“معكَ حق، موسم التحضير لمهرجان الصيد مزدحم بالفعل. آمل ألا أكون قد عطّلتك بلا داعٍ.”
“……؟”
أحس أليكس بالغرابة في داخله.
صحيح أنه عاش طويلًا في الخارج، لكن هذه أول مرة يبدأ فيها يوهانس الحديث معه بهذه الألفة.
و الأدق أنهما بالكاد كانا يهتمان ببعض، كما لو أن كل منهما دجاجة لا تهتم بالبقرة.
“الآن و قد ذكرتَ ذلك، اقترب موعد مهرجان الصيد. لم أشارك فيه منذ كنت صغيرًا، فنسيت أمره تمامًا.”
“هاها، نسيانه لا يجوز. إنه حدث ضخم يشارك فيه كل نبلاء الإمبراطورية.”
كانت فيفيان تشارك فيه بانتظام قبل أن تصاب بالسل. و كانت شجاعة لدرجة أنها كانت تصطاد الوحوش و تروضها بنفسها.
‘لكن، هل ستتمكن من المشاركة هذا العام……؟’
حين تخيل فيفيان و هي تبقى وحيدة في العاصمة، شعر بمرارة في فمه.
لاحظ يوهانس تعبير أليكس ونظر إليه بعينين مشفقتين.
“هل تفكر بشأن الأميرة؟”
“أعتذر.”
“كيف لي ألا أفهم قلب رجل يفكر في شقيقته؟ لقد سمعت من جلالة الإمبراطور أن مهرجان هذا العام سيُقام في الغابة المقدسة. إنها قريبة جدًا من العاصمة.”
“الغابة المقدسة؟ أليست هي الأرض المقدسة التي يرقد فيها جلالة الإمبراطور المؤسس؟ كيف يمكن في مكان كهذا……”
اتسعت عينا أليكس مندهشًا.
الغابة المقدسة ليست فقط قريبة من العاصمة، بل هي أرض مشبعة بطاقة مقاومة السحر.
وتلك الطاقة تُثبط كل الطاقات الشريرة، لذا كان من الممكن أن تُخفف مرض السل لدى فيفيان، و لو لفترة قصيرة.
لكن تلك الأرض لم تكن يومًا متاحة للعامة.
فقط مرة كل أربع سنوات، خلال مهرجان مقاومة السحر لإحياء ذكرى وفاة الشيطان أستاروت، يُسمح بدخول بعض أجزائها.
“كما تعلم يا لورد، لقد اقتربت الذكرى الألفية لتأسيس الإمبراطور المؤسس للإمبراطورية.”
“نعم.”
“الماء الراكد يفسد، و الحاكم الذي يرتاح يفسد كذلك.”
أدار يوهانس نظره بهدوء نحو القصر الواسع.
“أريد أن أكون حاكمًا يحدث التغيير. و لهذا، يجب أن أبدأ بتحطيم القوانين القديمة واحدًا تلو الآخر. و أتمنى أن يُنظر إلى مهرجان الصيد هذا باعتباره الخطوة الأولى.”
“لم أكن أعلم أن سموكَ يحمل مثل هذه الأفكار.”
“هاها، ما زلت أفتقر للكثير.”
ضحك يوهانس بحرج وهو يرد على أليكس الذي بدا عليه الإعجاب الصادق.
“الآن وقد ذكرت، بدوت و كأنكَ في عجلة من أمرك قبل قليل…….”
“كنت في طريقي إلى قصر الدوق الأكبر لأقابل شقيقتي فيفيان.”
“إذًا ستقابل أخي كذلك.”
“نعم، على الأرجح.”
انعكست أشعة الشمس على شعر يوهانس الذهبي فأصبح يتلألأ، لكن الابتسامة التي علت وجهه كانت أشد إشراقًا من ذلك.
“إذا قابلت أصلان، فبلغه تحياتي. وقل له، سنلتقِ في مهرجان الصيد.”
انتشرت شائعة أن مهرجان الصيد هذا العام سيُقام في الغابة المقدسة بسرعة كبيرة.
فلم يُفتح المكان، الذي يرقد فيه الإمبراطور المؤسس، لغير العائلة الإمبراطورية منذ تأسيس الإمبراطورية. و كان جميع نبلاء الإمبراطورية تقريبًا يترقبون هذا المهرجان بشوق.
‘آه، ولي العهد تسبب في الأمر في النهاية. يبدو أنه ينوي اتباع مجريات القصة الأصلية.’
راحت فيفيان تدلّك رأسها المتألم، و قد استغرقت في التفكير.
في حدث الغابة المقدسة في الرواية الأصلية، تحدث حادثتان كبيرتان.
‘الأولى هي تحوّل أصلان إلى وحش سحري أمام الناس…’
تحتوي الغابة المقدسة على تأثير قوي مضاد للسحر.
ينجرف أصلان، بتخطيط من ولي العهد، إلى مقبرة الإمبراطور المؤسس، و في النهاية لا يستطيع كبح طاقة السحر المظلمة، فيقع الحادث المفجع.
‘والثانية هي أن الإمبراطورة تشرب السم فجأة وتسقط. تنجو بحياتها، لكن لسوء الحظ، لا يستطيع أصلان إثبات عذره، فيُتّهم بالجريمة.’
الجانية الحقيقية التي هاجمت الإمبراطورة كانت عشيقة الإمبراطور، الكونتيسة أميليا.
لكنها، بعدما ألقت بالتهمة على أصلان، لم تُتَّهَم بشيء و خرجت من الأمر سالمة.
“فيفيان، ألا تشعرين بالتعب؟”
“أنا بخير.”
“لكنكِ كنتِ تبدين شاحبة منذ قليل. كان من الأفضل أن تبقي في القصر.”
“أنتَ ستحضر، فكيف لي أن أتخلف؟”
كانت فيفيان في طريقها إلى الغابة المقدسة برفقة أصلان. فقد كان اليوم هو يوم مهرجان الصيد.
اختيار الغابة المقدسة كموقع للمهرجان كان استفزازًا واضحًا من ولي العهد. و كان على أصلان الذهاب إلى هناك رغم معرفته بأنه فخ.
ابتسمت فيفيان لأصلان برقة.
“لم تنسَ ما وعدتني به، صحيح؟ قلتُ إنني أريد أن أكون معكَ أينما ذهبت.”
“كيف لي أن أرفض ما ترغبين به؟ لكنني لا أزال قلِقًا. ماذا لو تعرضتِ للخطر؟”
“هذه ليست أول مرة أشارك في المهرجان. و ربما تكون الأخيرة…”
سعلت فيفيان بهدوء و هي تغطي فمها وتدير رأسها للجهة الأخرى.
فما كان من وجه أصلان إلا أن انقبض في الحال.
” قلتُ كلامًا غير لائق. لقد وعدتُكِ بأن أدعكِ تفعلين ما تشائين.”
“لا بأس، أتفهم قلقكَ يا أصلان.”
ابتسمت فيفيان تحت منديلها بارتياح خفي، ثم كأنها تذكرت شيئًا للتو، طرحت اقتراحًا مهدئًا.
“إذًا سأبقى في الخيمة و أنتظركَ هناك. ماذا لو انضممت إليكَ بعد أن يمرّ الوقت الأكثر حرًا؟ فأنا أيضًا لا أستطيع المشاركة طوال اليوم.”
إذا أصبح أصلان متهمًا بمحاولة اغتيال الإمبراطورة، فخطيبته فيفيان ستُعدّ متواطئة أيضًا.
وفي مثل هذا الوقت الحرج، لم تستطع أن تترك أصلان في خطر.
‘حسب تسلسل الأحداث، تأتي محاولة اغتيال الإمبراطورة أولاً، إذن لـنمنعها أولاً، ثم نساعد أصلان بعد ذلك.’
بينما كانت تفكر ، وصلت إلى الغابة المقدسة.
ما إن نزلت من العربة، حتى شعرت فيفيان براحة في التنفس. تأثير مقاومة السحر يقال إنه يصدّ كل القوى الشريرة، و قد شعرت كأنه يخفف حتى من أعراض السل التي تعاني منها.
“الشمس حارّة. سأذهب إلى الخيمة. أراكَ بعد قليل.”
“فيفيان.”
بينما كانت تستعدّ للذهاب دون تردد، أمسك بها برفق. و لامس درع أصلان الصلب ظهرها من الخلف.
“ألن تمنحيني قبلة لتشجيعي؟”
“…”
نظرت فيفيان حولها. العديد من الأزواج أو العشاق كانوا يتبادلون القبلات الحارة لتشجيع بعضهم البعض.
نظرت إلى أصلان بطرف عينها.
كانت عيناه الذهبيتان تتوهجان بشدة. و ذراعه التي أحاطت خصرها بلطف شدّت أكثر عندما مرّ أحد بجانبهما. بدا و كأنه يعي أنظار من حوله.
‘حتى أصلان يضع اعتبارًا لنظرات الآخرين، هاه…’
فوجئت قليلًا، إذ لم تتوقع أنه يهتم بهذه الأمور. لكن لم يكن من المناسب أن يلفتا الانتباه بإظهار برود العلاقة.
استدارت فيفيان ببطء داخل حضنه حتى صارا وجهًا لوجه.
“حتى لو لم أشجعك ، فستؤدي جيدًا…”
مسحت بلطف على خده، و كأنها تطلب منه أن ينزل رأسه. عندها، ازدادت نظراته الذهبية عمقًا.
و كان في أنفاسه التي لامست جبينها حرارة خفيفة.
“لا، أنا بحاجة إلى تشجيعكِ.”
حين انحنى أصلان برأسه، اقترب منها أكثر. ومن خلال ملابس الصيد الرقيقة التي كانت ترتديها، شعرت بوضوح بملمس الدرع الذي يرتديه.
“هل ستمنحينني قبلة؟”
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل "27"