“إذاً لنضعها لترتاح قليلاً. ربما تستعيد ذاكرتها الآن.”
“ذاكرة…..؟”
وضعها أرما على السرير، ثم نظر بصمت إلى جيرون.
“هي تمتلك شيئاً من هذا النوع، الوراثة.”
نهض جيرون من مكانه واقترب من السرير، متفحصًا روكسي النائمة. و توسعت عيناه قليلًا وهو يحدق بها بصمت.
‘هذا…..’
ارتسمت على فمه ابتسامةٌ باهتة، و همس،
“لقد اختفى فضل الهاوية.”
ثم ضغط بإصبعه السبابة على جبينها برفق، وواصل قوله ببطء،
“حين تنجز مهمتها، ستعود لها كل ذكرياتها. حتى لو وُرثته بجسدٍ آخر، فالروح تبقى هي نفسها.”
تشنجت عضلات أرما في رقبته من شدة التأثر.
“أتعني ما كان يُسمى سولوم؟”
“نعم.”
“…..لقد رأيتكَ.”
التفت جيرون إلى أرما.
“رأيتكَ أنتَ و سولوم معًا. كيف تعيشون وتلعبون…..كيف تسافرون معًا وتعيشون كأسرة.”
“هل أرّاكَ إيريفوس ذلك؟”
سأل جيرون بهدوء وهو يخرج كأسًا وزجاجةً من الخزانة.
“نعم. عندما اكتشفت روكسيلين، أظهرت لي أنها الأولى، كأنها تقول لي: لا تكن طماعًا، أنا الأولى.”
“أمرٌ يتوقعه المرء منه. إذا فكّرنا، فهي الكُبرى، لكنها طفوليةٌ بعض الشيء.”
ابتسم بخفوت ثم جلس على الطاولة، مومئًا برأسه نحو أرما. و اقترب أرما وجلس على الطاولة، فبدأ جيرون بالكلام.
“سأشرب الخمر بنفسي، فلا تحاول الطمع.”
“لا أهتم بذلك. لكن بخصوص الوراثة وكل هذا…..إنه قاسٍ جدًا على روكسي.”
“أعلم. لكن هذه المرة كانت استثنائية. فالعالم الآن مستقر، ومن نجى يعيشون حياتهم حسب إرادتهم. لا حاجة لاختيار شيء كثير.”
“…….”
“أحيانًا لا مفر من بعض الأمور. فالهاوية تقدره كثيرًا.”
“…….ليس هو، بل هي. ليست سولوم، بل روكسيلين.”
قال أرما ذلك بحدة. فأومأ جيرون برأسه بلا مبالاة.
“أعلم. روكسيلين هي روكسيلين، وسولوم هو سولوم.”
بكلماته القصيرة، أُغلق فم أرما.
“على أي حال…..بما أن آمون قد اختفت، فقد حان وقت العودة. فبما أن آمون ذهبت، فلن تعرف طائفة بيناك سبب تصرفاتهم.”
“…….”
“عندما يختفي الزعيم، تنهار المنظمة. وإذا انقرضت تمامًا، فالمؤسسة التي فقدت معناها ستعود عاجلًا أم آجلًا إلى حالها الطبيعي.”
جلس أرما ساكتًا، مستمعًا، دون أن يرد، وهو ينظر بصمت إلى جيرون.
“وبما أن لا أحد يتذكر، من السهل التلاعب بالأمور أيضًا. لا حاجة للمزيد من التدخل في هذا العالم.”
“….أنتَ لم ترسل روكسي إلى هذا العالم عمدًا، أليس كذلك؟ لتستعيد ذكرياتها…..”
نظر جيرون إلى أرما بصمت، بنبرة كئيبة.
“لا، أنا لا أعلم كل شيء. لكن من يعرف ذلك هي الهاوية، ولا يمكنني معرفة نيتها.”
قال ذلك وهو يرفع كأسه بهدوء.
في تلك اللحظة، سُمعت أصواتٌ خفيفة من مكان ما. و نزلت عين أرما، فرأى كائنًا أسود صغيرًا على شكل ذئب، مصنوعٍ من الظلام، يقفز ذهابًا وإيابًا.
قفز الكائن فوق ظهر يد جيرون، ثم نزل مجددًا.
“لقد طال غيابكَ يا إيريفوس.”
ابتسم جيرون وهو يداعب جبين الذئب الصغير بإصبعه السبابة.
“لقد نمتَ طويلًا جدًا…..سأنسى شكلكَ تقريبًا.”
نظر أرما إلى الذئب من فوق الطاولة.
“روكسيلين وسولوم مختلفان. لا تحاول الطمع فيهما.”
همس جيرون تحذيرًا، فرفع الذئب مخالبه الأمامية وكأنه يهز أذنيه، ثم وضع مخالبه على يد جيرون.
“……ماذا؟”
جعّد جيرون جبينه من الغضب ثم أطلق ضحكةً قصيرة.
“ماذا قلتَ؟”
“هممم…..”
نادراً ما فرك ذقنه، ثم ألقى نظرةً خاطفة على أرما وبدأ بالكلام بهدوء،
“ليس طمعاً، بل يقول أن الأطفال الذين سيأتون بعدكم سيولدون أقوياء وسيصبحون جزءًا من العائلة، فلا داعي للقلق في هذا الجانب من العالم.”
“…….”
صمت أرما للحظة، ثم أمسك بالذئب وألقى به بكل قوته خارج النافذة.
“هل يمكنكَ ألا تقلق؟”
تنهد أرما بدهشة.
“ماذا سيحدث هنا إذا اختفينا؟”
“سوف نختفي فقط. وجودنا ذاته سيزول.”
قال جيرون ذلك بهدوء.
“أنا أعني ليس هذا. أعني ما كنتَ تفعله.”
“لقد تركت كل الأعمال للأشخاص الموثوق بهم، وكتبت رسالةً للماركيزة الكبرى، فلن يخشى أحدٌ أن يُفسد الماركيز الأكبر شيئًا. وأخبرتهم من هو الوريث المناسب، فلن يشعر أحدٌ بالوحدة…..”
أضاف بصوتٍ هادئ وهو يحرك الكأس، كما لو أنه قد أعد نفسه لهذا الفراق منذ زمن بعيد.
كان ذلك مفاجئًا قليلًا لأرما. فالأمر مرتب بشكل أنيق، والأهم…..يبدو حقًا أنه يهتم بوالديه.
بدأ أرما بالكلام مجددًا وهو يضيق حاجبيه،
“وماذا عن عائلة الدوق بيليون الذين كانوا قريبين من روكسي، أو الابنة الكبرى للكونت هايد التي كنت مخطوبًا لها؟ لقد التقى بها أيضًا الماركيز الأكبر…..”
“لا شيء مميز. سيختفون فقط. أما سيلينا…..فسيتعين الحديث أكثر، لكن من المحتمل أن تُجمع الروح كلها معًا، لتختفي سيلينا من هذا العالم.”
“هذا……”
فرك أرما وجهه بكلتا يديه ببطء.
“قاسٍ حقًا.”
“لا توجد قصةٌ مزيفة تقول أنكَ تستطيع إعادة الزمن إلى الوراء، تغيير كل شيء حسب رغبتكَ، والحصول على كل شيء دون خسارة شيء.”
قال ذلك ضاحكًا بخفة.
“…….”
“بالطبع…..كان إدخال سيلينا بدافع أنانيتي، لكن الأمور الأخرى مختلفة.”
حدّق جيرون في أرما بصمت، ثم هز كتفيه.
“أنصحكَ بشيء. ابقَ قريبًا من روكسيلين. لفترة، ستكون غير مستقرة إلى حد كبير.”
“……ماذا تعني بذلك؟”
“كلما عشتَ طويلًا، ستجد أن الأمور السيئة أكثر من الجيدة.”
لم يزد جيرون عن ذلك.
“ماذا يعني أن روكسي ستعيش…..طويلًا جدًا؟”
“كما يبدو. أظن أن الهاوية استعادت سلطة التجسد التي منحتها لها كوريثة.”
تذكر جيرون اختفاء بركة الهاوية حول روكسيلين التي راقبها سابقًا، ثم ضيق عينيه وهو يتحدث.
“…..ماذا تقول بحق؟”
“سيتعين علينا المتابعة قليلًا، لكن إذا كانت الهاوية قد تدخلت هذه المرة، فلن تستطيع العيش خارج مصير الهاوية بعد الآن.”
“ما هو مصير الهاوية؟”
“عندما تموت، تعود الروح كلها إلى الهاوية وتتفكك، ثم يُعاد وراثتها لتصبح حياةً جديدة.”
أومأ أرما برأسه.
“لكن الهاوية تركت سولوم ليتمتع بالتجسد دون أن يمر بيدها، خارج مصير الهاوية.”
قال جيرون ذلى ببطء وهو يملأ كأسه قليلاً.
“وبما أنه انتزع سلطة التجسد، فإن روكسيلين إذا ماتت مرة، ستعود إلى الهاوية.”
“لكن كيف يرتبط ذلك بعيش روكسيلين طويلًا؟”
“إذا لم يستيقظ سولوم، فلن تعيش سوى سبعين إلى ثمانين سنة كإنسانة، ثم تموت بشكلٍ طبيعي.”
أفرغ جيرون ما تبقى في كأسه، ثم أمسكها بخفة وأكمل كلامه،
“لكن إذا استيقظ مرة، فلن تموت إلا إذا قُتلت أو قتلت نفسها، لتصبح وجودًا خالدًا.”
“…….”
رفع جيرون رأسه نحو أرما، وابتسم ابتسامةً خفيفة.
“يعني أنه الآن…..إذا تحطمت مرة، فستنتهي الأمور.”
تحطم الكأس البلوري في يده إلى أشلاء. ونثرها إلى الخارج، لتتطاير كالنجوم المتلألئة في السماء.
__________________
طيب والحراس تحت بيجيهم القزاز شذنبهم؟😔
الصدق الصدقق ماحبيت سالفة سولوم ذاه
يعني اشوا انه مب تجسيد روكسيلين بلا وريته مدري جوهر روحها بس بنفس الوقت مب عاجبني
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات