وحتى بعد أعوام عشتها في هذا العالم، ظللت غريبة عنه، لم يعتد عليه قلبي يومًا.
كيف لي أن أواجه إردان، ذلك النبيل المرموق، وأظفر عليه؟ لم أكن أملك الجرأة ولا الثقة التي تمكنني من رد يد العون التي امتدت نحوي.
وفي اللحظة التي كنت فيها على وشك أن أعلن قبولي…
“الانتقام ممتع.”
“إنه عارم، آسر، مثير، ويغمر النفس بلذة عميقة.”
“وفوق كل ذلك، طعمه حلو.”
ترددت كلمات كاميلا في ذهني فجأة، تلك المرأة التي تذوقت طعم الانتقام وخرجت منه منتصرة.
وحدها، وقد حققت غايتها، استطاعت أن تصفه بذلك الطعم الحلو.
ترى، لو تركت أمر الانتقام لكاسروسيان وحققناه معًا، هل سأسكن ذات المشاعر التي سكنت قلبها؟
حين أرى إردان ينحني عند قدمي، متوسلًا الرحمة رغم أنه لم يقترف ذنبًا في حقي، أو حين أرى جثمانه —
الذي لم أكن أنا من أرداه قتيلاً —
وعندما أمزق ذلك الجسد إربًا…
هل سأحظى بالسكينة فعلًا؟
كلا…
حينها فقط أدركت أن الانتقام لا يشبه مجرد التنفيس عن الغضب.
إنه كرحلة حج روحية صوب الخلاص الأسمى.
نعم، لا يبلغ المرء شاطئ الراحة المنشودة إلا عبر رحلة كهذه.
رؤية جثة عدوك تطفو فوق صفحة النهر قد تمنحك بعض السلوى، لكن كي تذوق اللذة الحقيقية، عليك أن تكون أنت من يسدد الضربة الأخيرة، أنت من يلقي بالجثة إلى الماء.
وحينها…
“لكن عليك أن تعرف متى تتوقف.
إن سكرت بلذة الانتقام وتجاوزت الحد…”
“لن تجد أمامك إلا الندم.
ستتلاشى الحلاوة، ولا يتبقى لك سوى مرارة لا تطاق.”
لم أرد أن يتلوث كاسروسيان بدماء إردان النتنة القذرة، تلك الدماء التي لا يخلفها الانتقام سوى ندامة.
لأني كنت واثقة أنني لن أتمكن من التوقف في اللحظة المناسبة.
كنت سأغرق عن طيب خاطر في تلك النشوة، وأتجاوز الحد، وأروي جسدي بدماء إردان حتى آخر قطرة.
“أرجوك، ساعدني.”
استجمعت أفكاري، ونظرت إلى عيني كاسروسيان، وقلت بثبات.
ارتسمت ابتسامة عذبة على شفتيه، لكنها ما لبثت أن اختفت حين أكملت حديثي.
“لن أرفض عونك…
لكنني سأمضي في الأمر بنفسي أولًا.”
“…؟”
“وإن أخفقت، عندها فقط سأطلب منك أن تتدخل.”
لمحت الذهول على وجهه، فابتسمت بمكر وقلت: “وقحة، أليس كذلك؟
لكنك وعدت أن تحتمل نزواتي، فدعني أتمادى قليلًا.”
لم أكن مغرورة لأظن أنني قادرة على السيطرة على كل شيء وحدي.
كنت أدرك حدودي جيدًا.
لذا قررت أن أحاول أولًا بنفسي، وإن فشلت، فسألجأ إلى كاسروسيان.
كان ذلك أنانيًا، لكنني كنت واثقة أنه سيقبل أنانيتي.
بعد أن أوصل ليريبيل إلى قصر الإمبراطورة الأرملة، غادر كاسروسيان القصر الإمبراطوري، متجهًا صوب بيت مهترئ عند تخوم العاصمة.
منزل متداعٍ تفوح منه الروائح العفنة، لا يليق بنبيل ولا حتى بعامة الناس.
ومع ذلك، دخله دون تردد.
كان الداخل بائسًا كما هو الخارج.
لا أثاث يذكر، والجدران بالية، مكشوفة العظام الخشبية.
ومع كل خطوة، علا صرير الأرض فتفرقت الجرذان هاربة مذعورة.
توقف أمام كومة وسخة حسبتها الجرذان طعامًا، فإذا برجل ممدد بين القذارة وأوراق الشجر كأنما أُلقي في الأدغال.
“أين عثرت عليه؟”
“في ركن حديقة قصر الفيكونت ماثيو.”
دوّى صوت في المكان، رغم أن أحدًا لم يظهر سوى كاسروسيان والرجل الملقى أرضًا.
“كما ظننت.” تمتم كاسروسيان بازدراء، وركل الرجل بقسوة.
ارتجف الرجل، ثم تحرك وأفاق.
“آه!”
شهق ونهض بارتباك، يتلفت حوله في ذعر.
دون أن يعبأ به، جلس كاسروسيان على كرسي عتيق يليق ببؤس المكان.
“هل أدركت موقفك، يا جاكسن؟”
ظل جاكسن يرمش محاولًا استيعاب الموقف، حتى وضع يديه على بطنه فجأة متلمسًا جرحه، وصرخ:
“النجدة!
أنقذوني!”
وفي تلك اللحظة التقت عيناه بعيني كاسروسيان…
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
عالم الأنمي
عـام
منتدى يجمع عشاق الأنمي من كل مكان!
شاركنا انطباعاتك، ناقش الحلقات والمواسم الجديدة، تابع آخر الأخبار، وشارك اقتراحاتك لأفضل الأنميات التي تستحق المشاهدة.
سواء كنت من محبي الشونين، الرومانسية فهذا القسم هو موطنك!
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 104"