تتابعت العطسات المتفجّرة بلا انقطاع، فما كان من الذئب الذي كان يقفز مرحًا إلا أن تراجع مذعورًا وانزوى في ركنٍ قصيّ.
“كي… كيينغ…”
“أيها الذئب، ألم أقل لك من قبل إنّ روكسيلين تعاني حساسية تجاه الفراء؟”
أحضرتُه معي لأنّه ألحّ عليّ في عدم رغبته بالبقاء وحيدًا، بعد أن نلت الإذن بذلك. لكن ما كنت أتوقّع أن ينتهي بنا الحال هكذا.
“لا… لا بأس.”
قالت الطفلة وهي تلوّح بيديها الصغيرة وتبتسم.
رفع الذئب أذنيه فجأة، لكن ما لبثت العطسات أن عادت تتفجّر منها لتغدو منكمشة في ركنها من جديد.
فركتُ وجنتيها بحيرة وزفرتُ ببطء.
لقد بقي فقط ثلاثة أيام على أول ظهور لها في مجتمع الراقي.
وخلال تلك الفترة، كنت قد بحثت في أمر ‘ماكروكسا’ و’طائفة فيناك’، فإذا بي أكتشف أنّ الأمر قد تفاقم كثيرًا.
بل بلغ من التضخّم والتعقيد مبلغًا يجعل التدخّل فيه الآن ضربًا من المستحيل.
‘ما الذي يدور في خلد الإمبراطور يا ترى؟
أيمكن أنّه بدوره قد تسرّب إليه نفوذ طائفة فيناك؟’
“هل أنتِ بخير؟ لم لا تتناولينِ دواءً للحساسية؟”
“نعم، بخير.”
ابتسمت الطفلة ابتسامةً خافتة.
وكان أعظم ما تبدّل في قصر والدها خلال زياراتها المتكرّرة له، أنّ ذاك الرجل الذي كانت لا تكفّ عن وصفه بـ’الكئيب’ أصبح يولي اهتمامًا بالمظهر، ويتأنّق في لباسه ثم يظهر أمامها متكلّفًا السعال ليلفت أنظارها.
“لقد أتيتِ إذن، يا روكسي.”
“مرحبًا بك، أيها السيّد الصغير.”
“كخـم!”
أليس ذلك اعترافًا ضمنيًّا منه بحبّه للزينة؟
“غداءٌ طيّب يا روكسيلين.”
“آه، نعم… لقد نمت جيدا؟! إنّ ثيابك رائعة يا أبي.”
قالت الطفلة وهي تحمرّ خجلًا وتبعثر كلماتها المرتبكة.
ثمّ لم يتوقّف الأمر عند ذلك، بل أخذ الحوار يدور بينهما كلّ يوم.
يبدآن بالتحية صباحًا، ويجلسان على مائدة واحدة مرّةً على الأقلّ في اليوم.
ولو علمت كيف أنّها لم تكن تكفّ عن الشكوى قائلة. “سأهلك من ضباب السمّ الذي تبثّه عند أقل انفعال!”، لعرفت أنّه لم يكن تغييرًا يسيرًا.
وهكذا غدت علاقتهما أكثر وُدًّا، حتى أنّ الخدم باتوا يتصرّفون وكأنّها ابنة القصر الثانية.
وكانت روكسيلين في عالمها السابق تعيش منطوية تحدّق من نافذتها، أمّا الآن فهي تتبادل أطراف الحديث مع أبيها، تكتم أحيانًا وتُظهر أحيانًا أخرى، لكنّها على الأقل لم تعد تعيش أسيرة الصمت.
“روكسي، هل اخترتِ الثوب الذي ستذهبين به لحفل الظهور؟”
“نعم. وقد كنتَ أنت نفسك معي حين اخترته.”
“صحيح، أشكرك.”
ابتسمت الطفلة وقد تورّد خداها، وهي تمسك بخجلٍ بكفّ صديقتها.
“يكفيني وجودكِ بجانبي.”
“ذلك جيد إذن.”
بدت روكسيلين في تلك اللحظة بملامح طفلة رقيقة ساحرة، حتى أنّ صديقتها لم تتمالك نفسها من الاعتراف في سرّها
‘أيعقل أنّي أجدني نفسي لطيفةً إلى هذا الحد؟!’
وكانت روكسيلين تعتقد أنّ الفضل في هذا التحوّل الأسريّ يعود لصديقتها التي قرّبت بينها وبين أبيها، حتى باتت لقاءاتهما على فنجان شاي عادةً لا تنقطع.
ثمّ أتى يوم، حضرت فيه ابنة الكونت مولفو لتقديم اعتذارٍ بعد نصف عام كامل من المماطلة.
وقد أجبرها أبيها على تذوّق مرارة الاعتراف بخطئها وتفسيره كلمةً كلمة، حتى بكت خجلًا وهي تعترف أنّ ما دفعها كان حقدًا أعمى على مكانةٍ أعلى من مكانتها.
ومع ذلك تماسكت حتى النهاية وأدّت اعتذارها.
وبفضل تلك الحادثة، تحسّنت العلاقة بين الدوق بيليون وحفيدته روكسيلين.
ولم يكن ذلك ليحدث لولا أنّ جيرون ويلبريد منحه الكونت مولفو وقتًا كافيًا لإصلاح ما أفسدته ابنته، بل حتى دوق بيليون نفسه صبر دون أن ينبس بكلمة.
***
وذات مرّة، بينما كان الدوق يبدّل ثيابه، فاجأته حفيدته باقتحام الغرفة قائلة.
“جدي، أتعلم ماذا حصل؟”
“أيّها الشقيّة! أما وجدتِ غير هذه اللحظة لتدخلي؟ كيف عرفتِ أصلًا مكاني؟!”
“لا داعي للحرّج بين العائلة. وقد وجدتُكَ عبر… رادار الحب.”
“ماذا؟!”
“دعابة! لقد سألتُ كبير الخدم.”
رمقها بنظرةٍ حادّة تُرهب الجبال، غير أنّها أتبعت قولها بذيلٍ من اعتذارٍ خجول.
“نعم، على أي حال، اليوم تمت دعوتنا إلى منزل البارون لحضور مأدبة الشاي، لكن الخدم لم يُظهروا أي اهتمام بنا. أما الضيوف الذين وصلوا بعدنا فقد اعتنوا بهم.”
“…ماذا تقولين؟ هل هؤلاء الأوغاد قد تجاهلوك أنت وحفيدتي كأنكما لا شيء؟!”
“لا، لم يكن تجاهلًا كاملًا، فقط كأننا غير مرئيين.”
“…هاه، وماذا فعلتِ إذن؟ هل رميتي الطعام في وجه المضيف؟!”
كان من المدهش أن يغضب الدوق أكثر مني.
ففي ذلك الوقت، كان الدوق شخصًا مخيفًا بالنسبة لي.
“فقط…”
“فقط؟”
“مزّقتُ بطاقة الدعوة، وقلت إن اللعب في مكان منحط كهذا يترك رائحة كريهة، فلنذهب للتسوق، ثم خرجتُ.”
“…هاه؟”
أصدر الدوق من بين شفتيه المواربتين صوتًا غريبًا.
—يتبع.
( (
(„• ֊ •„) ♡
━━━━━━O━O━━━━━━
– تَـرجّمـة: شاد.
~~~~~~
End of the chapter
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 170"