حتى بعدما خف الألم، ظل دايكن” يشعر بالدوار وكأنه خرج لتوه من عالم غريب إلى مكان خالٍ تمامًا من الأصوات. كانت جبهته ويداه مبللتين بالعرق.
ظل يحدق في يديه، بنظرات شاردة. بعد أن مر بكل ذلك الألم، كان يتوقع أن ينعم ببعض الراحة. تنفس ببطء، وكأنه يحاول استعادة توازنه.
***
لكن الواقع خيب ظنه. ففي اليوم التالي عاد الألم، أشد من قبل، يكاد يعميه من شدته.
وتكرر الأمر في اليوم الذي بعده، واليوم الذي يليه.
لحسن الحظ، أو ربما لسوء الحظ، كان الجميع مشغولين بحالة الدوق، فلم يلتفت أحد كثيرًا إلى دايكن. الخدم كانوا يراقبونه بحذر، لكن هذه المرة، لم يكن ذلك مجديًا. أصر على أن يكون وحده.
قال: “أريد أن أبقى وحدي.”
أجاب أحد الخدم بقلق: “يا سيدي الصغير، هذا خطر.”
حاولوا أن يثنوه عن رأيه، لكنهم لم يستطيعوا معاندته تمامًا، خاصة وهو على وشك فقدان والده. لم يكن بوسعهم إنكار رغبته في العزلة.
وكانت نوباته المؤلمة دائمًا ما تأتي وهو وحيد، ومعاناته ظلت خفية، لا يشعر بها أحد.
‘هل سأموت؟’
ورث طاقة أقوى من طاقة والده، لكن جسده الصغير لم يكن قادرًا على تحملها، مما يفسر بدء تلك النوبات مبكرًا.
‘ربما أموت.’
فكر في والدته، التي كانت على وشك فقدان زوجها وابنها في آنٍ واحد. شعر بالأسى تجاهها، لكنه لم يكن قادرًا على فعل شيء. بدأ رأسه يؤلمه من جديد، وبدأ الدم ينزف من أنفه.
‘لا أريد أن أموت.’
تناثرت قطرات الدم على الأرض، مرسومة بنمط غريب ومخيف.
‘لا أريد أن أموت.’
بدأ الضوء يختفي من عينيه، ووجهه شاحب، رغم أن ذهنه كان في حالة من الضباب، إلا أن فكرة واحدة كانت واضحة تمامًا: لا يمكنه أن يطلق طاقته هنا.
‘يجب أن أخرج من هنا.’
لم يكن يعرف ما الذي قد يحدث لو انفجرت طاقته في هذا المكان. ربما تدمر الغرفة، وربما دُمر كل ما حولها.
كان قصر “ليزيانا” بعيدًا عن العاصمة، حيث يقع قصر “بلاشور”. جاؤوا إلى هنا على عجل بعد أن تدهورت حالة والده الصحية فجأة. مرض الدوق كان سرًا كبيرًا، ولذلك كانت فترة علاجه تقام في سرية تامة.
ولو انكشف الأمر، سينهار وضع العائلة. والأسوأ من ذلك، إن انفجرت طاقة دايكن، قد تُكشف حالة والده، بل وقد يتسبب ذلك في موت والده ووالدته معًا.
وسط هذا الضياع، اندفع دايكن خارج المنزل. كان عليه أن يهرب.
ورغم أن الحراسة كانت مشددة بسبب وضع الدوق، إلا أن دايكن استطاع الهرب بسهولة نسبية. كان قد اعتاد التسلل من القصر أثناء الدروس، وأصبح يعرف جيدًا طرق الهروب ونقاط ضعف الحراسة. صحيح أن قصر “ليزيانا” مختلف من حيث التصميم، لكن الفرسان هم أنفسهم، وكان دايكن يعرف أساليبهم.
كما أن الفرسان أحيانًا يتغاضون عن خروجه، خاصة أن والدته “مينيرفا” كانت قد أوصت بتركه وشأنه في بعض الأحيان. فهي ترى أن الحصان المقيد تمامًا قد يصبح أكثر عنادًا، لذا من الأفضل تركه يركض أحيانًا طالما بقي في مجال الرؤية.
وبفضل هذا، تمكن دايكن من الخروج دون أي عوائق.
***
تلاشت ذاكرتي وأنا أركض. ما أتذكره فقط هو أنني كنت أردد: ‘يجب أن أبتعد عن المنزل قدر المستطاع.’
وسط هذا التيه، شعرت فجأة بدفء غريب، وكأنه دعوة خفية جذبتني. لم أستطع مقاومتها. ركضت باتجاه مصدرها، حتى وصلت إلى هذا المكان.
أتذكر أنني زحفت عبر ممر ضيق، وملابسي مغطاة بالتراب. لا أعلم إن كنت أنا من حفر هذا النفق، أم أن غريزة ما دفعتني إليه.
وهناك رأيتها… فتاة وسط بياض ناصع. فستانها العاجي زادها نقاءً، وعيناها البنفسجيتان كانتا اللون الوحيد في المشهد.
‘جنية…؟’
في البداية ظننتها مخلوقًا أسطوريًا من كتب الحكايات. ملامحها الرقيقة وعيناها اللامعتان كانت كما وُصفت الجنيات دائمًا.
لكن رغم ذلك، لم تكن تملك أجنحة. بدت كجنية، لكنها لم تكن كذلك.
‘يا لهذا العطر…’
الرائحة العطرة التي فاحت منها كانت باعثة على الطمأنينة، وخففت من الصداع الذي يعصف برأسي.
عادةً، عندما أهدأ بهذه الطريقة، يكون ذلك مقدمة لنوبة ألم شديدة. لكن الغريب أن الخوف لم يأتِ هذه المرة.
‘لطالما قيل لنا إنه لا توجد قدرة تخفف من هذه النوبات…’
لكن ما شعرت به لم يكن مجرد تسكين للألم. النظر إليها جلب لي راحة داخلية عميقة. الفوضى التي كانت تمزقني من الداخل بدأت تهدأ. شعرت بطاقة جسدي وهي تعيد تنظيم نفسها.
‘ليست طاقتها تُخمد النوبة…’
بل طاقتها كانت تُعيد تشكيل قوتي، وتنسقها مع جسدي، كأنها تعيد ضبطها بشكل طبيعي.
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 2"
I.I.I.I.II