خلفَ نافذة الشّرفة المفتوحة على مصراعيها، امتدّت سلسلة جبال شامخة. كانَ المشهد المغطّى بالثلوج والصّخور مهيبًا و مخيفًا في آن واحد.
نظرتْ فيفيان إلى هذا المشهد بصمت، ثم استدارت.
* * *
نزلتْ فيفيان إلى الطّابق الأوّل مرتدية طبقات كثيرة من الملابس، واصطدمت بإيريس و ريجينا اللتين كانتا تستعدّان للخروج.
كانتا تخرجان كلّ صباح خارجَ أسوار القلعة للتدريب على السّحر، ولا تعودان إلّا بعد غروب الشمس. كانتا تتمتّعان بالجديّة المناسبة لبطلتي القصّة الأصليّة.
“استيقظتِ مبكّرًا. هل أنتِ بخير؟”
“وأنتِ تنوين الخروج في هذا الوقت المبكّر؟”
“بما أنّني بدأت متأخّرة، يجب أن أبذل مجهودًا أكبر.”
اطمأنّت فيفيان لأنّ ريجينا كانت مع إيريس، لكنّها لم تستطع منعَ القلق الداخليّ.
كانت تأمل أن تعودا قبل غروب الشمس، لكن في كلّ مرّة تقول فيها ذلك، تضحك ريجينا بثقة قائلة: “هل نسيتِ من أنا؟”
“صباح الخير، فيفيان. تبدين أجملَ من المعتاد اليوم.”
“هل نمتِ جيّدًا، ريجينا؟ هل تجدين أيّ إزعاج هنا؟”
“بعد العيش بين أناس متقلّبين، هذا المكان يبدو كالجنّة.”
نظرتْ ريجينا إلى فيفيان بنظرةٍ مبهورة.
لتكرّر مرّة أخرى، كانت ريجينا ضعيفة أمام المال و الجميلات الرقيقات، وكانت فيفيان تجسيدًا مثاليًا لهذين العنصرين.
“لكنّ الدّوق يبدو حذرًا منّي، وهذا مزعج بعض الشيء.”
“هل اكتشفَ أنّكِ من النقابة؟”
أخفضتْ فيفيان صوتها بحذر.
كانَ تدريب التلميذة ذريعة ظاهريّة فقط، فالسّبب الحقيقيّ لقدوم ريجينا إلى بلاكفورد كان مختلفًا.
خلالَ الأشهر الستّة الماضية، بدأت تُلاحظ تيّارات غريبة للطّاقة السحريّة في أقصى شمال القارّة، وكانت هذه التيّارات تتجاوز المستوى العاديّ، مما استدعى التحقيق.
لكن دخول بلاكفورد يتطلّب إذن الدوق، فكانَ لا بدّ من إيجاد ذريعة مناسبة، وجاءت التلميذة التي قدّمتها فيفيان كحلٍّ مثاليّ.
“في رأيي، يبدو مثل كلبٍ يحرس سيّدته… أقصد، لا شيء.”
تمتمتْ ريجينا بكلماتٍ غامضة، ثمّ سعلت بخفّة.
اقترب الفرسان المكلّفون بحمايتهما.
“حانَ وقت الذهاب. سأراكِ في المساء، فيفيان.”
“إيريس، انتبهي. تأكّدي من اصطحاب الفرسان.”
“لن أذهب إلى مكان خطير. معلّمتي معي، و السيّد ديلان… أقصد، الفرسان يهتمّون بنا كثيرًا.”
احمرَّ وجه إيريس فجأةً و هي تصحّح كلامها بسرعة.
كانَ من الواضح للجميع أنّ هناك شيئًا بينهما، لكنّ فيفيان تظاهرت بعدم الملاحظة.
“حسنًا، عودي بخير.”
بعد وداعِ إيريس، عادت فيفيان إلى داخل المبنى.
كانَ كبير الخدم، دييغو، ينتظر في الردهة بالطابق الأوّل، دون أن تعرف متى وصل.
“صباح الخير، سيّدتي.”
“صباح الخير.”
تابع دييغو بصوت هادئٍ و ودود:
“اليوم، من المقرّر أن يصلَ التجّار الذين استدعاهم السيد. هل تفضّلين تناول الطعام قبل مقابلتهم؟”
“تجّار؟ أنتَ لا تقصد…”
“أصرّ السيد على أنّ ملابسكِ الشتويّة غير كافية ويجبُ تفصيل ملابس جديدة.”
“إذن، ماذا عن الملابس الموجودة في غرفة ملابسي؟”
قبلَ مغادرتهم إلى الشمال، أمر أصلان خيّاطة بتفصيل عدّة صناديق من الملابس الشتويّة الدافئة ذات الفرو الوفير، و دفع خمسة أضعاف المبلغ لتسريع العمل، ممَّا جعلَ الخيّاطة تعمل بحماسة كبركان.
لكنّ فيفيان اضطرّت لتحمّل عناء اختيار و تجربة كميّة هائلة من الملابس.
‘علاوة على ذلك، من يحتاج ملابس شتويّة هو أصلان، لا أنا. قميص و معطف فقط؟ سيجمّد نفسه!’
كانت الخطيبة ملفوفةً بالحرير و الفرو كما لو كانت هديّة، بينما كانَ هو يتجوّل في الجبال والحقول بملابسَ خفيفة.
تنهّدت فيفيان وهي تعود إلى الواقع.
كانت تخطّط اليوم لجمع معلومات عن إيسيدورا من الجواسيس الأربعة الذين استمالتهم مسبقًا.
“حسنًا، ليس ذنب دييغو. لا حاجة للتجّار، لكن أريد الذّهاب إلى القرية، فجهّز العربة.”
“اليوم أيضًا…؟”
“كزوجة محتملة للسّيد، من واجبي رعاية الشعب.”
لم تكن تنوي فعلًا رعاية الشعب، ولا أن تصبح زوجة السيد، لكن هذه كانت الذريعة المثاليّة لتفادي مراقبة أسلان.
“قد يكون كلامي متطفّلًا، لكن ألا تفضّلين الرّاحة في القلعةِ اليوم؟”
“وما السبب؟”
“بما أنّ جسمكِ ضعيف و كثيرًا ما تتعبين، أمرني السّيد بمراقبتكِ بعناية.”
“هل تريد أن تجعلني جبانةً تتذرّع بالصحّة لتتخلّى عن واجبها؟”
“…لا، ليس هذا قصدي.”
نظرَ دييغو، الذي نادرًا ما يظهر عواطفه، إلى فيفيان بعينين مليئتين بالإعجاب.
راقبت رئيسة الخادمات، التي كانت تشاهد الموقف، هدوء الحديث، ثم هرعت لتضع عباءة فرو على كتفي فيفيان.
“سيّدتي، الجوّ بارد بالخارج. يجب أن ترتدي ملابس دافئة.”
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 82"