“ذلك… لا أعلم السبب، كلّ ما قالوه هذه المرّة هو أنّهم يريدون تغيير جهة التعامل فحسب…”
“وما الذي ينوون رفعه من الشروط حتى يتشبّثوا بهذا الشكل؟! هذا وذاك، كأنّ الدنيا اليوم قد اجتمعت عليّ…”
مرّر الكونت مولفو يده بعنف في شعره، ثم أخذ يُدلّك شاربه المتدلّي قبل أن يزفر زفرةً عميقة.
“أحصل أمر آخر يا أبي؟”
“لقد جاءني ردّ من شركة جين للمعادن يُفيد بأنّ تمديد العقد معهم سيكون صعبًا.”
“ماذا؟ فجأةً هكذا…؟ لكن جين للمعادن مشهورة كـليون للمعادن بأنّها من أفضل المورّدين للمنتجات عالية الجودة!”
أدرك الشاب أنّ المنتجات الرخيصة قد تُصنَع بسهولة، لكن الطلبيات الخاصة والكبيرة، حجوزات الوجهاء، وتكليفاتهم، لن يقبل بها أحد غير تلك الشركات.
“هاه، كنت أنوي إن انقطعت جين أن أنقل التعامل إلى ليون، فإذا بهم…”
ومسح مولفو وجهه بيده كأنّه يريد اقتلاع القلق من ملامحه.
“سأذهب غداً مع طلوع النهار، أحمل بعض الشروط الجديدة وأحاول التفاوض.”
“وأنا سأزورهم ثانيةً بنفسي أيضاً.”
“لكن إن فشلنا ثانية، فماذا نفعل؟”
“لا خيار… إن لم ينفع، فسنطرق أبواب الأسر النبيلة التي تدعمهم من الخلف.”
“أسرٌ نبيلة؟”
“أجل، مثل هذه الشركات غالبًا ما يقف خلفها راعٍ من الأسر الأرستقراطية، يمدّها بالمال ويدعمها من وراء الستار، مقابل نصيبٍ من الأرباح.”
صَبّ كأس الويسكي وأخذ رشفةً حارقة، كأنّه يبتلع مرارة صدره.
هزّ الابن رأسه.
“إنّ أكبر الداعمين جين زن هو منزل الماركيز ويلبريد.”
“أجل.”
“وأمّا شركة ليون، فيقف خلفها منزل الدوق بيليون…”
هنا تغيّرت ملامح مولفو فجأة.
“بالمناسبة… كيف حال أختك؟”
“سمعتُ أنّ سيلي لم تزل حبيسة غرفتها، لا تخرج، ولا تأكل، تبكي طول الوقت.”
تجهّم الأب وعضّ شفته.
“تبا! ألهذا الحدّ تبكي لأنّها مزّقت بطاقة الدعوة وغادرت؟”
“يبدو أنّ الألسنة تكاثرت من وراء ذلك.”
“طبيعي! أتعلم ما هو مجتمع النبلاء؟ إنّه فمُ ذئب، يلوك الشائعات لوكاً. ولهذا لم أُدخلها رسميّاً في الدوائر الاجتماعية بعد، فهي متهوّرة وسريعة التأثّر، تسمع كلّ ما يُقال فتتبنّاه، والشرّ تسارع إلى تقليده.”
“نعم، فحتى الخطأ الصغير يُصبح عيبًا في هذا المجتمع.”
“حمقاء! إن أرادت أن تُسيء، فلتفعل بدهاء، لا علناً أمام الملأ!”
وتنهّد وهو يجرع الويسكي دفعة واحدة.
“قُل لي، من مزّق البطاقة أصلاً؟”
“سمعتُ من أمّي أنّ ابنة ماركيز ويلبريد هي من فعلت. وأمّي ثارت غاضبة إذ لم تسمع غير كلام سيلي.”
“ابنةُ ويلبريد…؟”
“أجل، تلك التي تبنّاها حديثاً…”
“آه… أتقصد تلك اللقيطة من الشارع؟”
قالها باحتقار، ساخراً من القدر.
كان في البدء قد تعجّب من دفاعهم عنها، ثم حين علم أنّها متشرّدة أُصيب بالذهول من غباء تلك العائلة.
“ألم يكونوا اثنتين؟”
“بلى، والأخرى… قيل إنّها ابنة دوق بيليون. ظنّت سيلي أنّها تستطيع إذلال ابنة الدوق ذات السمعة السيئة…”
قهقه مولفو باستهزاء.
“متشرّدة… وطفلة غير شرعيّة! كِلاهما يليق بالآخر.”
ففي الخفاء كانت الأحاديث تدور عن أنّ ابنة الدوق روكسيلين ليست شرعيّة، ولم يُعلَن ذلك رسميّاً، لكنها نادراً ما تظهر للعلن كأنّها تخفي هويّتها، وسمعتها في الأخلاق سيئة.
‘اللعنة… إذن جين وليون، كليهما مسنودٌ من دوقٍ وماركيز!’
ضاق مولفو عينيه وزفر بغموض.
“لا… لا أظنّ أنّ الأمر وصل إلى ذلك الحد…”
فقد كان من أعراف النبلاء أن لا يتدخّل الكبار في نزاعات الصغار العابرة.
“على كلّ حال، أرسل إليها هديّةً باسم الاعتذار، ولو شكليّاً.”
“أمرك، يا أبي.”
“آه… صداع! إن لم نجد حلاً عاجلاً…”
ثمّ أشعل سيجارته بعد أن مرّر يده بعصبيّة في شعره.
لكن، منذ اليوم التالي، بدأ يشعر أنّ شيئاً مريباً يجري.
فالطرود تُعاد كما أُرسلت، والشركات صامدة لا تُبدي ليونةً في موقفها.
صحيح أنّه يملك مخزوناً يكفي لعام، لكن ماذا بعد؟
كتب بنفسه رسالة يطلب فيها الزيارة، إذ ضاق صدره من الصدّ المتكرّر.
وجاءه الردّ بالإذن من كلتا العائلتين.
***
وقف أمامه وانحنى مبتسماً ابتسامةً مُفتعلة.
“مرحباً بك يا سعادة الماركيز، أتمنى أن تكون بخير خلال هذه الفترة.”
رفع جيرون ويلبريد رأسه ببرود وقال.
“آه، أتيتَ أخيراً، مولفو. مضى وقت طويل.”
توقّف مولفو لوهلة، متفاجئاً من مخاطبته له بغير صيغة الاحترام.
فالنبلاء، وإن تفاوتت مراتبهم، يحفظون قدراً من التوقير.
غضب في داخله، لكنّه عزّى نفسه. لعلّه لم يعتد بعد، فهو حديث العهد بالمقام.
فأطلق ضحكةً مُجاملةً وقال.
“كان ينبغي أن أزورك منذ نِلت لقب الماركيز، لكن أشغال التجارة شغلتني.”
ردّ جيرون باستخفاف.
“لا بأس، لم أكن في حاجةٍ إلى تحيّتك أصلاً.”
ثم أشار بيده إلى الأريكة.
“اجلس. كنتُ أنتظرك، فقد آن أوان حضورك.”
“أنا…؟”
“نعم. كنتُ أعلم أنّ النار ستلتهم قدميك عاجلاً أم آجلاً، وستُجبرك على المجيء.”
ابتسم في وجهه ابتسامةً مائلة، والاحتقار يقطر من كلماته.
“فلنسمع إذن. بما جئت؟ أتمنّى أن يكون حديثك غير مملّ.”
تصلّبت قبضتا مولفو، وقد احمرّ وجهه بالمهانة.
كان خصمه يبتسم، غير أنّ الغضب يطلّ من عينيه.
لكن… لماذا؟
لطالما كان مولفو ملتزماً بقواعد التجارة. يعطي ما يُطلب، فيُعطى أفضل البضائع. لم يُهِن شريكاً، بل على العكس كان يرفع الشروط بما يضمن ربحاً من الخارج فلا يتضرّر أحد.
حتى مع الخدم والعمّال، كان يُظهر بعض الإحسان فينالون رضاه.
أخذ نفساً طويلاً، وقال بصوتٍ هادئ.
“هاها… يبدو أنّ شيئاً ما أزعجك يا سعادة الماركيز.”
أجابه جيرون ببرود.
“بلى، أزعجني.”
“لقد جئتُ ألتمس وساطتك مع شركة جين للمعادن لا أكثر…”
لكن نبرته، وطريقة جلوسه، كلّها صرخت في وجه مولفو أنّ الأمر لم يكن صدفة، بل متعمَّداً.
‘ولكن… لماذا؟’
ظلّ يبحث عن السبب، عبوسه يزداد عمقاً.
—يتبع.
( (
(„• ֊ •„) ♡
━━━━━━O━O━━━━━━
– تَـرجّمـة: شاد.
~~~~~~
End of the chapter
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
كيم مين ها البالغة من العمر 20 عامًا ، طالبة جامعية عادية. من السخف أن تستيقظ في عالم مختلف تمامًا بعد حادث مفاجئ … ‘لماذا جاءني رجل وسيم للغاية بوجه غاضب ، وأعطاني أوراق الطلاق؟’ “ما الذي تتحدث عنه أيها الرجل الوسيم؟ لم ألتقِ بك من قبل ، ناهيك عن الزواج بك ، لماذا تعطيني...مواصلة القراءة →
كيم مين ها البالغة من العمر 20 عامًا ، طالبة جامعية عادية. من السخف أن تستيقظ في عالم مختلف تمامًا بعد حادث مفاجئ … ‘لماذا...
التعليقات لهذا الفصل " 168"