استمتعوا
كان الرجل يرتدي زياً أسود فاخراً مزخرفاً بخيوط ذهبية براقة.
الرجل، لا بل أرما، لفّ طرف شفتيه إلى ابتسامة خفيفة.
“عليك أن تتنفسي، روكسي.”
حينها فقط أدركت أنني كنت أحبس نفسي.
تنفست ببطء، فاستقرّت أنفاسي، لكن الوجه المقابل لي لم يخفّف من قربه.
كانت خصلة شعره مصفوفة إلى الخلف بعناية، وملامحه أكثر وضوحاً. وليس هذا فحسب، بل بدت عضلات جسده الهادئة بارزة تحت الزي الرسمي.
مدّ ذراعه بحذر وأمسك بيدي.
عروق يده البارزة لفتت انتباهي بلا إرادة.
صغير… لا، بالطبع لم يكن صغيراً.
أين ذهب أرما الطيب والهادئ والبرئ، فإذا برجلٍ أشبه بالوحش يقف أمامي.
“آسف لتأخري.”
“……لا، لا بأس.”
لم يكن هناك وعد ضخم معلق بيننا.
‘وسيم حقاً.’
حينما كانت خصلة شعره تغطي وجهه بدا هادئاً، لكن بعد أن أزاحها وارتدى زياً أسود بارز العضلات، اكتملت الرجولة في ملامحه.
“كيف هو الآن، روكسي؟”
“ماذا تقصد؟”
“هل أصبحت أقرب لقلبك الآن؟”
“قلب؟”
توقفت للحظة، معقّرة حاجبيها.
“قلبي… لقد كان أنت منذ البداية، ما هذا الكلام؟”
توقف أرما للحظة، متراجعاً قليلاً بشفتيه المحمرّتين، وغطى وجهه بيده خجلاً.
“……هذا يبدو جباناً بعض الشيء.”
“ماذا تقصد؟”
“……لا شيء.”
فرك عنقه واقترب مني خطوة أخرى، فحجبت صدره الرؤية أمامي.
“……أرما، لا أرى سوى صدرك، هل يمكنك الابتعاد قليلاً؟”
“…….”
لأن عينيه التقت بي مرتبكة، أضفت بسرعة.
“أريد أن أرى وجهك أيضاً.”
انحنى بجسده للأمام قليلاً، ودار بعينيه، واقترب وجهه حتى أصبح أمامي مباشرة.
“كيف أبدو؟”
“وسيم.”
“……صريحة للغاية.”
أخرج أرما شيئاً من جيبه.
“روكسيلين.”
“نعم.”
“ربما أصبح الجو غريباً قليلاً، لكن……”
أمسك بيدي اليسرى بحذر، وقرب خاتماً إلى إصبعي بهدوء.
“……لقد أصبحت أنا ولي العهد.”
“نعم، مبارك.”
“سأجعلك في أسمى مكانة، وسأبقى بجانبك دائماً، مهما طال الوقت، طوال الحياة.”
“…….”
“لذا…… حسناً……”
حرك شفتيه قليلاً، ثم التفت إليّ.
“……أحبك، روكسي. ……هل تتزوجينني؟”
فجأة، انفجرت مشاعري!
“…….”
“…….”
للتوضيح، لم ينفجر وجهي، بل انطلقت الظلمة من حول أرما، ملتفة حولنا.
ثم ذهبت وجمعت قبضة من الزهور وألقاها فوقنا، مع قليل من التراب.
“……هل أقتله؟”
أمسك أرما بأسنانه بقوة من مشهد الاعتراف الذي أصبح فوضوياً.
انكمشت الظلمة، ثم تكوّرت لتختبئ خلفي.
“هاه……”
خرجت ضحكة من بين شفتيّ بسبب الاعتراف المذهل.
“أهاهاها!!”
استمرت الذكريات المتفجرة من التراب والزهور تتكرر في رأسي.
عرفت أن الظلام أراد الاحتفال بطريقة ما، فلم أستطع كبح ضحكتي.
“آسفة، آسفة.”
بعد أن ضحكت وأنا أمسك بطني، رفعت رأسي ببطء.
كان أرما يحدّق بي بدهشة، وعيونه واسعة.
“أم… آسفة.”
