“فما الذي ستجنيه هي من وراء كلّ هذا؟”
إن أثارت ضجّةً عظيمة ثم فشلت في انتزاع منصب السيّدة، فلن تنتظرها سوى السخرية والازدراء في مجتمع النبلاء.
وفوق ذلك، فإنها لا تفعل سوى منح إردان وقتًا ليُحصّن نفسه ويستعدّ.
“مهما كانت نيّتها… فهذا يُعدّ فرصة.”
“فرصة؟ كيف ذلك؟”
“لا يُمكننا أن نظلّ نخدم السيّد إردان بوصفه ربّ العائلة.”
لم يكن في الغرفة شخصٌ واحد ينظر إلى إردان نظرةً طيّبة.
الجميع كان ينتظر الفرصة المناسبة لانتزاعه من منصبه كماركيز.
فإردان كان سيّدًا رديئًا إلى حدٍّ يثير الشفقة.
حين اختفى إردان وتولّت ليريبيل منصب الوكيلة عنه، لم يُبادر أحد للبحث عنه بجدّية.
لذا لم يرغب أحد من الحاضرين في تضييع فرصة إسقاطه الآن، تلك التي منحتهم إياها ليريبيل.
فالفرصة لانتزاع ربّ العائلة بشكلٍ شرعيّ لا تأتي بسهولة، سواء كانت احتمالات النجاح كبيرة… أم ضئيلة.
“أتقصدون أن نتقبّل ليريبيل بوصفها سيّدة العائلة الجديدة؟”
“لا، هذا غير وارد.
صحيح أنها ستكون ربّة دار ممتازة، لكن لا علاقة لها بعائلة فيدِليو من الأساس.”
“كما أنّ نبلاء العائلات الأخرى سيسخرون منّا.
وفوق ذلك… لا يمكننا الوثوق بشخص تقف الإمبراطورية خلفه.”
“إذن ما الذي تقترحه؟”
“علينا أن نختار ماركيزًا جديدًا.
ندعم دعوى ليريبيل، فإذا أسقطت ربّ العائلة الحالي… نُعيّن من نراه مناسبًا.
ومهما طعنوا في شرعيتنا، فلن يستطيع الإمبراطور تجاهل كلامنا.”
“سيكون صراعًا طويلًا وشاقًّا إذن.”
كانوا يقولون أمام إردان إنهم لا يمانعون أن تصبح ليريبيل ماركيزة،
لكن الحقيقة… أنّ أحدًا لم يكن مستعدًا لقبولها حقًّا.
ليس لأنهم جشعون أو أنانيون.
ولا لأنهم يحملون ضغينة تجاهها.
بل لأن تسليم ربوبية العائلة لشخصٍ لا ينتمي للعائلة أصلًا… أمر لا يحتاج أصلًا إلى نقاش.
“إذن، من الأنسب ليكون الماركيز القادم؟”
“ابنة السيّد كيريّان، عمّ السيّد سيلفانوس…
أكان اسمها ليديا؟
زوجة كونت بيرتشيل.
ماذا عن أحد أطفالها؟ سمعت أنّ لها ثلاثة.”
“أبناء امرأة تزوّجت خارج العائلة؟ هذا سيّئ.
سينالهم نفوذ عائلة والدهم بلا شك.”
“وقد تتدخّل تلك العائلة بالكامل طمعًا في نصيب.”
“وماذا عن أحفاد السيّد آنسان؟”
“جميعهم مُصابون باللعنة.
لا يستطيعون التعلّم، فكيف نرشّحهم لمنصب ماركيز؟”
بدأ الأقرباء والتابعون الجالسون حول المائدة يناقشون بحماسة أسماء الورثة المحتملين دون تردّد.
وكانت دعوى ليريبيل الصاخبة قد منحت إردان وقتًا ليحصّن نفسه…
كما منحت هؤلاء وقتًا ليتجادلوا ويستعدّوا لاختيار ماركيزٍ جديد.
“الأفضل أن نرشّح طفلًا صغيرًا.”
“ولماذا؟”
“لإسكات فم ليريبيل.”
“وما علاقة هذا بذلك؟”
“حين نُسقط ربّ العائلة الحالي بدعواها، ونضع مكانه من نريد نحن… سنضطرّ لمواجهتها هي أيضًا.”
“هذا صحيح…”
“لكن إن جعلنا ليريبيل وصيّةً على الماركيز القاصر… فربما تقبل الأمر.”
“أوه… هذا حلٌّ ممتاز.
بل ربما ينبغي منذ البداية أن نعرض عليها ذلك.
فهي تحتاج دعمنا للإطاحة بإردان.”
“صحيح!
وليريبيل ليست راغبة في أن تصبح ماركيزة حقيقية، على أيّ حال.
الأمر كلّه انتقام… لذا ستقبل.”
