وفي تلك اللحظة، كان الرجل قد اقترب حتّى التصق بها تمامًا.
لامست ساقه ركبتها، وسدّ جسده طريقها.
المسافة بينهما لم تبلغ شبرًا، وأنفاسهما تتداخل قرب الأذن.
“دعيني أسألكِ مجدّدًا.
هل ترغبين في دخول مخدع جلالة الإمبراطور؟”
“م، ماذا تقول……؟”
“أسألكِ إن كنتِ تريدين أن تكوني واحدةً من نسائه الكثيرات، تحت رعايته.”
واصل أسئلته بلا هوادة، بينما كانت ييرينا عاجزة عن الردّ.
كان صوته هادئًا ناعمًا، غير أنّ مضمونه كان تهديدًا صريحًا.
شعرت ييرينا بالخوف من هذا الوجه الذي لم تره من قبل.
لكن، وعلى نحوٍ غريب، شعرت أيضًا بشيءٍ من الطمأنينة.
“لا أظنّكِ ترغبين في ذلك.”
“…….”
“أنتِ خائفة، أليس كذلك؟
تخافين من دخول مخدع الإمبراطور.”
لم يكن بينهما تماسّ سوى ساقه الملامسة لركبتها، ومع ذلك شعرت ييرينا وكأنّها محاصَرة، بلا مهرب.
والأسوأ أنّها لم تكن راغبة في الإفلات.
فزعت من إحساسها هذا، وصرخت:
“لا!”
دفعت كتفيه بكلتا يديها.
ابتعد عنها بسهولة.
“بل أريد! أريد ذلك!”
“…….”
“لماذا يظنّ الجميع، أليسيا وغيرها، أنّني لا أؤمن به؟
أتعلم كم أحفظ من صلواتٍ طويلة؟!”
اندفعت مشاعر الذنب المكبوتة دفعةً واحدة.
اشمأزّت من نفسها.
‘ما الذي أفعله…….’
عائلتها أدّت واجبها بموتها.
أمّا هي، فما الذي تفعله وهي على قيد الحياة؟
‘أنا التي بقيت…… وأنا أعيش هكذا…….’
كان عليها أن تسعى جديًّا للتخلّص من لعنة الإمبراطوريّة، أن تحاول نيل رضا الإمبراطور، لكنّها لم تفعل شيئًا، واكتفت بالعيش مرتاحة في هذا البرج، تضحك، فاحتقرت ذاتها.
‘لستُ في وعيي.’
كرهت نفسها لأنّها تتذمّر رغم أنّ الفرصة جاءت.
كرهت أنّها تتألّم من فكرة زوال اللعنة، ومن مغادرة البرج، ومن دخول مخدع الإمبراطور.
‘وفي مثل هذا الوقت أفكّر في أمورٍ كهذه…… بل وأفكّر في فارسٍ من الإمبراطوريّة…….’
ثمّ أدركت أمرًا آخر.
لقد باتت تفكّر بالرجل أمامها أكثر ممّا ينبغي.
وفي وقتٍ يجب أن لا تفكّر فيه سوى بسيداس، كانت تستحضره كلّ ليلة.
شعرت بالغثيان من نفسها.
“سواء رآني الآخرون أم لا، فأنا أؤمن.
أؤمن بأنّ الحاكمّ سيفكّ عن جسدي لعنة الأرواح.
ولهذا سأكون إلى جانب جلالة الإمبراطور…….”
لكنّها كلّما تخيّلت نفسها تتودّد في مخدعه، اختنق نَفَسها.
التعليقات لهذا الفصل " 46"