ضرب ألبرتو بأصابعه على الطاولة في حيرة، فاستعادت رابيانا وعيها سريعًا.
مدّت عصاها إلى الأمام لتجد حافة الطاولة ثم جلست على الكرسي.
“م-من الآن فصاعدًا، سأقوم بكل شيء بنفسي.”
“بنفسك؟”
“أستطيع أن أعتني بنفسي.”
أخفت رابيانا يديها المرتجفتين تحت الطاولة. شعرت وكأنها مكشوفة، وكأن كل جزء قبيح وضعيف في داخلها قد كُشف أمامه. احمرّ وجهها بحرارة. لو استطاعت، لهربت فورًا.
“إن كان هذا مجرد نوبة غضب، فابحثي عن شخص آخر.”
كلماته الباردة أصابت الهدف مباشرة. لم تكن قادرة على النجاة ليوم واحد دون مساعدة أحد. الحقيقة الصارخة جعلت عينيها تحترقان.
لكنه لم يتوقف عند هذا الحد.
“أنا أتحمّل جزءًا من المسؤولية.”
“…..”
“لذا، على الأقل، طالما أنك تعيشين في ممتلكاتي، فعليك أن تتصرفي كزوجتي—بمعنى آخر، كسيدة منزل روين. أنا من أحضرتك إلى هنا، لذا من واجبي أن أعلّمك كيف تتصرفين بالشكل المناسب.”
صدر صوت احتكاك الكرسي بالأرض. قبل أن تدرك، كان ألبرتو قد اقترب منها ومدّ يده. ارتجفت رابيانا غريزيًا. توقفت يده في الهواء.
“هل تكرهين أن يلمسك أحد؟”
“…ليس كذلك.”
“إذًا ما الأمر؟”
“…”
“لن أعرف إن لم تخبريني.”
تنفّست رابيانا بعمق. إخراج جزء من نفسها لم تبح به لأحد من قبل… كان صعبًا.
بللت شفتيها، فتحت فمها، ثم أغلقته مجددًا مترددة. لم يضغط عليها ألبرتو، بل انتظر بصبر.
أخيرًا، بصوت مرتجف، أطلقت كلماتها:
“أنا خائفة.”
“…”
“لا أكاد أُميّز إن اقترب مني أحد. وعندما يمسكني شخص فجأة… أشعر بالرعب.”
سحب ألبرتو يده. لم يكن قادرًا على فهم مشاعرها بالكامل. حتى محاولته للفهم قد تكون نوعًا من الغرور—وفي النهاية، بلا معنى. لكنه، على الأقل، أدرك الآن سبب ردة فعلها بالعصا.
بالطبع، الفهم لا يغير شيئًا.
فرغم السبب، يبقى ما فعلته رابيانا تصرفًا غير ناضج كسيدة دوقية.
كان يعلم ذلك. وقد قرر أن يتجاهله حتى تُنجب طفلًا، لكن ما رآه أمام عينيه لم يسمح له بذلك.
“من الآن فصاعدًا، سأطلب الإذن قبل أن ألمسك.”
“…”
“ويجب عليكِ قول ذلك للآخرين أيضًا—لا لي فقط. عليكِ أن تعبّري عن ذلك للآخرين. سيكون الأمر أسهل عليكِ بهذه الطريقة.”
بدت نبرته أكثر لطفًا قليلًا، فاسترخَت رابيانا.
وبدلاً من الإمساك بها مجددًا، نقر ألبرتو على الطاولة بإصبعه، كما لو كان يُرشدها إلى مكان الشوكة.
تبعت الصوت، التقطت الشوكة، ثم أعادت يدها إلى جانبها.
“كلي.”
عند أمره الجاف والحازم، أمالت رابيانا رأسها في حيرة. كانت متأكدة أنها سمعته يقول إنه لا يتناول الإفطار.
“أتيت لتأكل؟”
“لا. أتيت لأراقب.”
“لِمَ…؟”
“أنا أُعير المظاهر أهمية كبيرة. حتى عندما يُولد طفلي، لا أريد أن تنتشر شائعات مشينة عن علاقتنا.”
كلماته الباردة المحسوبة أصابتها بألم داخلي. لم تكن قادرة على تحديد إن كان ألبرتو، الذي يفكر بمشاعر طفل لم يولد بعد لكنه يتجاهل مشاعرها، يجب أن يُعتبر حساسًا… أم عديم الإحساس.
فور ولادة الطفل، على الأغلب، سيتم طردها من هذا القصر.
رغم أنه يسميها حرية، إلا أنها كانت نفيًا في الحقيقة.
كانت قد قررت مسبقًا أن تموت حين يأتي ذلك اليوم—لكن الشعور كان لا يزال مريرًا ووحيدًا.
كل ما أرادته هو أن تحيا حياة عادية.
لكن حتى ذلك… بدا وكأنه مطلب مستحيل.
تحطّم!
بينما كانت تمد يدها لتشرب الماء، اصطدمت يدها بالكأس، وسقط على الفور.
جمّدها الصوت الحاد للزجاج المتكسر.
بعد لحظة صمت، تحرك ألبرتو ليطلب حضور أحدهم.
“أ-أنا سأفعل.”
كانت قد تباهت منذ قليل بأنها قادرة على تدبير أمورها بنفسها. وإن لم تستطع حتى التعامل مع هذا، فستُحتقر بعينيه.
نهضت رابيانا بسرعة.
“أستطيع القيام بذلك.”
لم تكن تريد أي جلبة إضافية.
كل ما أرادته هو أن تعيش بهدوء، بلا أنظار، كما كانت في منزل لورانس.
انحنت رابيانا نحو الأرض ومدّت يدها تتحسس الزجاج. وخزتها الشظايا الحادة في عدة أماكن، لكنها واصلت التقاطها.
فجأة، أمسك أحدهم بمعصمها.
كان ألبرتو، واقفًا بجانبها، يلهث بغضب.
“ما الذي تظنين أنكِ تفعلينه؟”
“أسقطتُه، لذا من الطبيعي أن أنظفه…”
“هل يصعب عليكِ طلب المساعدة؟”
“…”
“لماذا تُظهرين نفسك بهذه الصورة؟ هذا الكبرياء السخيف؟ هل لا يزال لديكِ شيء من هذا النوع؟”
كان محقًا. كانت قد سحقت كبرياءها بالكامل يوم زواجها.
لم يعد يحقّ لها امتلاك شيء من هذا.
لكن لم يكن هذا كبرياء.
بل كان نوعًا من التمرد التلقائي لشخص عاش سنوات طويلة كعبء، منطويًا على ذاته، متجنبًا العالم.
“أندم على اختياري لامرأة مثلك.”
كلماته الباردة الحادة اخترقت قلبها بلا رحمة.
“إذا ارتكبتِ خطأ، اعترفي به. وإذا احتجتِ للمساعدة، فاطلبيها. أنتِ لستِ مميزة. الجميع يعيش بهذه الطريقة.”
“…”
“أنتِ عنيدة حقًا.”
أعادها ألبرتو بقوة إلى مقعدها، ثم خرج من غرفة الطعام.
دخلت بعدها الخادمات مسرعات، جمعن الزجاج المكسور، ومسحن الدم من جروح يديها.
عنيدة.
ترددت تلك الكلمة في ذهنها كأنها صدى أجوف.
“يا إلهي، سيدتي! هل تأذيتِ بشدة؟”
وفي النهاية، بدأت الدموع التي كانت تحبسها تتساقط بصمت.
—
“ها قد انتهينا~”
قالت جوليا بمرح وهي تُحكم لفّ الضماد حول يد رابيانا.
نبرتها الخفيفة، التي ظنت أن دموع رابيانا بسبب الإصابة فقط، خفّفت قليلاً من ثقل قلبها—لكنها أشعرتها بالذنب أيضًا لما فعلته بعصاها.
بعد أن سكبت جولة من الدموع الثقيلة، بدأت رابيانا ترى خطأها بوضوح أكبر.
أدركت أنها تصرفت كطفلة غير ناضجة.
لقد شعرت وكأنها ما تزال عالقة في عمر العاشرة، العمر الذي وقع فيه الحادث.
كانت تشعر بذلك بشكل غامض من قبل، لكن ألبرتو هو من أشار إليه بدقة.
إصرارها على فعل كل شيء بمفردها في موقف يتطلب المساعدة—لم يكن سوى عناد لا معنى له.
‘إذا ارتكبتِ خطأ، اعترفي به. وإذا احتجتِ للمساعدة، فاطلبيها. أنتِ لستِ مميزة. الجميع يعيش بهذه الطريقة.’
لم تعد في حضن لورانس. لا يمكنها البقاء طفلة إلى الأبد.
“جو…”
“نعم؟”
“أ-أنا آسفة.”
رغم أنها لم تكن ترى، إلا أن رابيانا أمالت رأسها بانخفاض، خائفة من أن تواجه تعبير جوليا.
خرجت الكلمات منها كاعتراف سريع، واشتعل وجهها بحرارة.
لم تستطع حتى تذكّر متى كانت آخر مرة اعتذرت فيها.
خفق قلبها بعنف، متوجسًا من ردة فعل جوليا.
“بف…”
ضحكت جوليا، التي كانت راكعة عند قدميها، ضحكة خفيفة.
هل كانت تسخر منها؟
وبينما بدأت برودة الخوف تتسلل إلى قلب رابيانا، أمسكت جوليا بيدها.
“أنتِ تعتذرين عن ما حصل عندما سقطت، أليس كذلك؟ ولماذا تعتذرين عن شيء كهذا؟ لا بأس، حقًا.”
“…هل أنتِ بخير حقًا؟ لم تتأذي؟”
“بالطبع. تفاجأتُ قليلاً، لكنكِ أيضًا كنتِ مذعورة، لذا أظن أنني لم أكن متفهمة بما يكفي. ومع ذلك، شكرًا لكِ على الاعتذار.”
شعرت رابيانا ببعض الارتياح بفضل جوليا التي تقبلت اعتذارها بسهولة—لكنها لم تستطع أن تتخلص تمامًا من القلق.
ماذا لو كانت جوليا تذمّها خلف ظهرها؟ ماذا لو أن وجهها، رغم ابتسامتها، مشوّه بالغضب؟
“لا تجعلي شيئًا كهذا يُثقل عليكِ. في الماضي، كان الدوق أكثر تحفظًا منكِ، يا سيدتي. كنت لا أزال فتاة عزباء وقتها، وقد أدركت حينها كم هو صعب أن تعتني بشخص واحد فقط.”
وبهذه العبارة غير المتوقعة، ذابت مخاوف رابيانا تدريجيًا.
صوت جوليا ظل بنفس النغمة الخفيفة والمرحة، دون أي أثر للمرارة أو الامتعاض.
“الدوق؟”
مع تلاشي التوتر، بدأت الفضول يتسلل إليها.
ألبرتو، الذي قدّم لها محاضرة قبل قليل، كان في السابق أسوأ؟
نسيم خفيف جعلها تشعر أن جوليا أومأت برأسها.
“أوه، بالتأكيد. لهذا السبب فكرت في ألا أتزوج أبدًا لفترة.”
“لماذا…؟”
كان من الصعب تصديق أن ألبرتو كان متحفظًا بهذا الشكل.
“أوه. ألستِ تعلمين بعد، سيدتي؟ الدوق جاء إلى قصر الدوقية وهو في حوالي العاشرة من عمره. قبل ذلك، كان يعيش خارجًا. لا أعرف التفاصيل كاملة، لكن في ذلك الوقت، كان يشبه تمامًا عُشبًا خرج توا من البرية. تلمسينه فيقول: ‘لا تلمسيني،’ ‘لا تقتربي مني،’ ‘لا تتحدثي إليّ،’ ‘ابتعدي’…”
ألبرتو؟
الرجل نفسه الذي قال لها أن تطلب المساعدة—كان يتصرف كقط مشاكس ينفث في وجه الجميع؟
لم تستطع تصديق ذلك.
“حقًا؟ لم أكن أعلم إطلاقًا.”
الانستغرام: zh_hima14
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
كيم مين ها البالغة من العمر 20 عامًا ، طالبة جامعية عادية. من السخف أن تستيقظ في عالم مختلف تمامًا بعد حادث مفاجئ … ‘لماذا جاءني رجل وسيم للغاية بوجه غاضب ، وأعطاني أوراق الطلاق؟’ “ما الذي تتحدث عنه أيها الرجل الوسيم؟ لم ألتقِ بك من قبل ، ناهيك عن الزواج بك ، لماذا تعطيني...مواصلة القراءة →
كيم مين ها البالغة من العمر 20 عامًا ، طالبة جامعية عادية. من السخف أن تستيقظ في عالم مختلف تمامًا بعد حادث مفاجئ … ‘لماذا...
التعليقات لهذا الفصل " 7"