أدرك كاليد أن كلوفر كانت تتحدث مع كائنها المستدعى مرة أخرى، فقرر الانتظار بهدوء حتى تنتهي من حديثها. 

كلما فتحت فمها، كان رأسها الصغير المستدير، الشبيه بحبة البازلاء، يهتز قليلًا. 

كان هذا المشهد ألطف ما رآه كاليد في حياته. 

‘يا لها من طفلة لطيفة…’ 

رفع يده ليحميها من أشعة الشمس، مانعًا الضوء من الوصول إليها. 

هبت نسمة خفيفة تهز الهواء برفق. 

* * *  

“…ماذا؟” 

نظرت كلوفر بعينين متسعتين إلى لاكي، ثم إلى البذرة التي تحملها في يدها. 

ثم عادت لتنظر إلى لاكي. 

ثم إلى البذرة مرة أخرى. 

ثم إلى لاكي… 

“لاكي، ماذا قلت؟” 

[هذه ليست بذرة عادية! إنها ‘بذرة القلب’، كلوفر. لقد أصبحت قوتك أكثر روعة!] 

“بذرة القلب؟” 

[نعم، لقد صنعتِ هذه البذرة من قلب والدكِ الآن! هاها، يا صغيرتي! يا حبة البازلاء! لقد كبرتِ كثيرًا!] 

وجدت كلوفر صعوبة في فهم كلمات لاكي. 

القلب شيء غير مرئي، فكيف يمكن أن تصنع بذرة من القلب؟ 

عندما لم تفهم بعد ما أنجزته، هبط لاكي برفق على ركبتيها وبدأ يشرح على مستوى عينيها. 

[كيف شعرتِ عندما قابلتِ والدكِ لأول مرة؟] 

“كلوفر، شعرت بالسعادة…” 

ابتسمت الطفلة ابتسامة خجولة. 

[نعم، كان شعورًا رائعًا! والآن، ماذا عن والدكِ؟] 

“أبي، أبي…” 

ألقت كلوفر نظرة خاطفة إلى كاليد. 

كان كاليد ينظر إليها بعينين مليئتين بالدفء، وكأن قلبه يدغدغه. 

لكن قلب أبي هو قلب أبي. 

لم تكن كلوفر متأكدة من شيء. 

أجابت وهي تضع علامة استفهام في نبرتها: 

“هل أبي سعيد أيضًا…؟” 

هز لاكي رأسه بحماس كالمجنون. 

[نعم! أضمن لكِ أنه كان سعيدًا بالتأكيد. لكن، يا صغيرتي، عندما يشعر الإنسان بمشاعر معينة، ينبعث من قلبه شيء مثل ‘الدخان’. سواء كان حزينًا أو سعيدًا، الجميع يفعل ذلك.] 

في تلك اللحظة، لمعت عينا كلوفر. 

“لحظة، دخان؟” 

كلوفر رأت الدخان من قبل! 

بالأمس، واليوم أيضًا. 

رأته يتصاعد من والدها. 

دخان أزرق يتصاعد. 

ويدنو منها. 

هل يمكن أن يكون ذلك قد انبعث من قلبه؟ 

[ذلك الدخان امتصته يدكِ وتحول إلى بذرة…] 

نظرت كلوفر إلى البذرة في يدها بتركيز. 

كانت البذرة، المصنوعة من الدخان الأزرق لوالدها، تتدحرج في يدها. 

[لذلك، لقد صنعتِ بذرة من قلب إنسان، كلوفر.] 

قال لاكي ذلك بنبرة حاسمة، ثم هبط مرة أخرى بجانب البذرة التي صنعتها كلوفر للتو. 

[هذا هو ‘القلب’ بعينه.] 

قال لاكي إن القلب شيء غير مرئي. 

على عكس قلب كلوفر النابض الذي ينبض بقوة، لا يمكن لمسه أو رؤيته. 

لكن… 

“إذن، أنا لمسته؟” 

قلب أبي، هل لمسته كلوفر؟ 

[نعم، لقد لمسته، وأنتِ تمسكينه الآن.] 

تألقت ملامح كلوفر فرحًا. 

قلب والدها في يدها! 

صنعته كلوفر من قلبه! بدأ قلب كلوفر يخفق بقوة مرة أخرى. 

‘يا إلهي، أنا عبقرية تمامًا.’ 

إذا زرعت هذه البذرة، هل ستنمو برعمًا؟ 

في الحقيقة، لم يكن صنع البذور بالأمر الصعب بالنسبة لكلوفر. 

كانت هذه المرة الأولى التي تصنع فيها بذرة من قلب إنسان، لكنها صنعت بذورًا عادية عدة مرات من قبل. 

لكن تلك البذور لم تنبت شيئًا. 

‘هل هذه مختلفة؟’ 

إنها من قلب والدها. 

ربما تكون مختلفة قليلًا. 

“هيهيهي~ هييهيهي~” 

أمسكت كلوفر البذرة بحرص وابتسمت بسعادة. 

شعرت أنها أنجزت شيئًا عظيمًا، فلم تستطع التوقف عن الضحك. 

* * *  

بعد العودة من النزهة، كانت كلوفر مرهقة، فغرقت في النوم فورًا. 

عندما وصلوا، كانت عيناها تكادان لا تفتحان من النعاس، مما يظهر بوضوح أنها طفلة في مثل عمرها. 

ومع ذلك، كان من المؤثر أنها لم تترك البذرة التي صنعتها من يدها. 

بعد أن وضع كاليد كلوفر على السرير وتأكد من نومها، توجه مباشرة إلى مكتبه. 

كان عليه إنهاء الأعمال التي لم يتمكن من معالجتها بسبب اللعب مع كلوفر اليوم. 

“ما الذي كلفتك به؟” 

“هنا.” 

مدّ تينيرون، مساعد كاليد، أوراقًا مرتبة بعناية. 

أخذها كاليد وقلّبها بسرعة. 

كانت الأوراق تحتوي على تفاصيل حول كيفية اختلاس الكونتيسة دامبير لأموال الرعاية. 

ضحك كاليد بسخرية. 

“لقد تورطت في أعمال سخيفة.” 

من الواضح أن زوج الكونتيسة دامبير تورط في أعمال غير قانونية، وحاولت هي التستر عليه بجهود كبيرة تحت الطاولة. 

وفي هذه العملية، اختلست أموال الرعاية. 

في البداية، يبدو أنها استخدمت أموال الرعاية لكلوفر، لكن بعد أن تسبب زوجها في مشكلة كبيرة، ذهبت الأموال بالكامل إلى هناك. 

بينما كان كاليد يقلّب الأوراق، سأل تينيرون: 

“كم تبقى من ثروة دامبير؟” 

“يبدو أن جميع الأصول قد استنفدت، ومعظم الأراضي التي يملكونها مثقلة بالديون، لذا لا يوجد شيء يمكن تحويله إلى نقود فورًا. لكنهم يعيشون من أرباح منجم الماس.” 

كان ذلك المنجم هو المهر الذي قدمه كاليد للكونت دامبير السابق عند زواجه من إليسيا. 

“إذن، يجب استعادته.” 

وضع كاليد الأوراق على الطاولة بحدة. 

“لقد أعطيتهم ذلك كمقابل لعنايتهم بـ إليسيا، لكنهم فشلوا في تربية ابنتها كلوفر بشكل صحيح، لذا يجب أن يردوه. أليس كذلك؟” 

“كلامك صحيح.” 

“لقد أهانت الكونتيسة دامبير عائلة كلاوديان بإهمالها لـ كلوفر، وشوهت سمعتنا. لا يمكن التغاضي عن ذلك. ابدأ بالتحقيق في هذا الأمر. إذا أمكن سجنهم، فافعل.” 

“حسنًا، سيدي. سأنفذ أوامرك.” 

جمع تينيرون الأوراق بسرعة. 

بهذا، سينتهي أمر الكونتيسة دامبير. 

ستضطر لرد أموال الرعاية التي تلقتها من كلاوديان مضاعفة، وفي هذه العملية، ستنهار عائلة دامبير. 

في السابق، كان كاليد متساهلًا معها لأنها أخت إليسيا، لكن الآن لم يعد ينوي ذلك. 

إذا ظنوا أنهم سينجون دون دفع ثمن، فقد أخطأوا. 

‘على أي حال، لا يبدو أن زوجتي كانت تعتز بعائلتها كثيرًا.’ 

لذلك، لا مشكلة إذا أنهى الأمر بنفسه. 

إليسيا دامبير. 

كان السبب الوحيد الذي جعلها تترك كلوفر مع عائلة دامبير هو فرع شجرة العالم المدفون في فناء منزلهم والذي امتصته الأرض. 

لذا، لم يكن من شأن كاليد ما سيحدث لأفراد عائلة دامبير. 

‘يجب أن أبحث عن طريقة لاستعادة فرع شجرة العالم…’ 

مدّ كاليد يده، فتح الدرج، وأخرج صورة إليسيا المؤطرة. 

في الصورة، كانت إليسيا تبتسم بألمع وجه في العالم. 

كأنها أسعد امرأة على وجه الأرض. 

مرر أصابعه على وجهها. 

لكنه لم يستطع لمس وجه زوجته حقًا. 

“……….”

بعد أن حدّق في وجه إليسيا لفترة طويلة، نظر إلى تينيرون، الذي كان لا يزال يرتب الأوراق، وسأل: 

“كيف حال الغابة البيضاء مؤخرًا؟ هل هناك شيء يُذكر؟” 

“نعم، الفرسان يحرسونها بصرامة على ثلاث ورديات، لذا لا شيء يُذكر.” 

“جيد.” 

“هل تنوي زيارة الغابة؟” 

سأل تينيرون، أحد القليلين الذين يعرفون هوية إليسيا الحقيقية. 

وضع كاليد الإطار بحرص على الطاولة وقال: 

“نعم، يجب أن أذهب.” 

إليسيا موجودة في الغابة البيضاء. 

“كلوفر عادت الآن.” 

إليسيا دامبير، روح الشجرة التي ولدت هناك، نائمة في الغابة لاستعادة قوتها. 

“أريد أن أري إليسيا طفلتها.” 

قالت إليسيا إن أرواح الأشجار، عندما تنفد قوتها ولا تستطيع الحفاظ على شكلها البشري، تعود إلى شكل شجرة لترتاح. 

لذا، لا داعي للقلق كثيرًا، ستعود قريبًا. 

لكن مرت أربع سنوات منذ رحيل إليسيا. 

وعلاوة على ذلك، لم تظهر زوجته القاسية حتى في أحلامه. 

لذلك، لا خيار سوى أن يأخذ كلوفر إلى هناك ويُريها لها. 

بعد أن فكر في إليسيا للحظة، فتح كاليد فمه ببطء وقال: 

“الطفلة تشتاق إلى أمها. وإليسيا بالتأكيد تشتاق إلى كلوفر أيضًا.” 

“حسنًا، سأجهز كل شيء لزيارتك إلى الغابة البيضاء قريبًا.” 

“شكرًا لك.” 

أومأ تينيرون برأسه وغادر الغرفة.