بينما كانَ أصلان يمدّ يده، انحنت فيفيان مبتسمةً بلطف لتتساوى مع عيني رافي.
“جلالة الإمبراطور يبدو صلبًا و باردًا ظاهريًا، لكنّه في الحقيقة متسامح و كريم. لهذا، غالبًا ما يُساء فهمه من المحيطين.”
“هل أسأتُ فهم جلالته؟”
“إن فتحتَ قلبك له، ستتمكّن بالتأكيد من رؤية جانب جديدٍ منه. هذا هو طلبي الوحيد.”
كان نبرتها هادئة و بسيطة، لكنّها تحمل قوّة تؤثّر في القلوب.
عند الاستماع إلى كلامها بعناية، يتّضح أنّها تسعى للتوفيق بين الإمبراطور و الأمير لمنع الحرب، فأعجب الجميع ببلاغتها في قرارة أنفسهم.
أومأ رافي برأسهِ بعد أنْ حدّقَ في فيفيان.
“حسنًا، إن كان هذا طلبكِ. محاربو الصّحراء يردّون الجميل دائمًا.”
“شكرًا، أيّها الأمير.”
“لكن ناديني باسمي كما فعلتِ عندما التقينا أوّل مرّة. أنتِ تعرفين اسمي الآن، أليس كذلك؟”
انتهى الأمر أخيرًا. وقفتْ فيفيان بالكاد على ساقيها المرتجفتين.
لم تكنْ تدري كيف تقدّمتْ بهذه الجرأة.
عندما استعادتْ وعيها، كانت كلّ الأنظار موجّهة إليها، ويداها و قدماها مخدّرتان، و عرق بارد يتصبّب من ظهرها، كما كان لمعان قمّة رأس غالميت تحت ضوء الثّريّات يؤلم عينيها.
‘آه، إنّه يلمع مجدّدًا!’
في اللّحظة التي باغتها فيها وهج كالمصباح الأماميّ، أُمسك بخصرها بقوّة.
“فيفيان!”
“آه…”
كانَ أصلان، الذي اقتربَ دون أن تدري، يدعم ظهرها بحزم.
“هل أنتِ بخير؟ يبدو أنّكِ تتصببين عرقّا باردًا، هل تشعرين بتوعّك؟”
“نـ، نعم، أنا بخير.”
لم تستطع قول إنّ الأمر بسبب ذلك اللّمعان، فأومأت برأسها بتردّد. ضحكَ غالميت بصوت عالٍ وبدأ ينهي الموقف.
“هاها، بما أنّ الأمور سارت هكذا، فليُرتب جلالته جلسة محادثات رسميّة قريبًا.”
“لا يمكنني رفض حسن نيّة زوجة ابني المستقبليّة، لذا بالطّبع سنفعل ذلك. ناقش الأمر مع الوزير الأوّل.”
“حسنًا، جلالتك.”
تحوّلَ الجوّ المتوتّر إلى أجواء وديّة، وبدأت اللّيلة الأخيرة من هيمينا.
كانَ بطلا الاحتفال اليوم، بلا شكّ هما فيفيان و أصلان اللذان منعا الحرب.
بينما كانا يرقصان وسط إعجاب الجميع، وقف غالميت إلى جانب الوزير الأوّل يتبادلان الحديث.
كانَ لهما قاسم مشترك هو الهروب من العائلة، فتفاهما بمجرّد أن التقت أعينهما.
بدأ غالميت الحديث.
“هذان الاثنان، أليسا عاشقين رائعين؟”
“مؤخرًا، العاصمة لا تهدأ بفضلهما. لكن، بشكلٍ ما، يبدو هذا جيّدًا، ربّما لأنّني أصبحتُ عجوزًا.”
ضحكَ الوزير على مزحته، ثمّ صمت فجأة.
تذكّر الليلة التي كان يمشي فيها بحذرٍ خوفًا من هامان، عندما زاره الدوق الأكبر بعيون متّقدة.
‘لا يمكنني أن أثق بالدّوق الأكبر تمامًا. السّياسة لا تختلف عن التّجارة. ما المنفعة التي سيجنيها الدّوق الأكبر من مساعدتنا؟’
“سيكونان بالتّأكيد أفضلَ زوجين في القارّة. أضمن ذلك.”
لأنّه رأى اليوم في عيني الأميرة نفس النّظرة التي رآها في عيني الدّوق الأكبر.
أومأ غالميت بثقة.
* * *
“أيّ يد هي التي لمست فيفيان؟”
“هذه، سيدي.”
في ساعةٍ متأخّرة من اللّيل، بينما كان الاحتفال في أوجه، تردّدَ صوت منخفض ومهدّد في ركن مهجور من القصر.
أجابَ الفرسان الذين كانوا يقيّدون هامان على الفور.
“آه، آآآه!”
أمسكوا بهامان، الذي كانَ يقاوم، وقدّموا يده اليمنى.
بدا معصمه على الصّخرة المسطّحة كسمكة تتخبّط على لوح التّقطيع.
“لقد أخطأتُ. لم أعلم أنّها امرأتك. أقسم!”
“…..”
“أردتُ فقط إضعاف الإمبراطورة. هذا كلّ شيء!”
“كانَ عليكَ مواجهة الإمبراطورة مباشرة.”
