أن تقول مثل هذه الكلمات المحرجة وكأنها تعرف كل شيء، وبمنتهى العادية!
تنهد إيربون بعمق ثم هز رأسه بحزم.
“على أي حال، ما هو مستحيل سيظل مستحيلاً.”
“تعني إن لم يكن المرء بطلًا أو كاهنًا فلا يمكنه مواجهتهم؟”
“نعم. لكن بالنظر إلى أن كل من سُمّوا أبطالًا عبر التاريخ امتلكوا قوةً مقدسة، فلا فرق كبير بينهم وبين الكهنة.”
أي أن ما يلزم في النهاية هو القوة المقدسة.
قطّبت روكسيلين وجهها بضيق وبدأت تحرك قدمها بتململ.
“إذاً، ألم يوجد أي شخصٍ عادي تمكن من الختم أو المواجهة؟”
“لم يوجد……آه، هناك شخصٌ مذكور في أحد الكتب القديمة فقط….”
أجاب إيربون على سؤال روكسيلين.
“من هو؟”
“ألم أخبركِ من قبل؟ كان هناك كائنٌ يُدعى سالوم، سيد الشياطين. يُذكر اسمه أحيانًا في الكتب المقدسة، إلى جانب اسم بطل يُدعى إيفان ميكايل.”
…..سالوم؟ كان الاسم مألوفًا بشكل غريب.
‘كأنني لم أسمعه من إيربون، بل من شخص آخر….. قريبٌ جدًا……’
“سالوم…..”
تمتمت روكسيلين بصوتٍ خافت وهي تعقد حاجبيها، وفجأة ومضت في رأسها صورة.
“بوهاها هاهاها! أرأيتَ، هذا ما يُقال! باشين، افتح البوابة فورًا. سيخرج السيد.”
“أيها الوغد…..”
“آه، على أي حال أنا أكره هذا المكان. قاسٍ جدًا، بائس جدًا، ولا يعجبني حتى أسلوبكم المقيت في التحديق والاتهام. أليس كذلك، إيريب؟”
“نعم نعم. سالوم على حق. أنتَ السيئ يا باشين.”
فجأة تذكرت روكسيلين المشهد من الحلم الذي رأته مؤخرًا. ذلك الحلم الغريب حيث كانت الوجوه مغطاةً بسواد حالك ولم يُسمع فيه سوى الأصوات.
“ولماذا كان سالوم قادرًا على الختم؟”
“لأنه كان سيد الشياطين.”
“لكن لماذا اتخذت تلك الشياطين العظيمة مجرد إنسان سيدًا لها؟”
رمش إيربون بعينيه ثم مال برأسه جانبًا.
“لا أدري……لكن وفقًا لما كُتب في السجلات، كان رجلاً ذا قدرةٍ على التقارب تخيف المرء، سريع الغضب، ومتهورًا بقدر الشياطين أنفسهم.”
‘هل هذا مدحٌ أم شتم؟’
أمالت روكسيلين رأسها بوجه متحير.
“لكن….نعم، كان هناك قولٌ مشترك يتكرر. يقولون: ‘أي إنسان بجواره يستحيل ألا يحبه.'”
بدا أن إيربون كان ينوي إضافة شرح، لكن روكسيلين ازدادت حيرةً بدلًا من أن تفهم.
“هممم……”
“ويُقال أنه قبل آلاف السنين كان هناك وقتٌ قصيرٌ جدًا عاش فيه البشر والشياطين معًا…..”
حكّ إيربون مؤخرة رأسه وكأنه شعر بالحرج مما يقوله.
“على أية حال، هذا ما توارثته الأساطير، لكن بما أنه حدث قبل آلاف السنين فلا أحد يعرف الحقيقة.”
“تعني باستثناء الأبطال أو الكهنة المذكورين في الأساطير، أو ذلك الإنسان سالوم، لا يمكن ختم الشياطين؟”
عند سماع سؤالها، بدا إيربون وكأنه يفتش في ذاكرته قليلًا، ثم أومأ برأسه.
“على الأقل، لمواجهة شيطان لا بد من ذلك. فلا بد من قوةٍ تعادل قوتهم.”
“همم.”
خفضت روكسيلين بصرها بصمت.
‘لكن لماذا إذاً قال والدي اللعين أن بإمكاني فعلها؟’
وذلك بتلك النبرة المليئة باليقين.
“الختم…..هل يستطيع أي شخص فعله إذا استوفى الشروط؟”
“لا، ليس الأمر كذلك.”
“…..إذاً، هل سيكون صعبًا عليّ أيضًا؟”
“…..لا، بل أنتِ، أنتِ ستستطيعين.”
قال ذلك بوضوح.
‘أنتِ’ ستستطيعين فعلها.
‘أنا أستطيع فعلها؟’
تجهم وجه روكسيلين.
“لا يمكن، هل الأمر لأنني موهوبةٌ بشكل مذهل في القوة المقدسة أو شيء من هذا القبيل…..؟”
تمتمت بصوت منخفض، لكن يبدو أن إيربون سمعها فضحك ساخرًا.
“لا تقلقي يا روكسي، ليس لديكِ أي موهبة في القوة المقدسة مطلقًا.”
“….مطلقًا؟”
“نعم.”
“ولا حتى قليلًا؟”
“نعم، ولا حتى قليلًا.”
أكد إيربون بابتسامة لطيفة، وكأنه يُجهز عليها، موضحًا أنها ليست واحدًا من مئة بل أقرب إلى الصفر. فأطبقت روكسيلين شفتيها بصمت.
“لكن…..الغريب أنني أشعر بنفَسٍ مقدّسٍ ما حولكِ. ومع ذلك، يبدو أنه يسير في مسار منفصل تمامًا. على أية حال، هو لا يتوافق مطلقًا مع القوة المقدسة.”
طعنها إيربون بكلامه مرة أخرى.
في تلك اللحظة، خطرت ببالها فجأة المحادثة القصيرة التي جرت بينها وبين جيرون.
“الهاوية التي تسكنكِ…..لقد رأيتها مرة منذ زمن بعيد جدًا.”
“…..ماذا تقصد؟”
“تلك الهاوية أحيانًا تُعيد الزمن، وأحيانًا تلتهمه، وأحيانًا توصل أوقاتٍ الآخرين، بل ويمكنها التلصص على زمنهم. لذلك، في الأزمنة القديمة، أطلق كل من كان حيًّا اسم مالكه على تلك الهاوية بدافع الإجلال.”
“وما هو ذلك الاسم؟”
“هذا…..واجبٌ منزلي لكِ. جرّبي أن تخمني. والآن وأنا أتذكره، كان ذاك الرجل أيضًا عنيدًا ومتمردًا تمامًا مثلكِ.”
“ولهذا السبب أُطارد إذاً؟”
“ألم أقل أنه واجبٌ منزلي؟ إن حللتِ واجبي، ستجدين جوابًا لسؤالكِ أيضًا.”
‘صحيح، لم أكتشف بعد ماهية الهاوية التي أملكها.’
فكرت روكسيلين بملامح متحيرة، ثم سألت وهي تحدق بإيربون.
“وهل كان ذلك الرجل المسمى سالوم يمتلك قوةً خاصة أيضًا؟”
“لست أدري حقًا….. يُقال أنه شفى الناس أحيانًا، وتوقّع لأزواج عقماء بأنهم سيرزقون بطفل….كما ورد أنه لم يشيخ مظهره مطلقًا حتى بعد مرور عشرات السنين….”
ثم أضاف أن هذه قصص قديمةٌ جدًا، ولا يمكن التأكد من صحتها بطبيعة الحال.
و بما أنها لم تكن تنوي تصديق كل شيء أصلًا، أومأت روكسيلين برأسها.
‘سالوم، الختم، اسم الهاوية، سيد الشياطين….’
فجأة داهمها صداع.
“ألا يمكنني فقط أن أعتبر نفسي عبقريةً في القوة المقدسة وننهي الأمر هكذا؟”
“هذا مستحيل.”
“…..على أية حال، ادخل في صلب الموضوع. كيف يتم الختم؟”
سألت روكسيلين مرةً أخرى، فعبس إيربون وكأن فمه قد أنهك من الكلام.
“يلزم لذلك شيئان مقدسان، ومعهما شخصٌ يمتلك قوةً كافية لمواجهة شيطان. حينها يمكن تنفيذ الختم.”
“شيئان مقدسان؟”
“نعم. أولهما السيف المقدس، أحد الكنوز الوطنية في القصر الإمبراطوري، والثاني هو وسيطٌ لختم الشيطان. وهذا يُستهلك لمرة واحدة، لكن شخصًا بقوة قُدّاس عُظمى يستطيع صنعه.”
ما هذا، يبدو الأمر بسيطًا.
نهضت روكسيلين من مقعدها، و قفزت بخفة من فوق الأريكة، وابتسمت مبتهجة.
“إذاً أنا سأجلب السيف، وأنتَ اصنع لي الجرّة.”
“أقول لكِ أن ذلك فوق طاقتي…..!”
“سأعطيكَ كل ما ادخرته من مصروفي.”
إنه المال الذي جمّعته بدموع العين بمعدل خمسين ألف أولانغ في اليوم.
“المسألة ليست مسألة مال! هذا الأمر هو….!”
“لكن إن كان لا بد لشخص ما أن يفعلها، فلا سبب يمنعني أنا. فأنا الأكثر حاجةً وإلحاحًا الآن.”
قالت روكسيلين ذلك بلهجة تبدو ككلام العجائز: إن مثل هذه الأمور عادةً ما يتكفل بها الطرف الأكثر حاجةً.
“أقدر قلقكَ، لكن التردد وترك الأمر ثم الندم أسوأ بكثير من أن أُقدم وأندم لاحقًا.”
أضافت أنها لا تنوي التراجع مرتين، ولوحت بيدها وهي تغادر غرفة الاستقبال بلا أدنى تردد.
“…..ليس القلق، بل لأنني قد أموت من الإرهاق وأنا أصنع ذلك الشيء.”
ما الذي تتفوه به هذه الإنسانة؟ ولماذا يفترض أن أقلق عليها أصلًا؟
سخر إيربون باستهزاء.
هل تظن أن صناعة شيء مقدس أمر سهلٌ ولا يحتاج جهدًا؟
قبض على شعره وهو يصرخ “آااه”، ثم انحنى للأمام عابسًا وغرس رأسه في يديه.
“ليتها تفهم أن قولي مستحيل يعني أنه مستحيل….”
تنهد إيربون، وأخذ يضغط صدغيه ويُدلك وجهه من شدة الصداع.
“الشيء المقدس…..كيف كنت أصنعه أصلًا.”
ابتلع آخر رشفة من كوب الشاي البارد، ثم نهض مترنحًا وغادر غرفة الاستقبال.
_________________
كيف كان يصنعه؟ يعني قد صنعه! انحلت المشكلة
عسا سالوم يطلع جدها العشر طعش ولا انه يطل تجسيدها😔 مع انه واضح هي تجسيد سالوم تـء
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات