في البداية تملّكه الارتباك.
كان يظن أنّها ما تزال مستغرقةً في النوم داخل غرفتها.
لكن حين أدرك أنّ جدته الصغيرة غادرت القصر خلسةً من غير أن تخبر أحدًا، شعر بالذهول.
ثمّ عندما سمع التفاصيل الكاملة، اجتاحه الغضب.
أنْ يوجد في أرضه تجّار بالبشر يخطفون الأطفال؟!
أيّ أوغاد هؤلاء!
وازداد حنقُه أكثر حين علم أنّ هؤلاء الحمقى تجرّؤوا على تهديد ابنة فريلدين ووريث الإمبراطوريّة.
أقسم فايل أنّه ما إن يُطوى هذا الملف، فسيمحو حيّ المواخير محوًا.
أسرع بخطواته نحو مقرّ الحرس، وحين دفع الباب…
“ككككهاهاها! لحم! لحم!!”
“هاه! هذا ثور صغير!!”
“يا للنعمة! كم اشتقنا إلى اللحم! كهكهك!!”
أمامه حُرّاس فقدوا صوابهم، يلتقطون التراب من الأرض ويلتهمونه!
“…….”
توقّف فايل مذهولًا، عاجزًا عن الكلام من شدّة غرابة ما يرى.
“شـ-شبح……!”
هيكَ!
في تلك اللحظة دوّى صوت فُواق طفولي.
خفض بصره، فإذا بالفتاة التي يبحث عنها، إيلينا، واقفة بجوار الأمير إدريك.
لكن عيناه لم تُدرك سوى وجه إيلينا.
‘ذلك التعبير.’
لم يكن أبًا حنونًا في كلّ حين، لكنّه ربّى ولدَيه ويعرف جيّدًا تلك الملامح.
‘هذا وجه مَن ارتكب خطأً ويحاول التملّص.’
تمامًا كما كان يوستيان وروبيا يفعلان بعد كلّ مصيبة.
“…….”
“…….”
التقت أنظار الاثنين، وما إن ضاق بصر فايل حتى حادت عينا إيلينا جانبًا.
كلّ الصغار سواء.
“هاه…….”
“هذا……!”
“أنا المسؤولة عمّا حدث.”
أطلق فايل تنهيدة، فبادرت إيلينا إلى الكلام بتلقائيّة، لكنّ إدريك قطعها.
تقدّم، حرّر يده من قبضتها، ثم أمسك يدها هو بنفسه.
“أنا من اقترحتُ الخروج في الليل أوّلًا.”
“إدريك؟!”
توسّعت عيناها دهشة، غير أنّه ابتسم لها، ثمّ التفت نحو فايل.
“كنت أرغب في التمتّع بجمال الليل.
أخطأت بخروجي بلا حراسة. لكن لم يحدث شيء خطير، فأرجو أن تغفروا لي.”
“…….”
تأمّلها فايل مليًّا.
في الحقيقة، لم يكن هناك ما يُغفر؛ فخروجهم لم يكن خطأ بحدّ ذاته، بل جاء فقط ليعيدهم سالمين.
لكنّ إدريك فضّل أن يتولّى الخطأ عن إيلينا خشية أن تقع في مأزق.
أن يُغطّي عيبها بجعله عيبه هو.
‘تصرفٌ رجولي.’
كان ما يزال صغيرًا، لكنّه أظهر رجولة.
وبما أنّ فايل يعرف جيّدًا نزعة الفتيان في أن يبدوا أبطالًا أمام الفتيات، فقد ابتسم وأومأ ليُبقي له هيبته.
“مفهوم.
سنعتبر الأمر لم يَحدث.”
“أشكركم، يا دوق.”
ابتسم إدريك وانحنى، فيما حوّل فايل نظره إلى إيلينا المندهشة.
“على أيّة حال… جدّتي؟”
“نعم؟”
“إن لم تكوني مصابة، فلنعد.
الليل تأخّر وحان وقت النوم.”
“آ… أجل!”
أومأت بسرعة، فابتسم فايل ابتسامة صغيرة.
“حسنًا. نعود حالًا.
آه، قبل ذلك…”
رفع نظره.
“كهكهك! اللّحم شهيّ!!”
“هاتوا المزيد من الشراب واللحم!!”
لا يزال الحرس غارقين في فوضى.
فزمّ حاجبَيه بحزن.
“مسحوق التنويم يزول سريعًا.
سيعودون إلى رشدهم قريبًا!”
“…….”
“…ربّما؟”
اعترفت إيلينا ــ المتسبّبة بما حدث ــ وهي تحاول التبرير، فلم يسعهما إلا إطلاق تنهيدة معًا.
‘…يبدو أنّ المعاناة بانتظاري.’
وكأنّ إدريك فهم ما يفكّر به، فأومأ برأسه.
“فلنذهب.”
