“أنا لم أكن أحب مادة التاريخ، فلم أكن أتابع الدروس جيداً.”
قالت روكسيلين ذلك بصراحة.
“التاريخ دائماً يقتطع الأحداث الكبرى فقط ويرويها. أما أنا فأهتم أكثر بما قبلها وبعدها، بالعلاقات السببية التي أدت إليها.”
“آه….”
ضحك آل من كلام روكسيلين الجريء والواثق.
“أحب فيكِ يا روكسي وضوح رأيكِ.”
“…..هل هذا شتْم؟”
رمشت روكسيلين بعينيها وهي تنظر إليه باستغراب من ضحك الصبي.
بينما الإمبراطور، وهو مكتوف الذراعين، كان يتأمل آل الذي يصغي بانتباه غريب.
“إنه مدح.”
قلب آل كفّه برفق فوق يد روكسي المتكئة عليه، وتشابكت أصابعهما.
“لم أظن أن سالوم هو نفسه سولوم.”
“أنا أيضاً.”
لم يخطر ببالها أن الأمر يرتبط باللغات القديمة. أصلاً لم تكن تعرف اسم سولوم، و حتى لو عرفته ما كان ليحمل عندها أي معنى.
“سولوم خلّد وراءه أساطير كثيرة. حتى أنهم يقولون إن فكرة العيش المشترك داخل كيانٍ جماعي اسمه (المجتمع) في عالمنا هذا، منسوبةٌ إليه.”
“حقاً…..”
“نعم. كان لدى سولوم أتباعٌ أكفاء، في غاية الوفاء والتلاحم، بحيث لا يعرفون الفشل في أي مهمة.”
وقد رمشت عينا روكسيلين بدهشة عند سماعها قصةً لم تسمعها من قبل.
“أكفاء؟ وكيف ذلك؟”
“أي مهمةٍ أُوكلت إليهم أنجزوها. إن قال لهم: اجلبوا تلك الأرض، جلبوها. وإن رغب في زرع نبات نادر لا يوجد إلا في أعالي الجبال النائية، أحضروه فوراً وغرسوه.”
شرح آل بصوته الهادئ العذب، فكان حديثه ينساب في الأذن كالموسيقى.
“على سبيل المثال، في الإمبراطورية حالياً هناك عشبةٌ تُسمّى سولهوا-تشو. وهي المكوّن الأساسي في معظم الأدوية، فلا يكاد يخلو منها أي دواء.”
“أوه، حقاً توجد نبتةٌ كهذه؟ لم أكن أعلم.”
ومع ذلك، لم تشأ روكسيلين أن تُفسد الحماس البادي على ملامح آل، فاكتفت بهز رأسها.
“نعم. الآن يمكنكِ رؤيتها وزراعتها في أي مكان من الإمبراطورية، لكن في الأصل كانت تنمو فقط في مناطق قطبية شديدة البرودة.”
“هكذا إذاً؟”
أومأ آل برفق وهو يواصل حديثه.
“في الإمبراطورية تكون بحجم قبضة اليد، لكن حسب ما رواه أحد المستكشفين الذين زاروا القطب، فإنها هناك تكبر لتبلغ حجم طفل في العاشرة من عمره. على أي حال، هناك نظريةٌ لعلماء النبات تقول أن هذه النبتة نُقلت وزُرعت هنا في ذلك العصر.”
“لم أكن أعرف ذلك.”
“فغالباً ما تكون هذه تفاصيل غير شائعة.”
قال آل ذلك وهو يهز كتفيه بخفة.
“على أي حال، إذا أردتِ البحث عن أخبار سولوم، فستجدينها في كتب التطور أو بعض المخطوطات القديمة.”
ثم تحدّث الإمبراطور بعد أن استمع بصمت،
“يبدو أنكَ تعلم الكثير، أيها الفتى الذئب.”
فتجمدت ملامح آل وهو يحدق إليه.
“أم أنني أخطأت، ولستَ ذئباً بل جرو صغير؟”
“…..لا أريد مجادلتكَ، فأتمنّى تصمت.”
“ما أشد حدّتكَ.”
قال الإمبراطور ذلك مبتسماً باستخفاف. لكن آل أدار رأسه جانباً متجاهلاً إياه، ولم ينظر إلا إلى روكسيلين وحدها.
فضحك الإمبراطور سيفيروس بخفة، ثم تابع،
“على أي حال، يقال أن سولوم لم يقتل الشياطين فقط، بل كان يعقد صداقات، ويقيم الولائم، ويصدر الأوامر. حتى إن بعضهم يقول إلى أن أتباعه الأكفاء لم يكونوا بشراً بل شياطين يخدمونه.”
شيئاً فشيئاً، غدت ملامح روكسيلين مترددةً متحيرة.
‘هذا….يوحي بشيء ما…..’
شعرت أن قائمة ما ينبغي أن تناقشه مع جيرون قد ازدادت، ولم تستطع أن تمحو ذلك الانقباض الثقيل عن وجهها.
“غير أن هذه المعلومات شديدة السرية، فلا تجدينها إلا في مكتبة الكتب المحرّمة التي لا يدخلها سوى الإمبراطور. إذ ليس من الجيد أن تتسرب إشاعةٌ تقول أن أول ملوك الإمبراطورية قد سُحر من قِبل الشيطان.”
حتى سيفيروس لم يعرف هذه الحقائق إلا بعد أن دخل إلى مكتبة الكتب المحرّمة بسبب الحادثة الأخيرة.
حتى وجود السيف المقدّس علم به هناك. لكنه مع ذلك لم يفلح أبداً في قتل خصمه باستعماله.
“يبدو أن للسيف المقدّس شروطاً خاصةً كي يُستخدم، فلم أستطع تشغيله. في النهاية لم يكن سوى شفرةٍ صدئة لا أكثر.”
قال سيفيروس ذلك وهو يميل برأسه قليلاً.
“إن احتجتِه فسأُعيره لكِ، لكنه بلا جدوى.”
ثم مدّ إلى روكسيلين لوحةً ذهبية.
“إنه في المخزن السفلي، أري الحراس هذه اللوحة وخذيه بنفسكِ.”
أخذت روكسيلين اللوحة الذهبية محدّقةً في سيفيروس.
‘لكن…..؟’
ضاقت عينا الفتاة الصغيرة بحدة.
‘أنا هاجمته بنفسي، أليس كذلك؟’
قطّبت حاجبيها ومسحت خدّها بيدها.
“جلالتك…..لقد هاجمته.”
“…..ماذا؟”
“في الحقيقة…..لقد سبق أن تسللتُ إلى قصر الدوق بيليون. وبينما كنت ألعب مع…..مع الآنسة بيليون، هجم علينا الشيطان فجأة، فلم أجد إلا أن أوجّه له لكمةً أولاً.”
“…..لكمة؟”
ردّد سيفيروس عبارتها كأنه يسمع أمراً لا يُصدّق.
“نعم.”
“…….”
“على كل حال، لقد أصبتُه بالفعل. لذلك أنوي أن أجرب حظي مع الختم.”
قالت روكسيلين ذلك، فارتسمت على وجه سيفيروس ملامح غريبة.
هل يعقل أن سيفيروس ضعيف؟ لا.
هو كان واثقاً حدّ الجزم أن ذلك مستحيلٌ تماماً.
إذاً هل قوة الخصم الجسدية طاغية؟ لو سأل أحدهم، لأجاب سيفيروس بالنفي أيضاً.
قدرات الخصم باهرةٌ بلا شك، لكن في قتال بدني مباشر فهو الخاسر الأكيد.
من خبرته مع الشيطان، لم يكن من النوع الذي يجيد استخدام جسده، بل يعتمد كلياً على قوته الخاصة. وبصراحة، لولا ذلك الحاجز الغامض الذي يصدّ الضربات، لكان بالإمكان توجيه إصابةٍ نافذة إليه.
لكن الهاوية التي يملكها سيفيروس لم تنفذ فيه، ولم تصبه أي ضربة من سيفه. ومع ذلك….
“هل أنتِ تقولين أن هجومكِ نجح؟ وبقبضة يدكِ فقط؟”
“نعم.”
“حقاً؟”
ارتسمت ابتسامةٌ مقوسة عند شفتي سيفيروس.
“فهل تجيدين المبارزة بالسيف يا آنسة ويلبريد؟”
“…..؟ نعم.”
أجابت روكسيلين باختصار ثم نهضت عن الكرسي.
“سأذهب أولاً لأجلب السيف المقدس من المخزن.”
“آه، روكسي….دعيني أرافقكِ…..”
كان آل يهمّ بالنهوض مسرعاً خلفها. لكن يداً امتدت فأمسكت كتفه بخفة.
“أظن أن من الأفضل أن تبقى وتتحادث معي قليلاً، أيها الفتى الذئب.”
فقطّب الفتى جبينه.
“ليس لديّ ما أقوله لكَ…..”
“آل، سأعود حالاً. فقط انتظر هنا.”
وكما هي عادتها، لم تعرف روكسيلين شيئاً اسمه “التراجع”، فغادرت دون تردّد.
“…….”
‘ لم يجد آل حتى فرصةً ليعترض، فبقي متروكاً وحده، يزفر بغيظٍ وهو يقطّب وجهه.
سيفيروس ألقى عليه نظرةً مطوّلة، كأنما يستحضر من خلاله صورة شخصٍ آخر.
“سيفكَ مألوف…..يذكرني بشخصٍ ما.”
“…….”
“وبالمقدار نفسه، تكرهني كما كان يكرهني هو.”
“…….”
ظل آل مطبقاً ذراعيه، محدقاً بصمت نحو الاتجاه الذي غادرت منه روكسيلين.
“ابني الآن نائم في غرفته…..هذا غريبٌ حقاً.”
“…….”
“هل أنت قادمٌ من عالمٍ آخر يا فتى؟”
_________________
عرفه😭😭😭
ليت روكسيلين عطت الامبراطور تفاصيل اكثر عشان ينصدم اكثر ماش كان ابي ردة فعل اكبر
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات