انتفضتُ فجأةً من مكاني عندما ظهر غريب، طفل. لكن التوتر زال لحظةً واحدةً عندما ألقيتُ نظرةً فاحصةً على وجهه. كان أحمرَ ومُلطخًا بالدموع كوجهي.
كان نحيفًا، أقصر مني برأس تقريبًا، وكان الدم ملطخًا على خده – ولم أستطع أن أعرف إن كان دمه ام دم شخص آخر.
بدا وكأنه لم يستحم منذ أيام، قميصه الأبيض الفاخر وسرواله البنيّ مجعدان وممزّقان. بدا القماش باهظ الثمن، لكن حالته كانت عكس ذلك تمامًا.
وسط الانطباع العام بالإهمال والقذارة، أشرقت عيناه الزرقاوان ببريقٍ مذهل. لو اهتتممت به وأطعمته، لكان وسيمًا للغاية.
حدقنا في بعضنا البعض لبرهة طويلة. تحدثتُ أولًا: “… كيف دخلتَ إلى هنا؟”
أسرتني عيناه الصافيتان للحظة. هززتُ رأسي محاولةً استعادة تركيزي. لم يُجب، بل استمر في البكاء بصمت، والدموع تنهمر على وجهه.
‘لماذا لا يجيب؟ إنه يستمر في البكاء.’
لم أستطع بدء محادثة، فحدقتُ في دموعه المنهمرة. رؤيته يبكي أعادني إلى تركيزي.
‘-إنه عيد ميلادي-. وطُردتُ مرة أخرى، دون أن أُهنئ نفسي ولو مرة واحدة.’
ارتجفت شفتي السفلى، وتشكلت كتلة صغيرة مرتجفة في ذقني نتيجة قمعي لبكائي ثم اختفت.
“لماذا تبكين؟” ارتجف صوتي، ولم أستطع منع شفتي من الارتعاش. حاولتُ كبت دموعي. كان البكاء أمام شخص غريب أمرًا مخجلًا.
ولكن عيني بدأت ترفرف، والدموع انهمرت على خدي مرة أخرى.
“أنا…” تقطع صوت الصبي. حاولتُ أن أكف عن البكاء، راغبة في سماع ما سيقوله. لكن الدموع، ما إن بدأت، لم تتوقف، بل ازدادت حدةً بموجة حزن جديدة. في النهاية، بكينا كلانا.
* * *
كان دايكين، البالغ من العمر خمسة عشر عامًا، قد وصل إلى الريف قرب ضيعة ليزيانا بسبب مرض والده. وصل فور تدهور صحة والده، وكان عقله في حالة من الذهول. لكن كلمات الطبيب القاسية كانت أكثر إرباكًا.
أطلّ دايكين على الغرفة من بابٍ مفتوح قليلاً. كان والده مستلقيًا هناك، بجسدٍ نحيل، بينما كانت والدته تراقب الطبيب بنظرةٍ جادّة.
“إذا استمر هذا، فمن المرجح جدًا أن يتعرض لموجة مانا زائدة. إذا حدث ذلك، فلن يُصاب سيادته فقط، بل كل من في هذا النطاق.”
من بعيد، نظر دايكين إلى والده، دوق بلاشور، ديل، بقلبٍ خائف. كانت بشرة والده لا تزال متألقة، وشعره الأشقر ورموشه الذهبية تتلألأ بالضوء. بدا وكأنه على وشك الاستيقاظ في أي لحظة.
بدا وكأنه سيستيقظ في أي لحظة ويتصرف كعادته بصخب، بل ووقاحة. لكنه لم يفعل. لم يبق على ملامحه سوى السكون.
ملأ اليأس وجه دايكين.
“فماذا يمكننا أن نفعل إذن؟”
“…عليكم الاستعداد. تعلمون أن هناك طريقة واحدة فقط لإطفاء اللهب قبل أن يصل إلى ذروته.”
«أبي…» استعاد دايكين كلمات الطبيب في ذهنه. «زيادة في الطاقة بسبب فرط المانا…»
طفرة مانا. تحدث عندما يتجاوز مستوى قوة المرء قدرة الجسم على احتوائها.
لم يكن الأمر شائعًا. لكن بالنسبة لدوق بلاشور، كان الأمر مختلفًا. أي شخص يرث دم بلاشور لا يمكنه النجاة من احتمالية حدوث طفرة.
كانت الطاقة المنتقلة عبر خط بلاشور انفجارًا. حتى الانفجار الصغير كان أمرًا مخيفًا، لكن انفجارات بلاشور كانت قوية بشكل لا يُصدق، مما زاد من خطورتها.
انتشرت نكتة مفادها أنه لو وجدت قوة بلاشور وسيلة مناسبة لاستيعاب قوتها، لاستطاعت إبادة بلد بأكمله. وكانت صحيحة جزئيا.
سمع دايكين كلام الطبيب، فخرج من الردهة متعثرًا، ووجهه على وشك البكاء. انحنى على الحائط، والأرض من حوله مغطاة بأوراق جافة مع اقتراب الخريف.
“يتظاهر بالمرض مرة أخرى.” لم يتردد دايكين في التقليل من مرض والده.
نظر إلى الجدار العالي، وعيناه تتسلقانه حتى بلغت غرف النوافذ الكبيرة في الأعلى، حيث كان والده مستلقيًا في أكبرها، واضحًا للنظر.
تحدث دايكين إلى نفسه بصوت أعلى: “أخبرتك أن تتوقف عن التظاهر بالمرض لجذب الانتباه…”
حدق في النافذة التي بالكاد يمكن رؤيتها، لكن الصوت الذي كان يتوق إليه لم يأتِ.
عادةً، كان والده ليرد بسخرية: “لكن هذا الأب مريضٌ حقًا يا بنيّ العزيز. لا أتظاهر. بو-هوو!”. لكن الردّ المتوقع لم يأتِ. بل خيّم صمتٌ مُقلقٌ حوله.
قرر دايكين التحلي بالصبر من أجل والده. عادةً، كان سيطلب من والده النهوض، ويوبخه مازحًا.
‘لكن أبي مريض. سأتجاهل الأمر هذه المرة.’ قرر أن يتجاهل الأمر دون أي مزاح. كان يركل الأرض بكآبة، غارقًا في أفكاره، عندما…
“آه…” أصابه صداع مفاجئ ومُبرح. شعر وكأن أحدهم يضرب رأسه بآلة حادة بلا رحمة. الألم، كنقر الخشب الذي يطرق آلاف المرات، يخترق دماغه، جعله يقبض على رأسه.
كان دايكين يعلم أن الألم سيتلاشى قريبًا، لكنه، رغم مروره بهذه المعاناة من قبل، شعر هذه المرة برعب يلتف حوله. راوده إحساس بأنه قد لا يتمكن من فتح عينيه مرة أخرى، تمامًا كما حذّره الطبيب. بدا الألم وكأنه لن ينتهي أبدًا.
“آه…”
ولحسن الحظ أن هذا لم يحدث.
ليس بعد، ليس بعد
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل "2"