“كاهنٌ رفيع المستوى مثل أمون الذي التقينا به سابقًا، أو شيطان بمستوى مماثل، أو شخصٌ يمتلك قدرةً تكفي لمقاومة تلك القوة. وأخيرًا، شخصٌ بحجم سيد الشياطين نفسه، ربما.”
قال جيرون ذلك بهدوء.
كان الحاجز مرتفعًا جدًا لدرجة أنني عجزت عن الرد.
“هذا صعبٌ فعلًا.”
“مع ذلك، فهو كائنٌ عاش لآلاف السنين.”
“…..أفهم. لكن لا أفهم لماذا أستمر في التورط مع طائفة فيناك.”
تمتمت روكسيلين بهدوء.
من الواضح أن العدو يجمع أشياء نادرة للغاية. لكن بصراحة، هل تملك روكسيلين شيئًا مميزًا فعلاً يميزها عن الآخرين؟
حتى بعد الاستماع لشرح جيرون ويلبريد وتقييم الأمور بموضوعية، لم تكن شخصًا قد يطمع فيه شيطانٌ عمره آلاف السنين.
“الهاوية التي تسكن داخلكِ،….”
خفّض جيرون نظره نحو روكسيلين بهدوء.
“لقد رأيتها مرة، منذ زمن بعيد.”
“…..ماذا تقصد؟”
“تلك الهاوية كانت أحيانًا تعيد الزمن، وأحيانًا تسرقه، وأحيانًا تربط أزمنة الآخرين ببعضها…..بل وكانت تستطيع التجسس على أوقاتهم.”
قال جيرون ذلك وكأنه يتمتم، ثم مدّ يده الكبيرة وربّت على رأس روكسيلين.
“…..ما الذي تهذي به؟”
“لهذا السبب، في ذلك الزمن البعيد، كانت الكائنات الحية تُطلق على تلك الهاوية اسم صاحبها تعبيرًا عن احترامها لها.”
“وما هو؟”
“هذا…..أمرٌ يعود لكِ لتكتشفيه.”
قال جيرون ذلك بابتسامة ماكرة وهو يضغط على رأس روكسيلين. فتجهم وجهها.
“هيه، أيها الأب اللعين. أبعد يدكَ عن رأسي.”
“إنه واجبٌ منزلي. حاولي أن تحزريه.”
رفعت روكسيلين رأسها بدهشة نحو جيرون الذي انفجر ضاحكًا.
كانت هذه أول مرة تراه يضحك هكذا.
“الآن بعد أن فكرت بالأمر، كان هو أيضًا رجلاً يتصرف كما يشاء، مثلكِ تمامًا.”
حكت روكسيلين مؤخرة رأسها وقطبت حاجبيها.
“لكن لماذا أُلاحَق إذاً؟”
“قلت لكِ، إنه واجبٌ منزلي. إذا حللتِ واجبي، ستجدين الإجابة على سؤالكِ أيضًا.”
تنهدت روكسيلين. فقد كان العمل متراكمٌ أصلًا، والآن يُضيف إليها مهمةً أخرى، ولم تكن تدري كيف تتعامل مع رجل مثله.
‘يبدو أنني لم أُرزق بوالدين جيدين أبدًا.’
فواحد كئيب، والآخر كئيب بطريقةٍ مختلفة.
‘في الحقيقة، كلاهما كئيب.’
“حسنًا، فهمت، لكن…..أيها الأب اللعين.”
“هممم؟”
“هل يمكنكَ إقراضي بعض المال؟”
“هكذا فجأة؟”
“بما أنني وصلت إلى العاصمة، حان وقت الاستقلال. إن أردت أن أعيش، عليّ أن أبدأ مشروعًا أو أستثمر.”
عند كلمات روكسيلين، ظهر على وجه جيرون تعبيرٌ غريب وكأنه سمع شيئًا لا يُصدق.
“الاستقلال؟”
“لا يمكنني الاستمرار في الاعتماد عليكَ إلى الأبد. وبالطبع، لا أطلبه مجانًا.”
قالت روكسيلين ذلك بهدوء.
“إذا أقرضتني، سأبدأ بسداد الفوائد عندما أبدأ بتحقيق الأرباح…..”
“ألستِ ابنتي؟”
“وماذا في ذلك؟”
“طفلة في العاشرة…..تقول أنها تريد الاستقلال؟”
رمشت روكسيلين بعينيها.
