استمتعوا
“…..أووه، يـ، يبدو أن حفيدتي تملك قوةً كبيرة حقًا. آه، هاهاها……”
أخفى الماركيز ويلبيرد ملامح الارتباك وهو يحتضن الطفلة.
ثم وضعت روكسيلين السكين بهدوء وأمسكت بالشوكة. بعد أن احمر وجهها خجلًا.
“أعتذر……”
“لا، لا داعي للاعتذار! يمكننا طلب قطعة لحمٍ جديدة فحسب.”
لوّح الماركيز بيده بخفة، فتقدّم الطاهي من الخلف وأخذ أدوات الطعام ثم انسحب، ولم تمضِ فترةٌ طويلة حتى تم إحضار طبق جديد.
“هيا، سأقوم بتقطيعها لك.”
أخذ الطبق نحوه بسرور، وقطّعه إلى قطعٍ صغيرة مناسبة للأكل، ثم دفعه أمام روكسيلين.
“امتلاك القوة ليس أمرًا سيئًا، فلا تحبطي. من يدري، ربما تملكين هاويةً مذهلة.”
هزّت روكسيلين رأسها مرتبكة إثر كلماته.
رغم أن ما قاله يُعتبر وقاحة شديدة ولم ترغب بالتفكير فيه كثيرًا، إلا أنها تساءلت كيف لرجل يملك حتى لقب ماركيز أن يكون بهذا القدر من السذاجة.
‘لماذا يبدو كشخصٍ ساذج إلى هذا الحد؟‘
عبست روكسيلين قليلًا بين حاجبيها.
‘حسنًا، من وجهة نظر ما…..يمكن اعتبار ذلك نوعًا من الهاوية أيضًا.’
حدّقت في السكين المنحني بشرود، ثم غرست الشوكة في قطعة الستيك المقطعة جيدًا ووضعتها في فمها.
‘يبدو أنني بحاجة لبدء التمرن على التحكم في القوة بالحياة اليومية…..’
في وكر المتشردين، كانت هناك أحيانًا حاجةٌ لاستخدام القبضات، أما الآن، فلن تكون هناك حاجة لذلك بعد الآن.
لم يسبق لها قط أن حاولت التحكم في قوتها طوال حياتها. لأن الأمور التي لم تنجح حتى عند بذل كامل قوتها……كانت أكثر بكثير.
وبينما كانت تفتح وتغلق قبضتها بشعورٍ غريب جديد عليها، لاحظت أن نظرات غير واضحة من جيرون كانت تتجه نحوها.
حرّكت روكسيلين شفتيها فقط دون إصدار صوت.
‘الى ماذا تنظر؟‘
ما إن خرجت هذه الكلمات بدون صوت حتى هزّ كتفيه وأدار نظره بعيدًا ليعود للتركيز على طعامه.
“بدءًا من اليوم، سأتولى أنا الأعمال، فلا بأس إن ارتحتَ يا أبي.”
“هم؟ مع ذلك…..ألا يكون من الأفضل لو أن أباك يعلّمك الأمور تدريجيًا؟“
“لن يكون كذلك.”
قالها بحزم.
“للأسف، كل ما تملكه يا أبي هو مهارة التورط في الأعمال الكبيرة وسعة صدرك.”
“…….”
اتسعت عينا الماركيز بدهشة من كلمات جيرون المباشرة جدًا، وبدأ وجهه بالتكدر تدريجيًا، ثم امتلأت عيناه بالدموع.
مهلًا.
‘…..دموع؟‘
توقفت روكسيلين لوهلة، وفي تلك الأثناء نهض الماركيز من مقعده بوجه شبه باكٍ.
“ابني قاسٍ جدًا! ألم أقل لكَ أن تتحدث بلطف؟! كنت أستطيع أن أعلّمك بعض الأمور!”
ركض الماركيز خارج غرفة الطعام متأرجحًا كأنه بطلة درامية حزينة.
“…..هاه؟“
في ظل هذا الموقف الغريب، حيث ركض رجلٌ مسنّ بالغ خارجًا بوجه شبه باكٍ، لم يكن أمام روكسيلين سوى أن ترمش بعينيها بلا حول.
