“أنا من يجب أن يشكركِ على الدعوة. هذه بعض أوراق الشاي من منطقة فالديفا الشرقية، أحضرتها كتعبير بسيط لمرافقة حفلتنا.”
“أوه، يا لها من هدية ثمينة…”
حدّقت الماركيزة بصندوق الهدية بدهشة.
فأوراق الشاي من منطقة فالديفا كانت أغلى من الذهب بالوزن. و لم يكن الحصول عليها متاحًا حتى لمن يملك المال.
رغم أن فيفيان قالت إنها “لمرافقة الشاي”، فإن هذه النوعية من أوراق الشاي لا تُستخدم أبدًا لذلك.
“من حسن الحظ أنكِ أتيتِ مبكرًا. إن استعجلنا قليلًا، يمكننا إعادة تنسيق الحلويات لتتناسب مع الشاي.”
“هل هذا لا يزعجك؟ أخشى أن أكون قد سببت لكِ عناءً.”
“لا تقولي ذلك. كل ما أحتاجه هو نظرة سريعة على المطبخ.”
أجابت السيدة بلطف و هزّت رأسها. ثم نادت كبيرة الخدم و طلبت منها مرافقة فيفيان إلى غرفة الضيوف.
بينما كانت تتبع الخادمة، أخذت فيفيان تراقب بنية القصر.
لحسن الحظ، لم يكن القصر كبيرًا، وكانت غرفة السيدة الرئيسية قريبة من غرفة الاستقبال.
جلست فيفيان على الأريكة، فاقتربت كبيرة الخدم وقالت:
“لقد أمرت السيدة بتوفير أقصى درجات الراحة لكِ. إن احتجتِ لأي شيء، فلا تترددي في طلبه.”
“شكراً لكِ. لا أحتاج شيئًا في الوقت الحالي…”
“سموكِ؟”
“كح، كح!”
غطّت فيفيان فمها بمنديلها و بدأت تبحث في حقيبتها. ارتبكت كبيرة الخدم وهي ترى حركاتها المتوترة.
“هل أنتِ بخير، سمو الأميرة؟”
“لا أجد دواء السعال. كنت أحرص دائمًا على حمله تحسّبًا لهذا النوع من المواقف… كح كح!”
لم يكن أحد في العاصمة يجهل أن فيفيان مصابة بالسل. فقد أحدثت حادثة وصيّتها ضجة كبيرة بين العائلة الملكية و إليونورا.
مجرد رؤيتها تسعل بهذه الحدة كان كافيًا لشرح كل شيء.
“سأذهب الآن إلى غرفة الأدوية و أحضر دواء السعال!”
هربت الخادمة من غرفة الاستقبال و قد شحب وجهها، و حين تُركت فيفيان وحدها، توقفت عن السعال و أنزلت المنديل.
ارتسم على شفتيها خط ابتسامة بارد.
‘هاها، كل شيء يسير حسب الخطة.’
من وصولها المبكر، وتقديمها للشاي، وحتى هروب الخادمة، كان كله مدروسًا بعناية.
بعد أن اعتادت على خدم قصر الدوق الذين لا يسمحون بخرق الإبرة، بدا لها كل شيء في الخارج سهلاً.
أسرعت إلى غرفة نوم الماركيزة. وكما هو الحال مع معظم السيدات النبيلات، كان الدواء في الدرج.
لم تستغرق عملية تبديل الدواء والعودة إلى غرفة الاستقبال أكثر من ثلاث دقائق.
‘أتمنى لكِ صحة جيدة لعينيكِ.’
جلست فيفيان براحة و هي تتمنى أن للماركيزة نظرًا قويًا، وحينها وصل دواء السعال أخيرًا.
لكن من أحضره لم تكن الخادمة… بل الماركيزة نفسها.
“سمعت أن نوبة قد بدأت! هل أنتِ بخير؟”
“كح، كح!”
“اشربي هذا بسرعة. خذي نفسًا عميقًا و اهدئي.”
أذابت الدواء في العصير و ناولته لفيفيان، بينما كانت تمسح ظهرها بلطف. كان جبينها يلمع من العرق، مما يدل على أنها هرعت فورًا.
بدأت فيفيان تسعل بشكل متصنّع و هي تنظر حولها بتوتر.
‘لماذا تفعلين ما يفترض أن تفعله الخادمة؟!’
أثارت العناية الصادقة للماركيزة وخزًا في ضمير فيفيان.
كانت تنوي الانسحاب بحجة نوبة السل، لكن رؤيتها وهي تلهث لاحقًا جعلت ضميرها يزداد وخزًا.
‘اللعنة، أنا ضعيفة أمام الأشخاص الطّيبين!’
راحت الماركيزة تفرك يدي فيفيان الشاحبتين و تعرض مساعدتها، و فيفيان لم تستطع المقاومة.
“شكرًا جزيلاً لكِ، سيدتي.”
“هل تشعرين بتحسن الآن؟ هل يمكنكِ الجلوس مجددًا؟”
“نعم، يبدو أن الدواء فعّال. النوبة تراجعت بسرعة.”
“هذا دواء من إعداد الطبيب الخاص لعائلتنا، و يسعدني أنه ناسبكِ. سأرسل لكِ الوصفة قريبًا إلى قصر الدوق.”
ابتسمت الماركيزة برضى لأنها استطاعت أن تقدم المساعدة.
بدأت حفلة الشاي أخيرًا مع وصول الضيوف الواحد تلو الآخر.
لكن وسط الأحاديث الودية، شعرت فيفيان بأن هناك جوًا غريبًا يسود المكان.
“شاي من فالديفا؟ بفضلكِ، تذوقنا شيئًا نادرًا بالفعل، سمو الأميرة.”
“لون الشاي و هو يُنقَع جميل حقًا. لكن الحلويات المقدمة معه… أليست دون المستوى؟”
“حقًا. كلها تبدو عادية و مملة، وكأنها من طعام الشارع.”
باستثناء فيفيان، التي كانت ستصبح من العائلة الملكية، كانت الماركيزة الأعلى مقامًا بينهم.
و مع ذلك، شعرت فيفيان أن الآخرين يقللون من احترامها عمدًا، فقط ليتقرّبوا منها.
“ما رأيكِ، سيدة سيليا؟”
“لم ألحظ ذلك، ربما ذلك بسبب نقصٍ في ذوقي.”
“أرجو ألا تكوني قد انزعجتِ. نحن فقط نقدم النصائح لمصلحتكِ.”
“بالطبع…”
كانت سيليا، الماركيزة ، لا تصلح أبدًا لحضور هذه الحفلات. فهؤلاء النساء سيلتهمنها حتى العظام.
و فوق ذلك، كنّ جميعًا من عائلات متواضعة. من الواضح أنهنّ يردن استخدام سيليا كدرَجة يصعدن بها للأعلى.
‘تسك، لو علم زوجها بذلك لانزعج كثيرًا.’
من المؤكد أنه لن يرضى برؤية زوجته تُهان بهذا الشكل. لكن يبدو أن سيليا، الطيبة إلى حد السذاجة، تخفي عنه كل ما تتعرض له.
لكن على أي حال، لم يكن هذا من شأن فيفيان. لم تكن تنوي التدخل.
“بالمناسبة، هل سمعتن؟ يبدو أن الطبيب من القارة الشرقية يتمتع بمهارات مذهلة.”
“نعم، سمعتُ أنه يعالج المرضى المحتضرين و يمنحهم طاقة متجددة. سمعتُ أنكِ تلقيتِ علاجه، سمو الأميرة. ما رأيكِ فيه؟”
يا لها من شائعات! زارت المستشفى بالأمس فقط، وها هي الأخبار قد انتشرت.
أومأت فيفيان برضا.
“نعم، العلاج فعّال فعلًا. كل الفضل لولي العهد. هل جربتهِ أنتِ، سيدتي؟”
“ليس بعد . لكن بعد كلامكِ ، أتشوق لتجربته.”
“هل زرتِ المستشفى يا سيدة سيليا؟ هل كنتِ مريضة؟”
“لابد أنه بسبب موضوع الأطفال.”
غطّت النساء أفواههن بمراوحهن و ضحكن بخفة بعد أن استمعن إلى حديث فيفيان و سيليا.
“هل تظنين أن الريّ سينبت زهورًا في أرض يابسة؟ بعد عشر سنوات من الانتظار، لا يبدو حتى أن الأعشاب الضارة تنمو هناك.”
“……”
نعم. لم تكن فيفيان تنوي التدخل.
…حتى تجاوزت البارونة الحدود.
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
عالم الأنمي
عـام
منتدى يجمع عشاق الأنمي من كل مكان!
شاركنا انطباعاتك، ناقش الحلقات والمواسم الجديدة، تابع آخر الأخبار، وشارك اقتراحاتك لأفضل الأنميات التي تستحق المشاهدة.
سواء كنت من محبي الشونين، الرومانسية فهذا القسم هو موطنك!
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 39"