[أعتذر عن الخطأ الذي ورد في تسمية المقاطعة في الفصول السابقة، ولكن سيتم اعتماد اسمها من الآن فصاعدًا باسم ‘بيترول’، وليس ‘بيتريل’ أو ‘بيتروول’].
────────୨♡ৎ────────
بسبب سعيه لتيسير الأمور، دبّر كاسروسـيان لقاءً بين ليريبيل والبارون دينيس، فكان ذلك سببًا في أول خطرٍ واجهته.
وبالعلّة نفسها، أرسلها إلى مقاطعة بيتـرول دون أن يقدّم أي تفسير، فتعرضت لخطرٍ ثانٍ.
تلك الأحداث كانت تُثقِل قلب ليريبيل وتُعذّبها.
“قالت إنّها بخير.”
“ابتسمت أمامي، فظننتُها بخيرٍ حقًّا.”
لكنّه لم يُدرك أنّ قدميها، اللتين واصلت بهما المسير بكلّ عناد، قد تجرحتا داخل حذائها.
“السحر لا يمنح شفاءً تامًّا.
إنّه فقط يطمس الذكريات مؤقتًا، غير أنّ الذكريات المؤلمة أقوى من السعيدة.
فحين تسترجعها مرارًا وتعيد التفكير بها، تغدو أكثر رسوخًا، وتبدأ من جديد في تمزيقها من الداخل.”
سواء لأنّ مقصده من الزيارة قد انتهى، أو لأنّه فرغ من تناول الشاي، نهض لويس من مجلسه وكأنّ مهمّته قد اكتملت.
“قلتُ ذلك لأنّ الأمر يخصّك أكثر منّي، يا جلالة الإمبراطور.”
وبينما كان يتّجه إلى الباب، توقّف فجأة، ثمّ التفت إلى كاسروسـيان بوجهٍ بدا عليه شيء من التردّد والكدر.
“لا أعلم ما الذي يربكك ويجعلُك متردّدًا،
لكنْ لا تنتظر طويلًا. إن تركتَ الأمور تتهاوى، فلن تقدر على إصلاحها لاحقًا.”
حين لمح كاسروسـيان ذلك القلق في وجهه، أدرك أنّه لم يقل ذلك لأجله، بل لأنّه خشي على ليريبيل.
ترك لويس تلك الكلمات وغادر.
“…….”
بقي كاسروسـيان وحيدًا، قبض على قلم الريشة.
لكن لم تمضِ خمس دقائق حتى ألقاه بعصبية.
نظر إلى القلم وهو يتدحرج على الأرض، ثمّ مرّر يده على وجهه بتعب.
“هاه…”
بعد أن اطّلع على ماضي ليريبيل، لم يعد قادرًا على النظر إليها كما كان يفعل من قبل.
فالفتاة التي عرفها وأحبّها لم تكن هي ذاتها التي عاشَت تلك الذكريات المظلمة.
ومع ذلك، لعلّ ما مرّت به من ماضٍ قاسٍ هو ما صاغها على ما هي عليه الآن.
وكما يتبدّل الناس بأسبابٍ بسيطة، ربّما تغيّرت ليريبيل أيضًا وأصبحت مختلفة.
لكن، رغم أنّه أحبّها كما هي، بقي في داخله نفورٌ من ماضيها لم يستطع التخلص منه.
بل تسرّب إليه شكٌّ بأنّها قد تُخفي شيئًا عنه، فشعر بالخذلان دون سببٍ واضح.
كان يرغب في أن يبوح لها بما يشعر، أن يسألها بصدق، لكنّه لم يستطع.
فهي قد أجابت سلفًا:
“ليس لديّ ذكريات من الماضي.”
“أجل، كنتُ سأقول ذلك.
لكنّني أخبرتك لأنّك الإمبراطور فقط.”
ورغم أنّها أوضحت الأمر صراحة، ظلّ كاسروسـيان غارقًا في الشكوك والاضطراب، يعجز عن تصديقها.
فكيف له أن يُفضي بهذه المشاعر الواهية إلى من وثقت به وباحت له بكلّ شيء بصدق؟
“اللعنة…”
ضغط على رأسه بأصابعه.
كان يريد أن يصدقها ويؤمن بها.
أن يثق بها كما وثقت به، من غير أدنى شكّ أو تردّد.
لهذا كان بحاجة إلى الوقت.
وقتٍ ليصفّي ما في نفسه من حيرةٍ وريبةٍ ومرارةٍ دون أن يُظهرها لها.
حتى ذلك الحين، لم يكن قادرًا على مواجهتها.
خشية أن تنفلت منه كلماته أو مشاعره فيؤذيها من جديد.
ولم يُرِد أن يُوجِعها مرّة أخرى.
“…….”
أبعد يده عن جبينه، والتقط قلمًا آخر وراح يتفحّص الأوراق من جديد.
لكنّه ما لبث أن أدرك أنّه سيُجبَر قريبًا على لقائها مجددًا، شاء أم أبى.
—
“…….”
في قصر الماركيز فيديليو، وقف نيك، كبير الخدم الجديد، يحدّق بثلاثة أشخاصٍ أمامه بملامح مذهولة لا تليق بمقامه.
“…….”
تأمّل وجوههم، ثمّ نظر إلى الأوراق التي بيده.
“تشاتشا، بوب، تشارلي… غريب، أسماؤكم تبدو مألوفة أكثر من اللازم.”