‘…..ما الذي شاهدته للتو؟‘
أخذت تمضغ قطعةً الستيك وهي تهز رأسها مستنكرة.
“ألم تكن كلماتكَ قاسيةً بعض الشيء، جيرون؟ الماركيز كان يبكي.”
“أبي.”
“…..يا هذا.”
“الآن أصبح عليكِ أن تناديني بـ أبي، روكسي.”
ردّ جيرون بابتسامةٍ عريضة. ورغم أن روكسيلين رمقته بنظرةٍ حادة، إلا أنه واصل تناول طعامه بهدوء واسترخاء.
“…..تبًا.”
“هم؟ ماذا قلتِ؟“
“…..تباً لكَ، أبي.”
“يبدو أن هناك صفةً غريبة سُبقت بها…..لكن، لماذا تنادينني؟“
“هل كان من الضروري أن تقولها بهذه الطريقة؟“
تنهد جيرون بصوت منخفض ثم نقر لسانه بأسف.
“لو كنتِ قد رأيتِ حال الإقليم، لكنتِ فهمتِ يا روكسي.”
لم تستطع روكسيلين الرد على تلك الكلمات، واكتفت بهز رأسها موافقة. لأن الوضع، حتى في نظرها، كان فوضويًا تمامًا.
“والدي لا يملك أدنى موهبةٍ في الإدارة. أبدًا، إطلاقًا. وللعلم، فإن الوضع المالي لبيت الماركيز حاليًا لا يحتوي سوى على جبلٍ من الديون. يبدو أنه جرّب كل أنواع المصائب أثناء غيابي.”
هاه؟
توقفت روكسيلين لوهلة.
‘هل عليّ البحث عن عائلةٍ أخرى؟‘
ويبدو أن ملامح وجهها قد أفصحت عن أفكارها، إذ سارع جيرون إلى أن يضيف قائلاً بألا تفكر بتلك الأمور السخيفة.
“على أي حال، أرجو أن تقدّري شعوري وأنا مضطر لإعادة إصلاح كل شيء من الألف إلى الياء.”
“أعني…..أفهم ذلك، لكن…..”
“ثم إنه شخصٌ يُصرّ بإلحاح إن حاولتِ الرفض بلطف، لذا من الأفضل أن نكون حازمين معه.”
“واو، لا أستطيع التعود على هذا الأسلوب مع هذا الوجه……تباً لكَ، يا أبي.”
ضحك جيرون بصوتٍ خافت على كلام روكسيلين.
“الضرائب تتسرب، والسجلات المالية في فوضى، ولا توجد وظائف، لذا تنتشر الجرائم في كل مكان، والشوارع مليئةٌ بالأيتام، وحتى إدارة القصر لم تعد قائمة، والآن وصل الأمر إلى أن الهراطقة* يتصرفون وكأن المكان ملكٌ لهم. لا أستطيع القول أن هذا الوضع يبعث على السرور.”
*قصده الطائفة
“هم، حظًا سعيدًا، أيها الأب اللعىٍن. حتى لو انهار كل شيء، فسأكون قد انسحبتُ قبل ذلك.”
علّقت روكسيلين بسخرية، فضحك جيرون بخفة.
“ستساعدين أيضًا.”
توقفت روكسيلين فجأة عند سماع هذه الكلمات الصادمة كالصاعقة.
أما جيرون، فخرج من غرفة الطعام بكل هدوء وابتسامةٍ تعلو وجهه.
***
“…..ألم تقل إن هناك أمرًا عاجلًا يجب إنجازه قبل إدارة الإقليم؟“
“بلى، قلتُ ذلك.”
وبمجرد أن أجاب، سُمع صوت زقزقةٍ من مكان ما. و فركت روكسيلين جبهتها برفق.
“قلتَ إنه أمر مهم جدًا لدرجة أن عليّ الذهاب معكَ أيضًا.”
“قلت ذلك فعلًا.”
بينما كانت تحدّق بشرود إلى المنظر الغريب خارج نافذة النزل، طرحت سؤالها، لتتلقى مجددًا إجابةً مستفزة.
“حسنًا، يا أبي اللعىٍن.”
بما أن جيرون لا يرد إلا إذا نادته بـ“أبي“، أصبحت روكسيلين تناديه بـ“الأب اللعىٍن“.
حدّقت بعينين حادتين في الرجل الذي أومأ برأسه بلا مبالاة، ثم استدارت فجأةً بجسدها.
“لكن، ما رأيك أن تشرح لي لماذا أدّى كل هذا إلى أن نأتي إلى إقليم الكونت هايد؟“
كان ذلك في وقت الفجر من اليوم. جيرون ويلبيرد، الذي قال أن هناك أمرًا طارئًا للغاية يحتاج إلى معالجة، أجبر روكسيلين على الصعود إلى العربة وهي نصف نائمة.
وعندما فتحت عينيها، وجدت نفسها في مكانٍ غريب.
إقليم الماركيز ويلبيرد كان يقع في الغرب، بينما ما رأته صباحًا كان إقليمًا دافئًا من الجنوب.
لذا، قضت روكسيلين الصباح تتأمل من النافذة وتتساءل بجدية إن كانت قد تعرّضت للاختطاف بالفعل.
“لمَ جئنا إلى هذا المكان بالضبط؟“
“جئنا لمقابلة زوجتي المستقبلية.”
روكسيلين، التي لم يكن طولها حتى نصف طول جيرون، نظرت إليه بهدوء وهو يتحدث بكل برود.
“لماذا؟“
“هم؟“
“أسألكَ لماذا تفعل شيئًا كهذا.”
فمجرد اختفاء الذكريات لا يعني أن الفراغ الذي تُرك وراءها لن يكون واضحًا.
لم تستطع أن تفهم لماذا يحاول شخصٌ سيرحل في النهاية أن يعبث بحياة من يعيش بهدوء.
وإن كان السبب مجرد أنانية…..فقد أرادت أن تصفه بأنه لا يشبه البشر مطلقًا.
“السبب؟“
تمتم بها بصوتٍ خافت، ثم رفع كتفيه بشكل عفوي وبملامح طبيعية.
“لا يمكنني ببساطة أن أتركها لذلك الأحمق الآخر، أليس كذلك؟“
يا له من هراء.
حقًا.
“أنت وأنا سنعود في النهاية، أليس كذلك؟ فلماذا تعبث بحياة من يعيشون بسلامٍ الآن…..”
قالت روكسيلين ذلك بصوت طفولي يحمل اللوم، فمال رأسه إلى الجانب باستغراب.
“حين أختفي…..ستختفي الذكريات على أي حال.”
“حتى لو حدث ذلك، فهذا لا يعني أن المكان الذي تُرك سيكون فارغًا بالكامل.”
“هل تطلبين مني أن أراقبها وهي تقع في حب رجل آخر؟“
“وما المشكلة؟ في النهاية، سترحل على أي حال.”
عند كلماتها الباردة، ضاقَت عينا جيرون إلى أقصى حد.
نظر إليها بصمت، ويداه متشابكتان أمام صدره، وكأنه سمع كلامًا بالغ الإزعاج.
“من غير المقبول أن يرهن شخصٌ راحل حياة الآخرين.”
“آسف، لكن بيني وبينها وعد.”
أجاب جيرون بكلماتٍ قصيرة وهو يقطّب جبينه وكأنه لا يريد مواصلة الحديث.
“إذًا، فأعتقد أن الحد الأقصى الذي يمكنكَ الوصول إليه، أعني…..أيها الأب اللعىٍن، هو أن تكون مجرد صديق.”
“أوه، أفهم تمامًا أن ابنتي ترغب في الاحتفاظ بوالدها لنفسها، لكن لا تكوني غيورةً إلى هذا الحد.”
“…….”
ابتسمت بصمت ردًا على نبرته المتملقة.
جيرون ويلبيرد، حتى بعد أن أصبح شابًا، كان لا يزال إنسانًا مزعجًا للغاية.
