تذكرت لاريا أحداثاً وقعت قبل بضع سنوات.

 

‘اختُطفتُ وعشنا معاً لنصف عام……’

 

ظلت تلك الذكريات باقية معها في لحظات حياتها.

 

لحسن الحظ، يبدو أن الرجل الذي أمامها غافل تماماً عن أنها ذلك الثعلب الصغير.

 

بالتفكير في ذلك، السبب واضح.

 

في هذا العصر، ليس هناك سوين قادرين على التحول تماماً.

 

ناهيك عن أنه سر لا يعرفه أحد إلا هي، حتى والداها ليسا على علم به.

 

‘لم أتخيل يوماً أنني سألتقي بهذا الشخص مجدداً في موعد أعمى.’

 

كانت مندهشة لدرجة أنها تجمدت في مكانها لبرهة، وشعرت بنظرات حادة تلاحقها.

 

بعد أن عادت لاريا إلى رشدها، جلست على الفور أمامه.

 

بمعرفتها باسمه، وحتى بعد أن عاشا معاً، بدأت تتصبب عرقاً بارداً محاولة التظاهر بأنها لا تعرفه.

 

باستجماع قوتها، بدأت لاريا محادثة وكأنها تتحدث مع شخص غريب.

 

“المعذرة…… أنت هنا من أجل اللقاء المُدبر، أليس كذلك؟”

 

أومأ ببطء.

 

عند فحصه عن كثب، بدا أكثر إرهاقاً عن ذي قبل.

 

لا يزال وسيماً، لكن يبدو أنه فقد بعض الوزن……

 

بشرته شاحبة، يبدو وكأنه شخص يعاني من صعوبات أو مريض بمرض خطير.

 

حاولت لاريا تهدئة نبضات قلبها المتسارعة، ثم تابعت حديثها بهدوء.

 

“جئتُ مسرعة ولم أعرف اسمك. هل يمكنك إخباري؟”

 

فتح الرجل فمه.

 

“زينوكس كراسيوم.”

 

كان صوته عميق، كما لو أنه سيتردد صداه في المكان.

 

كان صوته مختلف عن الصوت في ذاكرتها، غير مألوف.

 

تأثرت لاريا بهذا الصوت، وتظاهرت بالدهشة قليلاً.

 

في الإمبراطورية، عائلة واحدة فقط تحمل اسم كراسيوم.

 

سلالة نادرة بدماء الذئاب السوداء، العائلة الوحيدة التي ورثت لقب الدوق الأكبر.

 

ورئيس تلك العائلة هو زينوكس كراسيوم.

 

مشهور لدرجة أن أي شخص تقريباً سمع شائعات عنه.

 

معظمها غير جيدة.

 

تذكرت لاريا بعض الشائعات عن زينوكس.

 

{إنه يأكل السوين.}

 

{يجوب ساحة المعركة عاجزاً عن كبح جماح رغبته في القتل.}

 

{إنه متقلب المزاج لدرجة أنه يقتل أي شخص لا يعجبه.}

 

ينتمي أفراد عشيرة الذئاب إلى أرقى آكلي اللحوم، وكثير ممن ولدوا في تلك السلالة يتمتعون بقوة هائلة.

 

بالإضافة إلى ذلك، ورث زينوكس هذه السمات بشدة.

 

قيل إنه من بين جميع السوين في هذا الجيل، دماء ذئبه هو الأنقى.

 

فكرت لاريا أن بعض هذه الشائعات مجرد شائعات لا أساس لها.

 

‘لأنني رأيت ذلك بنفسي.’

 

كان زينوكس الذي لاحظته خلال ستة أشهر من العيش معه مختلف تماماً عن الشائعات.

 

لكن الآن، على لاريا أن تتصرف كسوين لا تعرف شيئاً عن طبيعته الحقيقية.

 

كيف ينبغي لها أن تتصرف بشكل طبيعي تجاه زينوكس كراسيوم كشخص تقابله في هذا الموعد الأعمى؟

 

إذا تصرفت بلا مبالاة مفرطة، فقد يشك بها.

 

بعد تفكير طويل، أجابت لاريا، وهي تهز كتفيها قليلاً كأنها خائفة.

 

“…… أنا لاريا روهان.”

 

ساد الصمت بينهما عندما عرّفت لاريا عن نفسها.

 

‘كيف سأرفضه؟’

 

أرادت المغادرة بأسرع وقت قبل وقوع أي حادث غير ضروري.

 

يبدو أنها لم تكن الوحيدة التي تفكر في ذلك، حين فتح زينوكس فمه.

 

“أنا لا أفكر في الزواج بعد.”

 

بدا عليه الإنزعاج، وتعبير وجهه حاد وقاسي.

 

كان الرجل الذي أمامها يشبه زينوكس الذي التقته أول مرة في الغابة.

 

أومأت لاريا، التي كانت تحدق في زينوكس.

 

“هذا مريح. أنا أيضاً لا أنوي الزواج.”

 

ألقت لاريا نظرة خاطفة على الساعة التي على الحائط.

 

لم يمضي سوى أقل من عشر دقائق على دخولها المقهى.

 

“ولكن بما أن ولي العهد قد أمر بذلك، فهل يجب علينا على الأقل شرب الشاي ثم المغادرة؟”

 

عند ذكر ولي العهد، أومأ زينوكس، الذي كان عابساً، على مضض.

 

رفعت لاريا يدها ونادت النادل الذي كان ينتظر بعيداً.

 

“من فضلك، كوب واحد من الشاي الأسود وكوب واحد من شاي الحليب.”

 

“أي نوع من أوراق الشاي تفضلان؟”

 

“كلاهما إيرل غراي، مع الكثير من الحليب في شاي الحليب.”

 

بعد وقت قصير من تقديم الطلب، وُضع الشاي أمامهما.

 

بعد أن ارتشفت لاريا رشفة من شاي الحليب، صرخت داخلياً.

 

كان ساخناً جداً لدرجة أن لسانها برز للخارج قليلاً لا إرادياً.

 

وضعت كوب الشاي وانتظرت حتى يبرد شاي الحليب.

 

إن لاريا لا تجيد التعامل مع الأشياء الساخنة.

 

‘كان يُجيد زينوكس ضبط درجة حرارة الحليب بشكل مذهل.’

 

عندما استرجعت ذكريات الماضي للحظة، فتح زينوكس حقيبة كبيرة.

 

ثم قدم قطعة ورقة إلى لاريا.

 

عندما رأتها، ارتجفت يد لاريا.

 

سقطت قطرة من كوب شاي الحليب الذي تحمله على الطاولة.

 

「أبحث عن ثعلب أبيض

 

–الإسم: وايتي

 

–الخصائص: فراء أبيض، ولون الجزء الداخلي للأذنين وكفوف الأقدام وردية.

     طول الجسم 18 لتريس.

     الذيل طويل وكثيف.

 

★ ملاحظة مهمة: صغير ولطيف.

          قد يظنه البعض دمية.」

 

أعطاني منشور عن نفسي.

 

‘هذا المنشور…… يصلني بالبريد مرة كل شهر.’

 

إن زينوكس يرسل منشورات بانتظام إلى كل منزل في العاصمة.

 

كما تُنشر في كل مكان في الشوارع، لذلك يعلم كل مواطن في الإمبراطورية أن ثعلب زينوكس الأليف قد هرب.

 

بالطبع، لم يصدق أحد أن الثعلب هو حيوان زينوكس الأليف.

 

اعتقد معظم الناس أنه يبحث بجدية لأن الثعلب الأبيض كان إكسيراً قوياً.

 

كل ذلك بسبب الإنطباع الخاطيء بشأن زينوكس.

 

بعد قراءة المنشور، كادت أن تخرج عينيّ لاريا من مكانها عندما رأت المكافأة.

 

「المكافأة: 10 مليارات بيزو.」

 

لقد ارتفع السعر مجدداً!

 

إن المبلغ الذي يعرضه كافي لشراء عدة قصور في العاصمة.

 

وهذا المبلغ يتزايد سنوياً.

 

‘كم أنفق حتى الآن؟ هل سيعطيني هذا إذا أخبرته بالحقيقة؟’

 

رغم أنه مبلغ مُغري، إلا أنها لا تستطيع المخاطرة بحياتها من أجل 10 مليارات بيزو.

 

لحسن الحظ، زينوكس لا يعلم أن الثعلب الذي يبحث عنه يجلس أمامه مباشرة.

 

بعد أن أبعدت لاريا نظراتها عن المنشور، حاولت إخفاء دهشتها، وقالت.

 

“أم…… إذن، كان لديك ثعلب؟”

 

لانّ تعبير وجه زينوكس قليلاً.

 

فتح فمه لأول مرة.

 

“سمعتُ أنكِ من سلالة الثعالب البيضاء.”

 

إذن، أعطاني المنشور لأني من سلالة الثعالب.

 

عندما أجابت لاريا بخفة بالموافقة، تمتم زينوكس وكأنه يُخاطب نفسه.

 

“تماماً مثل وايتي.”

 

لا، لقد مر وقت طويل منذ أن سمعتُ هذا الإسم.

 

كان قد تم مناداة لاريا بوايتي لستة أشهر كاملة.

 

كل ذلك بسبب زينوكس.

 

غير مُنتبه لتغيّر تعابير وجه لاريا، واصل زينوكس حديثه.

 

“إذا رأيتِ وايتي، فمن فضلكِ أخبريني.”

 

كانت نظراته الحادة مُخيفة بعض الشيء، وظهرت قشعريرة على ذراعيّ.

 

قد يظن المرء أنه بعد ثلاث سنوات من عدم العثور عليها، سيفترض أنها ماتت، لكن هناك سبب لإستمراره في البحث. 

 

إنها متأكدة أنه إذا اكتشف زينوكس هويتها، فلن يتركها وشأنها.

 

‘يجب أن أخفي هويتي حتى النهاية.’

 

وضعت لاريا فنجان الشاي بهدوء وأومأت.

 

“إذا واصلت بذل هذا الجهد، فقد تجدها قريباً.”

 

بعد أن تظاهرت بمواساته، همس زينوكس بصوت خافت.

 

“…… لا بد لي.”

 

أوحت نبرته بأنه قد يفعل شيئاً خطيراً إذا لم يجدها.

 

لمست لاريا سطح كوب الشاي بأصابعها.

 

كان الشاي قد برد قليلاً، لذلك خططت للشرب بسرعة والمغادرة.

 

وعندما كانت على وشك التقاط كوب الشاي مرة أخرى.

 

فُتح باب المقهى ودخل أحدهم.

 

ظنت أن الرجل زبون آخر، ولكنه سار نحوهما بسرعة.

 

هتف الرجل بصوت متحمس.

 

“سيدي! يقولون إنهم وجدوا وايتي!!”

 

رمشت لاريا.

 

…… ولكن وايتي موجودة هنا؟