كان من الشائع أن يكون للوريث القاصر وصيٌّ من خارج العائلة.
وأحيانًا يكون الإمبراطور نفسه وصيًا.
أمّا ليريبيل… فكانت قد فقدت أهلية ذلك بعد طلاقها، فهي بارونة بلا أرضٍ ولا سلطة.
لكنّ تولّيها حكم إقليم تيرواسين غيّر كل شيء.
فمالك هذا الإقليم الواسع يصلح وصيًا أكثر من كافٍ.
“همم…”
ومع ذلك، لم يُبدِ جميع الحاضرين رضاهم.
فبعضهم كان ينظر بلا اهتمام، والبعض الآخر تُضيء عيناه وهو يحسب المكاسب التي قد يجنيها من هذه الفوضى.
—
في تلك الأثناء، كان إردان—الذي لا يعلم شيئًا عمّا يُخطّط له داخل قاعة الاجتماع—يتوجّه إلى غرفة الملابس لحسم أمره مع ليريبيل.
كان يريد إخافة المرأة التي أغضبت مزاجه حتى تتراجع عن الدعوى.
دخل الغرفة، وجال بنظره على ملابسه.
“……؟”
لكنّ الغرفة بدت… خالية على نحوٍ غير مألوف.
كان إردان لا يذكر وجوه الناس ولا أسماءهم،
لكنّه كان يحفظ ممتلكاته عن ظهر قلب.
ورغم أنه لا يتذكّر كل قطعة، إلا أنه يعرف يقينًا أن غرفة كانت تغصّ بالملابس الفاخرة…
لا يمكن أن تكون بهذا الفراغ الآن.
“غيلبرت!”
قطّب جبينه وجأر بصوت غاضب.
“المعذرة… السيّد غيلبرت استقال.”
قال الخادم الجديد متلعثمًا.
يشير إردان بذقنه إلى الخزائن:
“هذا.”
لم يكن ينادي غيلبرت لذاته، بل لأن اسمه كان الأوّل الذي يعلَق في فمه عند الغضب.
أمّا الذي يشرح له ما حدث… فلا يهمّ من يكون.
“نعم…؟”
“أين ذهبت جميع الملابس؟”
اهتزّت نظرات الخادم.
“عن أيّ ملابس تتحدثون…؟”
“الملابس التي كان يجب أن تملأ المكان كلّه!!”
ارتجف الخادم وهو يحاول إيجاد جواب.
“ل… لا أعلم.
ع… عندما وصلت كانت الغرفة… هكذا.”
“ماذا؟!”
ازداد وجه إردان تشوّهًا.
هل يراه هذا الوغدُ فقيرًا يعيش في غرفة ملابس خالية؟
هو؟!
رفع إردان يده ليضرب الخادم—
عندما…
“لا يجوز توظيف غيلبرت.”
تردّد فجأة صوتُ كبير الخدم السابق.
ذلك العجوز الذي خدم في القصر طويلًا، والذي لم ينتبه إردان لاختفائه إلا بعد أشهر.
“لقد كان يسرق ممتلكات السيّد إردان وممتلكات العائلة شيئًا فشيئًا أثناء غيابك.”
السبب الذي جعل إردان يتجاهل كلامه حينها—
“من قال هذا؟ هل رآه بنفسه؟”
“لا، السيّدة ليريبيل هي التي اكتشفت الأمر وطردته.”
كان ذلك لأن ليريبيل هي التي كشفت خيانة غيلبرت.
لكن إردان… لم يكن يصدقها في ذلك الوقت.
كان يظن أنها هي السارقة.
“إنها تتّهمني ظلمًا يا سيّد إردان!
أرادت إقصائي لأنني أقرب الناس إليك!”
فصدّق إردان ادّعاء غيلبرت… بدلًا من الحقيقة.
والآن، هذا الفراغ في غرفة الملابس—
هل هو دليل آخر على أنّ ليريبيل كانت على حق؟
“صندوق المجوهرات.”
“ع… عفوًا؟!”
زمجر إردان، فاندفع الخادم مسرعًا.
وُضعت صناديق المجوهرات على الطاولة.
“اللعنة…”
حتى بالنظر السريع، كان واضحًا أنّ الأعداد تغيّرت—
وليس زيادةً… بل نقصًا فاضحًا.
“افتح!”
فتح الخادم الصناديق واحدًا تلو الآخر.
“هذا…”
كانت دبابيس وربطات وربما خواتم وأحجار ثمينة…
وكلها… ناقصة.
“ذلك اللعين!!!”
تفجّر غيظ إردان، فانتزع سيفه وبدأ يضرب بعشوائية بين الملابس المتبقّية.
“س… سيّدي الماركيز!”
صرخ الخادم مذهولًا،
فاستدار إليه إردان…
وعيناه البنفسجيتان تقدحان غضبًا.
التعليقات لهذا الفصل " 131"