____________
روكسيلين تناديه ابي عشان يرد عليها❎
تسب وتشتم مع كلمة أبي عشان يرد✅
اخلاق وبر لايعلى عليها هي وياه اجل خلا ابوه يبكي؟ ضحكت😭
∘ ─────── ⊰❈⊱ ─────── ∘
𝖢𝗁𝖺𝗉𝗍𝖾𝗋 | 011
“متى ستذهب إلى العاصمة؟“
“عندما أنتهي من ترتيب بعض الأمور هنا.”
“ومتى سيكون ذلك؟“
“ربما بعد عام. سأحتاج أيضًا إلى وقت لتسجيلك رسميًا كابنتي.”
قطّبت روكسيلين جبينها.
لم تكن تملك رفاهية تضييع الوقت بهذا الشكل، ولم يكن ذهنها هادئًا بما يكفي لتقبل مثل هذه التأخيرات.
كانت تشعر بأن كل يوم يمر يضغطُ عليها، والبقاء في منطقة الماركيز، حيث تصل أخبار العاصمة متأخرًا، جعلها تشعر بالاختناق.
“لا داعي لكل هذا القلق“.
مدّ جيرون ويلبريد يده ليعبث بخفة بشعر روكسيلين.
تلك التسريحة التي بذلت مجهودًا في ترتيبها بعد أن تسلقت طاولة الزينة، أصبحت الآن في حالة فوضى.
“آه…”
استسلمت روكسيلين.
لم تكن من النوع الذي يهتم بحياة الآخرين لدرجة نكران الذات، وعلاقتها بجيرون ويلبريد كانت مجرد صفقة لا أكثر.
فكرت أنه من المدهش أنها وصلت إلى هذه المرحلة بالفعل.
عندما نظرت إليه، ابتسم جيرون بخفة.
“لنتناول الطعام قبل أن نذهب.”
“إلى أين؟“
“لرؤية سيلينا.”
لهذا السبب يقولون إن الحب المتأخر خطر. كان يبدو غافلًا تمامًا.
رغم مظهره الهادئ، إلا أن صوته حمل توترًا خفيًا.
“كان عليك أن تُحسن التصرف بينما كانت لديك الفرصة“.
تمتمت روكسيلين.
“لا أرغب في سماع ذلك منك.”
“…….”
لم تجد روكسيلين ما تقوله، فأغلقت فمها بصمت، مستاءة.
* * *
“آمنوا بطائفة فيناك الآن! لقد اقتربت ساعة الخلاص. صلوا بإيمان عميق وإخلاص…”
ضيّقت روكسيلين عينيها بينما وصل إلى مسامعها صوت أحد الدعاة من الطائفة، قادمًا من ساحة مزدحمة.
“هل هذه طائفة فيناك نفسها التي قضى عليها والدي منذُ سنوات؟“
“آه، نعم… حتى بعد تحذيرات عدة، رفضوا مغادرة المنطقة وأوقعوا والدي المتردد في شباكهم. اضطررنا حينها لاستخدام وسائل أكثر… حسمًا.”
يبدو أنهم إما قُتلوا أو طُردوا بالقوة. وحقيقة أن روكسيلين لم تسمع عنهم من قبل ترجح أنهم لم يتركوا أي ناجٍ.
“يبدو أن نفوذهم قد توسع الآن“.
رمق جيرون أعضاء الطائفة بنظرة غير راضية.
“…وكما توقعت، هناك مصدرُ إزعاج آخر تشابك في هذا الموقف“.
تمتم جيرون بصوت خافت.
“ماذا تعني؟”
سألت روكسيلين وهي تميل رأسها.
“مجرد حديث مع نفسي.”
كان من الواضح أنه أراد أن يُسمع.
“على أي حال، إذا استهدفوك، فلا يمكننا التغاضي عنهم.”
“بالتأكيد.”
بينما كانت روكسيلين وجيرون يمران عبر الساحة، نادى صوت فجأة.
“أنتِ هناك! يا صغيرة، يا صاحبة الفستان الجميل!”
