بل لا، ربّما تستطيع سرقة طفلٍ لِي في توقيت الولادة تمامًا.
لو كانت هي فقط.
لو وُجِدَ مُساعِدٌ فحسب!
“كُفِّي عن الهُراء، وابقَيْ هادئةً في مكانكِ. لقد حذَّرتُكِ.”
لكن رونا تجاهلت كلام إيلوديا تمامًا، ونهضت من مكانها.
اتّسعت عينا إيلوديا فجأة، ثم بدأت تصرخ بأعلى صوتها.
“حتى هذا لا تستطيعين فعله؟ الأمر ليس صعبًا أصلًا! ألهذه الدرجة أنتِ قاسية؟ ألا ترين أنني مسجونة ومسكينة؟ هل تعلمين كم سأتألّم إنْ غادرتِ هكذا؟ ماذا لو متُّ؟ ماذا ستفعلين حينها؟ إيّاكِ أنْ ترتكبي ما ستندمين عليه!”
تجمّدت رونا في مكانها من الذهول.
هل هذه المرأة بكامل قواها العقلية الآن؟
“إذًا أعطيني بعض المال على الأقل! اذهبي وتحدّثي مع ليريبيل، واطلبي منها مالًا!”
ومن دون أن تشعر بحال رونا، راحت إيلوديا تُحرِّك فمها بلا حياء.
كانت تُفكِّر، إنْ لم تستطع مقابلة السيدة ماكونري، فستُراشي الخادمات بالمال.
“تلك المرأة غنية، أليس كذلك؟ قولي لها أنْ تعطي الفقيرة المسكينة بعض الفتات. الأمر ليس صعبًا!”
“أقسمُ بالله…!”
لم تُخرج رونا كلّ الأسئلة والاتهامات التي تدور في فمها.
فهي تعرف جيّدًا أنَّ الحديث مع إيلوديا لا طائل منه.
ما فعلته رونا كان بسيطًا.
رفعت يدها وتظاهرت بأنّها ستصفعها.
“……!”
فانكمشت إيلوديا فورًا، كما تنكمش الحلزونة عند لمسها.
“سواءً متِّ أم عشتِ، ما شأني أنا؟ جرّبي أنْ تُواصلي الثرثرة، وسأقطع لسانكِ!”
غطّت إيلوديا فمها بيدها انعكاسيًّا.
“سأقتلعُه فعلًا وأُسكتكِ إلى الأبد. مفهوم؟”
هزّت إيلوديا رأسها بخفّة وهي شاحبة الوجه، ويدها ما تزال تغطّي فمها.
“أيّ هراء هذا؟ أنتِ بالذات، التزمي الصمت قبل أنْ أذهب إلى إردان وأخبره بكلّ شيء، وبأنّ حملكِ كذبة. مفهوم؟”
هزّت رأسها مجدّدًا.
“وإنْ سمعتُ مرّةً أخرى أنّكِ تُضايقين الخادمات، سأرميكِ في قدر الحساء.”
هزّت رأسها مرارًا.
حين رأت رونا طاعتها المفرطة، أنزلت يدها أخيرًا.
لو كانت بريسيلا مكانها، لكانت فعلًا قد أدخلت أصابعها في فم إيلوديا وهدّدتها بانتزاع لسانها، أو جاءت بخنجرٍ وأحدثت فوضى.
وبهذا، استدارت رونا وخرجت بعنف.
وبعد لحظات، سُمِعَ صوتُ إقفال القفل من خلف الباب المغلق.
“ما هذا…؟”
هل غادرت فعلًا؟
من دون أنْ تُساعِدني؟
جلست إيلوديا على الأريكة بتثاقل، وبدأت تنزع أوراق السَلَطة العالقة بوجهها.
التعليقات لهذا الفصل " 165"