استمتعوا
***
شووووو–
ألم يقل أحدهم: “يكون يوم السوق هو اليوم الذي تقرر فيه الرحيل”؟
يا لها من مصادفة أن تهطل أمطارٌ غزيرة في الليلة التي قررت فيها المغادرة.
“أنا حقًا محظوظة.”
تمتمت روكسيلين وهي تحدق في خيوط المطر المنهمرة.
كانت تخطط لأن تستخدم الصناديق الخشبية المتراكمة في الزقاق كسريرٍ لتغفو قليلًا قبل الرحيل، لكن فجأة بدأ المطر يهطل.
لم يكد يمر وقتٌ طويل على نومها حتى باغتتها الأمطار الغزيرة وكأنها تُضربها بالماء، فاستيقظت مفزوعة.
“أي مطر هذا الذي يهطل كالشلال؟!”
وضعت روكسيلين الأمتعة التي كانت قد أعدتها مسبقًا تحت إبطها، ثم دخلت تحت إحدى الأسقف الفارغة لتتقي من المطر، وأطلقت تنهيدة.
بصراحة، لم تكن حياة التشرد سهلةً على الإطلاق.
في الأصل، كانت تفكر في العيش على حساب الطائفة، لكن بالنظر إلى الوضع الحالي، بدا أن ذلك سيكون صعبًا.
“لذلك، كنت قد قررتُ الرحيل اليوم…..”
والنتيجة كانت فشلاً ذريعًا.
على أي حال، كان الهدف النهائي هو العاصمة، لذا كان عليّ الرحيل على أي حال.
حدّقت روكسيلين بهدوء في المطر الذي ينهمر كما لو أن السماء قد انفتحت بثقب، ثم زفرت نفسًا قصيرًا.
‘بالتأكيد، هذا مرهقٌ نفسيًا بعض الشيء.’
كانت تفكر في مكان تبيت فيه أثناء تجنب المطر في تلك اللحظة.
“يا له من أمر! ماذا تفعل آنسةٌ صغيرة وثمينة كهذه في يوم ممطر كهذا؟”
في تلك اللحظة، غطّى ظلٌّ رأسها، وسمعت صوتًا مألوفًا.
“أنتَ…..!”
“مر وقتٌ طويل، روكسيلين. ولماذا خدّكِ هكذا؟”
آه، لقد تلقيتُ ضربةً أثناء شجاري مع الحارس، وبما أن بشرتي حساسة، فقد انتفخت على ما يبدو.
“تسك، منظركِ مزرٍ. لنذهب إلى القصر أولًا.”
مدّ ذراعيه واحتضن روكسيلين المتسخة دون تردد وهو يقول ذلك. ثم وُضع مظلّة فوق رأسها.
ربما بسبب كل ما مرّت به، شعرت روكسيلين بغصّة في صدرها، فقبضت يدها وبدأت تضرب جيرون ويلبريد ضرباتٍ متتالية.
الآخرون كانوا يتأوهون من الألم ويسقطون، لكن جيرون ويلبريد اكتفى بالنظر إليها بهدوء،
“لقد أصبحتِ أقوى قليلًا.”
كان ذلك أكثر إزعاجًا من تذمره بسبب الألم، فضربته مرتين إضافيتين ثم تشبثت بملابسه بقوة.
“جيرون، هل تعلم؟”
“همم؟”
“لقد مررتُ بالكثير من الأمور…..”
نظر إليها جيرون وابتسم بخفوت.
“يبدو ذلك واضحًا.”
ثم شقّ طريقه عبر العاصفة الغزيرة وهو يحمل روكسيلين بين ذراعيه.
***
أخيرًا، دخلت روكسيلين إلى حوض الاستحمام بالماء الساخن وغسلت جسدها بقدر ما أرادت.
كانت الأوساخ تذوب وتتدفق لدرجة أنها التصقت بجسدها، لكن بعد أن نظّفت نفسها جيدًا، ظهرت بشرتها البيضاء إلى حدٍّ ما.
ربما لأنها لا تزال صغيرة، كانت وجنتاها ناعمتين وطرية.
و بعد كل المعاناة التي مرّت بها، شعرت براحة غريبة.
بصراحة، لم تكن متأكدةً تمامًا مما عليها فعله لاحقًا.
لدرجة أنها فكرت بجدية فيما إذا كان عليها السيطرة على الأزقة الخلفية وتأسيس نقابةٍ للمرتزقة أو حتى نقابةٍ للمهام.
‘من الجيد أنه جاء.’
راودها هذا التفكير للحظة، لكنها سرعان ما شعرت بالانزعاج عندما تذكرت أن كل هذا حدث فقط لأن جيرون ويلبريد لم يكن موجودًا في هذا العالم.
لو أخبرها مسبقًا، لكانت قد وضعت خطةً بديلة، بل حتى خطة ثالثة.
على أي حال، بعد أن غسلت جسدها جيدًا، أدركت أخيرًا أن لون شعر هذا الجسد الصغير الذي تحتله لم يكن بلون الطين، بل كان أسود. وعينان بلونٍ أزرق.
‘يبدو الأمر غريبًا قليلًا.’
بعد أن عبثت قليلًا أمام المرآة، ارتدت بيجاما النوم التي تركها لها جيرون وخرجت من الغرفة.
“هاه…….”
بمجرد أن ألقت بجسدها على السرير الناعم، شعرت وكأن التعب الذي تراكم قد تلاشى تمامًا.
وهي مستلقية، حركت روكسيلين عينيها يمينًا ويسارًا.
كانت تتساءل عما إذا كان المكان الذي قصده عندما قال “القصر” مجرد احتمال، لكنه بالفعل قادها إلى قصر الماركيز ويلبريد.
“…..هذا يبدو طبيعيًا نوعًا ما.”
‘هل كان من المفترض أن أدخل هكذا بكل بساطة؟’
رغم أن الوقت كان متأخرًا، دخل هو إلى القصر وكأنه منزله، ثم خصص لها غرفة، وأحضر لها ملابس، وغادر ليغتسل دون أي تردد.
“…..حسنًا، وجود حليف ليس أمرًا سيئًا.”
لكنها نقرّت لسانها عندما تذكرت أن هناك أشياء كثيرة لا يمكنها القيام بها وهي في السابعة من عمرها فقط.
لو كان لديها بعض المال على الأقل، لكان الوضع أسهل، لكنها لم تملك أي رأس مال، لذا لم تستطع حتى أن تبدأ أي عمل…..
‘على أي حال، كان الخروج من أراضي الماركيز مستحيلًا.’
يبدو أن الطائفة كانت قد اتخذت إجراءاتٍ مسبقة، إذ طلبت منع الأطفال من مغادرة إقليم الماركيز.
بفضل ذلك، إذا حاولت مغادرة أراضي الماركيز، كان أفراد الطائفة يهدئون الأطفال ويعيدونهم.
“…..أولًا، يجب عليّ منع زواج أبي.”
لا، لا.
‘يجب أن أبحث عن ليلي بيليون المفقودة أولًا.’
هزت روكسيلين برأسها.
يجب حل هذه القضية أولًا حتى أتمكن من منع إيان بيليون المتهور.
‘ثم يأتي دور أبي.’
وبينما تفكر في ذلك، قررت أن تخبره عن مشاعرها بصراحة وتقدم له النصيحة…..لا، على الأرجح ستوجه له بعض الإرشادات.
الهدف هذه المرة هو أن تزيل جميع تلك الفوضى قبل أن تبدأ في التزايد.
“ثم ماذا…..؟”
‘يجب أن أنقذ جدي، وأنقذ العم الثاني المتهور، وأنقذ عمي الأكبر أيضًا…..’
هناك الكثير من الأمور التي يجب القيام بها أكثر مما كنت أتوقع.
شعرت ببعض التعب من التفكير في كل ذلك، فقررت روكسيلين أن تغلق عينيها ببطء ثم تفتحهما مجددًا.
و مع صوت طرقٍ مهذب، دار مقبض الباب ثم فُتح.
“هل أنتِ مرتاحة؟”
“نعم، بفضلكَ.”
بعد أن استرخ جسدها في الحوض لأول مرة منذ فترة، استلقت روكسبلين الصغيرة على السرير وفتحت فمها.
“يا جيرون.”
“ماذا هناك؟”
وضع جيرون فنجان الشاي الدافئ على طاولة الشاي بجانب النافذة وردّ على ندائها.
جلس على الطاولة التي تفوح منها رائحة اللافندر، وأومأ برأسه. وكان هناك أيضًا حلوى خفيفة يمكن تناولها.
“ظننت أنكِ ربما تكونين جائعة، لذلك جلبت لكِ شيئًا، هل كان ذلك تقديرًا غير ضروري؟”
“…..لا، في الواقع، شكرًا.”
نزلت روكسيلين من السرير وجلست على الكرسي، ثم أمسكت بالشوكة وقطعت قطعةً من الكعك بينما فتحت فمها.
“جيرون.”
“تفضلي بالكلام.”
“هل أنتَ مجرد شيطان، أم أنكَ عقدت عقدًا مع الشيطان؟”
كان سؤال روكسبلين الخفيف، كأنها تسأل إذا كان قد تناول طعامًا أم لا، فرفع جيرون ويلبيرد رأسه ونظر إلى الفتاة.
ثم، دون أن يقول كلمة، شرب من شاي الأعشاب الذي كان يحمل زهرة لافندر عائمة فيه.
“لماذا تسألين عن ذلك؟”
“لأنني فضولية. أليس من المقبول أن أسأل؟”
“همم…..”
وضع فنجان الشاي ببطء ثم ابتسم ابتسامةً خفيفة.
“هل يجب أن أخبركِ بذلك بنفسي؟”
“لا، في الحقيقة، مجرد عدم قولكَ لا بناءً على شخصيتكَ كان جوابًا في حد ذاته.”
“أفهم. هل تعتقدين أنكِ تعرفين من أكون؟”
“باشين.”
ابتسم جيرون ابتسامةً أوسع عند سماعه الإجابة القصيرة.
ثم، وهو يرفع فنجان الشاي ببطء، نظر إلى الفتاة الصغيرة التي كانت تقطع الكعك بشوكةٍ صغيرة ثم تضعه في فمها.
على الرغم من أنها كانت تسأله، إلا أنها كانت تتجنب النظر في عينيه.
“أهنئكِ. أنتِ الإنسان الثاني الذي يكتشف هويتي بشكلٍ دقيق.”
قال جيرون ذلك بصوتٍ جاف وهو يمدحها.
ألمحت روكسيلين إليه بنظرةٍ قصيرة ثم هزّت كتفيها، و هي تتحدث بتعبيرٍ غير متحمس،
“…..أبدو وكأنني أعيش حياةً ذات قيمة، أرى الكهنة والشياطين.”
“إذا نظرنا إلى تعبير وجهكِ فقط، يبدو أنكِ تعبّرين عن خيبة أمل.”
“إنه تعبيرٌ ساخر.”
قالت ذلك بنبرةٍ جافة، لكن تعبير وجهها كان يشبه تمامًا تعبير جيرون ويلبريد، فهزّ هو كتفيه.
“إذا كنتُ الثانية، فمن كان الأول؟”
“كان صديقي.”
“صديق؟”
رفعت روكسيلين رأسها بتعبيرٍ مفاجئ، ووجهها كان يحمل استغرابًا واضحًا، ثم نظرت إلى جيرون.
“لم أكن أعرف أنكَ لديك شيءٌ كهذا.”
كان مشهدها وهي تنظر إليه بشفاهٍ مليئة بالشوكة وتعبر عن دهشتها بوجهها البريء لطيفًا جدًا. فأطلق جيرون ضحكةً منخفضة.
“أعتذر، كان ذلك صديقي الفريد و الوحيد…..”
قال ذلك وهو يدلك مقبض فنجان الشاي بلطفٍ بإبهامه.
“الآن، بما أنكِ ظهرتِ، لا أعتقد أنه سيكون هناك شخصٌ آخر.”
____________
قصده انها صديقته الوحيده؟ ياشيخ متى تتبناها بس
شسمه يوم جا صرخت مدري ليه توقعت بيطول وبنقعد في احداث الطائفة 😭
بس اشوى الحين رجعت روكسيلين الي تهز– أقصد تهتم في اهلها🙂↕️
—يتبع.
( (
(„• ֊ •„) ♡
━━━━━━O━O━━━━━━
– تَـرجّمـة: دانا.
~~~~~~
End of the chapter
التعليقات لهذا الفصل " 138"