كانت روكسيلين تمرر يدها بلا وعي على عنقها بينما تسير في الشارع الهادئ.
“أجل، الصغيرة ذات الفستان الأزرق الداكن التي تمشي بجانب ذلك الرجل الأنيق!”
توقفت روكسيلين في مكانها.
فتاة صغيرة ترتدي فستانًا أزرق داكنًا.
لم يكن هناك مجال للشك، هذا الوصف يخصها.
‘بطريقة ما أشعر أن شيئاً مماثلاً حدث منذ وقت ليس ببعيد.’
فكرت وهي تلتفت بحذر وعلامات الاستفهام تعتلي وجهها.
“مرحبًا، أيتها الصغيرة“.
اقترب صبي يبدو في مرحلة المراهقة بعدما شق طريقه عبر الحشد. قطبت روكسيلين جبينها وهي تنظر إليه.
‘يبدو في نفس عمر تلك الفتاة التي يُطلق عليها لقب القديسة….’
كان يرتدي رداء كهنوتيًا أسود، وتقدم بثقة قبل أن يجثو على ركبتيه دون تردد.
“أنا فيزيروس، الرسول الرابع عشر المقدس لطائفة فيناك، أخدم الحاكم العظيم فيناك…”
ما إن رفع رأسه والتقت عيناه بعيني روكسيلين حتى شحب وجهه.
“لا أصدق ذلك“
سواء أعجبه ذلك أم لا، قالت روكسيلين ما كان عليها أن تقوله.
“…عذرًا؟“
“قلتُ، أنا لا أملك مالًا، ولا أشتري ولا أبيع، ولا أصدق ذلك.”
“ها……”
زمّ الصبي شفتيه ووقف مذهولًا، عاجزًا عن إيجاد الكلمات.
بينما أشاح جيرون برأسه عنه، محاولًا كتم ضحكاته، رغم اهتزاز كتفيه.
“ه–هذا ليس متعلقًا بالمال. الحاكم العظيم فيناك أمرني أن أحقق معجزة من أجل المؤمنين البائسين…”
من هو المؤمن البائس؟
‘أنا؟‘
هل ما زلت أبدو كمتشردة بالنسبة لهم؟
أم أن هناك شيئًا آخر؟ لماذا يرتعد هكذا عند قول كلمة “بائسة“؟
“هل لديكِ أمنية؟“.
سأل الصبي بحذر، محاولًا تجاهل النظرات الموجهة نحوهما.
“أيًا كانت أمنيتك، سيحقق لك فيناك أمنيتك بالتأكيد.”
“لا أعتقد ذلك.”
جعل الرد الجاف الصبي يتلعثم.
روكسيلين، التي لا تزال تبدو طفلة صغيرة بوجنتيها الممتلئتين، حاولت أن تبدو صارمة، لكن صوتها الطفولي أضعف هيبتها.
“…عذرًا؟“
“أنا لست بائسة، وإذا كانت لدي أمنية، فأنا قادرة على تحقيقها بنفسي.”
أجابت روكسيلين بإيجاز، ثم استدارت بجسدها بحركة سريعة، تحرك ساقيها القصيرتين بكل قوتها.
“هذا ليس من شأنك.”
“ولكن…”
“لو كانت الدعوات تحقق الأمنيات، لكانت قد تحققت منذ زمن بعيد. أنا لا أصدق الحاكم.”
اقتربت روكسيلين بسخرية من جيرون ويلبريد وأمسكت بكمه.
“لنذهب، أيها الأب اللعين.”
“على ما يبدو. إذا كنت تبحثين عن شخص تشاركينه السحر، فأقترح أن تبحثي عن شخص آخر.”
رد جيرون ويلبريد بهدوء، موجهاً لكمة لفظية مباشرة.
قاد جيرون ويلبريد ببطء، ممسكاً بذراع روكسيلين الصغيرة، وهو يطلق ضحكة خافتة.
“من هذا الطريق.”
بدأ الممر يضيق ويصبح أكثر انعزالاً، مما دفع روكسيلين إلى العبوس.
“هل منزل الكونت يقع حقاً خلف هذا الزقاق؟“
وفي تلك اللحظة، توقف جيرون ويلبريد أمام متجر زهور متواضع داخل الزقاق.
“هل يمكنني الحصول على باقة زهور؟“
“…زهور؟“
“آه، شخص ما أخبرني ذات مرة أنه يحب الزهور التي لا تُباع إلا هنا.”
لا يهمني.
بالنسبة لشخص يحمل جوهر شيطان عمره قرون، فهذا حقاً مثير للسخرية.
تبدلت ملامح وجه روكسيلين إلى تعبير ملؤه الاشمئزاز.
* * *
رشفة.
جلست روكسيلين في مقهى، تحتسي عصير البرتقال عبر قشة بلا مبالاة.
“آه، إذن أنتِ الآنسة هايد، ابنة الكونت. لم أستغرب، فقد بدوتِ استثنائية……. تشرفت بلقائك. أنا جيرون ويلبريد من عائلة ماركيز ويلبريد.”
‘يا لهذا الهراء.’
مدت روكسيلين يدها وأخذت تأكل قطعة بسكويت وهي تفكر.
لقد فكرت بهذا الأمر عدة مرات اليوم.
الرجل الذي اشتكى من صداع بسبب أمور الأراضي، قضى الليل يسافر في عربة، اشترى الزهور من متجر، ورتب لقاءً يبدو كمصادفة عفوية ليحضرها إلى هنا. كان كل شيء سلساً بشكل مذهل.
حتى الأفعى التي تزحف على الجدار ستتعثر أكثر من ذلك.
كانت روكسيلين مستاءة للغاية من هذا الرجل المبتهج، حتى أن إحباطها كان يغلي في داخلها.
‘لماذا كان علي أن آتي إلى هنا؟‘
لو كان هذا النوع من الزيارة، كان بإمكانه الذهاب بمفرده. عبست روكسيلين ورفعت يدها لطلب عصير تفاح بدلاً من عصير البرتقال.
“آه، إذن أنتَ الماركيز الشاب ويلبريد. لم أرك منذ تخرجنا من الأكاديمية. إنه لشرف لي مقابلتك مجدداً.”
كانت المرأة ذات الشعر المائي أجملَ وأصغر سناً مما كانت تتذكر روكسيلين.
‘…عبارة ‘مثل زوجة الماركيز‘ تخطر على البال تلقائياً.’
أن تُجر إلى خطط هذا الرجل الماكر أزعجها أكثر.
وفوق ذلك…
‘من المزعج للغاية كيف تغيّرت رؤية هذا العالم بشكل مخيف.’
في هذه المرحلة، شعرت روكسيلين بالرغبة في التساؤل عمّا إذا كانت هي أيضاً قد وقعت ضحية لهذا التغير في الإدراك. ببطء، حرّكت عينيها.
‘…هناك الكثير من أتباع طائفة فيناك هنا أيضاً.’
كانوا مرئيين في المقهى وأحياناً في الخارج. الأشخاص الذين يرتدون أساور أو قلائد تحمل رمز طائفة فيناك لم يكونوا نادرين أيضاً.
لا بد أنهم مؤمنون.
“…الأمر يبعث على القلق.”
بالطبع، الإمبراطورية لم تفرض ديناً واحداً.
لكن في زمن روكسيلين، كان المعبد الذي يضم الكاهن الأعلى أكبر قوة دينية.
كان من الصعب تصديق أن هذه الطائفة المتسللة ستكون سليمة تماماً.
‘جيرون متورط في أمور أكثر مما توقعت.’
روكسيلين وهي تراقب المحادثات المبتهجة للآخرين بابتسامة خافتة، قضمت قطعة بسكويت مغطاة بمربى الفراولة وهي تفكر.
( (
(„• ֊ •„) ♡
━━━━━━O━O━━━━━━
– تَـرجّمـة: دانا & ساتورا.
~~~~~~
End of the chapter
التعليقات لهذا الفصل "140 - 141 - التشابتر 10 - 11 "