على الرغم من قولها إنّها بخير، إلّا أنّ فيفيان أدركت أنّها ليست كذلك.
على عكس الآخرين، لاحظت أنّها في الواقع تتألّم.
و على الرغم من علمها أنّ ذلك سيترك وصمةً على سمعتها، دافعت عنها.
يا لها من شخصيّةٍ عميقة التفكير و دافئة!
“لكن… هل يمكنني حقًا أن أبني صداقةً مع سموها؟”
لم تستطع سيليا اتّخاذ الخطوة بسهولة. كانت عائلة فيفيان، إليونورا، من أبرز الموالين للإمبراطور، و حطيبها أصلان كان الأمير الثاني للإمبراطوريّة.
كانت فيفيان في موقفٍ يتعارض مباشرةً مع المواقف السياسيّة لزوجها.
ردًا على سؤال زوجته الحذر، ربّت الماركيز على كتفها.
“أعلم أنّني و عائلتي فرضنا عليكِ أعباءً كثيرة. لذا، كان عليكِ تحمّل تلك الكلمات القاسية في صمت. كلّ ذلك خطأي.”
“عزيزي…”
“لن يحدث ما تخشينه، فتصرّفي دون قلق.”
على الرغم من أنّه قال ذلك ليطمئن زوجته، إلّا أنّه كان صحيحًا إلى حدٍّ ما.
كان أصلان أميرًا إمبراطوريًا، لكن تحرّكاته السياسيّة كانت بعيدةً عن مصالح العائلة الإمبراطوريّة. علاوةً على ذلك، كان أليكس، على عكس ربّ العائلة السابق، شخصًا… معقّدًا إلى حدٍّ ما.
‘لكن الأهمّ هو أنّ الأميرة أنقذت زوجتي.’
لذلك، و لأوّل مرّة، خرق الماركيز مبادئه الشخصيّة و دعم بلاكفورد.
الأميرة التي التقاها شخصيًا كانت تستحقّ ذلك.
“أنا متحمّسةٌ جدًا لفكرة أن أصبح أقرب إلى الأميرة.”
“هذا جيّد.”
“لقد دُعيتُ أيضًا إلى حفل شاي بعد يومين، لكن لا أعرف ماذا أرتدي.”
“كلّ شيء سيبدو رائعًا عليكِ.”
أراد أن يقول شيئًا يناسب الجوّ، لكن طباعه الجافّة لم تسمح إلّا بهذا. بدلاً من ذلك، ربّت الماركيز بقوّة على كتف زوجته المتحمّسة.
* * *
مرّ أسبوعان آخران. كان ذلك وقتًا كافيًا لتتغيّر أشياء كثيرة.
كان التغيير الأكبر هو، بلا شكّ، شهرة خوان. بدأت أدويته تُظهر فعاليّتها بشكلٍ جدّي.
عاد المرضى الذين ظلّوا في أسرّتهم لفتراتٍ طويلة إلى الحياة السياسيّة و الاجتماعيّة بنشاط.
لم يتمكّن الناس من إخفاء دهشتهم من هذه الظاهرة التي بدت غير قابلةٍ للتصديق حتّى برؤيتها.
‘بفضل ذلك، لُقّب خوان بـ”الطبيب المقدس”…’
وكان المديح و الإطراء الموجّه لولي العهد، الذي اكتشف هذا الطبيب، يرتفع يومًا بعد يوم.
على الرغم من أنّ يوهانس ظلّ صامتًا حتّى الآن، إلّا أنّ الشائعات بأنّه عيّن خوان بفضل تدخّل فيفيان المبكّر كانت تُعتبر حقيقةً مؤكّدة.
‘لكن بدأت تظهر أعراض التسمّم لدى البعض تدريجيًا.’
كانت هذه الأعراض تظهر بشكلٍ رئيسيّ بين المرضى الذين تلقّوا علاج خوان في البداية، أو أولئك الذين لم يلتزموا بجرعات الدواء بدقّة.
رفعت فيفيان نظرها و هي تسند ذقنها.
في غرفة استقبال قصر الماركيز باستيان، كانت زوجة الماركيز و أختها غير الشقيقة تتحدّثان بحماس، و هما تنشران بعض الظروف على الطاولة.
“أليس من الأفضل اختيار هذه الدعوة؟”
“اللون الأصفر مشرقٌ بالفعل، لكن لإبراز هيبة فيفيان، هذه أفضل…”
التغيير التالي كان أنّ فيفيان طوّرت علاقةً وثيقةً غير متوقّعة مع الماركيزة.
‘لم يكن هذا في خطّتي منذ البداية.’
كانت فيفيان ضعيفةً أمام الأشخاص المحبوبين الذين يقتربون منها بحماس، مثل أختها غير الشقيقة إيريس.
و لسوء الحظّ، هكذا اقتربت الماركيزة منها.
مع احمرار وجهها بخجلٍ و فرحٍ لا يُضاهى، استسلمت فيفيان في غمضة عين.
