صرخت فيفيان و أمسكت ياقة أصلان، لكنه، و كأن عيناه قد ضمرتا بالفعل، تفوه بهراء مثل “لقد عانقتني أولاً، لا بد أنكِ كنتِ سعيدة حقًا.”
أدركت فيفيان على الفورِ أنّها قد انتهت تقريبًا.
* * *
انخفض مزاج أصلان بثقل وهو يصعد درجات قصر الدوق. قبض على يده ببطء ثمّ فتح يده الفارغة.
‘منذ لحظاتٍ ، كنتِ بين ذراعي.’
كانت خطواته ثقيلة وهوَ يتركُ فيفيان المريضة وحدها فِي القصر.
طلبَ إجازة لبضعة أيّام من الإمبراطورة بحجّة علاج فيفيان، لكن طلبه قوبل بالرفض.
و كأنها لم تعطه أي فرصة، تجاهلت طلبه باللقاء و تركته خارج القصر حتّى غروب الشمس.
رغب في اقتحام المكان و قلبِه رأسًا على عقب في الحال، لكنّه تمالك نفسه.
‘لأنّ فيفيان قدْ تتأذى بسببي.’
لقد كانت مريضةً و متعبةً بالفعل.
إذا تمرد على الإمبراطورة، فإنها ستؤذي فيفيان أولاً. لأن الإمبراطورة اختارتْ فيفيان كوصيفة لها بهدف كبحه.
إذا مرّت فيفيان بما مر به هو في طفولته…..
“لا.”
تلوثت الدرابزين المعدنية الذي لمستها يده باللون الأسود.
أصلان الذي كان يتلوث بالطاقة السوداء دون أن يدرك ذلك، عاد إلى رشده بفضل ديلان الذي هرع في الوقت المناسب.
” سيدي!”
“…..”
“استعد وعيك، سيدي!”
استعاد وعيه و كأن غُمرَ بماء بارد. تنهّد ديلان الصعداء بعد أن تأكّد من عودة حالة أصلان إلى طبيعته.
‘لم يمرّ وقتٌ طويل منذ تحوّلي الأخير، وكنتُ غافلًا، كادت تحدث كارثة.’
تأكّد ديلان من عدم وجود أيّ شخصٍ في الجوار، ثم تنهّد مرة أخرى، لكن عيني أصلان تصلبتا.
أدرك فجأة.
أنّ حالات فشله في التحكم في طاقته الشيطانية قد ازدادتْ بشكلٍ مفرط مؤخرًا.
“ديلان.”
“نعم، يا سيدي.”
“متى كانت آخر مرة استولت عليّ فيها اللعنة الشيطانية؟”
“قبل ثلاثة أيام. عندما تلقيت أمرًا رسميًا بالذهاب إلى الشرق من الإمبراطور…”
تلاشى صوت ديلان.
لقد تغير نمط ظهور الطاقة السوداء. حتى الآن، كان يحدث مرة واحدة فقط، ربما ثلاث أو أربع مرات في السنة، فقط عندما كانَ التحول إلى وحش وشيكًا.
كانَ هذا خطرًا.
إذا استولى عليه الوحش الشيطاني فجأة، فإنّ سر العائلة الإمبراطورية الملعون سينتشر في جميع أنحاء القارة في لمح البصر.
“لقد ازدادت أسباب مغادرة العاصمة.”
“عندما تحدثت مع فيفيان، بدت سعيدة. حسنًا، كانت ترغبُ دائمًا في العيش بهدوء… قرّرنا المغادرة فور انتهاء هيمينا.”
“هذا أسرع ممّا كان متوقعًا، لكن لن تكون هناك مشكلة. بلاكفورد أرضنا.”
أصلان ريجيف أستاروث. أقوى محارب في الإمبراطورية و ملك الشمال.
كانَ يقيم في الأصل بشكلٍ رئيسيّ في شمال الإمبراطورية. و كانت قاعدة سلطته القوية أيضًا هناك.
لكنّه أقام في منزل في العاصمة من أجل فيفيان. لم يكن متأكدًا ممّا إذا كانت هي، التي كانت ضعيفة الجسم بالفعل، ستتمكّن من تحمّل برد الشمال.
‘طالما هي في العاصمة، فإن فيفيان ستظلّ دائمًا رهينة للعائلة الإمبراطورية.’
أدركتْ الإمبراطورة و يوهانس أنّ فيفيان هي نقطة ضعفه الوحيدة. احتجزاها كرهينة و استخدما سرّه كسلاح.
لم يكترث هو لأيّ شيء. لكن فيفيان كانت تتأذى في هذه العمليّة.
لم يرغب في رؤيتها تبكي بصمتٍ وهي مستلقية على السّرير مرة أخرى.
كم عدد الليالي التي اضطرت فيها أن تتحمل الألم دون أنْ يرى هو ذلك.
“هذه المرّة، لن تقف العائلة الإمبراطورية مكتوفة الأيدي.”
“لا تقلق. لو كُنّا نخاف من العائلة الإمبراطورية، لما اتبعنا سموّك في المقام الأول. هناك شخص واحد فقط يستحق احترامنا. آه، الآن بما أنّ السّيدة موجودة، فهما اثنان.”
“استعدوا لاحتمال الحرب إذا لزم الأمر.”
“سوف أتذكر هذا.”
كان الأمر مختلفًا عن المعتاد عندما كان يغادر إلى الشمال لقمع الوحوش.
صدر أمر بالخروج بسبب المشاكل الدبلوماسية مع هيرمون، و كانت الإمبراطورة قد أدركت قيمة فيفيان و حاولتْ احتجازها كرهينة.
أمّا يوهانس، فقدْ كان يشتبه فيه منذ زمن بعيد، و لكن اليوم تأكّدت شكوكه.
‘كان خطيبكِ هو أنَا في الأصل، لو كنتُ أنا، لأمكنني أن أجعلكِ أسعد امرأة في العالم.’
‘كانت الأميرة تبدو ضعيفة جدًا بين ذراعي أصلان، لدرجة أنّني شعرتُ بمثل هذه الرّغبة الدنيئة في أخذكِ لنفسي…’
يوهانس لديه رغبة في فيفيان. لقد شعرَ بعطشٍ حارق، لا يمكن إرواؤه إلاّ بامتلاكها.
لم يستطع أصلان إلاّ أن يدرك معنى تلك النظرة.
لأنّه هو نفسه كانَ يشعر بنفس الرغبة.
كانَ يغار من كلّ ما يلفت انتباهها. أرادَ أن يقبل عينيها الزرقاوين الصّافيتين اللتين لا تعرفان شيئًا، و أن يطوق أطرافها النحيلة و يخفيها في حضنه.
حتّى في هذه اللحظة، أراد أن يعانقها.
‘أصلان، على الرّغم من أنه قد يبدو باردًا من الخارج، إلا أنّه شخص مسؤول و لطيف. عندما كان الجميع يتجاهلونني و يسخرون منّي بسببِ مرضي، كان أصلان وحده من أوفى بواجبه كخطيب.’
عندما يصلان إلى بلاكفورد، سيتقدم للزواج هذه المرة.
ليس بسبب واجبي، أنا بصدق…
هل هذا صحيح حقًا؟
اصمت.
أنتَ تكذب و تخفي الحقيقة عنها بينما تقول أنّكَ تحبّها؟
اخرس.
حتّى لو خدعتَ الجميع، أنا الوحيد الذي يعرف. السبب الحقيقي وراء رغبتك في مغادرة مينيرفا!
قلتُ لكَ اخرس!
“يا سيدي؟”
ما الذي يهمّ؟ بما أنّ الشّخص المخادع لا بد أن يدفع ثمنه، عندما يحدث ذلك سيكون انتظاري الطّويل قدْ وصلَ إلى نهايته…
“اللعنة!”
لعن أصلان و أرخى أزرار قميصه، و طرد الظلال.
عضلاته المترابطة بإحكام تحت قميصه الرقيق أخدت ترتفع و تنخفض بشكل مهدّد. بينما كان يلتقط أنفاسه، لاحظ نظرة ديلان القلقة التي كانتْ تحدق به.
آه، كل شيء مزعج.
“اذهب الآن.”
“هل أنتَ متأكد؟ يبدو أن…”
“هل يجبُ أن أكرّر كلماتي؟”
“أمرك مطاع.”
المهمّ ألاّ يتمّ الكشف عن الأمر. طالما لم يتم الكشف عن حقيقته حتى النهاية، فستصبح الكذبة حقيقة.
خاصّةً بالنّسبَة لفيفيان.
* * *
لقد مرت بضعة أيام منذ أن تفوّه أصلان بذلك الهراء عن الذّهاب إلى الشمال.
خلال ذلك الوقت، بحثت يائسة عن طرق للهروب مرارًا و تكرارًا، لكنها فشلت جميعًا، وها قد حلّت ليلة حدث الهيمينا.
في هذا اليوم، أُعطيَت للوصيفات الحرية، لذا تزيّنّ جميعًا بجمال و تجولن في قاعة الولائم.
لكن بعضهن، اللواتي كنّ على دراية بالوضع السياسي، قصدن غرفة فيفيان لإقامة علاقات معها.
“لقد حدثَ لنا أمر عظيم بينما كانت الأميرة ترتاح لبضعة أيام بسبب مرضها. لقد جاء سفير هيرمون.”
“أقسم أنني شعرت و كأنني أمشي على الجليد الرقيق! لا تعلمين كم كانَ غضب جلالة الإمبراطورة رهيبًا.”
ابتسمت فيفيان بخجل و حكّت ذقنها.
في تِلكَ الليلة بالذّات، عندما كان يوهانس يغازلها بشكل غريب، جاءت رسالة من الإمبراطورة تطلب منها عدم الخروج لبضعة أيام و العناية بصحتها.
يبدو أنّه مع اقتراب رقصة الخريف، لم يكن لديها وقت لتعذيبها.
فهمت فيفيان المعنى الحقيقي للنصيحة الودودة الظاهرية، “ابقي في مكانكِ و اخرسي”، لذا ببقيت هادئةً في غرفتها.
كانت هذه مأساة مواطنة عادية.
“ماذا فعل هذا الشخص بحق الجحيم؟”
“لا تتحدثي عنْ ذلك حتّى. كم كان سلوكه و حديثه وقحًا و تهديديًا، حاولتْ جلالتها إقناعه بلطف، لكنه لم يقتنع على الإطلاق.”
تنفسّت فيفيان الصعداء في سِرّها بينما كانت تستمع إلى شكاوى الوصيفات.
‘واو، توقيت رائع.’
لقد نجتْ بفضل وضع الإمبراطورة إياها في الزاوية في الوقت المناسب.
لا بد أن هامان كان يغلي غضبًا بعد فشله في اغتيال وليّ العهد لابي. في مثل هذا الموقف، لو واجهته و كُشفَت هويتها، لكانت كارثةً حقيقيّة.
“إذا نظرنا إلى الوضع، فلن يكون من الغريب أن تتوقف التجارة الآن… آه.”
أغلقت الوصيفة التي كانت تتحدث بحماس فمها. كانَ ذلك بسبب صوت خطوات من خارج الباب.
خطوات ثقيلة و منتظمة. لم تكن بحاجة إلى رؤيته لتعرف من هو.
“أصلان؟”
و كأنه سمعَ صوتها غير المتأكد، فُتح الباب دون تردد.
كانت غرفة فيفيان كبيرة و فاخرة نسبيًا مقارنة بغرف نوم الوصيفات الأخرى، لكنّها بدت فجأة ضيقة عندما دخل أصلان.
“كيف حال جسدكِ؟”
“ماذا تفعل هنا؟”
“إنها ليلة الاحتفال. يجب أن أخصص وقتًا لخطيبتي، بالطبع.”
جلس أصلان على حافّة السرير، و قبّلَ خاتم خطوبة فيفيان ببطء.
احتضنت قامته العريضة و كتفيه العريضتين، بدلة سوداء أنيقة. و مع ذلك، كلما تحرك، برزت عضلاته القوية.
أخفتْ الوصيفات الأخريات أفواههن، و هنّ ينظرن إلى الدّوق الذي كانَ يُعامل فيفيان كجوهرةٍ ثمينة.
“يبدو أن لديكما موعدًا يا سمو الدوق.”
“أنا غيورة جدًا. خطيبي مهملٌ جدًا، إنه لا يهتم بليلة الاحتفال أو أيّ شيء آخر.”
“قفوا جميعًا دون أن تفقدوا وعيكم. وإلا فسوف يتلف قلب سمو الدوق من الحب.”
نهضت إحدى السيدات النبيلات الذكية و أوقفت جميع الوصيفات الأخريات.
بمجرد مغادرتهن، سحبت فيفيان يدها من يد أصلان. لم يكن هناك أحد يرى، لذا لم يكن هناك سبب لمواصلة هذا التمثيل المحرج.
“……”
لسبب ما، كانَ أصلان صامتًا مثل قطّة سرقت سمكة، ثم ضاقت عيناه فجأة.
“شيء لم أره من قبل.”
توقّفت عيناه عند السوار الذي أعطاه إياه هيسيوس.
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 75"