روكسيلين، التي كانت قد بذلت جهدًا كبيرًا في إصدار الأصوات بالضرب وكأنها تعزف على آلة إيقاعية، توقفت أخيرًا عن الحركة عندما بدأ الرجل بالبكاء والنحيب بصوت عالٍ.
خفضت رأسها وألقت دلو الصفيح الذي كانت تمسك به، والتي أصبحت مهترئةً ومتهالكة إلى حد كبير، ولم تعد تختلف كثيرًا عن قطعة قماش بالية، على الأرض.
‘آه، هذا يكفي، ابدو و كأنني متسولة. يقال ام على الإنسان أن يعيش بما يتناسب مع قدره. مهما فكرت، لا يبدو أن حياة الحضيض تناسبني على أي حال.’
فمنذ ولادتها، عاشت روكسيلين حياةً مليئة بالزُهدِ في المأكل والمأوى، والآن، أن تُجبر على العيش بلا شيء، كان أمرًا محزنًا إلى حدٍ ما.
‘تبا على جيرون ويلبريد. كل هذا بسببه. لو كان قد أخبرني بحقيقته بصدقٍ من البداية، لما وصلت الأمور إلى هذا الحد……أليس كذلك؟’
اعترفت روكسيلين بموضوعية.
في النهاية، كانت هذه رغبتها الخاصة منذ البداية عندما قررت المجيء إلى هنا. لذا، لا يمكنها إلقاء اللوم على جيرون ويلبريد.
“آه، لا أستطيع الاستمرار في هذا.”
وبمجرد أن قررت التوقف، شعرت براحة كبيرةٍ وابتسمت ابتسامةً واسعة.
“آ–آسف، أسف جدًا!”
اعتذر المتسول بسرعة ووجهه شاحب.
ثم ضربتهُ بقدمها على مؤخرته.
“آخ!”
يا له من وقح.
***
“هيك، هيك……ههك….”
جلست روكسيلين على حافة النافورة في الساحة المركزية، تتناول بعض الحلوى بينما كانت تنظر إلى الرجل البدين والمهترئ الذي تنهمر دموعه بغزارة.
كان بإمكانها أن تسمع أصوات النقر بلسان استنكار من حولها وتلاحظ النظرات المتوجهة نحوها من كل اتجاه.
على مسافةٍ بعيدة، كان المتدربون من كهنة طائفة فيناك وبعض المتسولين ينظرون إليها بذهول.
الرجل، الذي عانى من توبيخ شديد وأُجبر على شراء الآيس كريم والحلوى لها، كان راكعًا أمام روكسيلين، التي كانت أصغر منه بكثير، يبكي بصوتٍ مخنوق.
كانت عيناه منتفختان من البكاء والضرب، وظهرت كدمة على رأسه.
‘القوة هي الأفضل على الإطلاق.’
فكرت روكسيلين بذلك. فمع القوة، لا حاجة إلى الكثير من النقاش أو الإقناع.
“أود أن أسألكَ سؤالًا واحدًا فقط.”
“تفضلي، اسألي.”
“ألا يوجد هنا شخص مثل زعيم الزقاق؟”
“عفواً؟”
“أعني، أريد أن أعرف إن كان هناك أحد يُسيطر على المتسولين.”
“اوه….”
عندما سألتهُ روكسيلين، بدأ الرجل المتسول، الذي كان وجهه منتفخًا من البكاء، بتحريك شفتيه لكنه لم يستطع الإجابة فورًا، فقد تردد قليلًا.
“هل هناك أحد بمرتبة خاصة أو في منصب إداري في طائفة فيناك؟”
سألته روكسيلين، وأومأ المتسول برأسه.
عندما استمرت روكسيلين في النظر إليه بصمت، اصبحت لديه الجرأة وبدأ في الكلام بسرعة.
“عادةً، الطوائف الدينية من هذا النوع لا ترغب في الكشف عن أي ارتباط مباشر مع المتسولين……كما أن عملية جمع الأموال لا تكون مباشرة من طائفة فيناك. نحن، المتسولون، نجمع المال ونسلمه كمجموعة.”
لذلك، لم تكن روكيلين تعرف حقًا إلى أين تذهب الأموال.
“إذاً، هناك قائد، أليس كذلك؟”
“نعم، هناك….قائد.”
“من هو؟”
“ماذا؟”
“أين يوجد هذا القائد؟”
قفزت روكسيلين من فوق النافورة إلى الأرض وقالت بابتسامةٍ ساخرة،
“هذا……”
“هل تحتاج إلى مزيدٍ من التدليك؟”
لوحت بدلو الصفيح المهترئ بخفة.
“لا، لا! الأمر هو….إذا ذهبتِ إلى الزقاق خلف السوق، ستجدين حانة، وفي الخلف، هناك عادةً….”
أومأت روكسيلين برأسها وهي تستمع لتوجيهات المتسول.
لم تكن تتخيل قط أنها ستجد نفسها في هذا الوضع. ومع ذلك، حتى لو لم تتوقع هذا، كانت تعرف أنه من الأفضل التحضر لأي شيء.
لذا على الأقل… كانت ترغب في تجنب المتاعب.
وأيضًا، بدأت تشعر بالجوع، وأرادت أن توجه ضربةً لطائفة فيناك المزعجة.
وهكذا، قررت روكسيلين أن تصبح قائدة الزقاق.
***
“هل أنتَ زعيم هذا الزقاق الذي يتعاون مع طائفة فيناك؟”
تحدثت روكسيلين عندما فتحت الباب الذي أشار إليه المتسول، مقلدةً ما سمعته من عباراتٍ من قبلِ بعض المتسكعين.
و لم تستطع التفكير في كلماتٍ أقل وقاحة من هذه.
“…..من أنتَ؟”
من هذا الرجل المتهالك الذي يبدو في الخمسين من عمره؟
تجهمت روكسيلين، متسائلةً إن كانت قد دخلت المكان الخطأ، أو ربما هذا الرجل العجوز قد أفسده أبناؤه.
“عذرًا، أيها العجوز، يبدو أنني أخطأت المكان.”
قالت روكسيلين ذلك وهي تعبس قليلاً.
“ماذا قلتِ….؟”
“هل هناك شخص هنا يُدعى قائد الزقاق أو زعيمه؟”
“وإذا كان هنا، فماذا ستفعلين حيال ذلك؟”
ازدادت تجاعيد وجه روكسيلين قليلًا وهي تتأمل الرجل بملامح متعاطفة ونقرت بلسانها بصوتٍ خافت.
“يبدو أنك قد فشلت في تربية أبنائكَ….”
تنهدت روكسيلين، مما جعل وجه الرجل العجوز يتحول إلى لون أحمر غاضبٍ بينما نهض فجأة.
“ما الذي تقوله هذه الفتاة؟ من أنتِ؟….هل أنتِ تلك الفتاة التي تعمل في الفريق رقم 27؟ أنتِ التي لا تقوم بعملها كما يجب!”
“أعتقد أن هناك سوء فهم، أيها العجوز. أنا….”
“عجوز؟ أنا في الرابعة والعشرين من عمري!”
صاح الرجل بغضب.
“ماذا….؟”
تجهمت روكسيلين ونظرت إليه من رأسه إلى قدميه، ثم تجولت بنظرها في أرجاء الغرفة، ونقرت بلسانها.
“أعترف….يبدو أن شخصيتك تتناسب مع مظهرك.”
قالت روكسيلين ذلك وهي تشعر ببعض الشفقة وقررت تجاهل الرجل.
أربع وعشرون عامًا؟ لا يمكن تصديق ذلك.
كان يبدو وكأنه في الخمسين على الأقل، وربما حتى أكبر. فشعره الأبيض بالكامل جعله يبدو كرجلٍ عجوز حقيقي.
“أتمنى أن تستمر في استغلال الآخرين حتى تتمكن من العناية ببشرتكَ على الأقل.”
“أيتها المعتوهه! هل فقدتِ عقلكِ؟ تريدين الموت؟!”
صرخ الرجل، الذي يُعرف باسم زعيم الزقاق، غضبًا، فقد أهانت روكسيلين المظهر الذي لم يجرؤ أحد من المتسولين الآخرين على الإشارة إليه من قبل. فالعديد منهم انتهى بهم الحال بإصاباتٍ دائمة بسبب تحدي هذا الرجل.