لم يتغيّر تعبير أصلان رغم صرخات هامان اليائسة. بل بدتْ عيناه المتّقدتان بالغضب أكثرَ برودة.
“في النّهاية، المتضرّرة الوحيدة هي فيفيان.”
أمسكَ أصلان معصم هامان بعد أن أنزل سيفه.
“آآآه، آه!”
طقطقة العظام.
مرّت لحظة كالأبد. سقط المعصم المقطوع على الأرض.
تلوّثت الصّخرة بالدّم بسرعة، و انتشرت رائحة الدّم الكريهة في هواء اللّيل.
“تسك.”
في هذا القصر توجد خطيبتي. الرقيقة و المحبوبة، و التي عانتْ بما فيه الكفاية.
لا يمكن أن تصلَ إليها هذه الرّائحة الكريهة، حتّى لو قليلًا.
انحنى أصلان و أمسكَ ذراع هامان مجدّدًا. عندما نفث الطّاقة السّحريّة في كفّه، احترق الجرح بالسّواد.
لم يعد هامان قادرًا على الصّراخ، وأصدرَ أصواتًا مكتومة.
“توقّف، أيّها الدّوق الأكبر. سيُقتل هكذا!”
“…..”
“تذكّر الوعد مع السيد رافي. مهما فعلتَ بالخائن، فإنّ نهايته يقرّرها الملك وحده.”
“الوعد يبقى وعدًا.”
نهض أصلان ببطءٍ على مضض.
استعاد محاربو هرمونيا وعيهم بعد أن خمدت هيبة الدّوق الأكبر.
بإشارة من الجنرال، سحبوا هامان بسرعةٍ وغادروا.
بعد أن انتهى الموقف تقريبًا، توقّف غالميت فجأةً قبل مغادرته.
“لن تسنح فرصة أخرى للحديث، فامنحني لحظة.”
كانت نظرة الدّوق الأكبر إلى القصر المهجور تقلقه. بدا كأنّ وقته توقّف إلى الأبد في هذا المكان.
“السيد رافي سيقيم علاقات دبلوماسيّة مع الإمبراطورية في هذه المحادثات. لستُ متحمّسًا لذلك، لكنه بسبب طلب الأميرة، وأيضًا لأنّني لا أريد مواجهة رجلٌ مثلكَ في ساحة المعركة.”
تنهّد الجنرال بمزيج من المزاح والصّدق.
“أقول هذا لكَ فقط، السيد رافي سيرثُ العرش قريبًا.”
“هل تخطّط للخيانة؟”
“ههه، مستحيل! ملكنا على وشك الرّحيل للأبد. أراد أن يمنح رافي الصّغير فرصةً لرؤية العالم أخيرًا.”
“هذا مؤسف، لكن لا أفهم لماذا تخبرني.”
حدّقَ الجنرال في أصلان.
منذ أن حمل السّيف في سنّ الخامسة، واجه أعداءً لا حصر لهم على مدى ستّين عامًا. أحيانًا، كان يقرأ قلوب الآخرين دون الحاجة إلى مواجهتهم.
لم يكن أصلان ناقصًا، بل كانت تجربة الجنرال عميقةً جدًا.
“إن أصبحتَ إمبراطورًا، سيعامل سيد رافي الإمبراطورية كأخ متّصل بالدّم. طالما استمرّت الرّوابط، ستبقى العلاقات بين الدّولتين أبديّة.”
بالنّظر إلى عدائيّة القارّة الشّرقيّة تجاه القوى الأخرى، كانَ هذا اقتراحًا استثنائيًا.
غادر غالميت ضاحكًا بعد إلقاء قنبلته.
بعد رحيل الفرسان، نظر أصلان إلى القصر المهجور في الظّلام.
‘رائحة وحش قذرة تفوح من مكان ما.’
‘إنّها رائحة دماء الوحش، يا أمّي.’
‘تسك، بما أنّه سيتعافى، فاحرقه بسرعةٍ وأغلق الجرح. لا أريد رؤيته، اغلق عليه في صندوق. إن أطلق سراحهُ أحدٌ دون إذني، لن أسامحه.’
أخذت ذكرى تطفو بشكل طبيعيّ في نهاية التّأمّلات.
‘لذا، اعتنِ بصحّتكَ أيضًا، أصلان.’
‘هل تقلقين عليّ الآن؟’
‘لا تعقّد الأمر. في مثل هذه الحالة، قل فقط شكرًا على قلقك.’
انتشر دفء في أطراف يديه الباردة. بمجرّد تخيّل وجهها المبتسم.
“أصلان؟”
رمشَ ببطء. لا يمكن أن تكون هنا.
“ماذا تفعل في مثل هذا المكان؟ قلتَ إنّك ستغيب قليلًا، لكنّك لم ترجع، فقلقتُ عليك.”
ملمس فستانها النّاعم على ظهر يده يذكّره أنّ هذا ليس حلمًا.
خطيبتي، الجميلة و النّقية.
لم يستطع مقاومة رغبته في تقبيل كتفها المكشوف تحت ضوء القمر.
لأنّه كانَ سيتشبّث بها كوحش، اختارَ أصلان أن يخلع معطفه و يغطّيها به.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 80"