“لقد لعبنا هذا الدور بما فيه الكفاية. إلى متى سنستمر في هذه اللعبة؟”
لقد استمر الأمر لأكثر من عام الآن.
ظهر شيءٌ اسمه آمون، وهناك صداع اسمه طائفة فيناك، لذا لم يكن هناك وقتٌ لتضييع لحظة، فالعمل المتراكم لا يُحصى.
“…..لعبة تمثيل؟”
“أنت وأنا نعرف كل شيء عن بعضنا، فما الحاجة للتمثيل؟”
فردّ جيرون مبتسمًا بصمت.
“كنت أظن أننا أبرمنا عقدًا جديًا، لكنكِ تعتبرينه مجرد لعبة. هل كنتِ تفكرين أن تأكلي ثم تتخلصي مني؟”
تمتم جيرون قائلًا إن الشعور كان غريبًا فعلًا، ثم أنزل يده التي كان يربّت بها على رأسها.
“يمكنني أن أعطيكِ مصروفًا بسيطًا.”
“لا، كنت أريد صفقة…..”
“أنا لا أبرم صفقات مع من لم يُكملوا مراسم البلوغ بعد. الأطفال يجمعون مصروفهم ويستقلّون بأنفسهم، أليس كذلك؟”
قال ذلك وهو يبدو منزعجًا للغاية، ثم استدار وغادر بسرعة.
“…..؟”
بينما رمشت روكسيلين بعينيها بدهشة من شدة العبثية، وفجأة— بانغ!— أُغلِق الباب بقوة.
وبعد ذلك بأربعة أيام، فتحت ليلي بيليون عينيها أخيرًا، وكأنها أتمت امتصاص الحجر بالكامل.
***
“مرحبًا.”
“آه…..نعم، صباح الخير. إذًا…..روكسي، أليس كذلك؟”
“نعم. سنذهب اليوم إلى قصر الدوق بيليون، هل هذا مناسبٌ لكِ؟”
مرّ شهرٌ منذ أن فتحت ليلي بيليون عينيها. وخلال ذلك الوقت، حاولت التكيّف مع العالم المتغير من حولها، وتلقّت شرحًا عن وضعها الحالي.
طبعًا، لم يشرح لها أحدٌ الوضع مباشرة…..بل نقل جيرون وِيلبريد الأمر إلى سيلينا، التي نقلته إليها بطريقة ملتفة ولطيفة.
كان من الغريب أن يُظهر هذا النوع من الاهتمام النادر، وقد بدا مفاجئًا بعض الشيء.
على ما يبدو، لا يزال جيرون مستاءً من حديث المصروف والاستقلال، فقد صار يرسل لها كل صباح 50 ألف أورلانغ تحت اسم “مصروف يومي”.
عندما كانا يتناولان الطعام معًا، كان يعطيها المال بنفسه، وإن كان مشغولًا، يرسله عبر إحدى الخادمات.
خمسون ألف أورلانغ. وهو ما يعادل تقريبًا أجر يوم واحد لعامل من عامة الناس في وظيفة عادية.
بمعنى آخر، لم يكن مبلغًا كبيرًا. فلم يكن من الممكن طبعًا بدء مشروع أو تحقيق الاستقلال بهذا المال.
روكسيلين، التي كانت تراه يتصرف كطفل في البداية، بعد مرور شهر بدأت تشعر برغبة حقيقية في الإمساك بياقة قميصه والدخول في شجار.
على أي حال، قضت ليلي الشهر الماضي في جلسات التأهيل.
ويبدو أن حجر “تشيلو” الأصفر أدى دوره كما يجب، فبالرغم من أنها كانت طريحة الفراش لعدة سنوات، لم تواجه مشكلة في الحركة. حتى ساقها التي كانت تجرّها قد شُفيت تمامًا.
لكن الطعام كان قصةً مختلفة.
كانت تتناول مغلي الأرز السائل، المشابه للماء، لتعويد معدتها تدريجيًا، وابتداءً من قبل ثلاثة أيام فقط بدأت تتناول طعامًا عاديًا بكميات صغيرة.
‘إذا عادت ليلي بيليون، فسوف تُحلّ مشكلة ذلك الأحمق أيضًا.’
الأحمق. أي الابن الثاني لعائلة بيليون، إيان بيليون، الذي انحرف ودخل المعسكر العسكري بسبب شعوره بالذنب تجاه ليلي بيليون.
‘…..المشكلة أن المعسكر الآن بيد طائفة فيناك.’
وكانت تأمل في قرارة نفسها أنهم لم يمدوا يدهم إليه بشكل مباشر بعد.
‘أشتاق لأبي…..’
وهي تفكر في قصر الدوق بيليون، تنهدت روكسيلين عندما خطر ببالها والدها.
في الواقع، سواءً والدها في هذا العالم أو ذاك، كانت تحبهما كلاهما. لكن على الأرجح، لن تتمكن من قول أي شيء بصدق لوالدها في هذا العالم.
ففي هذا العالم، روكسيلين بيليون كانت موجودةً أصلًا ولكن في جسد مختلف.
وقد كانت تشعر ببعض الوحدة فعلاً بعد أن فقدت الشخص الذي كانت تتدلل عليه وتطلب منه العناق، وتمازحه بقولها أنه شخصٌ كئيب.
وفوق كل ذلك، لم تكن تتوقع أن يستغرق الأمر كل هذا الوقت للتواصل مع عائلة بيليون. لكن الواقع أن وضع قصر الماركيز ويلبريد كان فوضويًا للغاية.
ولكون جيرون قد أعاد ترتيب الأمور وأعاد القصر إلى مساره الطبيعي خلال سنة واحدة فقط، كان هذا بحد ذاته أمرًا مذهلًا، ولم تستطع التذمر منه فعلًا.
“هاه…..”
وفي اللحظة ذاتها، تنهدت ليلي بيليون أيضًا.
“هل هناك ما يقلقكِ؟”
“قيل أن عدة سنوات قد مضت…..وهذا يقلقني كثيرًا.”
“آه، ما الذي يقلقكِ بالتحديد؟”
سألت روكسيلين بوجه جاد، إذ كانت تشعر بمسؤولية تجاه عمتها.
نظرت إليها ليلي بيليون وابتسمت بخفة، وهي ترى ذلك الوجه المستدير يسألها بنبرة جافة وتعابير قاسية.
في البداية، كانت تظنها غريبة الأطوار، لكن بعد شهرٍ قضته معها، أدركت أن هذه الجفاف في التعبير ما هو إلا جزءٌ من شخصية الفتاة.
وعرفت أيضًا أن مبادرتها بالكلام بهذه الطريقة، كانت بالنسبة لها نوعًا من بذل الجهد الحقيقي. فقد كان واضحًا تمامًا أنها لا تبدي أي اهتمام بالآخرين عادة.
“أقلق من أن يكونوا قد نسوني تمامًا…..”
“ما لم يصبهم مرضٌ غريب، لا أعتقد أن أحدًا قد ينسى ابنته.”
“ممم…..لكنني تغيّرت كثيرًا…..ماذا لو ظنوا أنني مزيفة؟”
“في تلك الحالة، لنذهب للمعبد ونطلب فحصًا للدم. إذا كانت هناك أدلةٌ موضوعية، فماذا يمكنهم أن يقولوا؟”
“أوه…..صحيح. لكن…..قد يرونني مقززة أو شيء من هذا القبيل….”
“إن كانت العائلة تفكر بهذه الطريقة، فالأفضل ألا تعودي إليهم أصلًا، بل تعتمدي على نفسكِ. أنت الطرف المتضرر هنا، ومن الخطأ تمامًا أن يلوموا الضحية.”
“مم…..معكِ حق. كلامكِ صحيح. أشعر فعلًا أنني كنت أقلق بلا داع…..”
قالت ليلي ذلك بصوت بدا عليه بعض الضعف، فهزّت روكسيلين رأسها برضا.
“نعم، هذا صحيح.”
كانت تشعر بأنها هدأت من روع الطرف الآخر جيدًا.
ورغم كل شيء، فقد بدأت روكسيلين تجد صعوبة في تصديق أنها تفتقر إلى المهارات الاجتماعية. فهي تعطي دومًا نصائح عقلانية عندما يُطرح عليها سؤال، فكيف يمكن اعتبارها غير اجتماعية؟
________________
ذي مب نصايح ذي دحض اراء😭 بس تعتبر نصايح بعد
المهم ياعزتي على جيرون و روكسيلين محد فاهم الثاني
روكسيلين اشتاقت لأبوها😔 بكيت
—يتبع.
( (
(„• ֊ •„) ♡
━━━━━━O━O━━━━━━
– تَـرجّمـة: دانا.
~~~~~~
End of the chapter
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 153"