“ارتفاع الأسعار في الجنوب مشكلة، لكن الشرق ليس أفضل حالًا.”
“الشرق من منطقتي، وأنا على علاقة طيبة مع الحاكم هناك.”
“إذن تولَّ أنت مهمة خفض الأسعار. التالي…”
بدأ ألبرتو بمناقشة تنظيم الأسعار التي كانت تزعزع توازن السوق.
كانت معظم المحاصيل الزراعية القادمة من الجنوب تُزرع في أراضٍ يملكها لورنس كارتر،
أما في منطقتي الشرق والغرب فالوضع كان مختلفًا —
إذ بدأت السلع الأخرى هناك أيضًا تشهد ارتفاعًا حادًا في الأسعار.
قبل سقوط عائلة سيلدن، كانت تضاهي عائلة كارتر في القوة والنفوذ.
لكن في ليلةٍ واحدة فقط، انقلبت الموازين تمامًا.
وأصبح مجرد ذكر اسم “سيلدن” يشيع جوًا من الكآبة.
فقدوا ربّ الأسرة، وتم تبنّي الوريث على يد عائلة كارتر —
لذلك، لم يكن غريبًا أن يصمت الناس عند ذكرهم.
ومع مرور كل عام، كانت أراضي آل كارتر تتسع أكثر فأكثر.
غريب…
شعر ألبرتو أن هناك شيئًا لا ينسجم.
عائلة كارتر ربحت الكثير من مأساة السيلدن،
لكن من الخطأ القول إنهم خرجوا منتصرين بالكامل —
فقد تكفّلوا أيضًا برعاية فتاة عمياء، رابـيانا، لعشر سنوات،
وهذا بلا شك كان عبئًا عليهم.
ورغم ذلك، طرد ألبرتو هذا الشعور المزعج.
ربما كان فقط مفرط الحساسية.
حين انتهوا من الاجتماع، كان الليل قد أرخى سدوله.
جلس طوال الوقت في وضع متصلب، منشغلًا بالنقاش،
ثم أمال رأسه إلى الخلف — طق! صرير حاد خرج من عنقه.
“آه، حان وقت مجيء الشبان.”
قالها ليكس وهو يتمطّى متثائبًا وينظر إلى ساعة المنبّه.
كان يقصد بـ”الشبان” أولئك النبلاء الصاخبين الذين كان يسهر معهم دائمًا.
تقطّب جبين ألبرتو؛ فآخر ما يرغب به هو مخالطة تلك الحثالة المترفة.
✦✦✦
كانت تعلم، بالطبع.
ألبرتو لم يحتضنها بدافع الحب، بل من باب الواجب فقط.
لم يكن في الأمر مشاعر، ومع أنها لم تعرف ما الذي يثير إعجابه من النساء،
كانت أفكارها تتزاحم في رأسها.
أي نوعٍ من النساء يحب؟
إن كان أحيانًا طيبًا حتى مع امرأة مثلها،
فكم سيكون رقيقًا مع امرأة يهبها قلبه فعلًا؟
وبينما كانت غارقة في أفكارها، فُتح الباب.
أغمضت رابـيانا عينيها، متظاهرة بالنوم.
فالشخص الوحيد الذي يدخل غرفتها هو ألبرتو.
“لماذا جاء؟”
من المفترض أن يكون في الأسفل الآن، يحتسي الشراب مع النساء…
اقتربت خطوات ثابتة، ثم توقفت فجأة.
النظرة التي استقرت على وجهها كانت ثقيلة لا تُحتمل،
فارتجفت رموشها دون قصد.
“سيدتي.”
“…”
“أعرف أنك مستيقظة.”
كيف علم بذلك؟
بما أنها كُشفت، لم يعد من جدوى للتمثيل.
فتحت رابـيانا عينيها ببطء.
كان ضوء القمر يُظهر فقط ملامح غامضة،
لكن معرفة أنه ألبرتو جعل الخوف يتراجع قليلًا.
“منذ متى استيقظتِ؟”
صعد ألبرتو إلى السرير.
غاص الفراش تحت ركبتيه،
وشعرت رابـيانا بثقل جسده بوضوح.
لم تقل شيئًا، وظلت صامتة —
حتى أمسك بذقنها.
اقترب منها ببطء،
وارتفع إلى أنفها عبير الخمر، فدار رأسها.
لكن قبل أن يميل أكثر، أمسكت رابـيانا بمعصمه بسرعة.
“لماذا؟”
صوته المنخفض والخشن سألها ببرود.
“أنت… تفوح منك رائحة الكحول.”
“وأنتِ أيضًا.”
لم يكن ذلك هو السبب الحقيقي،
لذلك لاذت بالصمت.
كان قد قضى وقته قبل قليل يشرب ويمرح مع نساءٍ أخريات،
وبمجرد أن عاد إلى غرفة النوم، أتى إليها مباشرة.
لم يكن ذلك شعورًا سارًا —
جعلها تشعر وكأنها مجرد بديلة.
ربما كبح نفسه في الأسفل خوفًا من القيل والقال،
لكنه بعد أن صعد إلى هنا، لم يتردد في الانقضاض عليها.
وكأنها دمية خالية من الروح، وكم كرهت ذلك.
ألبرتو لم يكن منجذبًا إليها.
كانت رابـيانا تدرك ذلك جيدًا.
لكنها لم تفهم تمامًا لماذا يؤلمها هذا الشعور.
فهما زوجان، ومن الطبيعي أن يتبادلا القرب متى أرادا.
لم يكن من حقها أن تتدخل في حياته الخاصة.
“لا يهمّني من تراهم.”
ربما… ربما كان هذا بالضبط ما يريد سماعه.
“أنا…”
تناثر نَفَسه على شفتيها.
“أما زلتِ خائفة مني؟”
كانا يفكران في أمرين مختلفين تمامًا.
كانت رابـيانا غارقة في مشاعرٍ قريبة من الغيرة، وقد نسيت تمامًا كم كانت خائفة منه في الماضي، فظلت شفتاها مطبقتين بصمت.
هل كانت تخافه فعلًا؟
لم تكن تعرف.
حين سمِعته يتحدث إلى بيانكا آنذاك، ارتعبت لدرجة أنها اختبأت داخل خزانة الملابس.
في تلك اللحظة، بدا ألبرتو كأنه ملاك الموت، قاتل ينتزع الأرواح بلا رحمة.
ومع ذلك… كانت تثق به.
على الأقل، بالنسبة لها، كان طيبًا.
ولم يهمّها إن كانت تلك الطيبة حقيقية أم لا.
ما منحه لها كان أثمن من أن تتساءل عن صدقه،
حتى إنها كانت على استعداد لتحمّل بعض الخوف في سبيله.
“… أنا لست خائفة.”
“إذن لماذا؟”
“… لا أريد أن أقول.”
فالتعبير عن السبب بصراحة سيجعلها تبدو تافهة،
وفوق ذلك، سيُعتبر تجاوزًا للحدود.
(إنه أمر مزعج… أن تشرب مع نساء أخريات ثم تأتي لتنام معي.)
لو قالت ذلك، لكان ألبرتو قد سخر منها وقال ببرود:
(هذا هو دوركِ هنا. لا تجادلي، فقط أنجبي طفلي.)
رغم أنه لم يقلها صراحة، إلا أن الكلمات ترددت في ذهنها بوضوح مؤلم.
هزّت رابـيانا رأسها بخفة، محاولة طرد الفكرة.
“هل تشعرين بتوعّك؟”
“لا.”
“هل تريدين نقض الوعد الذي قطعناه؟”
“… لا.”
الصدق الزائد أحيانًا يكون سُمًّا.
ندمت رابـيانا لأنها لم تستخدم عذر المرض لتتجنب الموقف.
دفن ألبرتو أنفه في عنقها، يمرّ عبر شعرها حتى لامس بشرتها البيضاء.
ارتفع صدره وهبط وهو يستنشقها بعمق.
أثارها ذلك بخفة، فقبضت كفيها بارتباك.
“عليكِ أن تتكلمي… كي أفهم.”
بدا ألبرتو مخمورًا.
كان جسده يضغط عليها بقوة غريبة، يقيّد حركتها.
ورائحة الكحول التي تتسلل من أنفاسه كانت كفيلة بإرباك عقلها الواضح.
شدّت رابـيانا أصابع قدميها على شرشف السرير، ثم قالت ببطء:
“إن كنت تريد أن ترى امرأة أخرى… يمكنك ذلك.”
تصلّب جسد ألبرتو في اللحظة ذاتها.
وكان ردّ فعله دليلًا قاطعًا على أنها أصابت الحقيقة،
فشعرت رابـيانا ببرودة تتسلّل إلى صدرها.
“إن كانت هناك امرأة أخرى تودّ أن تضمها بدلًا مني—”
لكنها لم تكمل، لأن شفتي ألبرتو اصطدمتا بشفتيها بعنف.
لسانه اقتحم فمها، مندفعًا بعُمق.
ارتجف جسدها، ولسانها حاول التراجع، لكنّه أمسكه بقسوة، يدفع ويحتكّ به بإصرارٍ مؤلم.
كان القبَل قاسيًا، فوضويًا، لكنه مألوف أكثر مما ينبغي.
لهاثها تلاحق، وبدأ الهواء يضيق في صدرها.
حاولت أن تدفعه بعيدًا، لكن يديه أمسكتا بمعصميها وثبّتتهما على السرير بقوة.
كان ثقل جسده يمنعها من الحركة.
“هممم… آه…”
خرج صوتها بنغمة أنفية خافتة، وحرارة جسدها ارتفعت فجأة.
تراجع لسان ألبرتو ببطء عن فمها.
التقطت رابـيانا أنفاسها بصعوبة، بينما هو عضّ شفتها السفلى بقوة قبل أن يتركها، يتنفس بثقل.
عندما رفع جفنيه نصف رفعه، ظهرت عيناه الخضراوان،
نظرتاه الثابتتان على وجهها، تحملان شيئًا من الغضب المكبوت.
“من هي المرأة الأخرى؟”
“……”
“هل تعرفين كيف تبدين الآن؟”
مرّر إبهامه على عظمة ترقوتها البارزة، فارتجفت حين تسلّقت الحرارة عمودها الفقري.
“أنتِ تتصرفين تمامًا كزوجة غيورة.”
الانستغرام: zh_hima14
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
عالم الأنمي
عـام
منتدى يجمع عشاق الأنمي من كل مكان!
شاركنا انطباعاتك، ناقش الحلقات والمواسم الجديدة، تابع آخر الأخبار، وشارك اقتراحاتك لأفضل الأنميات التي تستحق المشاهدة.
سواء كنت من محبي الشونين، الرومانسية فهذا القسم هو موطنك!
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 35"