بل إنّهما أصبحتا تتناديان بأسمائهما.
“ما رأيكِ، فيفيان؟”
“أجل، ما رأيكِ، فيفيان؟”
قدّمت سيليا بطاقةً صفراء مشرقة، بينما قدّمت إيريس بطاقةً ذهبيّة مهيبة. قالتا إنّهما اختارتاها بناءً على لون شعرها.
“همم…”
في الحقيقة ، بدت البطاقتان متشابهتين في عيني فيفيان. لكن لم يكن بإمكانها قول ذلك بصراحة أمام من اختاراهما بعناية.
بينما كانت تتردّد في الإجابة، عادتا للنقاش.
“احتفال بلوغ سنّ الرشد له دلالاتٍ سياسيّة أيضًا، لذا من الأفضل اختيار لونٍ محافظ.”
“لأنّ الذهبيّ يرمز إلى العائلة الإمبراطوريّة؟ لكن فيفيان هي خطيبة صاحب السّمو أصلان، و سمعتُ أنّ أفراد العائلة الإمبراطوريّة لا يحضرون احتفالات بلوغ سنّ الرشد للنبلاء كتقليد.”
“ومع ذلك ، يجب إرسال الدعوات. إنّه تعبيرٌ عن الولاء لشمس الإمبراطوريّة.”
“درستُ كثيرًا عن ذلك ، لكنّ الأمر لا يزال معقّدًا.”
“التقاليد دائمًا هكذا.”
اتّفقتا أخيرًا على البطاقة الصفراء التي اقترحتها سيليا.
أومأت فيفيان برأسها موافقةً ، و أطلقت تنهيدةً خفيفة.
“لقد حان وقت اختيار قائمة المدعوّين، وهي المهمّة الأكثر إزعاجًا.”
“الوقت المتبقّي ليس وفيرًا، لذا من الأفضل الإسراع. ناقشي الأمر مع سموّه الليلة.”
“نعم ، يجب أن أفعل ذلك.”
“آه، بالمناسبة، من المؤسف أن نفترق هكذا. ماذا لو تناولنا العشاء معًا؟ قال إنّه سيتأخّر الليلة.”
“أنا دائمًا موافقة!”
اقترحت سيليا، التي بدت أنّها قد أعدّت الطعام مسبقًا، الذهاب إلى غرفة الطعام.
وافقت إيريس أيضًا، قائلة إنّها لا تريد الانفصال هكذا، و لم يبقَ سوى رأي فيفيان.
“أنا موافقة أيضًا. لكن سأعدّل مكياجي أوّلاً.”
“حسنًا، سنكون في الأسفل.”
“فيفيان، لا تتأخّري!”
عندما ألمحت برغبتها في الذهاب إلى الحمّام، غادرت سيليا و إيريس غرفة الاستقبال بلباقة.
‘حسنًا، نجحت.’
بعد مغادرتهما، نهضت فيفيان كما لو كانت تنتظر، و اتّجهت إلى غرفة نوم سيليا.
عندما فتحت الدرج، وجدت، كالعادة، ظرف الدواء المألوف.
“لا يمكنني السماح لسيليا بتناول هذا الدواء المجنون…”
كان هذا سبب اختيار قصر الماركيز باستيان كمكانٍ للقاء اليوم.
استبدلت فيفيان مكمّل العيون الذي أعدّته مسبقًا بدواء خوان بسهولة. ثمّ نزلت إلى غرفة الطعام بهدوء كما لو أنّ شيئًا لم يحدث.
* * *
عندما عادت فيفيان إلى القصر، ضغطت على رأسها النابض بقوّة.
لم تكن قد عملت بجدّ، لكنّها شعرت بالإرهاق بعد خروجٍ طويل. كان التنفّس يبدو مرهقًا بعض الشيء.
‘توقّف تقدّم السّل، لكنّ هذا لا يعني أنّني شفيت…’
يبدو أنّ التحرّك المكثّف لتحضير احتفال بلوغ سنّ الرشد قد أرهق جسدها.
عندما وصلت إلى غرفة النوم، انهارت على الأريكة دون أن تخلع حذاءها. اقترب صوت خطواتٍ منها على الفور.
كما هو متوقّع، كان خدم القصر الكبير سريعي الحركة.
“إيما، اذهبي و أحضري الدواء. أشعر بأنّني مريضة.”
“….”
“إيما؟”
عندما لم تأتِ الإجابة، استدارت فيفيان متعجّبة.
لكنّها لم تتمكّن من الحركة. كانت يدٌ صلبة على جبينها تمنعها.
كما لو كان يقيس حرارتها، كبت أنفاسه بحذر، ثمّ ضغطت أصابع قويّة على صدغيها.
“أصلان؟ لقد أفزعتني.”
“لقد أجهدتِ نفسكِ، و جسدكِ لم يعد يتحمّل.”
تردّد صوتٌ عميقٌ و ثقيل فوق رأسها.
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 46"