زفر نيك تنهيدة وألقى الأوراق على الطاولة.
“أظنّ أن من الأفضل أن تُبرّروا ذلك، روزينا، فينسنت، ووارن.”
بعد أن طرد إردان خدمه السابقين، أمر نيك بتعيين مختصّين في إدارة المقاطعة.
ولم يكد يعلن عن الوظائف يومًا واحدًا حتى تلقّى ثلاث طلباتٍ جديدة، وكأنّ أصحابها كانوا بانتظار الفرصة.
وكان يعلم أنّ إردان لا يطيق التأخير، ولأنّ سيرهم الوظيفية بدت رائعة، استدعاهم على الفور.
غير أنّه اكتشف لاحقًا أنّ بعض البيانات كانت مزوّرة.
فأسماؤهم الحقيقية هي روزينا، فينسنت، ووإيرن، أي مساعدو ليريبيل السابقون.
ابتسمت روزينا وقالت بخفة:
“ظننّا أنّه لو كتبنا أسماءنا الحقيقية فلن ينظر أحد في طلباتنا.”
ثم تابعت:
“بصراحة، من يعرف هذه المقاطعة مثلنا؟ سوى ليريبيل بالطبع.”
أضاف فينسنت ووإيرن:
“لا تشكّ فينا، رجاءً. لقد اعتدنا العمل هنا، لذا أردنا العودة فحسب.”
سألهم نيك متعجبًا:
“ألم تبحثوا عن عملٍ آخر في هذه المدة؟ فأنتم تملكون الكفاءة الكافية لذلك.”
ضحكت روزينا بسخرية وقالت:
“يبدو أنّ العالم مكانٌ سهلٌ بالنسبة إليك يا سيد نيك.”
“ماذا تعنين؟”
رفعت كتفيها وقالت:
“عادةً، يدير النبلاء أراضيهم بأنفسهم أو يوكِلونها لأقاربهم أو خدمهم. نادرًا ما يُسلّمونها لغرباء من عائلاتٍ أخرى.”
قال فينسنت:
“وإن سلّموها، فغالبًا لأعمالٍ تافهةٍ لا يهمّ إن تسربت أسرارها.”
وأضاف وإيرن بابتسامةٍ جانبية:
“كنا نعمل بشروطٍ ممتازة وراتبٍ كبير مع السيدة ليريبيل. فهل تظنّ أنّ الأعمال الحقيرة كانت ستُرضينا؟ انتظرنا حتى نجد فرصة تليق بنا، وما إن رأينا إعلانكم حتى أسرعنا.”
وجد نيك في كلامهم منطقًا، فحكّ جبينه مترددًا.
“لكن ألا ترون أنكم تقدمتم بسرعةٍ لافتة؟ وكأنكم توقعتم الأمر مسبقًا.”
ضحك وإيرن بخفّة:
“في الحقيقة، كنّا شبه متأكدين.”
“مم؟”
“كنا نعلم بالفوضى التي تعيشها المقاطعة بعد رحيل ليريبيل. قلنا لأنفسنا: لن يطول الأمر حتى يُطرَد الخدم الحاليون، فانتظرنا اللحظة المناسبة.”
هزّ نيك رأسه متفهمًا.
“هذا يبدو منطقيًا فعلًا.”
“لكنّ اللورد إردان لن يعيّنكم أبدًا، أليس كذلك؟”
فإردان هو من طرد ليريبيل ومساعديها بنفسه.
كيف له أن يُعيد توظيفهم؟
ابتسم فينسنت بثقة وقال:
“ولماذا عليه هو؟ يمكنك أنت فعل ذلك.”
تجمّد نيك للحظة، ثم أومأ.
إن كان في ذلك مصلحة للمقاطعة، فلا ضير.
قادهم معه إلى إردان.
وما إن قرأ الأخير أوراقهم حتى قال بلا تردّد:
“وظّفهم.”
حدّق نيك فيه بدهشة.
‘ألم يتعرف عليهم؟’
بدأ يشكّ في ذاكرة إردان أو بصره.
“سيدي…”
فتح فمه ليشرح له الحقيقة، خوفًا من غضبه لاحقًا،
لكنّه حين رأى نظرة الضيق في عينيه، ابتلع كلماته.
إردان الذي لا يتردد في صفعه عند أيّ خطأ لم يكن شخصًا يجازف أمامه بالصدق.
“ولِمَ أقول الحقيقة؟” فكّر.
“سواء قلتها الآن أو لاحقًا، النتيجة واحدة.”
طالما أن النتيجة متشابهة، فالأفضل أن يتركهم يعملون ويُصلحوا أحوال المقاطعة قبل أن يُكشف أمرهم.
وبذلك، أخفى نيك الحقيقة، وعاد روزينا وفينسنت ووإيرن إلى مكاتبهم القديمة التي تركوها قبل أشهر قليلة.
قال فينسنت وهو يمسح الغبار عن سطح مكتبه:
“تُرى، كم من الوقت سيستغرق الأمر قبل أن يُكشف سرّنا؟”
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
عالم الأنمي
عـام
منتدى يجمع عشاق الأنمي من كل مكان!
شاركنا انطباعاتك، ناقش الحلقات والمواسم الجديدة، تابع آخر الأخبار، وشارك اقتراحاتك لأفضل الأنميات التي تستحق المشاهدة.
سواء كنت من محبي الشونين، الرومانسية فهذا القسم هو موطنك!
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 115"