“أي لقاءٍ سعيد؟! أنا أُسحَق هنا…..! أُغـ…..أقصد سأُسحَق حتى الموت!”
صرخ إيربون بصوت طفل صغير.
روكسيلين كانت تسند ذقنها بكفها وهي تحدّق به بلامبالاة، ثم فجأة اتسعت عيناها.
“آه، لهذا قال كبير الكهنة أنك تبدو مختلفًا…..لقد قصصتَ شعركَ.”
كانت تشعر أن في إيربون شيئًا لا يشبه ما تتذكره منه، فالشعر الأبيض النقي والعينان الرماديتان الباهتتا الحدود ما زالتا كما هما، لكن شعره أصبح قصيرًا.
“لذلك بدا أصغر سنًا.”
وعندما أدركت هذه الحقيقة حديثًا، أومأت روكسيلين برأسها.
“أيها الذئب، توقف.”
“عووو!”
وعندها، كأن شيئًا لم يحدث، ابتعد الذئب عن إيربون بانتظام. و عاد سريعًا ليجلس بجوار روكسيلين ويستلقي أرضًا.
“هااااه……”
حينها فقط استطاع إيربون أن يتنفس من جديد، فأطلق تنهيدةً طويلة وشعره مبعثر.
ثم نهض مترنحًا من مكانه، وأخذ بعض الشراب والكوكيز وجلس في المقعد المقابل لروكسيلين.
“أوه…..هذا مؤلم.”
تمتم إيربون بخفة، وهو يمسك سبيكةً ذهبية بكلتا يديه ويبدأ بفرك ذراعه التي عضها الذئب.
لحسن الحظ، يبدو أن الذئب عضه بخفة، فالملابس تمزقت لكن لم يظهر دم.
“……ما الذي تفعله بالضبط؟”
“إنه علاجٌ بالذهب.”
وكأنه لا يختلف عن وضع بيضةٍ على عين متورمة، راح يفرك ذراعه بسبيكةٍ ذهبية.
شعرت روكسيلين بالذهول وهي تنظر إليه بصمت، ثم بدأت تأكل بعض حبات الكوكيز مع الحليب الدافئ وتكلمت.
“كيف هو حال المعبد؟”
“ممم…..ممل ولا متعة فيه. الوضع أخطر مما توقعت، وهذا يزعجني قليلًا.”
“لهذه الدرجة خطير؟ كيف هو؟”
“كان الوضع ضيقًا لدرجة أنه لم يبق قرشٌ واحد يمكن التلاعب به.”
“…….”
“هاا….يجب أن يكون للإنسان بعض المتعة في تعديل الدفاتر وتحريك الأموال قليلًا….لكن هنا؟ بالكاد يُحافظ على الأمر بشدّ الحزام بفضل الدعم المستمر من نبلاء العائلات العريقة…..”
صوته حين أضاف أن أي اختلاس سيؤدي لانهيار كامل، كان مليئًا بالتحسّر.
“…….”
فشعرت روكسيلين أنها سألت ما لا ينبغي. فقررت أن تنهي الأمر وتمضي في شأنها.
فالسؤال عن حال الآخرين لم يكن أمرًا مألوفًا لها، ولا يليق بها أصلًا.
“إيربون، لدي سؤالٌ يثير فضولي.”
“نعم، ما هو؟”
“هل تعرف طريقةً لختم الشيطان؟”
عندها، تجمّد إيربون في مكانه بينما كان يشمّ رائحة السبائك الذهبية وهو يرتجف.
التفت إليها بصعوبة وسألها،
“….ماذا قلتِ؟”
“أريد أن أختم شيطان الهاوية الذي تحدثتَ عنه سابقًا. و تساءلت إن كنتَ تعرف طريقةً لختمه.”
ظل إيربون يحدّق فيها للحظة، ثم أدار عينيه بتوتر، وأخذ يتحسس السبيكة الذهبية، وبعد وقتٍ طويل تكلم أخيرًا.
“…..ما الذي تفكرين به، يا روكسي؟”
“دعك من هذا الـ ‘يا’ وما شابه. هذا يثير قشعريرتي.”
“حسناً، روكسي.”
أجابها باستسلام، مصحّحًا مناداته فورًا بعدما رأى انزعاجها.
“أنا لا أفكر بشيءٍ مميز، فقط أريد إنهاء هذه الفوضى المزعجة. الأمر صاخبٌ ومرهق، ولدي أعمالٌ أخرى، لذا يجب أن يُحبس.”
“…….”
“ألم تقل بنفسكَ أنك اعتزلت لأنكَ لا تريد أن تختلط بكائنات الهاوية؟”
قالت روكسيلين ذلك وهي تضع في فمها قطعةً من كوكيز الزبدة الهشّ.
“فخلاصتكِ إذاً أنكِ قررتِ أن تختمي ذلك الكائن من الهاوية؟”
“صحيح.”
“الختم…..ممكن على الأرجح. لكن لا يوجد شخصٌ ليقوم بالختم فحسب.”
“لماذا؟”
“روكسي، لا أريد أن أُحبطكِ، لكن….بصراحة، كيف لإنسان ضعيف أن يواجه شيطانًا؟”
أطلق إيربون ضحكةً قصيرة بوجهٍ ساخر، مرفوع الكتفين.
ثم أدار رأسه ونظر إلى المنظر خارج النافذة مواصلاً كلامه.
“هم كائناتٌ تملك قوةً تكفي لارتكاب أفعال مجنونة على مستوى العالم.”
“حقًا؟”
“نعم.”
“إذاً ما طريقة الختم؟”
ناولت روكسيلين قطعة كوكيز إلى الذئب وسألت بكل هدوء مرة أخرى.
وقد نظر الذئب إليها بعينين مؤثرتين ثم نزع الكوكيز من يدها بسنّه ومضغه سريعًا. فمسحت روكسيلين رأس الذئب مرورًا بيدها.
“…..روكسي، هل سمعتِ كلامي؟”
“نعم. سنجرب وإن لم ينجح فليس بيدي حيلة.”
“ستموتين.”
“لا أظن أنني سأموت.”
“لماذا تجيبين بثقةٍ هكذا؟”
“هل سيتركني والدي اللعين لأموت حقًا؟”
قالت روكسيلين ذلك ببرود.
كان الأمر يثيرها قليلًا! ورغم ذلك، كان في قلبها ضميرٌ متألم بعض الشيء.
كان لديها يقينٌ غريب بأن جيرون لن يتركها تموت.
لو كان ذلك في الماضي لما خطرت لها هذه الفكرة أبدًا، لذا لم تشعر بالراحة من هذا الإدراك؛ وقد تنهدت وهي تدرك أن لعلاقتهما اسمًا الآن.
‘ومع ذلك، إن تركني أموت فليس بوسعي فعل شيء.’
لقد طلبت ألا يتدخل وقال أنه لا يستطيع المساعدة.
لكن روكسيلين هي من تدخلت في أمرٍ قد حذّرته منه بالفعل مرةً واحدة.
و مع ذلك، إن ماتت فسيقوم على الأقل من باب الوفاء بترتيب الأمور لاحقًا، إما بمحو ذكريات من تبقّى أو بإخبارهم بموتها بصراحة حتى لا يظلوا في انتظار.
‘هذا محزنٌ بعض الشيء.’
يجب أن أحاول العودة بأي ثمن.
فكّرت روكسيلين ببرود.
“يبدو أنكِ لاتزالين صغيرة حتى لا تعرفي مدى رعب الشياطين، إذا راجعتِ المصادر-“
“أريد الطريقة.”
“…..ليس عبثًا أن شيطان الهاوية قادرٌ على ارتكاب مثل هذه الأفعال. فنادرًا ما ينتهي الأمر بشيءٍ جيدٍ عندما يتدخلون…..هذا لا يختلف عن السير بقدميكِ إلى ساحة الموت. فهؤلاء خصوم لا يمكن للبشر أن يتعاملوا معهم-“
“مممم، فقط أخبرني بالطريقة. إن سمعتها فسأذهب.”
قطعت روكسيلين ببرود كلمات إيربون الذي كان يكرر محاولاته للشرح.
فارتجف جسد إيربون بعصبية.
‘ربما لأنها صغيرة في السن، فتعابيرها صريحةٌ جدًا.’
أما إيربون بعد عشرين عامًا فكان أكثر مكرًا، وأشبه قليلًا برجل في منتصف العمر.
وبالطبع، كان أقل حيويةً بكثير من الآن.
“حتى لو أخبرتكِ بطريقة الختم، فمحاولة روكسي بنفسها أمرٌ مستحيل!”
ارتفع صوته وقد بدأ نفاذ صبره.
فجأة ارتبك من انفعاله، ثم قرب السبيكة الذهبية من أنفه وأخذ يشمّها بشراهة.
لقد كان لدى روكسيلين فضول أساسي: هل للذهب رائحةٌ أصلًا؟ لكنها كبحت نفسها.
“لماذا؟”
سألت روكسيلين، فأطلق إيربون تنهيدة.
“لماذا تسألين؟ ببساطة لأن البشر مجرد مخلوقات، ومن المستحيل أن يلمسوا شيطانًا وُلد في الهاوية.”
قال إيربون ذبك.
‘لكن جيرون قال أنني أستطيع.’
إن لم يكن ذلك الرجل يخطط بمهارة لخداعها عمدًا، فلا بد أن كلامه لم يكن كذبًا. فرغم مكره، لم يكن شخصًا يتفوه بالهراء الفارغ.
“في أحسن الأحوال، قد يتمكن كاهنٌ يملك قوة تُسمى حقًا قوة القديس، أو كائن تجاوز حدود البشرية وكان يُطلق عليه عبر التاريخ لقب البطل، من مواجهتهم قليلًا.”
“شخصٌ مثلكَ؟”
عند سؤال روكسيلين، تجمد إيربون لحظة. و اتسعت عيناه قليلًا قبل أن تلتفتا إليها ببطء.
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات