“تحدثي براحة، إن كان ما أعرفه وأستطيع قوله لكِ فسأخبركِ.”
“نعم، البلاد مضطربةٌ هذه الأيام. يبدو أن قصر بيليون بخير، لكن الناس جميعًا متوترون، يتشاجرون، والجرائم تزداد.”
عند حديثي، مال جيرون بفنجان الشاي، وهز رأسه بخفة.
“صحيح، فحين يقترب كائنٌ كهذا من البشر فقط لمجرد تسليته، ينتهي الأمر دائمًا على هذا النحو.”
قال جيرون ذلك ببرود.
“وحين يكون ذاك الأحمق الغِر، الذي لم يمضِ على ميلاده سوى بضعة آلاف عام، غير قادر حتى على كبح قوته، ويريد أن يؤجج الفوضى أكثر…..فالوضع لا بد أن يزداد سوءًا.”
“مجرد حدس، لكن أظن أن قتل آمون لن يكون ممكنًا…..و كأني قرأت يومًا عن ختم شيطان في نص قديم…..هل يمكن أن ينطبق ذلك على آمون أيضًا؟”
ما إن قلت ذلك حتى توقف جيرون قليلًا، ثم التفت نحوي محدقًا بوجهي بصمت.
“…..هذا ممكن.”
قال ذلك بعد صمتٍ ثقيل بدا أطول من المعتاد.
“هل تعرف الطريقة إذاً؟”
“الأجدر أن تسألي كاهنًا، سيكون أسرع. أما أنا…..فليس من المناسب أن أخبركِ بكيفية خنق رقبتي بيدي.”
أجاب جيرون بصوتٍ امتزج فيه قليلٌ من الضحك.
“لأنكَ تظن أني سأقتل والدي اللعين؟”
“لا، ليس هذا ما أظنه.”
ردّ بصوتٍ رقيق على سؤالي.
كانت كلماته أكثر حزمًا مما توقعت، ففاجأني الأمر قليلًا. و رفعت بصري بخفة، فإذا به يسند ذقنه بيده وهو يرمقني.
“أنا لا أشك بكِ.”
“همم.”
أومأت على عجل وقد تملكني بعض الحرج.
“حسنًا، سأستفسر من إيربون. إذاً السؤال الثاني…..ألا ترى أن الإمبراطور غريبٌ بعض الشيء؟”
“آه….”
عند سؤالي، ارتعشت عينا جيرون قليلًا.
لم أكن لأدرك متى، لكن الذئب وقف عند قدمي. و ظننت أنه ربما كان وحيدًا، فربّت على رأسه وواصلت الكلام.
“البلاد على هذه الحال الفوضوية. لو كان من طباع الإمبراطور أن يتصرف لكان فعل شيئًا، لكنه لا يتحرك على الإطلاق. عندما ذهبت سابقًا، كان جو القصر غريبًا بعض الشيء. و الأمير الأول ليس من هذا الطبع لكنه صار عنيفًا إلى حدٍّ بعيد…..”
لم يرف ذيل الذئب رغم أنني كنت ألمسه. فنظرت إليه باستغراب، فإذا به لا يرفع بصره نحوي بل يخفض رأسه وينظر إلى الأرض.
بينما كنت أرمق الذئب بقلق تحدّث جيرون،
“لا أعلم التفاصيل جيدًا أيضًا. لست أنا الذي يعلم كل شيء.لكن حسب ما أعلم، هناك سببٌ واحد فقط يجعل ذلك الرجل لا يتحرك أو لا يستطيع التحرك.”
“واحد؟”
“ألا تعلمين؟ الشيء الوحيد الذي يملك قيمةً بالنسبة لإمبراطور هذه الإمبراطورية.”
رفعت بصرى ببطء. و رفع الذئب رأسه فجأة وكان يحدق في جيرون.
“عندما يتعلق كائنٌ لا مبالٍ يعيش منعزلًا عن العالم مثلكِ ومثلي بشيء، فغالبًا ما يكون السبب واحدًا.”
“…..آه.”
كرهت قليلاً أنني فهمت كلام جيرون، ومع ذلك لم أستطع إلا أن أتفهّم.
“هل لدى الإمبراطور شخصٌ يحبه؟”
“على حد علمي.”
“من؟”
“هممم…..”
ثم مرّ جيرون ببصره على الذئب ببطء، والذي جلس بلا أن ينبعث منه أي صوت.
“هي والدة الأمير الثالث. هناك شائعةٌ أنها قد توفيت.”
قال ذلك وهو يبتسم بمرارة،
“من العجب أن الإمبراطور، رغم أني لا أعلم شيئًا عن أمور أخرى، في طريقة تعامله مع الأمور يشبهني إلى حدٍّ ما.”
“هل كان شخصٌ صارمٌ كهذا ليمتنع عن التدخّل ويترُكها تموت هكذا؟”
“لستُ أدري. ليس أنا من سيكتشف ذلك. فلدي قيودٌ تمنعني من العبث بالأمور مباشرة.”
هززت رأسي موافقةً على كلام جيرون، فلم يكن فيما قاله خطأ.
وبذلك لم يعد أمامي سوى لقاء الأمير الثالث أو مواجهة الإمبراطور نفسه.
“للعلم، الإمبراطور الحالي لا يستقبل أحدًا الآن.”
بكلمة أخرى، كأنه في إضراب.
لكن كان في نبرته شيءٌ من الضيق الممزوج بالتذمر.
‘و الآن تذكرت، هذا الرجل كان منشغلًا جدًا في الآونة الأخيرة.’
فكرت روكسيلين بذلك وهي تراقب تعابير وجهه.
ولحسن الحظ لم يطل الوقت حتى دخلت سيلينا.
لا بد من الذهاب إلى دوقية بيليون، أياً تكن المشكلة فقد صار التوجه إلى القصر الإمبراطوري أمرًا لا مفر منه.
‘غدًا عليّ المرور أولًا بالمعبد، ثم سأتوجه إلى دوقية بيليون.’
فكرت روكسيلين على هذا النحو وهي ترد بابتسامة على تحية “صباح الخير” التي بادرتها بها سيلينا.
كان جو قاعة الطعام هادئًا، ولهذا بدا وقت الإفطار دافئًا وأليفًا.
***
“مرحبًا.”
“…..أوه، ومن هذه؟ الضمير الميت الذي تركني في المعبد وهرب بلا أثر!”
ردّت روكسيلين ببرود وهي تهوي على الأريكة بعد أن زارت المعبد برفقة الذئب.
“آه، هذا…..أبي أمر أن أُحضره كنوع من التقدير.”
ثم أشارت بأصابعها إشارةً صغيرة.
فتقدم الفرسان المرافقون لها، وقد بدا أنهم حرسها، وأنزلوا أمام إيربون صندوقًا خشبيًا كبيرًا بغطاء.
“افتحه.”
قالت ذلك وهي تميل برأسها قليلًا. ثم التفتت إلى الفرسان،
“يمكنكم الانصراف.”
“نادينا إن احتجتِ شيئًا يا آنسة.”
“حسنًا.”
“أيها الذئب، احمِ سيدتكَ جيدًا.”
“غرووونغ—”
ابتسم الفارسان وربتا على رأس الذئب بود، ثم انحنيا احترامًا وخرجا من غرفة الاستقبال.
في تلك الأثناء، كان إيربون قد فتح غطاء الصندوق وألقى نظرةً داخله، ليتجمد مكانه كتمثال، وفمه مفتوحٌ من الدهشة.
‘ألن ينخلع فكه بهذه الحالة؟’
فكرت روكسيلين بذلك، لكنها ابتسمت وهي تلاحظ أنه حتى كوب الشاي لم يُقدَّم لها بعد، ثم فتحت فمها،
“قبل قليل قلتَ شيئًا عن ضمير معدوم…..آه، ماذا كنت تقول بالضبط؟”
سألت مبتسمة. و ما إن أنهت كلامها حتى وثب إيربون واقفًا بخفة، واندفع ليقف أمامها.
“سيدتي الجميلة، الرقيقة، المحبوبة، التي أنعمت على إنسان مثلي لا ضمير له ولا قيمة، ومنحته معنى في حياته! أخيرًا، جئتِ لرؤيتي!”
الجملة الأولى والأخيرة لم يكن بينهما أي انسجام. لكن إيربون لم يكترث لذلك، بل ركع على ركبة واحدة أمامها، وعيناه تتلألآن وهما تلتقيان بعينيها.
ولم يكن ذلك غريبًا، فالصندوق كان مليئًا بسبائك الذهب.
‘حقًا، هو رجلٌ يسهل التعامل معه.’
فقط أغرقه بالمال، وسينشأ عنده من الولاء ما يجعله يضحي بنفسه وهو يتمسك بالوعد.
‘يبدو أن امتلاكي لثروةٍ طاغية هو وحده ما يلزمني لأجعله في صفي.’
نظرت روكسيلين إليه، فرأت أن جانبه المادي البحت لم يتغير قط، حتى بعد أن عاد أصغر.
“أشعر بالعطش.”
فانطلقت عينا إيربون بالبريق، وقفز واقفًا من وضعية الركوع،
“سأحضر على الفور شرابًا فاخرًا مع كعكات الزبدة الفاخرة!”
أسرع يجري نحو المطبخ الصغير الملحق بغرفة الاستقبال، لكنه توقف فجأة واستدار.
“آه، سيدتي روكسي! عصير برتقال، أم عصير عنب، أم كاكاو، أم حليبٌ دافئ؟ أيها تفضلين؟”
“هممم…..”
‘خيارات الأطفال المعتادة، كما هو متوقع.’
فكرت روكسيلين قليلًا وهي توازن بين الشراب المناسب وكعكات الزبدة، حينها—
“آه!”
ضحك إيربون فجأة بوجه مشرق، ورفع يده تحت ذقنه كزهرة متفتحة، ثم رمش بعينيه،
“أو…..ربما أنا؟”
“غرووور….! كوااانغ!”
في تلك اللحظة، أطلق الذئب زمجرةً منخفضة، ثم نهض من مكانه دفعةً واحدة.
“…..ماذا؟”
بينما بدا الذهول على وجه إيربون، اندفع الذئب بجسده الضخم نحوه وطرحه أرضًا.
دووم—.
وبينما كان إيربون يتخبط محاولًا الإفلات، انقض الذئب على ذراعه ونهشها، ثم راح يهوى بمخالبه الثقيلة على رأسه بلا رحمة.
دوووم! دوووم! دوووم!
كانت مخالبه الناعمة كالهلام، لكنها نزلت على رأسه ضربًا مبرحًا.
“آخ! آخ! آااخ! هذت مؤلم! أيها الكلب الملعون!!”
“ووف! غرووو…..”
“سيدتي روكسي! سيدتي روكسي!”
وبينما يصرخ إيربون بيأس، ألقت روكسيلين نظرةً جانبية عليه، ثم أطلقت تنهيدةً قصيرة مع “آه.”
“أريد الحليب الدافئ.”
و قالت ذلك ببرود.
“لا، ليس هذا ما قصدته! خلّصيني من هذا أولًا!”
_________________
وسط كل ذاه روكسيلين كان تفكر وش يناسب بسكوت الزبده😭😭😭😭😭😭😭
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات