احتضنَ أصلان فيفيان بإحكام، و همهمَ بكلماتٍ غامضة لم تكن موجهة لأحد بعينه.
من خلف الجدار المنهار، سمعت أصواتًا مألوفة، بما في ذلك صوت ديلان. يبدو أنّ فرسان بلاكفورد وصلوا، و هدأت الضّوضاء الخارجيّة في لمح البصر.
‘غريب.’
قبل لحظاتٍ فقط، كانت في مطاردة مميتة. شعرت و كأنّها عَلى حافّة الهاوية، وحيدة في العالم.
لكن الآن، بمجرٌدِ أن احتضنها أحدهم، بدأت تَشعر بالهدوء.
تمنَّت لو تبقَى هكذا إلى الأبد.
“سيّدي!”
في اللّحظة التي كادت فيفيان تحتضن أصلان بحذر، دوَى صوت أقدام من الخلف.
توقّف ديلان، الذي كانَ في صدارة الفرسان، فجأةً.
سيّدُه يحتضن سيّدته بحنان، و السّيدة تحاول بحذرٍ احتضانه. كانَ هناك جو لطيف و دقيق بطريقة ما…
‘هل هذا شعور الديجافو؟’
تذكّرَ ديلان مهرجان الصيد في الغابة المقدسة.
كادَ يفقد حياته عندما دخل غرفة نوم سيّده دون تفكير.
‘ديلان.’
‘نعم، نعم!’
‘يبدو أنّني جعلتكَ مرتاحًا أكثرَ مما ينبغي، أليس كذلك؟’
على الرّغم من أن سيٌده كان في شكل بشري، رأى ديلان صورة أسد أسود يكشفُ عن أنيابه بشراسة.
مستفيدًا من تجربته السّابقة، أدار ديلان رأسه بسلاسة.
“يبدو أنّ هذا ليس المكان الصحيح. أم، هل نتحقق من مكان آخر؟”
“إنهم هناك!”
“اصمت قليلًا!”
وبّخ ديلان مرؤوسه و أغلقَ فمه بهدوء.
استيقظت فيفيان فجأة على الأصوات، و دفعت أصلان بعيدًا، و وضعت غطاء رأسها عليها بإحكام. كانت تسعل بخجل ، من الواضح أنّها محرجة ولا تعرف ماذا تفعل.
وأما أصلان…
“حسنًا، جميعًا، عليكم الاهتمام بالتّنظيف. لنغادر هذا المكان بسرعة.”
أدارَ ديلان رأسه، متجنبًا التفكير أكثر.
لكنّه أدركَ بسهولة أنّ تذكرة إلى العالم الآخر قد صدرت للتو.
* * *
“أختي، هل أنتِ بخير حقًا؟ ألا تتألّمين حقًا؟”
“لماذا، هلْ أبدو ضعيفةً لهذا الحدّ؟”
أمسكت فيفيان بِيَد الصّبي و سَارت في الشّارع مع غروب الشمس. كان أصلان يتبعهما ببطء من الخلف.
في الحقيقة، أرادَ أصلان أنْ يأخذها مباشرةً إلى القصر، لكن فيفيان أقنعتهُ بالعدول عَن ذلك بصعوبة.
على الرّغم من أنّهَا تورّطتْ بالصّدفة، شعرت أنّها لنْ ترتاح حَتّى تتأكّد من إيصال الصّبي إلى مكانٍ آمن.
“الأشرار في وقتٍ سابق كانوا يركلونكِ و يضربونكِ، ولهذا نزفتِ…”
لم يفهم الصبي مفهوم نوبة السّل، فظنّ أن نزيفها و سُقوطها كانا بسبب الرجال.
بما أنّها علاقة عابرة، لمْ ترَ فيفيان داعيًا لتصحيح سوء الفهم، فابتسمت بهدوء. لكن من الخلف، شعرت بجو مشحون.
كان أصلان، لسبب ما، يعضّ على فكّيه و يستمع بعناية إلى كلام الصبي.
‘إذا كان الأمر مزعجًا، فليعد أولًا. لماذا أصَرّ على المجيء معي؟’
دون أن تعلمَ أنّ أصلان كانَ يخطّط لتدمير أزقّة العاصمة، أخفضت فيفيان نظرها إلى الصّبي الذي يسحب يدها.
“لو لم تومي بإنقاذي، كنتُ سأموت بالتّأكيد. عندما أعود، سأخبر جدّي… لا، سأخبر جدي و سأكافئكِ بالتأكيد.”
“لا داعي لذلك.”
“تعلمتُ ألا أنسى الجميل أو الضغينة أبدًا وأن أردّهما.”
بينما كانت تداعب رأس الصبي الذي يتحدّثُ بجرأة، غرقت فيفيان في أفكار قصيرة.
كان اسم الصبي لابي خان هيرمون.
كان حفيد ملك هيرمون في القارة الشرقية، والوريث الوحيد للعرش.
في القصّة الأصلية، وصل إلى الإمبراطورية كجزء من وفد دبلوماسي لحضور هيمينا. لكنّه وقع في فخ ابن عمه الذي كان يطمع في العرش، و ماتَ ميتة مأساويّة في أزقّة العاصمة.
أساء ملك هيرمون فهم الأمر، ظنًا أنه عمل الإمبراطورية، و أعلن الحرب على أستاروت.
كانت الرواية بالفعل مليئة باليأس و الدّمار.
‘لكنّه نجا هذه المرّة، لذا لنْ تكون هناك حرب.’
يبدو أنّ الصبيّ شَعرَ بشيء حول من يقف وراء الرّجال.
كانوا قد وصلوا إلى مقرّ إقامة وفد هيرمون.
“يا إلهي، سيد لابي!”
“لماذا أنتَ هنا بدون المربّية؟!”
تعرّفَ محاربو هيرمون الذين سدّوا المدخلَ على هويّة الصبي و ذُهلوا.
“أحضروا الجنرال غالميت بسرعة.”
“مَنْ أنتم لتجرؤوا على التعامل مع السيّد لابي…!”
“توقفوا! الأخت أنقذتني. لنْ أسامحكمْ إذا أَسأْتُم إلى منقذتي.”
وجّهَ المحاربون سيوفهم نحو فيفيان، و عِندما رَأى أصلان ذلك، سَحب سيفه بنظرةٍ غاضبة.
تدخّلَ لابي بلا خوف بينهما، و أمر الجنرال غالميت، الذي هرعَ إلى المكان.
“أدخلوا منقذتي إلى الداخل.”
“حسنًا. تفضل، سيد لابي، ادخل أيضًا.”
تذكرت فيفيان اسم غالميت. كانَ أحد أكثر الخدم المخلصين الذين قادوا جيش هيرمون بعد موت لابي.
يبدو أنّه شخصٌ يمكن الوثوق به.
همست فيفيان بهدوء لغالميت و هوَ يُحاول إدخالها.
“راقب محيط الصّبي بعناية. تحقّق من خلفيات الجميع، بما في ذلك المربية.”
“يا سيدتي المنقذة، ماذا تعنين؟”
“قال الصبي إنه فقد يد مربيته، لكنني أعتقد أنها تركته عمدًا في الأزقّة. ربّما لتغطية سبب وفاته.”
شرحتْ فيفيان بإيجازٍ محادثتها مع الرّجال و معركتها معهم. تصلّبَ وجه الجنرال، وكأنّه أدركَ شيئًا.
“يجب أن أذهب الآن. الصبيّ خائفٌ بالتأكيد، لذا اعتنِ به جيدًا.”
“لكن إذا عدتِ هكذا… لا، إذا أخبرتيني باسمكِ، سأزوركِ لاحقًا.”
“لا داعي لذلك. أيّ شخص كانَ سيفعل الشّيء نفسه لو رأى طفلًا فِي خطر.”
رفضت فيفيان عرض الجنرال بلباقة و استدارت.
بما أن حلقة هيرمون في القصة الأصلية انتهت بمأساة، قرّرتْ أنّه من الأفضل عدم التّورط معهم أكثر.
ضغطت غطاء رأسها أكثر لإخفاء وجهها، و سحبت أصلان و غادرتْ بسرعة.
“يا لها من فتاة حكيمة و مخلصة. لكن هل من الجيٌد تركها تذهب هكذا؟”
“الخاتم الأزرق و العينان الزرقاوان. كأنهما مُنسَّقان بعناية…”
“سيد لابي؟”
“لا بأس، سأتذكرها. سأجدها بالتّأكيد و أكافئها.”
لم تعلم فيفيان بالمحادثة التي دارت خلف ظهرها.
* * *
أثناء سيرها إلى مكان عربة الخيل، سألت فيفيان أصلان كيفَ عثرَ عليها.
على الرّغم من أنّ ذلك أنقذَ حياتها، إلا أنّ وجود شخص يراقبها كانَ خطيرًا. قد يكتشفُ عن علاقتها بنقابة السحرة و هيسيوس.
“نقشتُ دائرةً سحريّة على سيفكِ.”
“أي نوع من السّحر؟”
“دائرة تجعلني أعرف فورًا إذا امتصّ السّيف دمًا بشريًا. كانَ ذلك للاحتياط فقط.”
عندما أضحت نظرة فيفيان حادّة ، أضافَ أصلان بسرعة كتبرير.
“ألم أقل انّ عليكِ طعن أيّ شخص يزعجكِ بهذا السّيف؟ و أَنا سأتولّى التّنظيف بنفسي.”
“هل هذا كل شيء حقًا؟”
“أضفتُ سحرًا لزيادة القوّة التدميرية قليلًا.”
“قليلًا؟”
أمالت فيفيان رأسها بشك.
لم يتحمَّل أصلان استجوابها المستمر، فأضافَ على مضض:
“قليلًا…كثيرًا.”
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 71"