بصوتٍ مريب حاول آل أن ينهض من مكانه، لكن روكسيلين غرزت سبابتها في أذنين شامختين فوق رأسه. فارتجف جسد آل بعنف.
“رو….؟”
“لديكَ…..أذنان.”
تمتمت روكسيلين وهي تتحسس رأسه مرتبكة. حينها فقط أدرك آل أن قبعته كانت تتدحرج على الأرض.
فأسرع مهرولًا والتقطها ليضغطها فوق رأسه بقوة.
“آه، هذا، روكسي…..”
اقترب آل شاحب الوجه كمن فقد لونه، يتحدث على عجل.
“روكسي، سأشرح لكِ. أعلم أن الأمر صادم، لكنه لا يعني شيئًا مقززًا أو مرضًا أو ما شابه…..”
“إنه لطيف.”
“هاه…..؟”
“لم أتخيل أن وجود أذنين على رأس إنسان قد يكون…..لطيفًا.”
تمتمت روكسيلين بجدية. و عانقت ذراعيها، وظلت تهمس، بينما رفع آل يده ليضغط عينيه بخفة.
“لا بد أن يكون الأمر هكذا دائمًا معكِ…..”
تمتم وهو يفرك عنقه.
“ولستُ بحاجة لأن تحميني.”
قالت روكسيلين ذلك ثم خطت بخطواتٍ واثقة نحو الإمبراطور. ثم أمسكت بسيفه بكلتا يديها، وشدته بقوة.
طَقاااخ!
فانقسم السيف إلى نصفين. و اتسعت عينا الإمبراطور دهشة.
“أرأيتَ؟ هكذا هو الأمر.”
“…….”
“…….”
ساد الصمت في القاعة.
هل يكفي أن يُختَتم الأمر بمثل تلك الكلمات البريئة؟
‘ألم يكن ذلك السيف من أعز مقتنيات أبي؟’
دارت هذه الفكرة في ذهن آل وهو يحرك عينيه بارتباك.
و الإمبراطور سيفيروس كان يتأمل سيفه بعينين مذهولتين، و وجهه غارقٌ في الذهول.
ثم رفع رأسه ببطء، فرأى الفتاة التي بدت واثقةً معتدة بنفسها، وخلفها الفتى ذو الأذنين وقد بدا عليه الارتباك جليًا.
“أه…..همم.”
“لا تقلق، فأنا لا أتأذى بسهولة من أشياء كهذه.”
“….همم.”
كانت كلماتها مقنعة، بلا مجال للشك.
“على كل حال، بما أنكَ أضعف مني، قف خلفي.”
“…….”
في صوت روكسيلين المهدئ شعر آل كأن شيئًا ما اسمه الكرامة قد تحطم داخله.
فتحركت شفتا الفتى قليلًا، لكنه سرعان ما اكتفى بإيماءة صامتة.
لطالما كانت قادرةً على تكسير الحجارة بيديها، بل وتحطيم الطاولات بقليل من القوة، لذا راودته فكرة أنها اكتسبت قدراتٍ جديدة.
‘لكن…..أليست قوية أكثر من اللازم؟ كسر السيف بيدها العارية، هذا مبالغٌ فيه حقًا.’
وبينما يفكر بهذا، رفع رأسه ببطء نحو والده.
كان الإمبراطور يتفحص السيف المكسور من جهات عدة، ثم وضعه فوق الطاولة وأعاد نظره إلى آل.
“…….”
ضاقت عيناه قليلًا وهو يحدق طويلًا بالفتى، ثم جلس متراخيًا في مقعده.
“لقد جلب الماركيز ويلبريد مخلوقًا أقرب إلى الوحوش.”
ارتجفت حاجبا آل عند سماع ذلك. لكن ملامح الإمبراطور بدت أكثر لينًا هذه المرة، وكأنه توصل إلى قرار ما.
“اجلسا كلاكما.”
قال ذلك وهو يومئ برأسه.
فمدّت روكسيلين يدها وأمسكت بيد آل، تجذبه برفق بعدما شعرت بزوال العداء من الطرف الآخر.
“كنت قد سمعت أن العرق الحيواني قد انقرض منذ آلاف السنين.”
قال ذلك وهو يسكب خمرًا شديدًا في الكأس.
كانت هذه ثاني زجاجة يفرغها، بينما كانت الزجاجات تتكدس عند إطار النافذة.
إنه شرابٌ لا يستطيع إنسانٌ عادي أن ينهي كأسًا منه دون أن ينهار، ومع ذلك كان يشربه دون أن يتغير لون وجهه، في مشهد يدعو للدهشة.
ثم مدّ آل يده وألقى الكأس على الأرض.
“….ماذا تفعل؟”
سيفيروس، الذي وجد نفسه يلوِّح بالهواء فجأة، بدا مستاءً.
“ألا تظن أنه من الأفضل ألا تشرب الخمر أمام الأطفال؟”
المتفاجئ من صوت آل البارد والسلطوي كانت روكسيلين.
“آل، لا بأس. لا يهمني…..”
“لا. رائحة الخمر قوية هكذا، ماذا لو ثملتِ؟”
“لو ثملت…..”
‘في الواقع، سيكون ذلك أفضل.’
لقد مر وقتٌ طويل منذ أن شربتُ الخمر. لكن ذلك لم يكن ما ينبغي قوله في هذا الجو، فصمتت.
نظرت إلى تعابير آل المتصلبة ثم أومأت برأسها بخجل.
“هذا صحيح.”
قالت روكسيلين ذلك لسيفيروس. فعبس سيفيروس وجهه بغضب ثم زنّ شفتيه.
“ما الغرض من استخدام السيف المقدس؟”
سأل ذلك بنبرة متململة، كما لو أنه قرر تجاهل تصرّف آل قبل قليل.
“هل آمون يهددكَ؟”
سألت روكسيلين بدلًا من الإجابة.
“…….”
فضاقت عيني سيفيروس ونظر إلى روكسيلين.
“لقد عرفتِ ذلك الاسم بطريقةٍ ما.”
“……وربما بحدسٍ فقط؟”
“هراء.”
لم يستسلم بسهولة كما فعل إيربون؛ بدا عليه أنه ليس مرتاحًا.
“تلك المرأة تملك قدرةً غريبة.”
مدّ سيفيروس يده ليلاطف الزجاجة وكأنه يشتاق للخمر ثم عبس.
“إذًا، هلّا تُقرضني السيف؟”
“إن كنتِ تفكرين في قتل تلك المرأة فانسي الأمر. إنه مستحيل.”
أجاب سيفيروس باختصار، كأنه قد خاض المواجهة سابقًا.
“حتى السيف المقدس لم يكن ذا تأثير. بل أشكّ إن كان يمكن تسميته سيفًا مقدسًا أصلاً.”
“لماذا هو مستحيل؟”
“لأن الهجمات لم تؤثر على تلك المرأة.”
ما هذا الكلام؟
أمالت روكسيلين رأسها بتعابير يملؤها الاستغراب.
“لأنها قويةٌ جدًا؟”
“لا. أعني أن الأمر أشبه بقرار قدري يمنع وصول الضربة إليها.”
تفوَّه سيفيروس بكلماتٍ أكثر غموضًا.
ثم أخذ يقلب الزجاجة بين يديه بصمت، قبل أن يلتقط السيف المكسور القريب ويهوي به نحو الزجاجة.
لكن…..الزجاجة لم تنكسر. بل توقّف نصل السيف المكسور في الهواء أمامها تمامًا.
لم يكن الأمر أن الإمبراطور هو من أوقف الضربة، بل بدا وكأن طبقةً رقيقة من الهواء تحيط بالزجاجة لتحميها، أشبه بحاجزٍ يمنع أي هجوم.
“هكذا تمامًا…..الأمر أشبه بقاعدةٍ مفروضة تجبر الواقع على استحالة أن يقتل إنسانٌ تلك المرأة.”
قال الإمبراطور ذلك وهو يلقي السيف من يده.
أي هجوم كان سيفشل بالطريقة نفسها، وكأن قوةً خفية لا تُرى تتدخل لتمنعه.
“دخلتُ للمرة الأولى قاعة الكتب المحرمة وبحثت بين آلاف المجلدات، فاكتشفتُ أن لا إنسان قادر على قتل شيطان.”
قبض سيفيروس كفه ثم بسطه وهو يتكلم.
“الشيطان يؤدي دورًا ضروريًا لاستمرار دوران هذا العالم، ولذلك ينال حمايةً من كيانٍ عظيم ما.”
أمرٌ يثير السخرية حقًا.
صوته المتهكم كان مغمورًا بالضيق حتى روكسيلين، التي كانت تحدق في عينيه المثقلتين، قرأت داخله مزيجًا من استسلامٍ عميق وغضبٍ مكبوت، كأن الرجل قد تخلّى أصلًا عن معنى الحياة.
“يقال أن الملك الأول، الذي أسّس الدولة الأولى التي أصبحت فيما بعد نواة الإمبراطورية، كان قادرًا على قتل أي شيطان…..”
توقف الإمبراطور ليضغط لسانه بغيظ ويجري يده بين شعره بعصبية.
“أما السيف المقدس، فقيل إنه من إرث ذلك الملك الأول. لكنه كان بلا جدوى.”
“الملك الأول؟ وليس إمبراطورًا؟”
“مصطلح الإمبراطورية لم يظهر على يد ديانيتيوس إلا منذ ألفي عام. أما قبل ذلك فقد تغيّر اسم الدولة مرات عديدة.”
أجاب سيفيروس. فأمالت روكسيلين رأسها متفكرة.
‘ملكٌ أول قادرٌ على قتل أي شيطان…..وسيد الشياطين، سالوم…..’
كان ثمة رابطٌ مشترك.
وبينما كانت تربت بخفة على ظهر يد آل، محاولةً تهدئة بريق القتل في عينيه، فتحت فمها لتسأل،
“هل اسم الملك الأول كان سالوم؟”
“سالوم؟ لا، ليس ذلك الاسم…..”
لكن سيفيروس قطع حديثه فجأة، وعقد حاجبيه كأنه يتذكر شيئًا. ثم أطلق شهقةً قصيرة وفيها نبرة إدراك مفاجئ.
“آه…..صحيح. إذا نُطِق باللغة القديمة، قد يُدعى هكذا.”
“اللغة القديمة؟”
“اسم الملك الأول لا يجهله أحد. يُقال عنه أنه مؤسس المملكة نفسها، وظل اسمه مترددًا على مرّ العصور.”
قال سيفيروس ذلك وهو يوجّه نظره إلى روكسيلين التي ما زالت تبدو مشوشة.
“الملك الأول، الذي يُلقب بمؤسس المملكة…..سولوم.”
____________________
يعني شوفوا حتنى مافهمت شي المهم أرما يجنن وهو يطيح لروكسيلين اكثر😂🤏🏻
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات