“لديّ أيضًا خطيب، لكنّهُ رجلٌ مغرور و مزعج للغاية.”
“…..”
“لكن، لا أستطيع تركهُ لوحده لأنني أهتم به. أنا طيبة نوعًا ما…”
كان أمرًا غريبًا.
فقط بضحكة خطيبته، التّي لا تصل إلى نصف حجمه، و خديها المتورّدين، بدأ عالمه الأبيض و الأسود يتلوّن تدريجيًا.
كيف يمكن لشخص صغير و ضعيفٍ مثلها أن يحقّق ذلك؟
طوال حياتِه ، مهما ناضل، لم يكن تحت قدميه سوى ظلام لا نهائي.
“خطيب سيء للغاية.”
“أليس كذلك؟ كان هكذا منذ البداية. حينَ حاولتُ أن أكون لطيفة و ألقي التحية عليه، نظرَ إليّ بوجه متجهم. هل يظن أنني أحببت أمرَ هذه الخطوبة؟ لولا والدي…”
كانت هذه المرة الأولى التي تتحدّث فيها فيفيان عن ذلك اليوم.
قبل ثلاث سنوات، عندما أُجبرتْ على القدوم إلى العاصمة تحت تهديد الإمبراطورة، وُضعت أمامه خطيبة دون سابق إنذار.
امرأة رفضها يوهانس، قَدّمتها الإمبراطورة كما لو كانت تمنحه معروفًا عظيمًا.
كان ذلك مهينًا له.
“هل أخبركِ بسر؟”
“هممم، ما هو…؟”
“فيفيان، قد تظنين أنّ ذلك اليوم كان لقاءنا الأول، لكنَ الحقيقة ليست كذلك.”
كان يتذكرّها في ركن قصر مهجور، تحدّقُ في سماء ليل بلا قمر.
تذكّرَ الدموعَ التي تساقطت بصمت على خديها البيضاء كالثلج.
و تذكّرَ وجهها، عندما استدارت لتغادر، مرفوعة الذقن كأن شيئًا لم يكن، مبتسمةً كزهرة ورد متفتحة.
“كنتُ أعرفكِ منذ زمن بعيد.”
“…..”
“كنتِ تجذبين انتباهي بشكلٍ غريب. بل، لا أستطيع القول إنني استطعتُ إبعاد عيني عنكِ.”
عندما قدمتها الإمبراطورة إليه كعطيّة، شعر بقلبه يرتجف بشكل غريب.
كرفرفة جناحي فراشة، خفيفة لكن واضحة، تنبض في أذنيه.
وع ندما أدركَ أنّ هذا الشعور الجديد هو “البهجة”…
أصبح بائسًا.
“شعرتُ أن الإمبراطورة اكتشفتْ مشاعري. بعد ذلك الارتباك، شعرتُ بالخجل، ثمّ بالإهانة.”
لم يكن يستطيع تحمّلَ الوضع إلاّ بنفي وجودها تمامًا.
كان عليه أن يثبتَ أن الأمر ليس كذلك.
حتى لنفسه.
“لم يكن لكِ أي ذنب، لكنني كنتُ أحمقًا.”
“صحيح. كمْ كنتَ غبيًا…”
“هل تكرهينني؟ بالطبع، لا بدّ أنكِ تكرهينني.”
الآن فقط، بعد أن أصبح وقتها المتبقي يُعد على الأصابع.
يطلبُ من شخص سئِم كلّ شيء و يرغب في أن يموت بأن يبقى بجانبه و يعيش.
بأنانية، يطلب منها أن تعيش بجانبه حتى النهاية.
‘مجرّد رجل جبان، لا يستطيع الاعتراف بصدقه إلا بعد أن اصبحتِ ثملة.’
كان خدها الذي يحتضنه بيديه دافئًا.
بينما كان أصلان يهمُّ برفعها بحذر، قالت:
“أنا غاضبة.”
“حقًا؟”
“لقد جرحتَ كرامتي أيضًا.”
رغم رده بهدوء، كان وجه أصلان مشوهًا بالمرارة.
رمشت فيفيان بعينيها الثقيلتين، و فركت جبهتها على صدره القوي.
“نحن متورّطان معًا رغمًا عنَّا. علاقة يمكننا تجاهلها إذا سئمنا…”
بدت نبرة فيفيان كتنهيدة مليئة بالاستسلام.
“أنا دائمًا ما أكون قلقة عليك ، و عندما لا أراكَ ، تظلُّ عيناي تبحثان عنك. أكرهكَ أحيانًا ، ثمَّ أفكر في تفهمكَ . أشعرُ بالظلم عندما أعتقد أنني الوحيدة التي تهتَمّ بينما أنتَ غير مبالٍ…”
لم تلاحظ البريق في عيني أصلان و استمرت في التمتمة بنعومة
“أنا لستُ امرأة تَقلُّ عن أيّ أحد. أعتقد أنني طيبة جدًا. نعم، نعم.”
أغمضت فيفيان عينيها بعد تنهيدة كبيرة.
ظللت رموشها خدها الوردي.
“…..”
توقف أصلان ، ناسيًا نقلها إلى السرير، محدقًا بها بذهول.
عندما قالت إن علاقتهما غير مرغوبة ، شعر بالسخرية من نفسه، و عندما قالت انه يمكن تجاها علاقتهما، أراد سدّ شفتيها الصغيرتين الناقدتين.
“أخبِريني، فيفيان. هل أنَا أتوهم الآن بسبب رغبتي؟”
لكنه شعر بالامتنان لأنّها لم تفعل.
كلّما تمتمت بنعومة ، شعر بأمل يتسلَّل إليه.
“إذا لم تنفي الآن، لن أتراجع بعد الآن. لن أتراجع أبدًا.”
وضعَ أصلان فيفيان على السرير، و ركع على ركبة ليواجه عينيها.
“حتى لو اتّهمتِني بالجبان.”
أخرج علبة صغيرة من جيبه و فتحها.
تألق ألماس أزرق شفاف تحت ضوء القمر.
لم يتخيل أبدًا أنه سيضع خاتم الخطوبة بهذه الطريقة ، لكنّه لم يعد يرغب في التّأخير.
أراد أن يُظهر للعالم أنّه الوحيد الذي يحقّ له احتضانها.
على إصبعها النحيل الأبيض ، تألقَ الخاتم تحت ضوء القمر.
* * *
“آه، متى نمتُ…”
تسرّب ضوء الشمس عبر ستائر السرير الحريرية البيضاء.
فركت فيفيان عينيها بعد استيقاظها، لكنّهَا عبست فجأة.
توقعت صباحًا منعشًا، لكنها شعرت بالخمول، الدوار، ألم العضلات، و حرقة المعدة.
‘لم أكن أظنّ ذلك… جسدي لا يتحمل الكحول!’
تلاشت ذكرياتها بعد قرارها باستجواب أصلان.
‘ألم أتفوه بشيء عن هويته الحقيقية؟’
تحسّست فيفيان رقبتها بسرعة. لحسن الحظ، كان رأسها لا يزال في مكانه.
لا تتذكر جيدًا، لكنها الآن متواجدة في سريرها سالمة، و هذا يَكفي.
بينما زفرت براحة، سمعت صوتًا منخفضًا و مليئًا بالنّعاس فوق رأسها:
“استيقظتِ؟”
يا إلهي…
توقفت فيفيان عن التفكير، و رمشت ببطء كسلحفاة.
كان أصلان يتكئ على رأس السرير ، ملفوفًا بملاءة حول خصره، ينظر إليها. كشف ضوء الشمس المتسرب عن جسده العضلي .
حدقت فيفيان في ظلال عضلاته المثالية، ثم قالت بحذر:
“سأسأل ، فقط للتأكد.”
“نعم.”
“هل، بالأمس…؟”
تلاشت كلماتها. اترسمت ابتسامة مرضية بشكل مشؤوم على شفتي أصلان.
“آه، بالأمس.”
أمسكَ يدها اليسرى بحذرٍ كما لو كَانت دمية زجاجية.
“تبادلنا رمزًا يربطنا كزوجين إلى الأبد.”
رمز يربطنا كزوجين إلى الأبد؟ ما هذا، يا رجل؟
فتحت فيفيان عينيها الضبابيتين، بينما تحاول التركيز. شيء متألق كانَ يعيق رؤيتها.
‘ما هذا؟’
كان هناك شيء على خاتم يدها اليسرى التي يُمسكها أصلان.
شيء مشؤوم و مخيف!
“حتى ألماس أزرق من الدرجة الأولى لا يضاهي جمال عينيكِ.”
“ما هذا؟”
“خاتم خطوبتنا.”
“ماذا؟”
ما هذا الخاتم؟
“كنتُ أرغبُ دائمًا في وضعه في يدكِ، لكن لم تتح الفرصة.”
“…”
“في يوم زفافنا، سأقدم لكِ خاتمًا أجمل.”
لم تستطع فيفيان التحدث من فرط الذهول.
ماذا فعلت و هي ثملة؟ ماذا فعلت حتى انتهى بها الأمر بخاتم مخيف على إصبعها؟
حاولت نزع الخاتم بسرعة ، لكن أصابعها اصطدمت بيد أصلان التي تمسك يدها بحنان.
“يسعدني أنّه أعجبكِ.”
نظر إلى يدها الموضوعة على يده، و تنهّدَ برضا.
لكن في أذنيها، بدا ذلك كصوت قطار الموت و هو ينطلق.
“لحظة، ما الذي حدث؟”
لا بدّ من تغيير الموضوع.
دارت أفكار فيفيان بسرعة للخروج من الأزمة.
“لقد وعدتني بالأمس. أن تخبرني مَن أرسل روبين و لماذا، دون إخفاء أي شيء!”
“صحيح، و قد أخبرتكِ.”
“أنتَ دائمًا تخفي عنّي، هل تعتقد حقًا أنّني خطيبتك… ماذا؟”
أمالت فيفيان رأسها بدهشة.
“لقد وافقتِ.”
لم أوافق!
“متى؟”
“بالأمس.”
“لم أسمعه!”
“يبدو أنكِ نسيتِ.”
“إذن، أخبرني مجددًا.”
انحنى طرف فم أصلان بابتسامة. بدا كطفل شقي، رغم أن ذلك مستحيل.
“لا أريد . الفرصة تأتي مرة واحدة.”
“هذا لا يعقل! كنتُ ثملة! هذا غش!”
صرخت فيفيان، ممسكة برأسها.
شعرت بشعور و كأنّ أحدهم قد تمتم بحنق أنه لا يمكنه القول إن يوهانس يتربص بها، لكنها للأسف، لم تسمع.
“أحمق، أحمق! سأعود إلى منزل عائلتي!”
“فيفيان، هل أنتِ غاضبة؟”
بينما كانت تنزل من السرير غاضبة، أمسكَ أصلان خصرها بسرعة و سحبها إلى حضنه.
كانت حركته عاجلة، لكن يديه التي تحتضن خصر خطيبته كانتا رقيقتين كريشة.
“لمَ غضِبتْ فتاتي هَكَذا؟”
“همف.”
استدارت فيفيان بعبوس، فاضطر أصلان إلى تهدئتها و ملاطفتها لوقتٍ طويل.
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 65"