تقدّم فايل، وتبعه إدريك وإيلينا، ثم غادر الثلاثة مقرّ الحرس بهدوء.
“اللحم! أعطونا اللحم!!”
فيما بقي الحرس في جنونهم.
—
حين عادوا إلى القصر، كان كبير الخدم لوكمان وعدد من الخدم بانتظارهم عند المدخل.
“لقد عدتم سالمين، سيّدي.”
“قلت لكم لا تنتظروا.
عودوا للراحة.”
“مفهوم.”
هل انتظروا بسببي؟
شعرت بالذنب، فتقدّمت نحوه بخجل.
صرف لوكمان الخدم، ثم التفت إليّ مبتسمًا.
“الحمد لله على سلامتكِ، سيّدتي.”
سيّدتي؟!
تجمّدت قليلًا، فلم أعتد على هذا اللقب.
لكن سرعان ما عرفت ما يجب أن أقوله.
“آسفة… لقد تسبّبت بالمتاعب… لن أكرّرها ثانية.”
أطرقت رأسي، ثم رفعتُه فإذا بابتسامة حانية.
“هنالك غبار عالق على وجهك.
سأجهّز لكِ ماءً دافئًا.”
مسح وجهي بمنديله الأبيض، ثم انحنى وغادر.
راقبت ظهره يبتعد، ثم سألت:
“هل هو غاضب؟”
“لوكمان خادم مخلص.
يدير القصر منذ أربعين عامًا.
لن يغضب لأجل أمر كهذا.”
“…….”
“الأفضل أن تستريحي الآن.
وكذلك أنت يا سموّ الأمير.”
كان فايل يتحدّث بسلاسة أكبر، كأنّه تقبّل الأمر.
شعرت بالتعب، فأومأت موافقة.
فانحنيت أمامهما.
“إذن أستأذن! شكرًا على المساعدة!”
“انتظري!”
ابتسمت وأنا أستدير، لكن إدريك أمسك ذراعي فجأة.
“آآه…!!”
صرخت من الألم، فقد كان موضع الحرق.
كنتُ أتجاهل الألم، لكن ضغطه عليه جعل الدموع تنهمر.
“آه… آسف! لم أقصد! أردت فقط أن أعطيك ما سقط منك…”
تراجع مرتبكًا وهو يعتذر.
فأسرعتُ أضمّ ذراعي وأهزّ رأسي.
“لا بأس! سأذهب الآن…”
استدرت مسرعةً لأعالج جرحي.
“تمهّلي قليلاً.”
رفع فايل صوته، فأوقفت قدمي.
اقترب منّي، وانحنى حتى صارت عيناه في مستوى عيني.
“هل تسمحين أن أرى ذراعك؟”
“أنا بخير! لا اتألمفي أي مكاننن! أنا حقًا بخير!”
لكنّه لم يقتنع.
كان صوته رجاءً لا أمرًا، لطيفًا بلا تهديد.
لم أجد مهربًا، فعضضت شفتي ورفعت كمّي ببطء.
فانكشف ساعدي المحمَرّ المتورّم.
“يا إلهي…!”
“…….”
شهق إدريك، وضاق نظر فايل.
“صدقًا لا تقلقوا.
وضعت أعشابًا فلا يؤلمني… هيهي…”
ابتسمتُ بصعوبة، فرفع نظره نحوي.
“هل أصِبتِ عند الهجوم؟”
“نعم…”
“ليس حرقًا عاديًّا.”
أدرك ذلك فورًا.
فسحبت ذراعي وغطّيتها.
“ص… بخير حقًا! أستأذن! ليلة سعيدة!”
انحنيت ثمّ جريت إلى غرفتي، أشعر بنظراتهم في ظهري لكنني لم أتوقف.
‘لا يجب أن أبدو عبئًا.’
إن طُردت فلن أجد مأوى.
لا بدّ أن أبقى هنا لأبحث عن والدي وأنتقم.
ولذلك عليّ أن أُصبح عضوًا رسميًّا من العائلة، لا مجرّد مرشّحة.
حتى وإن كانت عائلة لا ترغب بي.
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات. هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات. هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
كيم مين ها البالغة من العمر 20 عامًا ، طالبة جامعية عادية. من السخف أن تستيقظ في عالم مختلف تمامًا بعد حادث مفاجئ … ‘لماذا جاءني رجل وسيم للغاية بوجه غاضب ، وأعطاني أوراق الطلاق؟’ “ما الذي تتحدث عنه أيها الرجل الوسيم؟ لم ألتقِ بك من قبل ، ناهيك عن الزواج بك ، لماذا تعطيني...مواصلة القراءة →
كيم مين ها البالغة من العمر 20 عامًا ، طالبة جامعية عادية. من السخف أن تستيقظ في عالم مختلف تمامًا بعد حادث مفاجئ … ‘لماذا...
التعليقات لهذا الفصل " 12"