“أقدّمُ تقريري. لقد عادت الأميرة إلى قصر الأمير الثاني.”
“حقًا؟”
أومأ المساعد برأسه بهدوء بعد انتهاء التقرير.
ضرب يوهانس بأظافره المشذبة على المكتب بهدوء، مصدرًا صوتًا يشبه نقر ساعة قنبلة موقوتة، ممّا جعل الجو يتجمّد بتوتر.
“همم، كما توقعت.”
تمتم يوهانس بهدوء و استمر بنبرة هادئة
“ماذا عن العنكبوت الذي أرسلناه أولاً؟”
“وفقًا للتقرير، لم تُكتشف هالته السحرية. أعتقد شخصيًا أنه من المرجح أن يكون قد أُعدم.”
“هذا متوقع من أصلان. أن يكتشف الأمر بهذه السرعة… هل لأنّه في وضع مشابه له؟”
كانت خسارة وحش سحري نادر مؤسفة، لكن لحظة رؤيته له، لا بدّ أنّ أصلان شعرَ بصدمةٍ كبيرة.
عنكبوت سحري يتحدث بلغة البشر!
لا بدّ أن صورة نفسه كوحش سحري قد تداخلت مع تلك الكيميرا القذرة الزاحفة.
‘بهذا، هل سيثور بعنف لبضعة أشهر؟’
كلما كشف أصلان عن وحشيّته الحقيقية، سيَنبذه المجتمع الأرستقراطي الذي يقدس الأناقة و الكرامة.
في النهاية، سيصبح معزولًا تمامًا.
و سيدرك: ‘آه، مهما تظاهرت بأنني إنسان، أنَا مجرد وحش قذر.’
‘أتوق لأرى تعبيره المشبع بالبؤس و الخضوع بأسرع ما يمكن.’
انحنت شفتا يوهانس بابتسامة ساحرة.
“عمل جيد. يمكنكَ المغادرة الآن.”
“نعم، صاحب السمو.”
غادر المساعد بعد إيماءة، و أسند يوهانس رأسه إلى ظهر الكرسي بعمق.
تحولت عيناه المتساهلتان إلى جليد في لحظة.
“و مع ذلك…”
كان مؤلمًا جدًا أنّه لم يَحصل على الأميرة رغم إرسال العنكبوت.
تذكر يوهانس حفل بلوغها. بدت الأميرة مقربّةً جدًا من أصلان في غضون أشهر قليلة.
رقصا معًا رقصتهما الأولى، و هما اللذان لم يرقصا معًا من قبل.
بدا أصلان طبيعيًا وهو يرافقها، وهي تهمس في أذنه بفرح.
* * *
‘لا تثقي بأصلان. أخي يستغلكِ.’
‘كلام سمو ولي العهد يعني أن تغير أصلان المفاجئ بسبب إرثي، أليس كذلك؟’
‘يبدو أنكِ لا تعتقدين أنها مشكلة كبيرة.’
‘شكرًا على قلقكَ سموك، لكنني بخير.’
* * *
رغم معرفتها بنوايا أصلان الحقيقية بعد ظهور الابن غير الشرعي، لم تتزعزع الأميرة.
رغم ارتعاش صوتها و إخفائها لدموعها بإطراق رأسها، لم تمسك يده الممدودة.
“كانت مشاعرها تجاه أصلان بهذا العمق.”
لم يعرف متى أصبحا مقربين إلى هذا الحد.
لكن إذا وقعت في خداع أصلان القذر و اصبحت حاملًا منه…
“لن يحدث هذا.”
ألا يجعل ذلك التّحدي أكثرَ إثارة؟
‘أصلان، نحن حقًا لا يمكننا التعايش. أليس كذلك؟’
علاقة مقيتة حيث يمسك كلّ منهما برقبة الآخر منذ الولادة.
لكن الفائز سيكون أنَا ، بالطبع.
“هل استدعيتني، سموك؟”
عندما قرع يوهانس الجرس، دخل حارس و قدّم التحية.
ابتسم ولي العهد بنعومة.
“يبدو أن أصلان يحتفظ بوعيه حتى عند كونه في حالة الوحش السحري.”
“ماذا؟ ما هذا…”
“ابحث في السجلات.”
ابحث عن سبب تمكنه من الحفاظ على وعيه تحت تأثير اللعنة.
“سأذهب إلى جلالة الإمبراطورة. لديّ طلب لها.”