“لا… لا بأس. لم أرَك تضحكين هكذا من قبل.”
أمسك أرما أذنه، ثم تذكر وجود التراب، فتنفّس بيده ليتخلص منه.
“آسف، في المرة القادمة سأفعلها بشكل صحيح……”
حاول أرما إعادة الخاتم إلى جيبه.
‘ماذا؟ هذا ختامي.’
مددت يدي وأخذت الخاتم من يده، مبتسمة قليلاً.
“روكسي……؟”
اتسعت عينا أرما بدهشة.
“لا زال لدي بعض الأمور لأخبرك بها.”
كل ما عشناه، كل ما حدث قبل وصولي إلى هذا العالم، لقاءاتنا وفراقنا، وأمور سولوم أيضاً…
‘هناك الكثير مما لم أخبره.’
قمت بإلقاء نظرة على الخاتم، المصنوع بدقة متناهية بدل الزينة البراقة، وابتسمت.
“أنا أيضاً أحبك، أرما.”
اتسعت عيناه.
“لقد أحببتك منذ زمن بعيد. أرما من عالم آخر وأنت، كل هذا كنتِ أنت بالنسبة لي……”
أضفت، مؤكدة أنه لم يكن هناك مفر من الوقوع في الحب.
اقترب أرما بسرعة واحتضنني، دفء حضنه فُتح عيني تلقائياً.
“روكسي…… حتى لو كنتِ مذنبة بقتل الآلاف، وحتى لو كرهك الجميع، بالنسبة لي، هذا ليس مهماً.”
همس في أذني بصوت حنون، ودفء غريب لم أعهده من قبل.
“……نعم.”
سمعت كلماته الطيبة وأردت أن أستمر في احتضانه.
“تزوجيني.”
أمسكت به بقوة أكثر، وغمرت وجهي في صدره.
“نعم، أحب ذلك.”
“ابقِ معي طوال الحياة، لنذهب معاً أينما شئنا.”
ابتلعت الكلمات، وأدركت فجأة.
“نعم.”
“لن تتركي وحيدة أبداً… سأعيش الأبدية معك……”
‘آه، كنت أريد سماع هذا.’
من اللحظة التي رحلت فيها حتى الآن، ومن لقاءاتنا الماضية حتى هذه اللحظة، كل شيء مستمر.
“لذلك لا تتركيني، روكسي.”
“……هذا من حقي أن أصرّ عليه، ماذا لو أخذت كل شيء بنفسك؟”
ضحك أرما بخفّة.
فجأة، ظهر نجم ساطع في السماء، أكبر وألمع من باقي النجوم.
حدقت فيه، ثم همست بلا وعي.
“……عاد جيرون ويلبريد.”
“هل يمكنك معرفة ذلك؟”
أومأت برأسي بخفة.
“يبدو ذلك……”
وقبل أن أقول إنه لم يعد بشرياً، قطع أرما كلامي.
“أحبك.”
اقترب صوته هامساً، ورفعت وجهي قليلاً لأراه أمامي مباشرة.
أغمضت عيني ببطء، وتلامست شفاهنا.
سحبني بقربه، واحتك جسده بجسدي.
بعد عدة لحظات، ابتعد شفاهنا ببطء.
“هاه، هاه……”
انفجر النفس المحبوس بين الشفاه، فجأة.
“روكسي، في اليوم الذي أصبح فيه إمبراطورا…… لنتزوج.”
“نعم.”
ربتت على خده برفق.
كانت السماء مغطاة بالنجوم الكثيرة تحت فجرٍ أسود.
“أحبك، روكسي.”
احتضني بشدة، فتلاشى توتري، وشعرت بالأمان.
“……وأنا أيضاً.”
لقد أحببت طويلاً، اشتقت طويلاً، وتألمت طويلاً.
“أحبك──.”
أفرغت قلبي في النهاية، وأغمضت عيني ببطء، في صباحٍ يقترب، حيث لم يعد البرد محسوساً في فجر ربيعي هادئ.
<نهاية الجزء الثاني.>
—نشوفكم بالجانبي بيكون تسع تشابترات.
( (
(„• ֊ •„) ♡
━━━━━━O━O━━━━━━
– تَـرجّمـة: شاد.
~~~~~~
End of the chapter
التعليقات