من بين كلّ الموائد الاجتماعية التي حضرتها تيتانیا، كان هذا المكان الأكثر متعة.
المجتمع الآن، رغم أنّه يعترف بالنساء كرؤساء للعائلات، لم يكن يبرز نشاطهن الاجتماعي بشكل لافت.
لكن وجود أشخاص يرفعن أصواتهن هكذا، كم كان ذلك ممتعًا!
على النقيض، كانت النبيلات يضعن أيديهن على جباههن.
“بدلاً من الحديث عن الزواج، يناقشن مثل هذه الأمور.”
“بالضبط. كنت آمل أن نُزوّج هذه الفتاة المزعجة هذه المرّة.”
“أنا أرى أن هذا ليس سيئًا. ألم تكن إنجازات سيّدة الدوق في حصن السماء كثيرة؟ بدايةً من سيّدة الدوق، سيكون من الجيّد أن تزداد النساء اللواتي يمارسن مثل هذه الأنشطة. سيصبحن مجموعة تقود المجتمع.”
ابتسمت الإمبراطورة ابتسامة مشرقة.
في الحقيقة، كان يكفي الإمبراطورة أن تنظّم تيتانیا موائد و تضغط على الفتيات الشابات اللواتي يتباهين بنفوذهن الآن.
قد تتحالف بعض المجموعات وتختلف مع أخرى، لكن الإمبراطورة أرادت تفريق هؤلاء المتجمّعين.
‘وتيتانیا بالتأكيد ستُحدث تغييرًا.’
لأنها مدعومة بفينيسيا وعائلة الدوق.
ابتسمت الإمبراطورة بلطف.
“حتّى جلالة الإمبراطور يرى هذا التغيير بإيجابية.”
“إن كان الأمر كذلك، فهذا حسن.”
“بالطبع، أعتقد أنّه يجب تشجيع الزواج أيضًا، من أجل الجيل القادم. لكن تأخيره قليلًا لا يُشكل مشكلة كبيرة.”
كان من المبهج أن ترى الفتيات الشابات يتحدّثن بحماس و وجوههن متورّدة. ضحكت النبيلات كأنهنّ لا يملكن خيارًا آخر.
“أنا ممتنة لأنّ سيّدة الدوق فتحت أبواب حصن السماء وأنجزت الكثير. كنت قلقة جدًا لأنّ ابنتي تريد إجراء الأبحاث.”
“و أنا أيضًا. فتاة تتعلّم مثل هذه الأمور، ماذا ستفعل بها؟ قبل عشر سنوات، هل كان أحد يفكّر حتّى بهذا؟”
التقاليد القديمة لم تُمحَ تمامًا، بل بقيت كما هي.
كانت تميّز بين ما يستطيع الرجال فعله وما تستطيع النساء فعله، وتفرض ذلك على المجتمع. لكن تيتانیا حطّمت كلّ ذلك.
كان هذا سببًا آخر جعل أنظار الناس تتجه نحو تيتانیا.
كانت تيتانیا المنشقّة عن الطبقة العليا والرائدة في الوقت ذاته.
“أنا أيضًا أشعر بالامتنان لسيّدة الدوق من نواحٍ عديدة. بفضلها، أصبحتُ قادرة على الحلم بالكثير.”
في الجيل القادم، أو الذي يليه، ألا يمكن أن تُجلَس امرأة على العرش؟
وهكذا، اندمجت تيتانیا في المجتمع الراقي بطريقة لم تكن تتوقّعها.
بسرعة فائقة.
***
أمسكت تيتانیا بيد فرناندس بتعب ظاهر على وجهها.
“تيتانیا؟”
“يبدو أنّني تحدّثتُ كثيرًا اليوم. أشعر بالدوار.”
ضحك فرناندس.
طوال اليوم، رأى تيتانیا تتفاعل مع الفتيات الشابات، وهي صورة مختلفة عن المعتاد.
تيتانیا تتفاعل مع الناس وتتحدّث معهم!
“هل كان ممتعًا؟”
“نعم.”
أجابت تيتانیا بحزم.
“في الحقيقة، لم أكن أعتقد أنّني سأتمكّن من مناقشة مثل هذه الأمور في مأدبة اجتماعية. نادرًا ما تكون اهتمامات الفتيات الشابات هي الصيغ العلمية بدلاً من الأحذية أو الفساتين.”
“ربّما كانوا لا يستطيعون التحدّث.”
“ماذا؟”
“أنتِ من بدأتِ، تيتانیا. لقد منحتِهم فرصة للتعبير عن تلك الطموحات التي كانوا يخفونها في قلوبهم. الخطوة الأولى دائمًا هي الأصعب.”
“هكذا إذن …”
خدشت تيتانیا خدّها.
“هل هذا صحيح؟”
“ألم يعارض والداكِ؟”
استرجعت تيتانیا ذكرياتها. عند التفكير في الأمر، بدا أنّها تلقّت كلّ الحظ في هذه الحياة.
كان السيّد و السيّدة كونت فينيسيا يدعمانها بحماس في كلّ ما تفعله.
عندما تخلّت عن إرث العائلة لتسلك طريقها الخاص، وعندما أرادت الانضمام إلى حصن السماء لإجراء الأبحاث، سمحا لها بكلّ شيء لأنّها أرادته.
كما أقنعوا الآخرين ليسمحوا لتيتانیا بتحقيق ما تريد.
الآن بعد التفكير …
“في الحقيقة، كنتُ أوّل فتاة تدخل حصن السماء.”
كان حصن السماء سوقًا للتعلّم ومركزًا للأبحاث، حيث يعبّر الجميع عن أفكارهم.
واصلت تيتانیا حديثها بصوت بطيء.