بينما كان يغادر بخفة، توقّفَ عند الباب و تمتم كأنما تذكر شيئًا
“يبدو أن حفل الرقص الخريفي هذا العام سيكون أكثر إثارة من المعتاد.”
* * *
تساقطت أوراق الخريف الملونة في حديقة قصر بلاكفورد.
مع انتهاء موسم الحصاد، اقترب حفل الرقص الخريفي “هيمينا”، للاستمتاع بالوفرة.
كان هيمينا حدثًا وطنيًا كبيرًا، و كان الناس غارقين في الإثارة بفضل الطقس الجيد و كرم موسم الحصاد.
“مرحبًا، سيدي القائد!”
“نعم.”
لكن بعيدًا عن هذه الأجواء، دخل أصلان إلى ميدان التدريب حاملاً سيفًا عظيمًا.
بما أنّ فيفيان خرجت لتجربة فستان في متجر السيدة ، قرّرَ أصلان الإشراف على تدريب الفرسان بنفسه.
قبل أن يكون قائد فرسان بلاكفورد، كان أصلان أعظم مبارز سحري في القارة.
أمسكَ الفرسان أنفاسهم من الإثارة لمشاهدة هالة سيف مَثَلِهِم الأعلى مباشرة.
“سيدي.”
“ماذا، ديلان؟”
تحدث ديلان بحذر، و هو خصم أصلان في التدريب.
كان الوحيد في الفرقة القادر على تفادي هالة سيف أصلان.
كان صدّ هذا السّيف الوحشي ممكنًا فقط لوليّ العهد في الإمبراطورية.
“وجهكَ يبدو متجهمًا. هل لقاؤكَ مع الدوق أليكس هذا الصباح…”
“الدوق كان غير حسّاس تمامًا للهالة السحرية. أو بالأحرى، لا يستطيع اكتشافها لأنّها لا تؤثر عليه. مع مهارة سيف بهذا المستوى، كان يجب أن تكون حساسيته للهالة عالية.”
خلال تجوال فيفيان بعد هروبها، شعرَ أصلان بشيء غريب.
تجاوزت بسهولة دائرة السحر المانعة التي وَضعها في قصر الأمير الثاني، و أبطلت سحر الكشف في السّجن تَحت الأرض.
لتحقيق ذلك ، يَجب أن تكون فيفيان ساحرة من الطراز الأول تفوق أصلان، و هو أمر غير واقعي.
لذلك، ركّزَ على سلالة إليونورا.
‘قدرة الدوق أليكس على مقاومة السحر كانت معروفة منذ زمن. بالكاد يكتشف الهالة السحرية، لكنه يمتلك مقاومة عالية لهجمات السحر.’
أضافت ملاحظة ديلان، الذي سَبق أن تنافس مع أليكس، وزنًا إلى شكوك أصلان.
كان الدوق ثاني أقوى شخص في فرسان بلاكفورد، يضاهي ديلان.
تختلف طريقة استخدام هالة السيف و الهالة السحرية بفارق بسيط. كيف يمكن لشخص بهذه المهارة أن يكون عديم الحساسية للهالة السحرية؟
‘ما السر في دم إليونورا؟’
هنَاكَ مشكلة ما.
ربما ستصل فيفيان إلى مكان لا يمكنه الوصول إليه.
دفع شعور القلق الغامض أعصاب أصلان إلى حافّة الهاوية.
“يا له من قائد!”
“هالة سيف كهذه ستحطّمُ الجسد إذا لامسته. إنها مخيفة بمجرد النظر إليها فقط!”
كلما هز أصلان سيفه ، انبعثت هالة قوية تجعل العظام ترتجف حتى من بعيد.
بينما كان الفرسان يرتجفون من الإثارة، مالت رؤوسهم فجأة.
“لكن، ألا يبدو وجه نائب القائد غريبًا؟ إنه شاحب!”
“هممم، صحيح، لكنّه كانَ دائمًا غريبًا.”
“صحيح، نائب القائد كان غريبًا منذ البداية.”
سمع ديلان أصوات رفاقه الهادئة، و صرّ على أسنانه.
كان سيده الموقر يهزُّ سيفه بعنف، غاضبًا لسبب ما.
بالنسبة لمن يواجهه مباشرة، كان يريد الصراخ طالبًا النجاة.
‘اللعنة، ما هذا؟ لمَ الآن؟’
كانت عينا سيده الملتويتان تنذران بالخطر.
شعر أن التفاف ظهره للهروب سيؤدي إلى رؤية والديه المتوفين ، كقدرٍ محتوم.
“آه!”
هزَّ انفجارٌ الأرض في ميدان التدريب.
غطّى الغبار الرؤية. تعثّر ديلان من الصدمة، لكنه نهض بسرعة و شدّ أعصابه.
‘أين هو؟’
ساد صمت مخيف.
عندما أدار رأسه، توهّجتْ عينان شرستان خلفه. حاول تفادي ذلك، لكن كان قد فات الأوان.
في اللحظة التي انقض فيها النصل الأزرق نحو رقبة ديلان…
“لقد تحسنتْ مهاراتك.”
هبّت ريح قوية، و تبدّدَ الغبار في لحظة.
في الرؤية الواضحة، كان أصلان يضع سيفه على رقبة ديلان. تلاشت الريح التي أثارتها هالته.
رغم ارتعاش ساقيه من القوّة السّاحقة ، رفع ديلان زاوية فمه بصعوبة مٓن أجل المظهر الاجتماعي.
“شكرًا على تساهلك.”
“ها.”
أبعد أصلان سيفه ، و مرّرَ يده بخشونة في شعره الأمامي المبعثر.
انتهى التدريب ، لكن وجهه ظل كشخصٍ في قلب معركة.
“صاحب السمو، وصل رسول من القصر.”
“رسول؟”
اقترب كبير الخدم، دييغو، و أومأ، كأنّه كانَ ينتظر انتهاء التدريب.
خارج الميدان، كان رسول شاحب يحمل ورقة مختومة بختم إمبراطوري، و هو يترنح.
سخر بعض الفرسان علانية من مظهره المضحك تحت ضغط هالة السيف. كانوا رفاق أصلان في شمال بلاكفورد، المعروف بجحيم الأرض.
لذا، لم يروا الوافد من القصر بعين الرضا.
“ما الأمر؟”
“تحية لسمو الأمير!”
“تكلمّ مباشرة إلى الموضوع.”
قاطع أصلان الرسول، رافضًا الاستماع طويلاً، و مدَّ يده.
انتزع الفرسان القريبون الرّسالة من الرسول و سلّمُوها لأصلان. تجمّدَ وجه أسلان و هو يفتح الورقة.
“ها.”
كان تعيين فيفيان كوصيفةٍ للإمبراطورة في حفل الرقص الخريفي.
“بأمر مَنْ؟”
“إن مساعدة جلالة الإمبراطورة شرف عظيم للأميرة. خدمة كرامة الإمبراطورية و استقبال الضيوف الأجانب…”
انحنت زاوية فم أصلان بتهديد.
“أرفض.”
“سمو الأمير!”
“خطيبتي ضعيفة و لا تستطيع القيام بأعمال شاقة، فابحثوا عن غيرها.”
بينما كان يستدير كأنه لا يريد سماع المزيد، أضاف الرسول بسرعة:
“إذا رفضتم، قالت جلالتها إنه سيكون عليكَ دفع ثمن لذلك!”
“…..”
“و قالت إنّه من الأفضل عدم وجود أسرار بين عائلة ستتحد قريبًا.”
“هاها.”
مرّر أصلان يده في شعره بيأس.
بدا هادئًا ظاهريًا ، لكنه كانَ غاضبًا جدًا.
إذا لم يُسلِّم فيفيان، ستكشف الإمبراطورة عن هويته، و حقيقة الوحش القذر الملعون.
كانت تقول ذلك عبر طرف ثالث.
“صاحب السّمو ؟”
تداخل وجه الإمبراطورة المنتصرة مع وجه الرسول الجاهل.
رغم قوته، لم يستطع حماية فيفيان بالكامل.
“إذن هكذا ستلعبين.”
كان الغضب لا يطاق.
“سيدي…!”
هبت هالة سيف من يد أصلان، و أخذت تهدّد بقطع رقبة الرسول.
أدرك ديلان، الذي حاول تهدئته، أنّ الأوان قد فات ، و عض شفتيه. لقد لمس أخطر نقطة حساسة.
‘سيدتي، أرجوكِ عودي بسرعة!’
إذا سقطَ رأس الرسول فقط، فهذا لا بأس به، لكن رقابهم جميعًا قد تكون في خطر.
صرخ ديلان داخليًا باسم الشّخص الوحيد القادرِ على تهدئة هذا السّيد المرعب.
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 66"