اندفع الرجل نحوها غاضبًا. فاستدارت روكسيلين لكنها تجمدت في مكانها.
“يمكن اعتبار هذا بمثابة هجوم.”
تمتمت ببرود، بينما شعرت بوخزةٍ من الحماس تتدفق في عروقها.
التقطت حذاءً كان ملقى على الأرض، ورمته مباشرةً نحو الرجل.
ضربهُ الحذاء على جبهته، فسقط على الفور دون أن ينبس ببنت شفة.
“….آغ.”
سقط الحذاء الملقى على الأرض وقد ترك علامةً واضحة على وجه الرجل.
يبدو أنها استخدمت قوةً أكبر من اللازم.
ألقت روكسيلين نظرةً على يدها، التي كانت ناعمةً مثل يد طفل صغير، وتساءلت من أين ينبع هذا الكم من القوة.
مالت برأسها قليلاً، ثم استقامت بملامح لا مبالية، وكأن شيئًا لم يحدث.
‘…..لا بأس، لن أفكر في الأمر الآن.’
قررت روكسيلين ببساطة تجاهل التفكير العميق في الوضع. بعد أن جعلت القائد يُغشى عليه دون قصد وهي تحاول التحدث إليه، و شعرت بحكةٍ في رأسها.
بما أن الأمور جرت بهذه الطريقة، فكرت بأنه ربما يكون من الأفضل أن تتولى هي نفسها دور قائدة الزقاق.
قَرقرت معدتها بصوتٍ عالٍ. فقد كان يومًا طويلًا ومليئًا بالحركة. لذا، شعرت بالجوع.
“ليس بالأمر السيئ.”
ففي كوخ قائد المتسولين، كان هناك الكثير من الطعام اللائق.
جالت عينا روكسيلين في الغرفة، ثم أخرجت بعض العملات من جيبها ووضعتها على صدر الرجل المغشي عليه.
بعد ذلك، جلست إلى الطاولة حيث كان هناك خبزُ باغيت* هش، فقامت بدهنه بالزبدة ووضع شريحةٍ من اللحم فوقه لتناول وجبةٍ سريعة.
*الباغيت هو السندويش الفرنسي الطويل
بينما كانت تأكل، بقي الرجل مغشيًا عليه ولم يفتح عينيه، مما جعلها تشعر بقليل من الذنب.
شعرت وكأنها هاجمت رجلاً مسنًا بدلًا من أن تحترمه.
“يوجد الكثير من الطعام هنا.”
تمتمت روكسيلين بتذمر وهي تلاحظ الكمية الكبيرة من الطعام. فقد كانت الحصة أكبر مما يمكن أن تأكله بمفردها.
ألقت نظرةً حولها ورأت أن المكان مليء بالخبز، اللحم المجفف، ولوازم أخرى لم تُستخدم بعد، مثل لحم الخنزير والزبدة.
‘إن كان سيُبقى هذا الطعام هنا بدون أن يأكله بمفرده، فربما يجدر بي أن أساعده.’
ووجدت نفسها، دون أن تشعر، تمسك بقطعةِ قماش كبيرة من أحد مخازن الطعام الخاصة بالرجل، حيث بدأت تملأها بالطعام المتبقي.
________________
روكسيلين بعد ماكفخت واحد ماتدري كم عمره بالضبط: يالله نتبرع بالأكل 🙂↕️✨
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
كيم مين ها البالغة من العمر 20 عامًا ، طالبة جامعية عادية. من السخف أن تستيقظ في عالم مختلف تمامًا بعد حادث مفاجئ … ‘لماذا جاءني رجل وسيم للغاية بوجه غاضب ، وأعطاني أوراق الطلاق؟’ “ما الذي تتحدث عنه أيها الرجل الوسيم؟ لم ألتقِ بك من قبل ، ناهيك عن الزواج بك ، لماذا تعطيني...مواصلة القراءة →
كيم مين ها البالغة من العمر 20 عامًا ، طالبة جامعية عادية. من السخف أن تستيقظ في عالم مختلف تمامًا بعد حادث مفاجئ … ‘لماذا...
التعليقات لهذا الفصل " 135"