن؟”
خرجت من السرداب حيث بوابة النقل، وصعدت إلى الطابق العلوي.
المكان ساكن، خالٍ تمامًا، وقصر غريب يعلو في أرض مقفرة تمتد بلا نهاية.
“الطعام… عليّ أن أؤمّن الطعام والماء أولًا”
فتّشت المطبخ، ثم عدت إلى الأريكة وأنا أحمل حقيبتي.
“المؤونة تكفيني لأسبوعين، والماء متوفّر… الآن، عليّ أن أتخذ القرار”
همست لنفسي وأنا أحدّق في السقف: “الخيار الأول: أن أبقى هنا، في انتظار معجزة قد لا تأتي.
الخيار الثاني: أن أهرب، قبل أن يطالني الخطر”
لكن… من سيأتي لإنقاذي أصلًا؟
الوحيدون الذين يعلمون بوجودي هنا هم: إيردان، إيلوديا، والإمبراطور.
وهؤلاء…
هم من رموني في هذا المنفى من البداية.
وإن كانت كلمات إيلوديا صحيحة، فالأرجح أنني سألقى حتفي على يد قطاع الطرق قبل أن تصلني يد نجاة.
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 31"
السحلية و الخاين الي معها عايشين دور الضحايا بزيادة 😒
مستعدين يغلطون كل الناس الا أنفسهم و يبررون لخيانتهم باسم ” الحب” 🤮