عندما فتحت فيفيان عينيها بعد أن كانت قد سقطت، كان قد مر وقت لا بأس به.
كان لا يزال المكان داخل الكهف مظلمًا، وكان الخارج صاخبًا، إذ كانت تمطر بغزارة.
حاولت أن تنهض، لكنها سقطت مجددًا بلا حول ولا قوة. يبدو أنها كانت تعاني من حمى خفيفة. كانت أطرافها مرتخية مثل قطن مبلول.
‘ذلك الرمز على السقف…’
بينما كانت مستلقية تحدّق في السقف بلا وعي، أدركت فيفيان الموقع الذي كانت فيه بالضبط.
كهف النقش الذي ظهر في رواية لعنة أستاروت.
المكان الذي التقت فيه البطلة مصادفةً بالبطل، الذي تحوّل إلى وحش بفعل اللعنة المفاجئة، أثناء ذهابها إلى العاصمة للقاء والدها الحقيقي دوق إليونورا.
وبسبب هطول الأمطار الغزيرة، علق الاثنان في الكهف، حيث كانا في علاقة عاطفية متكررة، ليقع أصلان في حب البطلة التي قبلت مظهره البشع، ويترك عليها بصمته.
رغم أن أصلان كان يمتلك خطيبة رسمية اختارتها له العائلة الإمبراطورية تُدعى فيفيان، إلا أنه كان يعتبر علامة الرباط بينه وبين البطلة أهم شيء لديه.
الوحوش المربوطة بشريكها تستطيع الحفاظ على وعيها البشري حتى وهي في هيئة وحش.
وكان هذا الحدث لحظة تاريخية، حيث قبِل أصلان أخيرًا هويته بعد معاناة بين كونه بشريا وشيطانًا.
كانت فيفيان تعلم جيدًا كم شعر أصلان بالخلاص في تلك اللحظة.
‘لحظة، مطر غزير، كهف، نحن وحدنا؟ أليس هذا يعني أنني الآن أنا و أصلان في نفس الموقف…؟’
توقفت كتفا فيفيان عن الحركة وهي تتذكر أحداث الرواية الأصلية.
قبل أن تنهار لم تكن مدركة للوضع من حولها، لكنها كانت تقضي الليل الآن في كهف مع أصلان، بطل الرواية.
رغم علمها بأنه لم يحدث شيء، إلا أنها لم تستطع التوقف عن التفكير في الأمر.
بينما كانت تبحث بتردد عن أصلان، تجمّدت مجددًا.
المكان الذي كانت تستلقي فيه لم يكن سوى فوق خصر أصلان النائم . كانت تستخدم أسدًا بحجم منزل كوسادة!
‘لماذا؟ هل كان يحاول أن يدفئني…؟’
رغم المطر الغزير، لم تكن تشعر بالبرد.
ظهره الذي كانت مستلقية عليه كان دافئًا كأرضية مدفّأة، و كان فروه الذي يلامس مؤخرت عنقها ناعمًا بشكل مفاجئ.
في اللحظة التي ابتسمت فيها فيفيان بتأثر، تحرّكت الوسادة التي كانت تستخدمها فجأة.
“آه.”
كان أصلان يراقبها بصمت ، لا أحد يعلم منذ متى استيقظ.
نظر إلى فيفيان التي كانت تداعبه، ثم عبس بشدة، ونهض فجأة كما لو أنه يطيح بها عنه.
“اه!”
“….”
كما هو متوقع، لا يمكن أن يكون البطل لطيفًا معي.
صدر صوت واضح كتحطّم بطيخة.
ظنّت أن مؤخرة رأسها قد انشقت حقًا من الاصطدام بأرضية الكهف الصخرية. كانت خائفة من التأكد باللمس.
لكن الأهم من كل ذلك كان تهدئة أصلان الذي بدا غاضبًا.
كان يزمجر كاشفًا عن أنيابه رغم أنه كان نائمًا قبل قليل. لم تكن تعرف ما سبب استيائه.
“هل، هل أنتَ جائع؟”
“غررر.”
رغم أنها لا تعرف لغة الأسود، إلا أن هذا بدا وكأنه إشارة إيجابية.
مسح أصلان بعينيه جسدها من تحت ملابسها الرقيقة كما لو أنه يتفحص كم ستكون لذيذة.
كانت نهاية “شريحة اللحم الفاخر” تقترب لتصبح واقعًا. ركعت فيفيان بسرعة و عيناها تدمعان بطريقة تبعث على الشفقة.
“سيدي، أنا ليس لي طعم.”
“….”
“لماذا، لماذا تنظر إلي هكذا؟”
عندما كشفت فيفيان عن ذراعيها النحيلتين لتبرهن أنه لا لحم لديها، اتسعت عينا أصلان بدهشة.
ربما خاب أمله في “وليمة اليوم” حين رأى أن ذراعيها كانتا في حجم ذيله تقريبًا.
استغلت فيفيان الموقف و أخذت تفرك يديها بتوسل. كانت يائسة.
“لم يتبقَ لي الكثير من الأيام لأعيشها، فلتعتبر هذا آخر رحمة منك…”
“غغغغغ…”
“هم، هل يجب أن أخرس؟”
كانت تشعر بالحزن لرؤية نفسها تستخدم أسلوب الاحترام مع وحش لا يتكلم. لكن المطر كان غزيرًا جدًا لتُطرد خارجه.
بالإضافة إلى ذلك، كانت هناك أصوات اهتزاز كأن انهيارًا أرضيًا يحدث في الجبل القريب. بدا أنه ليس بعيدًا كثيرًا.
‘جدران الكهف تهتز. ماذا لو انهار المكان أيضًا؟’
كان أصلان الآن وحشًا بلا وعي. وعلاوة على ذلك، كان مصابًا بشدة.
لذا لم يكن هناك من يحلل الموقف و يتصرف بعقلانية سوى فيفيان.
أخذت تتراجع خطوة خطوة، وتفحصت أنحاء الكهف. أما أصلان، فكان ملتفًا عند المدخل، يراقب كل تحركاتها.
‘سأموت من شدة الإحراج!’
للتذكير، عائلة فيفيان “إليونورا” كانت من أعرق العائلات العسكرية في الإمبراطورية.
رغم أن ذكريات فيفيان الأصلية قد اختفت تمامًا كما لو كانت تعاني فقدان الذاكرة، إلا أن مهاراتها في المبارزة بقيت و كأنها موهبة فطرية.
ولهذا، استطاعت فيفيان ذات الحس المرهف أن تشعر بنظرات أصلان المخترقة لجسدها.
هل كانت تلك نظرة تحذير تقول: “لو حاولتِ الهرب، سألتهمك فورًا”؟ كان الأمر محرجًا لدرجة أنها لم تعرف كيف تتصرف.
“كح، كح.”
توقفت فيفيان عن الحركة.
بعد أن أجبرت نفسها أكثر من اللازم، بدأت أعراض نوبة السعال تظهر. اختلطت أنفاسها مع صوت خشن كالحديد.
شعرت فيفيان بالحرج . لم يكن لديها دواء ولا حتى شاي دافئ يهدئ السعال، و لا بطانية لتدفئة كتفيها.
جلجلة—
في تلك اللحظة، شعرت بـشيء ثقيل يستقر على قمة رأسها.
اقترب أصلان بخفة، و بدأ يدفع برأسه على مقدمة رأسها بلطف.
عندما يقف أصلان على أربع، يكون طوله مساويًا لطول فيفيان تقريبًا. بالنظر إلى أن متوسط طول الأسود هو 130 سم، فإن جسد أصلان كان ضخمًا بحق.
بينما كانت فيفيان منبهرة ببراءته ، تقلصت عيناها فجأة.
بين قدمي أصلان الأماميتين، في صدره، كان هناك شيء يتوهج بشكل باهت و كأنه دائرة سحرية. كان صغير الحجم، لكن بسبب لونه الأسود، كان ظاهرًا.
‘نجمة خماسية مقلوبة؟ واضحة جدًا… هل كان هناك وصف كهذا في الرواية؟’
مدت فيفيان يدها دون أن تدري، لكن أصلان دفعها بعيدًا قبل أن تلمسها.
رغم أنها من عائلة عريقة في فنون القتال، إلا أنها لم تكن تستطيع مقاومة قوة وحش ضخم.
دُفعت فيفيان إلى زاوية الكهف كما أراد أصلان.
عندما وجدت صخرة مناسبة للجلوس، اندفع أصلان فجأة و استلقى عليها كما لو أنه يستولي على المكان. تمتمت فيفيان دون وعي
“غريب… يبدو وكأنه يقول لي أن أتكئ عليه؟”
ذيل أصلان المختبئ في ظل الكهف بدأ يتحرك ببطء من جانب إلى آخر. هزّت فيفيان رأسها.
“لا يمكن أن يكون ذلك.”
سرعة تحرك الذيل أصبحت أبطأ بشكل ملحوظ.
“آه، هل يقول لي أن أخرج لأن الكهف ملكه؟”
توقفت حركة الذيل.
نظرة أصلان التي كانت تتطلع إلى فيفيان أصبحت غامضة لا يمكن وصفها بالكلمات. لكن، بينما كانت فيفيان تحدّق في الخارج حيث تنهمر الأمطار، لم تستطع أن نلاحظ ذلك.
بسبب المطر المنهمر بغزارة، لم يكن من الممكن رؤية أي شيء خارج الكهف.
إذا تم طردها إلى الخارج، فهي متأكدة من أنها ستموت، سواء جرفتها المياه أو ماتت من البرد.
‘عليّ أن أبقى بجانبه مهما كلّف الأمر.’
بدأت تخفض جسدها بهدوء بينما كان أصلان يدير رأسه.
كان هدف فيفيان الأصلي أن تجلس منكمشة في زاوية بعيدة قليلًا عن أصلان، لكن قدمها علقت بحجر ووقعت.
المكان الذي سقطت فيه كان صدر أصلان الناعم.
‘عندما أستلقي هنا، يبدو الأمر مريحًا.’
شعرت براحة كما لو كانت ممددة على أرضية دافئة مغلية.
كانت تحاول النهوض بتكاسل، لكنها لم تستطع مقاومة الراحة و استلقت مجددًا.
‘هل من الممكن أن ينقض على رأسي فجأة؟’
رغم أنها كانت تشعر بالراحة، لم تستطع إلا أن تقلق على سلامة رقبتها. نظرت بعينها إلى أصلان بحذر.
لسبب ما، كان متجمّدًا، يحدّق في جدار الكهف دون أن يتحرك. كان غريبًا، لكنه لا يبدو كوحش على وشك الهجوم.
لو أنها أدارت رأسها إلى الجهة الأخرى، كانت سترى ذيله يتحرك بنشاط من جديد، لكن للأسف، هذا لم يحدث.
“كح، كح.”
تساءلت كم من الوقت ستستمر هذه الأمطار. كانت تأمل ألا تطول كثيرًا.
وبينما كانت تسعل من حين لآخر، أخذها النعاس وسقطت في النوم.
* * *
استيقظت على صوت مزعج. المطر لا يزال ينهمر بغزارة خارج الكهف، لكنه لم يكن مجرد صوت مطر عادي.
كان هناك صوت معدني كصوت احتكاك الحديد، وأصوات حوار بين أشخاص، و خطى خافتة.
في اللحظة التي حاولت فيها فيفيان النهوض بفزع، ضغط أصلان عليها برفق بقدمه الأمامية.
“ما الذي…”
كان يحيطها بين ذراعيه الأماميتين و يراقب الخارج بحذر.
خفض جسده إلى الأرض واتخذ وضعية استعداد للقفز. العضلات المشدودة بوضوح أظهرت مدى توتره.
رفعت فيفيان رأسها بحذر ثم انهارت مجددًا.
“أشعر بالدوار.”
كانت تشعر أن حالتها الصحية لم تكن جيدة من قبل نومها، ويبدو أنها قد ساءت بالفعل. كانت الحمى شديدة، و أخدت تسعل بشدة حتى شعرت و كأن شيئًا ساخنًا يرتفع من صدرها.
“أوغ…!”
غطّت فيفيان فمها محاولة منع الصوت، لكنها لم تستطع إيقاف السعال القوي والتقيؤ الدموي.
تبع ذلك طعم معدني مرير اجتاح فمها.
في اللحظة التي رأى فيها أصلان الدم يخرج من فمها، اتسعت عيناه بشدة كأنهما على وشك الانفجار، وفي الوقت نفسه توقفت الأصوات القادمة من الخارج.
“شعرت و كأنني سمعت شيئًا للتو.”
“أين؟”
لقد تم اكتشافهما.
حولت فيفيان نظرها بسرعة. من بين الأغراض التي وضعتها مع فستانها، كان هناك خنجران ضيقان. لحسن الحظ، ما زالا في مكانهما الذي تركتهما فيه أول مرة.
بدأ صوت الخطوات يقترب ببطء.
“غغغغغ…”
صدر من أصلان صوت هدير منخفض. يبدو أنه أدرك أن الأشخاص في الخارج أعداء.
وكان هذا ما وافقته عليه فيفيان أيضًا. فلو كانوا أناسًا عاديين، لما تجرؤوا على الدخول إلى الجبال الممطرة بهذه الطريقة.
‘من جهة أخرى، هذا يعني أنهم يملكون سببًا يائسًا للقيام بذلك.’
على سبيل المثال، إذا كان العدو الذي كان يصعب لمسه في العادة مصابًا و ضعيفًا الآن، فلابد أنهم لن يفوتوا هذه الفرصة.
‘إنهم قتلة أرسلهم ولي العهد.’
عندها أدركت.
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل "3"