حين ظهر الإمبراطور وكأنّه جاء ليقتل أحدًا، ارتعد أهلُ المعبد خوفًا.
لكنّ روشان لم يُعِرْهم أدنى اهتمام، وتقدّم إلى الأمام بثبات.
كانت سرعةُ خُطاه واتّساعُ خطوته أكبرَ ممّا يحتمله الكاهنُ الذي كان يقوده، فاضطرّ إلى الجري شبهَ ركضٍ للحاق به، ثمّ ما لبث أن تخلّف، يلهث حتى كاد ينقطع نَفَسُه.
“أين هي؟”
“ه، هنا… من هذا الجانب، يا صاحبَ الجلالة.”
وأخيرًا بلغ روشان مقصدَه.
ففتح بابَ غرفةٍ قصيّة في المعبد دون أن يطرق، فتراجع الكهنة مذعورين من حدّة اندفاعه.
دَوِيٌّ مكتوم.
انفتح الباب الخشبيّ بعنفٍ كاد يُحطّمه، فانكشف الداخل الملبّد بالغبار.
دخل روشان دون تردّد، وسرعان ما توقّفت خطواتُه عند مُصلّى صغير في عمق الغرفة.
تمثالٌ خشبيّ صغير، في حيّزٍ لا يتّسع إلّا لشخصين.
أنزل روشان رأسه عند رؤيته، فأسفل القاعدة الصغيرة كان جسدُ راهبةٍ عجوزٍ منطرحًا أرضًا.
“… صاحبُ السموّ.
بل يجب أن أناديك الآن جلالةَ الإمبراطور.”
قالت الراهبةُ المُسِنّة، أليسيا، وهي تنهض وتُقوّم جسدها.
نظر روشان إلى شعرها الذي شاب حتّى الرماد، وإلى التجاعيد الغائرة في يديها، ثمّ إلى وجهها الذي لم تَعُد تُخفيه عصابة.
عينان مُغلقتان التحمتا بالجلد، وجسدٌ لم يبقَ فيه غير العظم، فانبثق منها جوٌّ مُرعِب.
تلك الراهبة التي بدت يومًا مُقدّسة، غدت الآن كهيئة ساحرةٍ من حكايات الأطفال.
“ماذا فعلتِ؟”
خاطبها روشان وكأنّه سيستلّ سيفه في اللحظة التالية.
كان في صوته المرتجف قتلٌ صريح.
“بأيّ طريقةٍ أنقذتِها آنذاك؟”
كانت أليسيا قد فقدت بصرها كليًّا.
لم يَبقَ في جسدها ذرّةُ قوّةٍ، ومع زوالها زال نورُ عينيها أيضًا.
ومع ذلك، كانت تعلم.
تعلم أنّ الرجل الواقف أمامها، الإمبراطور الذي تُجِلّه الإمبراطوريّة بأسرها، كان يرتجف خوفًا حتّى شحب وجهُه.
ذلك الذي لُقِّب في ساحات القتال بملك الموت، بدا الآن هشًّا كأنّه سينكسر.
“لا واحدَ من الأتباع التي تؤمنون بها نافعٌ حقًّا.”
أنقذ روشان ييرينا، التي كانت تنتظر الموت بورقة شجرة الإله الأحمر، بصعوبةٍ بالغة، مستخدمًا الكهنة والراهبات.
التعليقات لهذا الفصل " 89"