“كان أمرًا غير مسبوق، لذا واجهت معارضة المؤسسة في البداية. ومن أقنعهم وجعلهم يركعون هما أبي وأمّي.”
انحنت زوايا عيني تيتانیا.
“في حصن السماء، هناك ثلاثة مبانٍ، اثنان منها بناهما والداي، على الأرجح، فقط لأجل قبولي.”
كان أمرًا مذهلاً حقًا. كانت تيتانیا على وشك القول إنّها ستتخلّى عن الأمر إذا كان الأمر بهذا الحجم …
‘هذه أوّل مرّة تقولين فيها إنّك تريدين فعل شيء بحماس، تيتانیا. أريد أن أحقّق لكِ ما تريدين. أتمنّى أن تعرفي كم يجعلكِ فعل ما ترغبين به سعيدة.’
‘وماذا لو لم أتأقلم؟ ماذا لو لم أندمج هناك أيضًا…؟’
في تلك السنوات الأولى بعد ولادتها الجديدة، كانت في ذروة السلبية.
بينما كانت تيتانیا تدوس الأرض بعبوس، قال الكونت بحزم: ‘وما المشكلة في ذلك، تيتانیا؟ إذا لم ينجح الأمر، ابحثي عن شيء آخر. أقول لكِ افعلي ما تريدين، لا أن تُجبري نفسك. أريد فقط … أن تجدي طريقة لتعيشي بسعادة. ابحثي عن سعادتك. هل هذا صعب جدًا؟’
لم تفهم كلام والدها حينها، لكنها الآن بدأت تفهمه. لقد كان السيّد و السيّدة كونتا فينيسيا حقًا …
“بذلا قصارى جهدهما ليجعلاني سعيدة.”
رمشت تيتانیا بعينيها.
شعرت فجأة وكأنّ الدموع ستنهمر. كانت تعتقد أنّها وحيدة، لكن كان هناك دائمًا من يحميها. كانت تعتقد أنّها تسبّبت لهم بالألم فقط …
“عندما كنت أصنع نموذجًا جديدًا، كنت أحمله أوّلًا إلى والديّ. كانا هما من يفرحان به أكثر…”
أمسكت تيتانیا بفرناندس بقوّة.
سقطت دموعها دون قصد.
“آه.”
لم تكن تنوي البكاء. فركت تيتانیا عينيها لتمسح الدموع.
“…كنت أعتقد أنّني مجرّد مسمار بارز. لكن أمّي وأبي حقّقا أحلامي دائمًا. لذا، لم أكن مسمارًا، بل كنت الأولى. لكي تستطيع الفتيات الأخريات الحلم بي.”
انكمشت كتفي تيتانیا وهي تبكي.
لمَ لم تفكّر بهذا من قبل؟ كانت تظنّ أنّ عليها فقط محو ذاكرتها، أنّ تيتانیا رمز للشقاء.
لكن كانت هناك ذكريات جعلت والديها سعداء. تذكّرت والديها وهما يبتسمان بحرارة كلّما أحضرت لهم شيئًا.
“لمَ لم أدرك ذلك؟”
“تيتانیا.”
“لمَ أدركت ذلك الآن فقط …”
هل كان ذلك بسبب الفتيات الشابات اللواتي تحدّثن معها بحماس، أو بسبب النبيلات اللواتي كنّ ينظرن إلى بناتهن بعيون مليئة بالحب رغم قولهن إنّهن تعلّمن أشياء غريبة بدلاً من الزواج؟
‘تبدين سعيدة اليوم، تيتانیا. هذا أسعد يوم بالنسبة لي.’
هل كان ذلك بسبب أمّها التي قالت ذلك وهي تبتسم بسعادة؟
غمرها الإحساس بالعاطفة.
مؤخرًا، أصبح قلبها طريًا، وصارت دموعها كثيرة.
هزّت تيتانیا رأسها قليلًا.
“لا أريد العودة إلى المنزل.”
“إذن؟”
“أريد زيارة أمّي وأبي. من فضلك، افعل ذلك، افعل ذلك”
“حسنًا.”
قبّل فرناندس خدّ تيتانیا. بدأت تيتانیا تكشف عن مشاعرها و تعبّر عن نفسها. يبدو أنّ زوجته الصغيرة ، التي كانت مختبئة في قوقعتها كحلزون ، بدأت تخرج أخيرًا.
ربّما كانت زوجته الصغيرة تنضج الآن حقًا.
“أحبّكِ ، تيتانیا”
ارتجفت شفتا تيتانیا.
“إذا كان هناك من يزعجكِ ، سأعاقبهم.”
حتّى لا تشعري برغبة في محو ذاكرتكِ.
“افعلي ما تريدين ، وابحثي عن سعادتكِ”
أغمضت تيتانیا عينيها بقوّة وأومأت برأسها كالأطفال. شعرت و كأنّ كلّ قدرتها على التفكير قد إنضبّت.
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
كيم مين ها البالغة من العمر 20 عامًا ، طالبة جامعية عادية. من السخف أن تستيقظ في عالم مختلف تمامًا بعد حادث مفاجئ … ‘لماذا جاءني رجل وسيم للغاية بوجه غاضب ، وأعطاني أوراق الطلاق؟’ “ما الذي تتحدث عنه أيها الرجل الوسيم؟ لم ألتقِ بك من قبل ، ناهيك عن الزواج بك ، لماذا تعطيني...مواصلة القراءة →
كيم مين ها البالغة من العمر 20 عامًا ، طالبة جامعية عادية. من السخف أن تستيقظ في عالم مختلف تمامًا بعد حادث مفاجئ … ‘لماذا...
التعليقات لهذا الفصل " 85"