“ربما كان الوحش أفضل من الإنسان. على الأقل، هو لا يخون.”
في تلك اللحظة، تدخّل أليكس، الذي عاد للتو من مهمة رسمية، و هو يتناول بعض الحلوى من على الطاولة.
أحضر الخدم كوب شاي له. اكتملت بذلك جلسة حوار للأشقاء الثلاثة في غرفة الاستقبال.
ألقت فيفيان نظرة سريعة على النافذة حيث غربت الشمس تمامًا.
“لقد تأخرتَ قليلًا اليوم. هل كانت الأعمال الرسمية كثيرة؟”
“ليس بالضرورة، بل كان لديّ بعض الأمور للتفكير فيها.”
بدت عينا أليكس جادّتين بشكل نادر. أو بالأحرى، عند التفكير في الأمر، كان دائمًا جادًا، لكن الآخرين لم يأخذوه على محمل الجد.
لكنه اليوم بدا جادًا حقًا.
“أختي الصغرى تعاني بسبب خيانة خطيبها، و أنا لا أملك ما أفعله.”
ارتجف أصلان، الذي كان يضع ذقنه على فخذ فيفيان.
“أليكس، لماذا تتحدث فجأة بهذا الشكل؟ بالطبع، كلامك ليس خاطئًا، لكن…”
عبست إيريس قليلًا و هي توبخه، على الرغم من أنه لم يكن واضحًا إن كانت توبخه أم تؤيده.
على أي حال، غطّت فيفيان أذني أصلان براحتيها برفق.
استمر أليكس و إيريس في الحديث.
“في الحقيقة، عدتُ للتو من زيارة قصر الدوق. أردت مواجهة الدوق مباشرة، لكنهم زعموا أن السيد غائب وعاملوني ببرود.”
“مهلًا، حقًا؟”
“أجل. لم أكن أعلم أن الدوق رجل غير مسؤول إلى هذا الحد. لقد أخطأتُ في تقييم الناس.”
تبلّل ظهر فيفيان بالعرق البارد.
كان من الواضح أن الشخص الذي يبحث عنه أليكس موجود هنا بينهم، لكنها لم تستطع قول ذلك.
“وماذا عن السير ديلان؟ هل التقيتَ به؟”
“كرر فقط أنه لا يمكنه مقابلة الدوق بسبب ظروف معينة.”
“السير ديلان لا يمكن أن يكون كذلك…”
عضت إيريس شفتها السفلى بقوة. نظر إليها أليكس كما لو كان الأمر غريبًا، لكنه لم يعلّق أكثر.
“على أي حال، هذه إهانة لي، بل و إهانة لفيفيان أيضًا. لا يمكنني التغاضي عن ذلك.”
“هل لديكَ خطة جيدة؟”
“نعم.”
رفعت إيريس، بل حتى أن فيفيان و الأسد الأسود رفعوا رؤوسهم لينظروا إلى أليكس.
على الرغم من أن عائلة إليونورا كانت من العائلات الموقرة منذ عهد الإمبراطور الأول، إلا أن الدوق السابق كان عاجزًا للغاية، مما جعل من الصعب على العائلة استعادة نفوذها السابق في المجتمع الأرستقراطي.
و علاوة على ذلك، بسبب وفاة الدوق السابق المفاجئة، تولّى أليكس لقب الدوق دون أي استعدادات.
حتى إيريس، التي أصبحت أرستقراطية حديثًا، كانت تعلم أن من الصّعب على أليكس مواجهة بلاكفورد مباشرة في الوقت الحالي.
لكن تعبير أليكس كان حازمًا.
“انظروا إلى هذا أولًا.”
وضع أليكس ملفًا سميكًا على الطاولة.
فتحت فيفيان و إيريس الصفحة الأولى بنصف توتر و نصف فضول. شدّ أصلان نظراته ونظر إلى الملف أيضًا.
لكن تعابيرهم سرعان ما امتلأت بالحيرة.
خلافًا لتوقعاتهم، كان الملف مليئًا بصور لرجال وسيمين. استمروا في تقليب الصفحات، لكنها لم تنتهِ.
“ما هذا بالضبط…؟”
“نعم، الدوق من العائلة الإمبراطورية. إنه فوق القانون، لا يمكن الانتقام منه بالطرق العادية.”
تحت أنظار شخصين و وحش، تحدث أليكس بفخر وهو يشرح:
“لكنني نجحتُ. وجدتُ وسيلة للانتقام منه بشكل عادل. الإجابة كانت في القوانين القديمة التي سَنّها الإمبراطور الأول!”
فجأة، شعرت فيفيان بإحساس سيء للغاية.
واصل أليكس بحماس:
“العين بالعين، و السنّ بالسنّ. يُعاقَب السارق، و يُرجم القاتل بالحجارة. لذا…!”
‘لا يمكن أن يكون يفكر في شيء سخيف كهذا، أليس كذلك؟’
“فيفيان، عليكِ خيانته أنتِ أيضًا!”
نعم، لقد حدث ذلك بالفعل.
برَدت نظرة فيفيان. نظرت إلى الصور المتناثرة و هي تحتضن الوحش الذي كان يهدر بشراسة لسبب ما.
وقعت عيناها على وجه مألوف.
شعر أشقر فاخر يذكّرك بأمير القصص الخيالية، ملامح ناعمة و أنيقة، عينان منحنيتان بلطف، و ملابس فخمة تدل على مكانة عالية.
“يبدو أن هناك شخصًا غريبًا مختلطًا هنا؟”
“كررر.”
“أجل، مهما نظرتُ، هناك شخص غريب مختلط! أليكس، ما الذي فعلته بالضبط؟!”
“لا داعي للشك، فيفيان. لقد حصلتُ عليها من شخص موثوق.”
هزّ أليكس كتفيه كما لو كان يقول بانه لا داعي للقلق.
“هذه الصور جاءتني من ولي العهد نفسه، الذي اختار رجالًا يناسبونكِ.”
“كررر…”
“لم أطلب منه شيئًا، لكنه تقدّمَ و ساعدني بكل سرور. و قال إن عليكِ اختيار أجمل رجل من القائمة، آه؟!”
توقّف صوت أليكس الحماسي هنا.
لسبب ما، هاجم الأسد الأسود، الذي كان يكشّر عن أنيابه و يهدر منذ قليل، أليكس أخيرًا.
هدأت فوضى الوحش المفاجئة فقط بعد أن فرّ أليكس الذي كان يتفوه بالهراء، و تحولت صورة يوهانس الفاخرة إلى أشلاء ممزقة.
* * *
“كرر، كررر!”
“اهدأ، أيها الأسد الأسود.”
حتى في حالة فقدانه لوعيه الإنساني، يبدو أن أصلان كان يرتجف من الغضب عند سماع اسم يوهانس.
لم يتمكّن من تهدئة أنفاسه الهادرة طوال الطريق إلى غرفة نوم فيفيان، و هو ينفث بنفَسٍ غاضب ويطحن أسنانه.
لكن وسط كل هذا، كانت نظراته التي يرفعها إلى فيفيان وديعة. كان يبدو و كأنه يراقب رد فعلها، ممّا جعل قلب فيفيان يذوب برفق.
‘لطيف جدًا. قدرتي الخاصة هي الأفضل.’
بالتأكيد، الكائنات ذات الأرجل الأربعة و الفراء الناعم تملك موهبة إذابة قلوب البشر.
بينما كانت تفكر في العودة إلى غرفة النوم لتدلّله كثيرًا، لمحت فيفيان شخصًا ما.
كان هناك فارس أرسله أصلان إلى إليونورا بذريعة التبادل العسكري، يسير في الرواق المقابل. عندما رآها، انحنى بأدب.
“تحياتي للسيدة.”
“أتيتَ في الوقت المناسب. لديّ طلب.”
داعبت فيفيان رقبة أصلان بشكل واضح.
إذا عرفوا أنه معها، فإن ديلان وباقي أتباع بلاكفورد سيقلقون أقل.
“قطّي تسبّب في بعض المتاعب في الجبل الخلفي. يبدو أنه هاجم عصابة لصوص، لكنني أكره إثارة الضجيج. هل فهمتَ قصدي؟”
“نعم، سأتولى الأمر بهدوء.”
إذا اكتشف شخص خارجي جثث القتلة، قد تنشأ مشكلة. و نظرًا لطباع أليكس المليئة بالعدالة، كان من الصعب طلب ذلك منه.
على الرغم من أنها كلّفت الفارس بمهمة قذرة لا تليق بابنة دوق، إلا أنه انحنى دون أن يبدي أي دهشة.
‘هل هذه قوة سمعة الشريرة؟’
“حسنًا، إذن اعمل بجد.”
أنهت فيفيان الحديث القصير و غادرت المكان بهدوء.
لم يكن ذلك لأن أصلان لطيف. كيف يمكن أن يكون شخصًا ينجب أطفالًا غير شرعيين لطيفًا؟
لكن بما أن حياتها مرتبطة به بسبب ختم غير مكتمل، فقد أرادت تجنّب أي شيء قد يضره قدر الإمكان.
خاصة الآن وهو في حالة الوحش السحري.
‘التفكير في الأمر يغضبني مجددًا.’
التعامل مع تداعيات خيانة خطيبها! لا تعرف كيف انتهى بها الأمر في هذا الوضع.
فتحت فيفيان باب غرفة النوم دون أن تلقي نظرة على أصلان.
قفز القطّ الذي كان يتدحرج في الحديقة فوق درابزين الشرفة و دخل إلى الداخل.
“هل استمتعتَ باللعب وحدك؟”
“غرر غرر.”
يبدو أن القطط في هذا العالم كبيرة الحجم.قدّمها إليها أليكس على أنها قطة يتيمة، لكنها تبدو و كأنها بومة.
‘وما المشكلة؟ في عالم يتحوّل فيه الإنسان السليم إلى وحش سحري بين عشية وضحاها، يمكن أن تكون القطط كبيرة قليلًا.’
في الحقيقة، كونها كبيرة جعلها أكثر لطافة.
داعبت فيفيان القطة التي تشبه البومة بعناية في كل زاوية، ثم نهضت.
شعرت بنظرة غيورة حادة من الأسد الأسود خلفها، لكنها اعتقدت أن ذلك مجرد وهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 55"